علي محمود خاجه

تنوّع

سفرٌ وتعرفٌ على ثقافات، واطلاع على مجالات حياتية لم يعرفوها من قبل، ومزج ما اكتسبوه من الخارج بثقافتهم المحلية، ومع مرور السنوات تحول هذا المزج بين ثقافات الخارج وعادات الداخل إلى طبيعة حياة للمجتمع.
هكذا بدأت الكويت بالانفتاح على المجتمعات، وهكذا نشأ أهلها، قد تكون الحاجة ولقمة العيش هما الدافع الإجباري في بدايات الكويت لهذا الاختلاط بالشعوب الأخرى؛ إلا أن هذا الدافع انعكس بالإيجاب عليها لتكون السباقة بين الدول المحيطة لكل ما هو جيد من علوم وثقافة وفنون وآداب ورياضة، ولم يقارعها في هذا التفوق سوى الدول الأقدم والأكثر انفتاحا كمصر ولبنان والعراق.
وبعد قيام المجتمع الكويتي على هذا التنوع من النشأة قرر البعض فجأة أن نغلق الكويت بمن فيها عن الخارج، فيصبح كل جديد حراماً وكل جنسية لا تملك المال أقل شأنا وأدنى مرتبة، وأصبحت الثقافة خطراً، والاطلاع على تفكير الآخرين جريمة، والتواصل الطبيعي بين الرجال والنساء عيباً.
فكانت النتيجة الحتمية مجتمعاً مضطرباً بهوية مشوهة، وهو يشبه بالضبط أن يقدم ربّ أسرة عوّد أسرته على نمط حياتي معين ليفاجئهم ومن دون إنذار مسبق بنمط مختلف تماماً عما اعتادوا عليه، ويجبرهم على اتباع النمط الجديد دون نقاش، ومن يخالف يعاقب، وعليكم أن تتخيلوا شكل تلك الأسرة بعد التغيير لتعرفوا كيف تكون الحال إن كان مجتمع بأسره هو ضحية هذا التغيير.
اليوم وبعد مرور عشرات السنوات على الانغلاق الإجباري، أصبح مثل هذا الانغلاق شبه مستحيل، فولي الأمر الذي كان يغضب بشدة قبل عشرين عاماً إن طلبت ابنته أن يكون لها هاتفها الخاص معتبراً ذلك جزءاً من الانحلال الأخلاقي أصبح يصر بنفس الشدة كي يكون لابنته هاتفها الخاص، ويبحث عن أفضل عروض الإنترنت للتواصل مع العالم، ولا يستطيع الاستغناء عن محركات البحث أو وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها.
ورغم هذا التغيير الكبير فإن الدولة ككيان لا تزال تصر على الانغلاق، وهو ما لم يعد يتسق مع الواقع أبداً.
لم يتبق لنا سوى أن نفتح الكويت كما نشأت صدراً رحباً لكل تنوع حتى إن كان هذا التنوع يخالف ميولنا وأهواءنا الشخصية، فإن خالف التنوع ميولنا فلا نتجه له بكل بساطة ونختر ما يعجبنا فقط كما نفعل عند التسوق، وإن وجدنا ما يعجبنا نرحب به كي يترسخ ويطور مجتمعاتنا.
لقد عاشت الكويت سنوات من التخلف الإجباري جعلها تفقد كل المراكز الأولى التي اكتسبتها بسبب طبيعتها المنفتحة، والظروف اليوم مواتية لإعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة بناء المجتمع بالشكل المفروض دون الالتفات إلى تهديدات مغلفة برداء الدين، تريد أن يبقى الوضع كما هو عليه كي تحكم سيطرتها على الأمور.

احمد الصراف

التبرع بالكنار

“>تقول نكتة ان الرئيسين بوش وبلير عقدا مؤتمرا صحفيا ليعلنا فيه نيتهما إلقاء قنبلة على مدينة عربية وقتل 200 ألف من سكانها، إضافة الى قتل امرأة فرنسية. وهنا تعالى صياح كل الصحافيين في المؤتمر مطالبين بمعرفة السبب وراء قتل المرأة الفرنسية؟ فنظر بوش الى بلير، وابتسامة صفراء ترتسم على وجهه، وقال: ألم أقل لك أن لا أحد يكترث لمصير 200 ألف عربي؟!
تذكرت تلك النكتة السياسية السمجة وانا أتلقى، بلا مبالغة، سيلا من المكالمات والرسائل الهاتفية القصيرة، ورسائل الواتس آب وكلها تلفت نظري إلى أن الاسم الصحيح في مقال أمس لثمرة شجرة السدرة هو «كنار» وليس «خلال» ، والتي تعني البلح. وقد تناسى جميع من اتصل أو كتب التطرق للب المقال وموضوع التبرع لجمعية خيرية تطوعية تعنى بمرضى السرطان، وما ابذله من جهد في كتابة كل مقال، ونجاسة الكلب ومشاكل المصابين بالسرطان، وركز الجميع، بحسن نية أو بسوئها، على خطأ غير مقصود، متناسين أنني لا يمكن أن أكون غبيا إلى درجة انسى فيها، بعد 70 عاما من أكل الكنار، اسمه الصحيح، علما بأنني انتبهت بالفعل لذلك الخطأ، بعد طباعة الجريدة مساء، وقمت بتعديله في نسخة المقال التي ارسلتها لمن هم على قائمة بريد الإيميل!
من جانب آخر، اتصل وكتب آخرون معاتبين تطرقي في المقال نفسه لمبلغ التبرع لجمعية السدرة، أو حتى ذكر موضوع التبرع أصلا، لأن هذا الأمر، برأيهم، يجب أن يتم بسرية بحيث لا تعرف يد ما قامت به اليد الأخرى! وهذا كلام صحيح إن كان التبرع لستر حاجة عائلة أو فرد، ولكن الإعلان عن تبرع اجتماعي أمر مفيد في جميع الأحوال، حيث يشجع هذا الآخرين على الاقتداء به. ولو لم يكن التبرع العلني لأهداف نبيلة أمرا مستحبا لما قبل أحد بذكر اسمه، او اسم من تبرع من اجله، على مستشفى او مستوصف!
نعيد ونكرر رجاءنا بأفضلية التبرع للجهات الصادقة والعاملة في الأنشطة الخيرية التطوعية، التي لا يلتهم القائمون عليها نسبة من التبرعات لأنفسهم، خاصة الجمعيات التي تعنى بالمرضى بصورة جميلة، وليس تلك التي سرق محاسبها ملايين الدنانير منها، بسبب إهمال مجلس الإدارة، ليقوموا برفع دعوى على البنك، ويزعجونا تاليا بالفوز بها، متناسين أن عملية الاختلاس ما كان يجب أن تقع أصلا لو كانت هناك رقابة فعلية من مجلس الإدارة على أموال الجمعية. وربح القضية الآن لم يعد الأموال الحقيقية المختلسة للكويت، فقد خسرها الوطن، بصرف النظر عمن دفعها، وربحها المحاسب المختلس الذي انتفت الحاجة الآن لعودته الى الكويت، والأفضل، بنظر الجمعية، أن يبقى بعيدا، بما يعرف من أسرار!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com