احمد الصراف

التنوع في الكتابة

قام قارئ صديق بمراجعة كل ما كتبت خلال الأشهر العشرة الأخيرة، وتبويب كل مقال ضمن جدول تنوعت تقسيماته بين السياسة والمحليات والدين والتسلية والمعلومات العامة، أو نوعين او أكثر منها في مقال واحد. وقد توصل لنتائج وجدتها طريفة ومفيدة، وأن من الممكن مشاركة القراء فيها، وربما استفيد منها، حسبما ذكر، في معرفة نقاط ضعفي، وما أكثرها، واي المواضيع يجب أن أكثر منها، وأيها التي يجب التخفيف منها. وقال في رسالته، التي ارفقها بدراسته، أنها ليست دراسة علمية بمعنى الكلمة ولا شاملة، بل اقتصرت على 10أشهر ولكنها كانت مليئة بالأحداث والتقلبات والتغيرات السياسية والاجتماعية، محليا ودوليا. وقال إن تحليله لم يكن سهلا بسبب تنوع المواضيع التي اكتب بها. واضاف إنه حاول ان يكون حياديا، قدر الإمكان، في حكمه، وشدد على أن عمله فردي ولم يكن مدعوما بفريق، وبالتالي فإن استنتاجاته أو تصنيفاته قد لا تكون دقيقة تماما. وقال إن الملاحظات التي كنت ولا ازال أوردها في نهاية بعض المقالات كانت تسبب له ارباكا، فمواضيعها كانت في الغالب تختلف عن موضوع المقال الأساسي. واضاف أن علي الإكثار من الكتابة للعامة، بدلا من التركيز على الكتابة للخاصة، وان هذا سيزيد من عدد قرائي. وأهم ما ذكره أنه كان يشعر أحيانا بالرتابة والضيق بسبب شعوره بأنني أركز كثيرا على القضايا الدينية! ولكن بحثه بين له أن غالبية مقالاتي لم تكن، كما كان يعتقد، تتعلق بالقضايا الدينية، بل كانت تتعلق بالقضايا المحلية والمواضيع الاجتماعية، وانه يرى أن هذا التنوع في الكتابة يجب أن يستمر.
شكرته كثيرا على ما بذله من جهد، وحاولت الاستفادة مما كتب، فقد كانت تلك نيتي عندما قرأت ملاحظاته القيمة ولكن وجدت نفسي بعد الانتهاء من كتابة أربع مقالات أنني لا اتبع نمطا معينا في الكتابة ولا خطا محددا، فأنا كنت، ولا أزال، مجرد هاو كتابة لا أكثر، وبالتالي أكتب ما يروق لي وما يطرأ على بالي، فلست صاحب رسالة، ولا بمنظر حزبي!

أحمد الصراف

سامي النصف

ظاهرة الأيدي المرتعشة تدمر البلد!

أحد أمراض الادارة الكويتية المزمنة التي تسببت في عرقلة كل شيء في البلد، مما جعلنا نتخلف عن الجيران أصحاب القرار السريع بعشرات السنين، هو ظاهرة «الأيدي المرتعشة» التي ترتعب من التوقيع على القرار الصحيح خوفا من المساءلة ضمن مبدأ مدمر فحواه ان عدم اتخاذ القرار يعني عدم الخطأ ومن ثم.. عدم المحاسبة.

***

وهناك سبب آخر للتردد أحيانا في اتخاذ القرار هو ضعف محتوى القرار ذاته كونه لم يعدّ من كوادر شديدة الاحتراف والمهنية قادرة على تبريره والدفاع عنه، وقد يكون الحل في القضايا الكبرى ان تتم الاستعانة بكوادر استشارية أجنبية شديدة الاحتراف تساعد على اتخاذ القرار الصحيح مع تطعيمها بكوادر كويتية كفؤة (وما أكثرها) قادرة على الاطلاع والتعلم السريع للوصول الى مناهجية الممارسة الفضلى (Best Practice) لكل قطاع من قطاعات الدولة بعد أن ابتعدنا لسنوات طوال عن الممارسات المثلى القائمة في الدول المتقدمة.

***

إشكال ثالث يخلق ظاهرة «الأيدي المرتعشة» المدمرة هو تعيين المسؤول دون دعمه فيشعر بأنه مكشوف وعليه أن يخلق الدعم لنفسه عبر وسائل الترضية الخارجة على النظم المتبعة، والواجب أن تتضافر الجهود لدعم المسؤولين وعدم تركهم في العراء مع خلق «مراكز دعم القرار» فاعلة تزوده بالمعلومات اللازمة وحتى بالكوادر المؤهلة.

***

وتكثر في بلدنا دون دول العالم عمليات تهديد المسؤولين على أمور صغيرة تافهة لا تستحق مثل ذلك الوعيد، أحد المنتجات الخافية لذلك النهج هو خلق ظاهرة «الأيدي المرتعشة»، ومثل ذلك المحاسبة على القرار الاجتهادي الذي قد يكون سبب خطئه هو تغيير الظروف المستقبلية التي لا يستطيع أن يعلم بها أحد وفي المقابل عدم محاسبة من يرتعش فيعطل القرارات سنوات وسنوات دون سبب عدا خوفه من المحاسبة عند اتخاذه القرار الصحيح في حينه.

***

آخر محطة (1): وضع الرجل المناسب في المكان المناسب هو محاربة مباشرة لظاهرة «الأيدي المرتعشة»، وإطلاق يد المسؤول في تفعيل سياسة «العصا والجزرة» هو كذلك محاربة لظاهرة «الأيدي المرتعشة» التي قد يكون أحد أسباب ارتعاشها عدم القدرة على مكافأة المجد أو.. معاقبة المسيء!

(2) أمانة المسؤول وعدم تلوث يده بالحرام يقويان من قدرته على اتخاذ القرار الحازم والصحيح، والعكس من ذلك يسبب.. ارتعاش اليد!

 

 

 

حسن العيسى

رسالة المفوضين إلى باسم يوسف

هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا في مصر أوصت، الخميس الماضي، بإيقاف برنامج باسم يوسف، وقالت في تقريرها: "إنه لا تجوز الإساءة إلى منصب رئيس الدولة، لأنه رمز الدولة الذي تجب حمايته ومراعاة الاحترام والتوقير لهيبة هذا المنصب في وجدان الشعب المصري، أياً كان شخص رئيس الجمهورية…" (أخبار اليوم). وأوصت الهيئة أيضاً بإلغاء حكم المحكمة الإدارية، التي قررت في قضاء سابق عدم قبول الدعوى المقامة من "أبو العينين"، المحسوب على "الإخوان"، ضد باسم، لوقف برنامج الأخير المسيء لرئيس الجمهورية لانعدام صفته، فهو (أبو العينين) ليس من الذين سخر منهم أو انتقدهم باسم يوسف.
وتمضي توصية الهيئة في دفاعها عن "منصب الرئيس" وليس شخصه، وهو محمد مرسي، الذي أسقط في انقلاب 30 يونيو، لتكرس مفهوم الدولة الأبوية بحجج قانونية عقلية، كما تسوق في تبريراتها، رغم أن هذه الدولة وما تمثله من قيم تعد كارثة الفكر العربي وثقافته التي تعني هيمنة الأب الرئيس على الدولة ومقاديرها، يتصرف بها وبالمواطن "الابن" كما يشاء هذا الأب، الولي، الوصي، القيم على الأبناء الرعايا، وقال في الدولة البطركية الأبوية الراحل هشام شرابي ما لم يقله مالك في الخمر، إلا أن لجنة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا أعادت في توصيتها الاعتبار ضمناً للرئيس الأب، إذ إن الطاعن (أبو العينين) في رأي اللجنة "… من جموع المصريين الذين يحق لهم، بل يتعين عليهم أن يهبوا للدفاع عن النيل من قيم المجتمع، سواء الأسرة المصرية أو الحفاظ على هيبة وصورة رمز المتقلد لمنصب رئيس الجمهورية…"! هكذا يصبح منصب الرئيس "رمزاً"، و"هيبة"، ذلك الرمز الأبوي يصبح من قيم الأسرة المصرية، التي يتعين حمايتها وتوقيرها برأي مستشاري اللجنة.
لتقل هيئة المفوضين في المحكمة ما تريد لتكريس منصب الرئيس وتحصينه من النقد وإسباغ القداسة عليه، فهي وشأنها في تبريرها تلك التوصية حين أسست مشروعية الدولة الأبوية، وكأن هذا ما ينقص مصر أو شقيقاتها العربيات، لكن التساؤل الذي يثار هنا: ما إذا كانت تلك التوصية جاءت في وقتها، لتمتد إلى الماضي من أجل الرئيس المطاح به، أو من أجل المواطن أبو العينين الذي طعن بالحكم، أو من أجل القادم من الأيام أو القادم من الرؤساء الذين "لا يجوز انتقادهم" أو السخرية منهم، فهم رموز الدولة ورموز القيم الأسرية…؟
الرئيس مرسي لم يتقدم بشكوى ضد باسم يوسف الذي جعل محور "الشو" شخص الرئيس ومنصبه، ولم يمارس مرسي سلطاته العليا على ما جرت به العادة المتأصلة والمستقرة في الدول الأبوية البطركية لإسباغ القداسة على منصب الرئيس أو الملك أو الحاكم بصفة عامة. لعل صناديق الاقتراع الشعبية أزاحت جانباً تلك القداسة الأبوية المفترضة عن منصب الرئيس، والتي يستحيل فهمها أو تقبلها في أبسط أبجديات الديمقراطية. فالرئيس المخلوع الذي كان محبوساً بقرار عسكري أصبح أساس حبسه الآن قرارات "قانونية" من النيابة بحبسه احتياطياً لمدد لا يبدو أنها ستنتهي… إذاً ما جدوى توصية المفوضين بالمحكمة، إذا لم تكن "إعادة الاعتبار" للحالة "المباركية" وبأكثر منها بالنسبة إلى الرئيس القادم، فما كان يصح في نقد مرسي، لا يعد صالحاً للحاضرين من الرؤساء أو القادمين منهم، فهل وصلت الرسالة إلى باسم يوسف؟!
احمد الصراف

القوي المستنير

لا ينكر إلا جاهل أن أوضاع معظم الدول الإسلامية مأساوية، والدليل اعتمادها الكلي على الغير في «كل احتياجاتها» وتخلفها في كل ميدان! ومن دون قيام حركة إصلاح جذرية لا يمكن لهذه الأمة ان تنهض، ولهذه الشعوب أن تتقدم، ولصعوبة أو استحالة حدوث ذلك، فمن الأجدى بالتالي التصدي للقضايا – الصغيرة منها أولا – ومحاولة إصلاح الأمر أو جزء منه، وهذا ما دأبنا على القيام به عبر مئات المقالات! علما بأن عملية الإصلاح لا يمكن الاعتماد فيها على قدرة «رجل الدين» أو رغبته، فمن مصلحة أغلبهم بقاء الأوضاع على حالها، وبالتالي ليس غريبا القول ان تخلف أي أمة يقاس بقوة المتحذلقين وكثرة رجال الدين فيها، وقلة فلاسفتها ومفكريها!
يقوم المسلمون كل عام بنحر مئات آلاف الأضاحي مع نهاية موسم الحج، في تقليد ديني معروف. وكانت المسألة محمولة لما للشعيرة من دور اجتماعي مهم، ولضآلة أعداد الحجاج! ولكن الأمر تغير كثيرا في السنوات الخمسين الأخيرة، بعد أن أصبحت عملية التضحية ليست فقط مكلفة، بل وغير ذات معنى! فمن المستحيل مثلا نحر مليون «أضحية» في يوم واحد، والاستفادة من لحومها ومنتجاتها بطريقة اقتصادية! والمسألة لا تقتصر – فقط – على الخسارة المادية الكبيرة، على الرغم من أهميتها، بل تشمل أمورا أكثر خطورة وتعقيدا، وتتعلق بنشر الغش وتجذيره في المجتمع، بعد أن أصبح تسمين الأضاحي بطرق متعددة من إطعامها كميات كبيرة من الملح، لإجبارها على شرب الماء، لكي تمتلئ أمعاؤها ويزيد وزنها، أو تعليقها لفترات طويلة من رقابها بطريقة غير إنسانية، ليتراجع اللحم والشحم لمنطقة الظهر فتبدو سمينة، وغير ذلك من طرق وحشية، كليّ آذانها بقسوة مفرطة! ولو قمنا بزيارة أي مسلخ في يوم النحر لوجدنا أن العملية تؤدى بطريقة أقرب للوحشية منها لأي شيء آخر، فلا وقت لدى القصابين، بسبب الضغط الهائل عليهم، ورغبتهم في تحقيق أعلى عائد، للقيام بأي من متطلبات الذبح من تسمية أو انتظار نفوقها، بل يمسك بالخروف من رأسه ويجز عنقه بضربة سريعة ويرفسه بعيداً ليتلوى من الألم قبل أن يفارق الحياة! وواضح أن العملية برمتها روتينية ووحشية ولا علاقة لها برمزية المناسبة! وهنا ندعو المشككين، والمصرين على استمرار أداء هذه الشعيرة بالطريقة نفسها عاما بعد آخر، الى زيارة أي مسلخ، لكي يروا كيف تتم عملية الذبح، وأنا على يقين بأنهم سيغيرون من مواقفهم! وبحوزتنا فيلم فيديو يبين وحشية العملية وعدميتها!
إن وقف مثل هذه الممارسات الضارة، ماديا وأخلاقيا، التي ربما لا يستفيد منها غير مربي الماشية في استراليا ونيوزيلندا، أمر يتطلب قيام مسؤول كبير ومستنير، كخادم الحرمين، بالأمر بوقف العملية وتحويلها الى طقس رمزي، بحيث تقوم كل دولة بنحر خروف واحد، نيابة عن بقية مسلميها، وتوجيه مبالغ الأضاحي لمشروعات تعليمية وصحية، نحن في أمس الحاجة اليها، ووقف كل هذه الوحشية والغش وتضييع الثروات من دون طائل!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استعمار الفكر

تستغرب احيانا درجة التطرف عند بعض المفكرين والمثقفين من أبناء جلدتنا من العرب والمسلمين، خاصة عندما يكتبون او يتكلمون عن الدين، فتجدهم ان تحدثوا عن الاسلام فبانتقاد شديد وتحميله كل مآسي الامة وهمومها، وان تطرقوا للنصرانية او اليهودية فباعجاب منقطع النظير ودعوة للتأسي برموزهم والاقتداء بهم! وأعتقد، والله اعلم، ان للكثير من هؤلاء تجارب اجتماعية مروا بها في مرحلة من مراحل العمر كانت سبباً لهذا الانحراف العقلي والتطرف في التفكير، والا فما السبب لان يقوم احد أدعياء الثقافة بتحميل الشريعة الاسلامية مسؤولية استمرار ظاهرة الرق الى يومنا هذا؟! وتلاميذ المدارس يدركون جيدا ان الشريعة جاءت بقوانين للحد من هذه الظاهرة وقطع دابرها! وقد أبدعت شريعتنا السمحة في معالجة ظاهرة كانت جزءاً من الحياة العامة في زمن الجاهلية، وتدرجت في تصفيتها من المجتمع كي يتحمل الناس ويتقبلوا تحريمها، كما فعلت مع تحريم الخمر وغيره من الظواهر التي كانت جزءاً من يوميات الناس في تلك الفترة من التاريخ.
ان القياس على ظواهر فردية هنا وهناك فيه تجن وابتعاد عن المنهج السليم في قياس الامور، فكلنا يعرف فساد الكثير من الملوك العرب والمسلمين الذين مروا على الامة، وشربهم الخمور واستحلالهم المعازف والنساء، ولكن هذا لا يعني ان ما يمارسونه مجاز في الشريعة، ولو كان الفاعل ولي امر المسلمين! قال الرسول (ص): خير القرون قرني ثم الذين يلونهم..! وها هو خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا»؟!
والدليل على ان صاحبنا قد تطرف في تحميله الشريعة ما لا تحتمل، انه تغاضى عن ظاهرة انتشار الرق في اوروبا واميركا، وهؤلاء يدينون بدين النصرانية، ولعل فيلم الجذور الذي كتبه ومثله واخرجه مجموعة من الاميركان والاوروبيين يؤكد ما ذهبنا اليه من انتشار بيع البشر في اسواق الغرب الى عهد قريب، ولكن عندما يكون الفكر محتلا ومستعمرا تكون عين الرضا عن كل عيب كليلة! وهذه علة بعض اصحابنا المعجبين بالحضارة الغربية بكل ما فيها، وعندما تقرأ لاحدهم تشعر بأنه يتمنى ان يقول يا ليتني ولدت نصرانيا او غربيا! فكل كتاباتهم اطراء ومدح للحضارة الاوروبية والاميركية، وان جاءوا بذكر ظاهرة سيئة حملوها للشريعة الاسلامية وللمسلمين ويستشهدون بحادثة هنا واخرى هناك!
نحن ايها السادة نختلف عنكم، اننا ننظر الى الحياة كما علمتنا شريعتنا السمحة، أي انها مرحلة من المراحل نعمل فيها ونجتهد، لكن هدفنا الوصول للاخرة وقد رضي الله عنا! فالاخرة هي نهاية كل انسان، وهي دار القرار الحقيقية، ومن هذه الفلسفة ننطلق في دنيانا «وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا»، وقال تعالى «وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله»، فنحن نتمنى ونسعى الى ان نكون من هذه القلة التي تهتدي الى سبيل الله، قال الرسول الكريم «ورد جهنم من كل الف نفس تسعمائة وتسع وتسعون وواحد في الجنة»! ولعل هذا يفسر تمسك المسلم الحر بدينه مع ما يرى من هذه الجموع التي تعادي الدين وتسخر من أتباعه!
قد نكون قلة وغرباء في وسط هذه الحياة العاصفة بأحداثها لكننا نشعر بأننا على الحق: بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء..!

سامي النصف

أيها السادة.. إلى أين كنا ذاهبين؟!

هناك خيط رفيع أو غليظ يربط بين ما كتبناه في أواخر مايو 2010 من أن عام 2011 هو أخطر سنوات العرب الذي ستتضاءل أمامه نكبة فلسطين 48 ونكسة 67 وكل كوارث العرب الاخرى، وما خططناه أوائل عام 2012 من أن هناك مخططا قائما لتدمير الكويت، وما كتبناه آخرها من سلسلة مقالات داعمة للشرعية ومحاربة للفوضى وللنزول للشوارع حتى أطفئت بالنهاية نيران الفتنة وعادت العقول للرؤوس، وثبت أن ذكاء وحكمة شعبنا اللذين أنقذانا عام 1991 هما اللذان أنقذانا عام 2012.

***

قبل حوالي 3 أعوام نزلت الشعوب العربية للشوارع في تونس وليبيا ومصر وسورية واليمن فيما سمي بربيع الدمار العربي، وبدأ البعض لدينا تزامنا بتحريك الشارع الكويتي والتهديد بخلق ربيع عربي مدمر آخر هنا، إلا أن الأمور هدأت سريعا في بلدنا بعكس ما حدث في البلدان الأخرى بفضل جهد جمعي ضم الشرعية وتوجهات سياسية عدة منها من شارك بالحراك ثم تراجع عنه عندما شعر بخطر ما يجري على الكويت، وساهمت وسائل الاعلام من صحافة وفضائيات وكثير من الكتاب في إفشال مخطط التخريب الهادف لضرب هيبة الدولة والتعدي على رجال الأمن ونقل مركز القــرار من المؤسسات الشرعيــة الى منصـات الخطابة الشوارعية.

***

وتصور ما كان سيؤول اليه الحال فيما لو استمر ذلك الحراك، أمر سهل للغاية، فما علينا إلا أن نتابع ما يحدث لبلدان الربيع العربي التي خرجت شعوبها للشوارع ولم تعد قط لمنازلها ومقار عملها والتي تشهد شلالات الدماء نتيجة للتفجيرات والاغتيالات وتفجر الحروب الاهلية القائمة على التطاحن الفئوي والعرقي والديني والمذهبي ولم يعد أحد في تلك البلدان آمنا على نفسه أو ضامنا عودته لأهله في وقت دمر فيه اقتصادها وتدهورت أسعار عملتها وغادر المستثمرون والسائحون تلك البلدان دون عودة، فأرض الله واسعة.

***

آخر محطة: (1) لو لم تطفأ نيران الفتنة لكان طبيعيا هذه الأيام أن تكون منتقلا من منطقة الى أخرى أو عائدا من مزرعة أو جاخور أو شاليه فتجد شبابا ملثمين مسلحين قد وضعوا حواجز طيارة يقومون بخطفك وذبحك على الهوية كما هو الأمر القائم في كثير من دول المنطقة الأخرى ولأصبحنا ليبيا أو صومال آخر.

(2) الوصفة السحرية للحالة الكويتية الناجحة هي أنها سريعا ما تنسى خلافاتها وغضبها عندما تستشعر الخطر فيلتف الجميع حول القيادة الشرعية داعمين ربان السفينة فيتوقف رهان الخائبين على غرقها!

 

 

احمد الصراف

عتق رقبة

لم تُحرّم أي من المذاهب الإسلامية، أو «علمائها» الرقَّ علانية، فقد امتلك المسلمون طوالَ تاريخهم – من مجاهدين أو أثرياء – بشراً بصورة عبد أو أَمَة، ومن أي جنس أو لون كان! وقد كان شراء البشر وبيعهم، أمراً مقبولا به طوال التاريخ الإسلامي، واستمر العمل بهذا النظام اللانساني في منطقتنا حتى وقت قريب، ولا يزال مستمراً في دول عدة، وقد كان لبريطانيا «العظمى»، وليس لغيرها، قصب السبق في محاربة الرق عالمياً، ولولا جهودها المبكرة لكان الرق لا يزال سائداً في أجزاء كثيرة من عالمنا. وأتذكر جديا، عندما كنت أعمل في أحد المصارف في ستينات القرن الماضي، أن بعض زملائي في البنك، من غير الكويتيين، كانوا يأتون إلي، وأمارات الدهشة بادية عليهم، بشيكات صادرة لمصلحة: فلان «تابع» فلان الفلاني! وكانوا يتساءلون عن معنى «تابع»! ويُبدون استغرابهم لوجود بشر أرقاء! وبالتالي، كان الرق معمولا به في الجزيرة العربية حتى فترة متأخرة من الستينات.
وقد نشرت القارئة رباب خاجة، على موقعها، وثيقة نادرة تعلقت بعقد بيع جارية مقابل بضعة ريالات سعودية، مما يعني أن الأمر كان يتم علانية، وطبقاً لأعراف وقواعد ثابتة. وعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية دعت إلى عتق العبيد في حالات معينة، فإن الوضع بمجمله كان مأساوياً، حيث كان العبيد يُعامَلون بقسوة شديدة، وربما كان ذلك وراء قيامهم بثورة الزنج عام 869، التي قمعها العباسيون بعد 14 عاماً.
وعلى الرغم مما يعتقده البعض من أن الرق يرتبط مباشرة بلون البشرة، فإنه ومن منطلق الشريعة، لم يكن مبنياً على عرق أو لون، فقد كانت غالبية الجواري – مثلاً – من البيض. وكانت  تجارة الرقيق عند العرب نشيطة، خاصة في مناطق شمال أفريقيا وشرقها، ولكن هذا النشاط تضاءل مع نهاية القرن الــ 19 مع اشتداد ضغوط بريطانيا، وتالياً فرنسا، ولكن لا تزال هناك دول تمارَس فيها العبودية، في الوقت الحاضر، مثل تشاد والنيجر ومالي والسودان، وموريتانيا، كما ورد في تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن كثيرين مارسوا تجارة الرقيق خلال حروب البوسنة وكوسوفو وأفغانستان وهايتي وكولومبيا، وبروندي. والسبب وراء استمرار الوضع أن نسبة كبيرة من المستفيدين منه، كانوا إما تجارا واما سياسيين، وبعضهم برروا الأمر بموقف الشريعة المتساهل منه.

[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

مذكرات مواطن محترم (6)

 

تخيّل المواطن المحترم نفسه طفلاً في مرحلة الروضة أو الابتدائية، ربما عندما استدعاه أحدهم إلى مجلسه ليأخذ بيده إلى طريق الصلاح والفلاح والمواطنة الصالحة، وليعلمه ما الفرق بين حب الحكومة وكره الحكومة! وما الفرق بين أن تكون مخلصاً أم خائناً، حتى إذا طال به المقام مع ذلك الشخص، هبّ المواطن المحترم واقفاً قائلاً لذلك الرجل: «يا هذا، أتعبتني وأتعبت نفسك… أنت أولاً إذهب وتعلّم ما هو الفرق بين حب الأوطان، وهو الأساس لكل الشعوب، وبين حبّ الحكومات، التي تذهب في ستين داهية، فكل الشعوب تحب أوطانها وليس بالضرورة أن تحب حكوماتها. شفيك إنت… ميهل».

ومع ذلك، فالمواطن المحترم بدا مستغرباً مما يصر البعض على تبيانه للآخرين، وكأنهم أوصياء على الناس يعلمونهم ما يتوجب عليهم أن يقوموا به. ذلك المواطن المحترم يحتقر أولئك الذين يتاجرون بحب الوطن والولاء والانتماء بفكر مجوف ودوافع مصلحة شخصية، حتى أن الكثيرين من المغفلين يضعون أولئك التجار في المقدمة حين يتابعون أكاذيبهم ونفاقهم وتلونهم، ويعرضون بضاعتهم الخسيسة على حساب الوطن والمواطنين، وللأسف، يجدون من يشتريها!

تذكر تلك الشخصية التي وضعها الناس على رؤوسها نظير ما تعمل وتجتهد وتدافع عن الوطن وعن ولاة الأمر، وأنها تبذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الوطن وأهله، وعندما تسرّب ما تسرّب، وعلموا أن تلك الشخصية كهاتف العملة، لم ولن تتحدث إلا بالدفع المسبق، وعندما علموا بأن الهبات والأعطيات وآلاف الدنانير دخلت في جيبها، بصقوا عليها أعزكم الله واستصغروها، ومع ذلك بقيت جوقة المغفلين ذوي العقول الصفيحية يقولون: «شعاد… تستاهل! أهم شيء أنها تدافع عن الوطن! خل تاخذ فلوس نظير عملها»! فيتحوّل الموضوع لديهم إلى متاجرة باسم الوطن، وهي متاجرة مقبولة ومباركة ومثاب عليها صاحبها، وكأن الدفاع عن الأوطان، وفق تلك العقلية السخيفة، يلزم بلا بأس ولا مانع، أن يكون مدفوع الثمن.

ذات يوم، أحب المواطن المحترم أن يتحدّث مع واحدٍ من أولئك المتاجرين. توجّه إليه بصفته كاتباً صحافياً كبيراً ذائع الصيت والشهرة، فطلب منه أن ينقل معاناته بسبب ما يواجهه من ضيق في حياته المعيشية، فما كان من ذلك الكاتب العظيم حتى استقبله بالأحضان ووعده خيراً. انتظر المواطن المحترم وانتظر أن يرى من ذلك الكاتب ولو سطراً واحداً ينقل فيه معاناته لكنه لم يجد! تهرّب واختفى وصدّ إلى أن كلّمه هاتفياً متسائلاً عن عدم نشر موضوعه، وإذا بذلك الكاتب يصدمه بالجواب: «هناك قضايا تزعج طويلين العمر… شفيك إنت.. ميهل».

ذهب إلى آخر يسرح ويمرح ويصول ويجول في الإدعاء بأنه رهن إشارة المواطن، فما صار نائباً إلا لخدمة الوطن والمواطنين. هو يحب أن يظهر أمام الملأ وكأنه الوحيد الموالي والمحبّ لولاة الأمر، وهو الوحيد الذي يحمل لواء الدفاع عن الوطن والذود عن مصالح المواطنين (جميعاً دون استثناء كما يكرّر دائماً باعتباره نائباً لشعب وليس لطائفة)، لكن كيف أجزم بأنه الوحيد في هذه الفضائل والمناقب؟ فهو الفريد من نوعه، ولا يوجد «نائب» يمتلك من الشجاعة والجرأة والنبل والدفاع عن الحق مثله! يعمل ليل نهار على خدمة الوطن في «مطبخ مليء بالوجبات الدسمة» التي تجعل أهل البلاد كلهم يتناولونها، بل تخرج عن مائدة الوطن لتصبح مائدة إقليمية… وكل طبخة، أفضل من سابقتها قطعاً. استقبله بالأحضان ووعده خيراً! لكنه كغيره، من المتاجرين بحب الأوطان، لا يعمل إلا لنفسه ولأهله ولقومه فقط، أما نشيدة خدمة المواطنين، فهي من أفضل وأكثر أنواع الأهازيج الكريهة المنتشرة بين المغفلين.

المواطن المحترم ضجّ وملّ من كل هذه الصور القبيحة السيئة، وملّ أكثر ممن يروّج لهم ويقبل بأن يكون لهم مداساً ومطيةًً ليصعدوا على ظهورهم، لكنه مع ذلك خاطب نفسه قائلاً: «أهم شيء الأخلاق… والسلام ختام».

عادل عبدالله المطيري

الغزل الأميركي- الإيراني والغضب السعودي

أثارت رسائل الغزل الديبلوماسي المتبادلة بين أميركا وإيران غضب الخليجيين، فمن غير الممكن أن يكافئ الغرب وأميركا إيران على مماطلتها وعدم تعاونها مع المجتمع الدولي في قضية ملفها النووي المثير للقلق الخليجي. بالرغم من كثرة التقارير الاستخبارية التي تؤكد أن إيران قاب قوسين أو أدنى من امتلاك السلاح النووي والذي سيقلب موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد بالخليج العربي، إلا أن الغرب وأميركا مازالوا يتعاملون بكل ديبلوماسية مع إيران التي تستخدم المفاوضات لكسب الوقت فقط.

بل امتد الغزل الأميركي لحلفاء إيران كالمثل القائل «لأجل عين تكرم مدينة»، فمن أجل إيران تكرم العراق وسورية.

ففي العراق حيث يسيطر الطائفيون عليها، يتم التعامل مع الحراك السني بكل عنف واضطهاد دون أي إدانة غربية أو أميركية لذلك.

أما في سورية فمازالت السياسة الأميركية تجاه الثورة السورية مخيبة للآمال العربية، فبعد تصريحات التهديد والوعيد من أوباما عن استعداده لضرب النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، تحولت تصريحات أميركا إلى شكر وثناء على تعاون النظام السوري مع بعثة التفتيش الدولية، بل وتبذل أميركا جهودا جبارة لإنجاح «جنيف 2»، في الوقت الذي تحاول فيه سورية إفشاله بتصريحات رئيسها الأخيرة المتصلة باحتمال ترشحه لولاية رئاسية أخرى.

أخيرا، يمكننا أن نتفهم الغضب العربي والتصريحات الأخيرة المتعلقة باحتمال انسحاب المملكة العربية السعودية من مجلس الأمن الدولي احتجاجا على الاستخدام السلبي لحق الفيتو الذي يحمي إسرائيل دائما ويحمي النظام السوري مؤخرا.

بل لا يمكننا أن نفهم الديبلومسية السعودية الغاضبة دون الرجوع لسياسة أميركا المتساهلة مع إيران وحلفائها بالمنطقة مقابل التشدد تجاه النظام المصري الحالي وقطع المعونة العسكرية عنه، فلولا الدعم الخليجي والسعودي خصوصا للجيش المصري والذي يعتبر آخر الحلفاء الإستراتيجيين لعرب الخليج، والذي يعول عليه كثيرا في معركة توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل الآن..

 

علي محمود خاجه

كتلة علي الراشد

سرعان ما انكشف الأمر، ولم يتطلب سوى جلسة واحدة لينكشف، وهي الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة وانتخاب رئيس للمجلس، فقد تحول بعض نواب "السمع والطاعة" إلى نواب للمعارضة دون أي مبرر سوى عدم فوز النائب علي الراشد برئاسة المجلس. سأفترض على مضض أن النائب علي الراشد لا علاقة له بموضوع هذه المعارضة الجديدة لا من قريب أو من بعيد، بل هم مجموعة من النواب لم تعجبهم خسارة علي الراشد لكرسي الرئاسة، فقرروا أن يصبحوا معارضة بين ليلة وضحاها، وشملت تلك المعارضة كذلك وسائل إعلامية كانت تتبنى مظاهرات لنصرة الحكومة كما شملت بعض ما يسمى بالخبراء الدستوريين كذلك. اليوم تقدم تلك المعارضة الجديدة أسلوباً كانت تدّعي قبل أشهر أنه يهدم البلد ويعطل التنمية، ويدق إسفين الفتن بين المواطنين، فأحدهم يحاول التفرقة بين مكونات المجتمع، وآخر تضخمت حساباته في فترة رئيس الحكومة السابق يتكلم عن حماية المال العام، والتهديد بأكثر من استجواب قبل بدء المجلس فعلياً. كل تلك الأمور هي ما أثارت سخط فئة كبيرة من المواطنين في الماضي القريب، وجعلتهم يؤيدون نظام "الصوت الواحد" الانتخابي على أمل تحقيق الهدوء والشروع في التنمية الفعلية، واختاروا نواب المعارضة الجديدة "السمع والطاعة" سابقاً من أجل تحقيق هذا الهدوء، وكما هو واضح أنه لم يتحقق، والقادم من الأيام سيشهد تكرار المشهد الذي حاول الناس التخلص منه ولم يتحقق لهم ذلك. ما حدث سابقاً وسيحدث قريباً من مجاذبات يبرهن على أن المسألة ليست مسألة "صوت واحد" أو "أربعة" كما ذكرنا سابقاً، بل هي مسألة سوء اختيار وقع فيها الكثير من المواطنين على مر السنوات، وهي بلا شك نتاج لسياسة دولة قتلت الثقافة والوعي وأسس الاختيار السليم طوال سنوات الدستور، ولن تتغير الحال حتى إن استبدلنا الأسماء. كما أن ما يحدث اليوم يبرهن أيضا أن ليس كل من رفع شعار المعارضة يستحق الدعم حتى إن اتفقت الأفكار أو القضايا أحياناً، فلا خلاف أن الحكومات كل الحكومات المتعاقبة سيئة ولم تقم ولو بجزء يسير من مسؤولياتها، ولكن التخلص من هذا السوء لا يكون باختيار أو دعم السيئ لينقذنا، بل يكون بنبذ الاثنين معاً. في السابق كان الأمر أسهل بكثير لأن الحكومة والمستفيدين منها كانوا يقفون في خانة واحدة مقابل معارضة حقيقية كانت ترفض استمرارهم، أما اليوم فالأمر يختلف، فنحن أمام مجاميع فساد تتعارض مصالحها مع بعضها بعضاً فتكون أكثر من جبهة معارضة وأكثر من جبهة موالاة، وهو ما يجعل المسألة أصعب مما كانت عليه وتتطلب إدراكاً للمسألة أكثر من السابق. نحتاج فعلاً إلى إصلاح مخلص غير مرتبط بأشخاص ببرنامج وطني قابل للتطبيق بعيداً عن شعارات ترفع دون وجود آليات عملية لتحقيقها. خارج نطاق التغطية: يعلم الجميع أن الكويت تعتزم شراء مقر عمدة لندن بقيمة تقدر بـ1.5 مليار جنيه إسترليني، لكن ما لم يُقرأ بشكل واضح هو أن الأرض التي أقيم عليها مقر عمدة لندن كانت أصلاً ملكاً للكويت، وقامت ببيعها وبعد أن تم بناؤها تنوي الدولة أن تشتريها بأضعاف السعر.