محمد الوشيحي

هنا… الأمل غباء!

لو أقسمت لي سبعة أيام بلياليها أن منتخب الكويت تصدر قائمة الفرق، متجاوزاً منتخبات البرازيل وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والأرجنتين… لن أصدقك إلا إذا كنت أنا ساذجاً فاقد الأهلية والعقلية.
ولو قلت لي إن حكومة الكويت ستنجز خلال عامين مشروعها الخاص بإطلاق قمر صناعي شيدته أيدٍ كويتية، يضم أحدث التقنيات، وآخر ما توصلت إليه المختبرات والبحوث… قد أصفعك وأمثل أمام المحكمة بكل سرور.
ولو زعمت، أنت، أن حكومة الكويت أحالت إلى النيابة كل الفاسدين السارقين المارقين، استناداً إلى تقارير ديوان المحاسبة المتراكمة، وأن الحكومة حرصت على أن يكون ملف الإحالة مملوءاً بما لذ وطاب من الأدلة والوثائق والمستندات… أجزم أنني حين ذاك سأفتش جيوبك بحثاً عن الحشيش والكوكايين والهيروين.
لكن في المقابل، لو أنك أخبرتني أن منتخب الكويت تراجع تصنيفه ثلاثين درجة في عام واحد، سأصدقك في التو واللحظة، من دون تردد. ولو ذكرتَ لي أنت أن الكويت تعاقدت مع إحدى الشركات العالمية على صناعة قمر صناعي، وقام المسؤولون الكويتيون وملّاك الشركة العالمية بسرقة المشروع وإفشاله، فسأتقبل المعلومة "المنطقية" وأنا أحسبل وأحوقل. ولو بيّنت لي حضرتك أن اللصوص المعروفين بالأسماء والأطوال والأوزان تسلموا حقائب وزارية، وأصبحوا هم أصحاب القرار في البلد، ستكون إجابتي "طبعاً، وما هو الغريب في الأمر؟".
الناس تعرف ماذا تصدق وماذا تكذّب، فأن يتلاعب وزير صحة، في إحدى الدول، بمستقبل طبيبة طبقت القانون، حماية لنفسه، وكسباً لود بعض النواب، وتغضب الطبيبة ويغضب زملاؤها، فتتشكل لجنة تحقيق، يرأسها نائب يهيم في هوى الحكومة ووزرائها، ووو… هنا، أنت في الوضع العادي والطبيعي! غير الطبيعي هو أن تتم محاسبة الوزير وتقريعه، في مؤتمر صحافي، قبل أن تتم إحالته إلى النيابة، والاعتذار إلى الطبيبة والأطباء.
لهذا أقول: الناس تعرف حدود توقعاتها، البسطاء وحدهم في هذا البلد، مازالوا يأملون، بعد أن تحول الأمل إلى غباء فاقع اللون. هكذا تربى الشعب على يد حكوماته المتعاقبة.
حسن العيسى

«كاملين ما خلو شي»

بعد قراءة خبر "مباركة" اللجنة الصحية في مجلس "تابعه قفة" النيابي لقرار الوزير "الشيخ" محمد العبدالله بنقل د. كفاية من قسم العناية المركزة إلى الأمراض السارية، قفز بذهني المثل الشعبي "ناظر وجه العنز واحلب لبن"، فالذين تصوروا أن مثل هذه اللجنة في مثل هذا المجلس يمكن أن تنصف المواطنة د. كفاية لم يتمعنوا في وجه العنز قليلاً قبل أن يبنوا وهمهم الكبير على حكمة تلك اللجنة تحديداً والمجلس بالأعم، وجاءت هذه النتيجة المتوقعة تماماً من اللجنة الصحية في مجلس الحكومة التي ضربت بحقوق المواطنة كفاية في الكرامة والعدل عرض الحائط. 
اللجنة الصحية والاجتماعية في مجلس "قفة" قررت بحكم ظالم صحة قرار الندب المزعوم، وأعطت معاليه "الشيخ محمد" صكوك البراءة والحصافة والعدل حين فرض عقوبة الندب الإداري لكفاية، وبرياء فج أسس أعضاء اللجنة باستثناء د. قويعان حكمهم الأعوج بأن قرار الندب جاء متفقاً مع قرار مجلس الخدمة المدنية، وأن  د. كفاية تم انتدابها بكل امتيازاتها الوظيفية… "الامتيازات الوظيفية" التي أسس فقهاء اللجنة قرارهم الجائر هي الامتيازات المادية، والتي تعني "المال النقدي" لا غير ذلك، أما مسألة "الكرامة" وتعسف السلطة الإدارية في النقل، فلم تعن شيئاً عند "موظفي اللجنة"، بل إن قضاة اللجنة لم يلتفتوا إلى وقائع سبقت قرار الندب المزعوم، مثل المكالمة الهاتفية من وكيل الصحة للدكتورة يطلب منها عدم نقل المريض من العناية المركزة بناء على الأوامر "العليا" لوزير الصحة الشيخ محمد الصباح، والتفتت اللجنة عن أبسط دفاع قدمته المسكينة د. كفاية، والذي يقطع بأن قرار نقلها جاء كعقوبة إدارية على عدم انصياعها لرغبات الوزير، ولم يكن أبداً تحقيقاً للصالح العام، كما يتنطع أعضاء اللجنة مع وزيرهم.
الأطباء المعتصمون اليوم (وقت كتابة المقال) لرفضهم قرار اللجنة السيئ يوصلون رسالة فحواها عدم جواز تدخل السياسي بالعمل الفني والمهني، لذا تصبح المسألة ليست خاصة بموضوع د. كفاية ولا بالأطباء المعتصمين ولا بأي جماعة مهنية أخرى، بل تصبح "قضيتهم" هي قضية كرامة أي مواطن وهي قضية وطن وغياب العدالة، وهي قضية رفض ممارسة الجمع بين صفتي القاضي والخصوم في آن واحد، فالوزير الشيخ واللجنة كانوا القضاة والخصوم، فأين لكفاية وغير كفاية أن يلجأا بعد أن سدت أمامهما سبل العدل، وما شاء الله على شيوخنا وأتباعهم يفهمون بالسياسة والاقتصاد والإدارة والطب والهندسة والقانون… إلخ "عيني عليهم باردة ما خلو شي" فماذا تركوا للناس!
احمد الصراف

شيماماندا وتيد

قد تستقر في الذاكرة البشرية أمور معينة على غير صورتها الحقيقية، وتصبح نوعا من المسلمات تتوارثها الأجيال، جيلا في إثر جيل، لتصبح مع التقادم وتعاقب الأزمنة والعصور، نوعا من التراث الإنساني الذي لا يقبل له الإنسان تبديلا ولا تحويلا. (الزميل صالح الشايجي)
تيد TED اختصار للكلمات الإنكليزية: تكنولوجيا، تسلية وتصميم، وهو اسم برنامج يشاهده سنويا على الإنترنت مليار مشاهد، ولا أعتقد أن حصتنا من ذلك تذكر! تتلخص فكرة برنامج «تيد»، الذي اوجده ريتشارد ورمان عام 1984، في أن هناك أفكارا لدى البعض تستحق أن يعرفها الغير، وبالتالي كان لا بد من الاستماع لها وتسجيلها ونشرها، وهكذا قام المشرفون على هذا البرنامج غير الربحي بدعوة عشرات الآلاف، وقلة منهم من عالمنا لإلقاء محاضرات، وتسجيلها وبثها بمختلف الوسائل، ويمكن الاطلاع على ثروة ثقافية وعلمية من محاضرات تيد التي لا يزيد وقت أي حلقة منها على 18دقيقة، من خلال موقعهم على الإنترنت، وسبق أن شارك فيها زعماء وسياسيون كبار من أمثال الرئيس بيل كلينتون والكاتب مالكولم كودويل وآل غور، وعدد من حملة نوبل. كما شاركت الشيخة القطرية مياسة في حلقة منها مؤخرا، إضافة الى سيدات عربيات غير مسموح لهن بقيادة «العربيات»!
ومن محاضرات تيد الجميلة تلك التي القتها القاصة النيجيرية شيماماندا أديشي، التي كانت بعنوان «خطورة القصة المنفردة»، والتي تحدثت فيها عما تحمله الغالبية منا من انطباعات خاطئة عن شعب أو فرد! فنحن في الخليج مثلا لا نعرف عن الهنود والفلبينيين والبنغال والباكستانيين والسريلانكيين، وحتى الإيرانيين غير أنهم ليسوا عربا، وقدموا الى بلادنا للعمل في مهن متدنية، وبالتالي نحن أفضل منهم. وهذا ما يحدث مع أمم أخرى، وحتى الأوروبية المتقدمة، فهي لا ترى في أفريقيا مثلا غير أسود وقرود ومناظر طبيعية وفقر وحروب وأوبئة ولغات بدائية مضحكة، وشعوب متوحشة تعيش على أطراف الغابات، وتفضل البقاء طوال اليوم نصف عارية. وهذا تسطيح وأبعد ما يكون عن الحقيقة في الحالتين، فهذه الشعوب التي نسخر منها تمتلك إمكانات، وقدمت للتراث البشري ما لا يمكن حصره. وتقول شماماندا إن شخصيات قصصها التي كانت تكتبها، وهي صغيرة، كانت دائما ذات عيون زرقاء وبشرة بيضاء، فهي صفات ابطال الروايات، الإنكليزية غالبا، التي كانت تقرأها، وبالتالي لم تكن تتخيل، قبل ان تطلع على روايات كتاب افريقيين، أنه من الممكن أن تكون شخصيات أي رواية من أصحاب البشرة الداكنة وبعيون سوداء! وتقول إنها كانت تعتقد أن اسرة الخادم الذي كان يعمل لديهم فقيرة ولا تتقن شيئا، لأن والدتها كانت تصفهم بذلك، ولكنها فوجئت، عندما زارت قريتهم، بامتلاكهم لما لم تكن تتصور وجوده لديهم، إضافة الى قدرتهم على صنع اشياء كانت هي واسرتها عاجزة عن صنعها. وملخص رسالتها أن علينا أن نفتح أذهاننا، ونعرف هويات الغير الحقيقية، ولا نكتفي بالصورة النمطية التي نحملها عن شعب معين، أو نكتفي بقراءة «رواية واحدة» فالعالم وافر بالثراء، ولكل شعب جانبه الرائع والجميل.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com