محمد الوشيحي

هذا الماركيز

كنت إلى فترة قريبة أحسب أن سيد الرواية غابرييل غارسيا ماركيز مكسيكي. فتبين أنه “طرثوث” في نظر بعض المكسيكيين (الطرثوث نبات يظهر فجأة، واستُخدمت الكلمة في الكويت قبل سنوات قليلة للتشكيك في مواطنة بعض الكويتيين)، عاش في المكسيك لكنها ليست موطنه الأصلي. لاحقاً عرفت أن منبته وجذوره وجنسيته من كولومبيا!
كولومبيا؟ لم تجد يا ماركيز بلداً تولد فيه إلا كولومبيا؟ لم تجد بلداً تنتمي إليه إلا كولومبيا؟ بلد العصابات، والمخدرات، والاغتيالات، وغسل الأموال وتزوير العملات، والشوارع غير الآمنة وغير المرصوفة، وطبقة فاحشي الثراء وفاحشي الجوع. متابعة قراءة هذا الماركيز

د. شفيق ناظم الغبرا

المعادلات الصفرية العربية: هل من مخرج؟

في ظل الصراعات العربية العربية وفي ظل حراكات الشارع السلمية وتلك العنيفة المنتشرة في عدة بقاع يعيش العالم العربي واحدة من أكثر مراحله صخباً وصعوبة. الربيع العربي مر علينا بانفجارات مدوية، لكنه ما لبث أن دخل حيز الاستمرار بوسائل مختلفة وفي ظل مناخات جديدة متناقضة، فما وقع في ٢٠١٠-٢٠١١ تحول إلى نزاعات واسعة في مناطق وإعادة ترتيب أولويات ومساحات في مناطق أخرى من الوطن العربي. لهذا ليس غريباً أن تبرز مدارس مختلفة في التعامل مع الحالة العربية. بعض المدارس العربية النابعة من قلب السلطة السياسية أو بعض أجنحة معارضاتها استمرت مؤمنة بشدة بالمعادلات الصفرية، فهي تسعى للعودة بالوضع إلى ما كان عليه قبل ٢٠١١، أو أنها تسعى لنسف الوضع القائم بشمولية، وهي لهذا تجد نفسها في حالة تناقض مع أفكار عصرية تزداد قوة وانتشاراً: كالحريات وحق التعبير وحرية التواصل الاجتماعي ووجود تنظيمات حزبية وطنية تتنافس بسلمية في قلب المجتمع، ومبادئ التناوب السلمي على السلطة. متابعة قراءة المعادلات الصفرية العربية: هل من مخرج؟

حسن العيسى

أعمال السيادة والجنسية

افترضوا أن الحكومة قررت مثلاً سحب الجنسية من عشرات ومئات المعارضين لسياسة الدولة، أو إسقاطها عن عدد كبير من الذين اكتسبوها بالتجنيس، هل يصح اعتبار مثل هذا العمل الحكومي الافتراضي من أعمال السيادة، وبالتالي لا يجوز للسلطة القضائية النظر في تلك السياسة، ولا يصح لها أن تبحث مشروعية مثل تلك المراسيم؟! استغربت من مذكرة المجلس الأعلى للقضاء، التي رفعت لمجلس الأمة بمناسبة مناقشة لجنة الشؤون التشريعية تعديل مرسوم المحكمة الإدارية، والتي تدعو فيها إلى عدم الموافقة على إخراج المسائل المتعلقة بالجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين من أعمال السيادة، "ثم عرفت مذكرة مجلس القضاء أعمال السيادة بأنها كل ما تتخده الحكومة من إجراءات بما لها من سلطة عليا، للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج، وما يصدر عنها من أعمال باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة…".
كنت تحت تصور أن السلطة القضائية يفترض أن تسعى إلى تحديد تخوم أعمال السيادة، وتقليصها بقدر ما يمكن، باعتبار أن مثل ذلك التحديد يعد كسباً لقضية حقوق الإنسان، فعبر توازن السلطات وبقدر ما تحد سلطة من سلطة أخرى في السلطات الثلاث تتقدم الشعوب في مضمار الحريات والديمقراطية، وتتباعد عن دكتاتورية واستبداد السلطة التنفيذية الواحدة وابتلاعها للسلطتين الثانية والثالثة، أي التشريعية والقضائية، كان هذا كلام لهوبس ومونتيسكو، قبل ما يقارب من ثلاثمئة عام، ومازال بعيداً عن أنوفنا العربية.
تعريف أعمال السيادة، كما ورد في مذكرة مجلس القضاء، ندركه منذ كنا طلبة في كلية الحقوق قبل أربعين عاماً، لا جديد فيه، لكن هذا المفهوم لأعمال السيادة يتغير ويتبدل مع تطور الزمن، ليس طبعاً في دول مستنقعات الركود السياسي مثل الكويت وبقية طقم الأسنان العربي، وإنما في دول يتفاعل فيها الفقه القانوني مع التغيرات السياسية والاجتماعية في الدولة، وليس لنظرية أعمال السيادة اليوم تلك "القداسة" التي كنا نسبغها عليها، ونظرة سريعة لأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو المحكمة الأميركية العليا، وكيف قصرت وحددت مفاهيم السيادة والمصلحة العامة بما لا ينتقص من كرامة ولا حريات الأفراد، وليس هذا مكان مناقشة مفهوم نظرية أعمال السيادة، وإنما يمكن أن نسأل ما إذا كانت قضية البدون، ومن له حق في كسب الجنسية ومن ليس له مثل هذا الحق، أن تبقى كجرح دام في خاصرة هذا الوطن لو كانت مسألة "الحق" في الجنسية تخضع لرقابة القضاء؟!

احمد الصراف

الإصرار على الجهل

“>ليس هناك ما يجمع الشعبين الياباني والكويتي، فالفارق بينهما كبير والهوة الفاصلة سحيقة، فشعب الدولة الأولى عالي التعليم في غالبه، مؤدب بشكل عام وقليل الكلام ويحترم الضيف ويقدس العمل الذي يؤديه وينفرد عالميا برفض «البقشيش»، وبالتالي هناك الكثير الذي يمكن تعلمه منه، هذا إن توافرت العزيمة لدى «مسؤولينا» للقيام بهذه المهمة غير السهلة، ومن هذه الأمور ما يمكن أن يغير التركيبة السكانية بشكل كبير، وبصورة إيجابية، وخلال فترة قصيرة نسبيا.
وربما يجمع الشعبين ثراؤهما، ولو أن ثراء الكويتي نقدي زائل، وهو دفعه ربما، لاختيار السهل والمدمر من الحلول لمشاكله، وبالتالي كلف غيره، لرخصه وفهمه، للقيام بالصعب والمتواضع من الأعمال، وكانت نتيجة ذلك ان أصبح ما يزيد على ثلاثة أرباع سكان الكويت من الوافدين، وهذا خلق مجتمعا اتكاليا كسولا، وتسبب في آلاف المشاكل الأمنية والسكانية والمعيشية. أما اليابان الثرية، والتي لا تختلف عن غيرها من الدول الصناعية في ارتفاع مستوى المعيشة فيها، وارتفاع معدل العمر، وقلة المواليد مع ارتفاع أعداد المتقاعدين، فإنها وجهت ثراءها للتنمية الحقيقية، ولم تلجأ، كغيرها من الدول العظمى، للاستعانة بالعمالة الخارجية، وهو واحد من اسهل الحلول، بلد قام بوضع حلول أكثر صعوبة وعملية لمشكلة نقص اليد العاملة لديه، وذلك باللجوء للإنسان الآلي، أو الروبوت، والاعتماد عليه في أداء كثير من الوظائف، وحتى إدارة مصانع كاملة، ووصلت أعداد الروبوتات في اليابان أخيرا إلى أكثر من 422 ألفا، وتلك لا تحتاج إلى رواتب شهرية، ولا إلى إجازات أسبوعية أو سنوية، ولا تضرب عن العمل، ولا تنشغل بالمكالمات الهاتفية، أو التأخر عن الحضور. كما قامت اليابان، في مجالات كثيرة اخرى، باعتماد الميكنة في مجالات كثيرة كمواقف السيارات، وجعلها آلية بالكامل، على مدى 24 ساعة، بحيث يمكن إدخال المركبة في الموقف، والخروج منه، بعد دفع الرسم، من دون الحاجة لوجود شخص واحد. كما تدار مئات محال بيع المواد الاستهلاكية بالطريقة نفسها. وتوجد فنادق صغيرة تدار بطريقة آلية كاملة. كما قامت الحكومة هناك، من خلال المناهج الدراسية والتوعية الاجتماعية المستمرة، بتشجيع العمل التطوعي، سواء في السجون، أو المدارس أو القصور الرسمية، وتكليف النزلاء والطلبة والمتقاعدين بأعمال التنظيف في مرافقهم. ولو قرر رئيس شركة المرافق العمومية في الكويت مثلا للاستعانة بالتقنية اليابانية لاستغنى عن مئات العمال لديه! ولكن هل هذا ما تريده الحكومة؟
الجواب معروف والأسباب، وعلى رأسها الجهل، معروفة!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com