سامي النصف

استقالة الكرامة

المحن هي كالنار التي تُمتحن بها المعادن فإما النجاح الباهر عبر إظهار أجل وأجمل ما يتصف به الإنسان من مرجلة وكرامة ونخوة ووفاء، أو السقوط الذريع عبر إظهار أدنى ما في البشر من غدر وطمع وجحود وإنكار للجميل.

***

مع دخول د.عادل اليوسفي لمجلس إدارة «الكويتية» لخدمة وطنه بفكره وجهده عبر ذلك الموقع، عمل جاهدا ليكون قيمة مضافة عن طريق تقديم المقترحات البناءة والآراء الاقتصادية المختصة، وليس هذا الأمر مستغربا على ابوعزيز الذي عرف عنه وعن عائلته الكريمة حبهم الشديد لوطنهم وبذلهم النفس والنفيس لأجله وتشريفهم لكل موقع يحتلونه.

***

وقد عملت رئيسا للجان التدريب والسلامة لسنوات طوال في اتحاد شركات الطيران العربية (الاكو)، وأشهد أن الكابتن احمد الكريباني هو من افضل الطيارين العرب علما وفهما وخلقا وأمانة وقد سعدت واستفدت بالعمل معه كرئيس تنفيذي لـ «الكويتية»، وعندما بدأت عمليات المحاربة والتضييق على «الكويتية» واشتدت الخطوب قلت له انت امل الشركة الباقي اما انا فلا اشكال لدي ان اترك، وقد طلبت منه ليلة استقالته وصباح يوم سفره ان يبقى في منصبه الا ان اخلاصه وكرامته واختصاصه ونظرته المستقبلية جعلته للأسف الشديد يقدم استقالته ويرحل وتفقد بذلك الكويت و«الكويتية» رجلا شديد الكفاءة والأمانة والإخلاص في عمله.

احمد الصراف

الزوجة ورأي البعيجان

أقامت جمعية إنسانية، أبعد ما تكون عن حقوق المرأة، ندوة قبل ايام تعلق موضوعها باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (25 نوفمبر من كل عام) وكان عنوانها «كيف نحقق للمرأة الأمان»؟ ووجهت المحاضرات دعوة للرجال، الذين ندر وجودهم في الندوة، لإقرار كل حقوق المرأة ومناهضة جميع اشكال التمييز ضدها! ودعون «الجهات المختصة»، لوقف ممارسة أي عنف ضد المرأة، مع العلم أن هذه الجهات هي أصلا وراء تكريس هذا النوع من العنف! وأكدت المحاضرات أن المرأة تشكل نصف المجتمع، وعلى الجميع احترامها، وهذا ما لم نكن نعلم به! وكان أفضل ما قيل في الندوة، وأكثره إيلاما، ما جاء على لسان رئيسة برنامج المرأة والتنمية الاجتماعية التابع للأمم المتحدة، سحر الشوا، من ارتفاع قضايا الاعتداء والعنف على المرأة في الكويت، وفقا لاحصاءات رسمية صادرة من قبل العدل، حيث وصلت إلى 345 قضية عام 2000، وارتفعت إلى 443 عام 2009! وهذه أرقام النساء اللواتي تبرعن بتقديم شكاوى رسمية ضد من اعتدى عليهن فقط، أما الغالبية العظمى فمن المؤكد أنهن فضلن البقاء صامتات، خوفا من فضيحة أكبر وعقاب اشد! وقالت الشوا إن اكثر القضايا المسجلة هي هتك العرض والخطف والمواقعة بالإكراه او التهديد مع الضرب المحسوس. وطبعا انتهى المؤتمر بكلام عام، كما بدأ، من دون أن يتوقع أحد أن يتمخض عنه شيء، طالما بقيت المناهج الدراسية مكرسة لممارسة العنف ضد المرأة، وطالما كانت القوانين الحالية قاصرة عن حماية حقوقها.
وبعيدا عن قضايا العنف، يقول صديقنا البعيجان، إن المرأة الكويتية بالذات أصبحت تعيش تحت هاجس الخوف من أن يتزوج زوجها عليها! بعد أن تبين أخيرا، عند توزيع تركات أشخاص متوفين، ظهور زوجات لهم لم يكن أحد يعرف بوجودهن. وقال إن ذلك شكل صدمة كبيرة لكثيرات. ويقول صديقنا البعيجان إنه ما دام لدى البنوك الكويتية «مركز مخاطر» يمكن لأي بنك الاستعانة به لمعرفة حجم مديونية أو قروض اي عميل، لدى أي بنك، قبل منح هذا العميل أي قرض جديد، فإنه يجب بالتالي إيجاد «مركز مخاطر» مماثل يمكن للتي تود الاقدام على الزواج اللجوء إليه لمعرفة ماضي وحاضر من يود التقدم للاقتران بها. وكما يمكن للزوجة مراجعته، متى شاءت، للتأكد من أن زوجها، الفحل، لم يتزوج عليها!
وعلى الرغم من معقولية ووجاهة اقتراح الصديق، فإن تطبيقه، كما يعرف هو جيدا، أمر ليس بالهين، فالزواج الإسلامي الصحيح لا يتطلب تسجيلا لدى أي جهة كانت، وما يجري الآن من توثيق لعقود الزواج ما هو إلا بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبئس القرار!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

أجمل ما قالته العرب عن… «اللصوص»!

 

دواوين العرب مليئةٌ بما قيل ويقال وسيقال عن اللصوص والحرامية وأهل الحرام والعياذ بالله، لكن في قصة بني نهشل ما يستحق أن نتأمله اليوم، وبإمكاننا إسقاطه إن شئنا على نوعية «اللصوص».

فورد في الأثر، أن أبا الأغر، وهو شيخ أعرابي من بني نهشل، نزل ضيفاً على ابنة أختٍ له تسكن البصرة، وذلك في شهر رمضان المبارك، فخرج الناس إلى ضياعهم، وخرج النساء يصلِّين في المسجد، ولم يبقى في الدار غير الإماء وأبي الأغرّ. ودخل كلبٌ من الطريق إلى الدار، ثم إلى حجرة فيها، فانصفق باب الحجرة ولم يتمكن من الخروج، وسمع الإماءُ الحركة في الحجرة فَظَنَنَّ لصّاً دخلها، فذهبت إحداهن إلى أبي الأغر فأخبرته، فأخذ عصا ووقف على باب الحجرة وقال: «يا هذا إنك بي لعارف… أنت من لصوص بني مازن، وشربتَ نبيذاً حامضاً خبيئاً حتى إذا دارت الأقداح في رأسك مَنَّتْكَ نفسُك الأماني، فقلتَ: أَطْرُقُ دُورَ بني عمرو والرجال في ضياعهم والنساء يصلين في المسجد فأسرِقهن… سوْأةً لك! والله ما يفعل هذا رجلٌ حر! وبِئْسَمَا مَنَّتْك نفسُك! فاخرج بالتي هي أحسن وأنا أعفو عنك وأسامحك وإلا دخلتُ بالعقوبة عليك…! وأيم الله لتخرجنّ أو لأهتفن هَتْفَةً فيجيء بنو عمرو بعدد الحصى، وتسأل عليك الرجال من ها هنا، وها هنا ولئن فعلتُ لتكوننَّ أشأم مولود في بني مازن».

فلما رأى أنه لا يجيبه أخذ باللين قائلاً: «اخرج بأبي أنت منصوراً مستوراً… إني والله ما أراك تعرفني، ولئن عرفتني لوثقت بقولي، واطمأننت إليّ… أنا أبو الأغر النهشلي، وأنا خالُ القوم وقُرّة أعينهم، لا يعصون لي رأياً، وأنا كفيلٌ بأن أحميك منهم وأن أدافع عنك. فاخرج وأنت في ذمتي، وعندي فطيرتان أهداهما إليّ ابن أختي البار، فخذ إحداهما حلالاً من الله ورسوله، بل وأعطيك بعض الدراهم تستعين بها على قضاء حوائجك».

وكان الكلبُ إذا سمع الكلام أطرق، فإذا سكت أبو الأغرّ وثب الكلب وتحرّك يريد الخروج. فلما لم يسمع أبو الأغرّ ردّاً قال: «األأم الناس! أراني في وادٍ وأنت في آخر، والله لتخرجن أو لأدخلن عليك!»، فلما طال وقوفه جاءت جاريةٌ وقالت لأبي الأغرّ: أعرابي جبان! والله لأدخلنَّ أنا عليه! ‏ودفعت الباب، فوقع أبو الأغر على الأرض من فرط خوفه، وخرج الكلبُ مبادراً فهرب من الدار، واجتمعت الجواري حول أبي الأغرّ فقُلْن له: «ويحك! فإنه كلب!»، فقام وهو يقول: «الحمد لله الذي مسخه كلباً وكفى العربَ شرَّ القتال!».

ومن نوادر اللصوص، ذهبت ثياب رجل في الحمام، فجعل يقول: «أنا أعلم، أنا أعلم»، واللص يسمعه؛ ففزع وظن أنه قد فطن به؛ فردها. وقال له: «إني سمعتك تقول: أنا أعلم، فما الذي تعلم؟»، قال: «أعلم أنه إن عدمت ثيابي مت من البرد».

ومع التحفظ على التعميم والجمع وعدم التبعيض، لكن دون شك، يدخل كلام الشاعر الكبير أحمد مطر، ضمن دواوين العرب عن أجمل ما قيل في اللص الكبير:

تكتب الشعر لمن، والناس ما بين أصم وضرير؟

تكتب الشعر لمن، والناس مازالوا مطايا للحمير؟

وجياعاً ما لهم أيدٍ، يبوسون يد اللص الكبير؟