سامي النصف

نوح والرسالة

 حضرت بالأمس عرض فيلم «نوح» في بريطانيا، والفيلم ليس وثائقيا كي يعتمد عليه في معرفة قصة نبي الله نوح عليه السلام والطوفان بل استعان بتلك القصة التي ترويها جميع الكتب السماوية وحبّك حولها قصة سينمائية هي مزيج من افلام هاري بوتر والمصارع الروماني والتايتانيك في فيلم وجدته مملا جدا ولا يستحق الضجة القائمة حوله، والظريف ان لبس ابطال الفيلم في تلك الفترة السحيقة من التاريخ كان اقرب لبنطايل الجينز التي تستخدم في افلام الكاوبوي الأميركية.

***

ولا أعتقد أن الفيلم بشكله الحالي سيعرّض إيمان اي شخص للخطر، ومازلت لا أفهم ثقة اصحاب الديانات الاخرى بإيمان أتباعهم، وشعور بعض القائمين على دين الحق بالضعف الشديد لإيمان تابعيهم الذين يتسبب كاريكتير أو فيلم او كتاب او مقال في اهتزاز ثقتهم بدينهم واحتمال ارتدادهم عنه وهو ما يعكس ضعفهم لا ضعف الاسلام والمسلمين.

***

وسبق للسينما الاميركية ان اعادت بعد سنوات طوال عرض افلام تاريخية مثل فيلم «لورانس العرب» وافضل ما يمكن للعرب والمسلمين عمله هذه الايام هو اعادة عرض فيلم «الرسالة» في نسخته الناطقة بالانجليزية والتي كانت من بطولة الممثل العالمي انتوني كوين كونه الفيلم الاكثر اثارة وتشويقا ودقة تاريخية من فيلم «نوح»، وقد ظلم الفيلم كثيرا بسبب خلاف السادات ـ القذافي الذي صاحب ظهوره والذي جعل شيخ الازهر يسحب موافقته الخطية على إنتاجه بحجة ان المسلمين استخدموا الدفوف ولم يستخدموا الطبول في غزواتهم كما ظهر في الفيلم.. ويالها من حجة..!

***

آخر محطة: إبان مجد الاسلام كان الاصل في ديننا الحنيف السماح والاستثناء هو المنع، في عصور الظلام التي مازلنا نعيشها اصبح كل شيء وخاصة العلوم الحديثة ممنوعا والاستثناء هو المنح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

– @salnesf  

احمد الصراف

جرائمنا أولا

أشيع، بعد حادثة قيام خادمة اثيوبية بارتكاب جريمة قتل بشعة، أن وزارة الداخلية تنوي طرد، أو عدم تجديد إقامة الاثيوبيات، ومنع استقدامهن للعمل. وهنا نتمنى ألا يكون الخبر صحيحا لكي لا نقتدي بالانظمة القمعية التي تؤمن بالعقاب الجماعي، خاصة بعد أن قامت خادمة آسيوية بإلقاء طفلة رضيعة من الطابق الثالث، فهل ستقوم وزارة الداخلية بمنع الآسيويات أيضا من العمل في الكويت؟
لا شك أن شريحة كبيرة من خدم المنازل يتعرضن لمعاملة غير إنسانية، إن من قبل الجهات الرسمية أو مكاتب الخدم أو من مخدوميهن. كما لا تخلو المسألة من جرائم بشعة ترتكب بحقهن. وهناك حالات تم فيها استقدام فتيات بحجة تعليمهن اللغة العربية، وانتهى الحال بهن خدما. وعصابات «مافيا الاتجار بالبشر» نشطة في هذا المجال. كما ورد في احدى الصحف أن مصدراً أمنياً في إدارة العمالة المنزلية بوزارة الداخلية كشف للصحيفة عن وجود حملة لمقاطعة الخادمات الاثيوبيات من خلال ارجاعهن إلى مكاتب الخدم ورفض استقدامهن او تشغيلهن، والاستعاضة بجنسيات اخرى، بعد سلسلة الجرائم التي قمن بارتكابها. وقال المصدر ان الخطوة أثمرت عن تكدس العمالة الاثيوبية في مكاتب العمالة وقلة الطلب عليهن، واستبدال اخريات بهن، إضافة الى تدهور أسعارهن (هل هذا وصف إنساني لائق؟). وزاد المصدر بأن هذه الحملة ستتواصل لحث الداخلية على ابعاد الاثيوبيات عن البلاد حال انتهاء اقامتهن وعدم تجديدها، حرصا على سلامة المواطنين! ولم تنف الداخلية هذا الخبر، فهل يعني ذلك أنه صحيح؟
المشكلة، او الكارثة أن عدد الاثيوبيين العاملين في الكويت يزيد على 80 ألفاً، غالبيتهم من الخدم، ومن المفترض أن هؤلاء يعيلون 80 ألف أسرة في وطنهم، فهل من الإنسانية منع كل هذا العدد الكبير من القدوم للكويت مستقبلا؟ ولماذا لا يترك قرار الاستخدام لرب العمل نفسه؟
إن المسألة شديدة الحساسية ولا أرغب هنا في التقليل من بشاعة وخطورة الجرائم التي ارتكبت في المدة الأخيرة من قبل البعض منهن، ولكن هذا يجب ألا يدفعنا إلى ارتكاب جرائم اكبر بحق كل هؤلاء. اكتب ذلك وأنا لا اعرف أي اثيوبية، أو اثيوبي، ولأطالب بإعطاء أوضاع هذه الفئة ما تستحق من اهمية، والبداية قد تكون في تحويل المسؤولية عن أوضاع الخدم من وزارة الداخلية إلى وزارة الشؤون والعمل. ونثق في شجاعة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، ووكيل الوزراة، في اتخاذ مثل هذا القرار الحيوي، والتفرغ للمسؤوليات الأمنية الأكثر أهمية وحيوية!

أحمد الصراف