علي محمود خاجه

«دورك بو فيصل»

قبل البداية: غرقت البلاد كلها مع الأمطار في إشارة واضحة على حجم الفساد الذي ينخر بجسد الدولة، والمفارقة الحقيقية هو أن المناطق السكنية القديمة صمدت بشكل أكبر من المشاريع الحكومية الجديدة، والمفارقة الأخرى هو أن الدول المحترمة تجعل من مبانيها الحكومية ملاجئ عامة في أوقات الكوارث، وفي الكويت أول ما ينهار هو المباني الحكومية، وما زال البعض يردد "إحنا بنعمة الكل حاسدنا عليها". في السنوات الأخيرة من حكم الراحل جابر الأحمد، رحمه الله، ارتفعت أصوات سياسية مطالبة بفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لأسباب عدة منها عدم تحصين منصب رئيس الوزراء وعدم إقحام أمير المستقبل بالصراعات السياسية وغيرها من أسباب، وقد تحقق ذلك وتم فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء وقد يكون للظروف الصحية للراحل سعد العبدالله رحمه الله دورٌ في ذلك. فعلياً لم يتغير شيء حينها لظروف ولي العهد الصحية مما أدى إلى غياب الدور السياسي له، أما اليوم فنحن أمام حالة مختلفة عمّا كانت عليه في فترة حكم الراحل جابر الأحمد، فعلى الرغم من استمرار فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء فإن ما هو مختلف أن سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد يتمتع بموفور الصحة والعافية أدامها الله عليه، وهو ما يجعلنا أمام فرصة جيدة لتقويم بعض الأمور السيئة في البلاد إن بادر سموه بتولي بعض الأدوار. فان يتولى ديوان سمو ولي العهد مثلاً وبإشراف مباشر منه متابعة ومراقبة المشاريع الحكومة، فإن الحال سيختلف بكل تأكيد عما هو قائم اليوم، كما أن قرب سموه من المواطنين بحياته اليومية يجعله من أكثر الشخصيات قدرة على تلمس الهموم ومعرفة الخلل والمساهمة في تقويمه عطفاً على القيام بالدور المنشود من أسرة الحكم في أن تكون حكماً في حال الاختلاف بين المواطنين وليسوا طرفاً في هذا الاختلاف. أكرر أن ابتعاد الراحل سعد العبدالله عن الساحة بعد فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء لا يجب أن يكون الحالة العامة لكل ولي عهد، بل أتمنى من سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد أن يقوم ببعض الأدوار كالتي أوردناها في سياق هذا المقال لتصبح عرفاً لكل ولاة العهد في المستقبل يسهمون في تحسين أوضاع المجتمع وحمايته من فساد ينخر كل مؤسساته. وبالطبع، فإن ما أقوله لا يعني بأي شكل من الأشكال أن نكتفي بالمناشدة هذه بل إن الإصلاح الحقيقي يكون بإعادة بناء أخلاقيات المجتمع التي دمرت على مر السنوات الماضية من خلال آليات ووسائل عدة منها تقويم وضع وزارة التربية وتشجيع التفكير الحر والبحث العلمي وإعادة الريادة لمؤسسات المجتمع المدني في شتى المجالات. ولأن الوصول إلى هذا الأمر يتطلب البداية أولاً وأعواماً طويلة من البناء، فإن السعي للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه لحين الوصول إلى تلك الغاية أمرٌ أتمنى أن يحدث وأن يتجاوب سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد معه. خارج نطاق التغطية: خبر مفاده أن صاعقة ضربت إحدى طائرات الخطوط الكويتية وهي على الأرض، وهنا أطرح تساؤلاً للمختصين أليس من المفترض أن تكون الطائرات مزودة بأدوات تحميها من الصواعق؟

احمد الصراف

شعوب لا تقرأ.. شعوب لا تفهم!

كنا في الكويت، وقبل سنوات لا تزيد على الخمسين بكثير، نصاب بهلع كلما أظلمت الدنيا علينا في وضح النهار نتيجة اختفاء الشمس فجأة، خصوصاً عندما يسرع أصحاب المحال وأرباب الحرف إلى إغلاق محالهم والهرولة نحو بيوتهم، وإقفال المدارس لأبوابها، وخلو الشوارع من المارة، فقد كان كسوف الشمس يعني المجهول، وأن مصيبة ستقع، ومؤشراً على دنو يوم القيامة، وبالتالي كانت الدعوات تتعالى والصلوات تقام لفك الشر وإزالة الغمة! ولكن مع الوقت، وزيادة نسبة المتعلمين، أصبح الناس يعتادون تدريجياً على ظاهرة الكسوف، وأنها ليست أكثر من ظاهرة كونية معروفة السبب، وهو لا يعدو أن يكون غير توسط القمر بين منطقة معينة من الأرض والشمس، بحيث تحجبها عنا، فيسود الظلام للحظات في تلك النقطة وليس في غيرها، وتطور الأمر وزال الخوف، بحيث أصبح الكثيرون يسافرون لمسافات طويلة ليحظوا برؤية هذه الظاهرة، ساعة حدوثها، بشكل أفضل وتسجيل لحظاتها على أدق آلات التصوير، بعد أن كان آباؤهم، وربما هم، يتوجسون شراً منها في الماضي!
تذكرت تلك الأيام عندما قرأت إعلاناً قبل أيام عن نية بعض الجهات في الكويت إقامة «صلاة استسقاء» بغية الإسراع في نزول المطر الذي طال انتظاره وتأخر عن موعده. وماء المطر كان وما زال مهماً في مناطق كثيرة من العالم، ولكن هناك كذلك مناطق أخرى لا تعرف المطر أبداً، أو يندر هبوطها فيه، ومع هذا لا تشكو من شيء، ولكن توقف نزول المطر لفترة طويلة يعتبر، لدى مجتمعات كثيرة، من الأمور الخطيرة التي يجب التحسب لها. فتوقفه يعني جفاف المراعي وشح مياه الآبار، وهبوط مستوى الأنهار، وهلاك الماشية، وبالتالي لم يكن أمام مجتمعات كثيرة، في مواسم الجفاف، غير الدعاء والصلاة ابتغاء نزول المطر، ومن هنا لم تكن الدعوة لإقامة صلاة استسقاء بغريبة، حتى تلك التي أقيمت في الكويت قبل أيام، فقد نزل الغيث بعدها بأقل من 24 ساعة!
ولكن، لو سألنا بعض من لبوا دعوة إقامة صلاة الاستسقاء تلك إن كانوا من قراء الصحف أو متتبعي الأرصاد الجوية، لوجدنا أن غالبيتهم لا علاقة لهم لا بهذه ولا بتلك، وبالتالي لم يقرؤوا النشرات الجوية ليوم السبت التي توقعت، بكل وضوح، هطول المطر يوم الأحد! وهذا يعني أن ما تحتاج إليه شعوبنا، ضمن أمور كثيرة أخرى، هو أن تقرأ أكثر وتجادل أقل! وغالباً، لا يعلم هؤلاء أن دولاً عدة كروسيا وأميركا والصين، تقوم اليوم بالتحكم في الأمطار في أكثر من مناسبة، ومنها أيام الاحتفالات الكبرى، بحيث تتخلص من السحب الممطرة، قبلها بيوم ليبقى جو الاحتفال.. من غير مطر!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

القمة الأفريقية العربية.. لماذا؟

للمرة  الثالثة يجتمع العرب والأفارقة في مؤتمر يحمل شعاراً اقتصادياً تنموياً! واليوم يجتمعون في الكويت تحت شعار شركاء في التنمية والاستثمار، وقد لوحظ أن الصندوق الكويتي للتنمية قد بدأ نشاطه مبكراً قبل جلسة الافتتاح، حيث تم الإعلان عن توقيع عدد من القروض بملايين الدولارات طبعاً للمشاريع التنموية مع عدد من الدول الأفريقية الفقيرة، التي ستعجز لاحقاً عن سداد هذه القروض التي ستتحول اضطراراً إلى ديون معدومة!
شي طيب أن نساهم في تنمية الأشقاء والأصدقاء، والأهداف السياسية ليس لها حدود، ولكن لا بد من حسن الاختيار إن أردنا أن نحقق أهدافنا التنموية لهذه الدول أو حتى السياسية التي نصبو إليها. إن معظم هذه الدول تحكمها أنظمة مستبدة، والفساد فيها – حسب الإحصائيات الأممية – وصل إلى مستوى مخيف! وتحول الحزب الحاكم إلى «بالوعة» لخيرات البلاد على حساب شعبها المحروم من أبسط الحقوق الإنسانية! وقد حدثني أحد المسؤولين: إننا نعطي لهذه الدول ونحن ندرك جيداً أنها أموال معدومة، أي لن تسدد!
إذاً، هي السياسة التي تجعلنا نهتم بهذه الدول، ولكن السؤال: هل نحن في الكويت البلد الصغير والمحاط بدول كبيرة، وبعضها له أطماع في خيراتنا، هل نحن فعلاً في حاجة إلى هذه الدول الأفريقية الفقيرة؟! بمعنى آخر: هل حاجتنا لها أولوية على غيرها من الحاجات لكي أنفق كل هذا الملايين والمليارات؟!
أليست الدول الأوروبية، التي امتصت خيرات هذه الدول التي كانت غنية بالمعادن والثروات الطبيعية حتى أفقرتها، أليست أولى بتنميتها ورعايتها وإنعاشها؟!
أليست الدول العربية الفقيرة أولى بالدعم من هذه الدول التي يدين نصفها بالولاء السياسي لبريطانيا وأميركا، والنصف الآخر توجهه فرنسا وفقاً لهواها؟!
هل سيسمح الأوروبيون لهذه الدول بنقل الألماس والذهب الموجود لديهم إلى الكويت من خلال صفقات تجارية واضحة؟! أم أنها دول لا تملك قرارها!
هل هناك طريقة لتحويل مخرجات هذه القروض إلى مصلحة الشعوب ورفاهيتها أم ستذهب إلى جيوب الطغمة الفاسدة فيها؟!
أسئلة كثيرة تدور في الذهن تبحث عن إجابة مريحة تجعلني أدعو لهذه القمة بالنجاح بدلاً من تمني الفشل!
وقبل الانتقال إلى خاتمة هذا المقال لا بأس من ذكر تخوّف سمعته من أحد الزملاء يقول: إن الثمن المطلوب من الدول الأفريقية لتلقي المنح والعطاءات من دول الخليج هو دعم الانقلاب في مصر والاعتراف به! وبلاش تنمية وبلاش «جح!».
***
في مقابلتي التلفزيونية في قناة اليوم، وضحت اللبس الذي وقع فيه الكثير من المحبين والخصوم في قراءتهم لمقالتي الأخيرة المنشورة بـ القبس بعنوان «رئيس وزراء جديد»، وبدا واضحاً مقدار الاعتراض على ذكري لإمكانات وقدرات سمو رئيس الوزراء، التي لاحظتها لديه في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة! وتذكرت حينها ما كنا نقوله عن سمو الشيخ سعد العبدالله من تواضع قدراته وبعض إمكاناته حتى جاء اليوم الذي ترحمنا عليه!