مبارك الدويلة

الإسكان.. وضياع البوصلة

«ناطر بيت».. تجمّع شبابي كويتي يهدف إلى الاستعجال في حل مشكلة السكن عن طريق الضغط على الحكومة لوضع حل جذري وناجع لهذه المشكلة الأزلية. وقد نجح التجمع حتى الآن في إرغام الحكومة على إعطاء القضية الإسكانية أولوية خاصة وعقدت لها اجتماعا استثنائيا!
كل ما تم جميل، وفي الطريق الصحيح.. لكن!
لن نتمكن من حل مشكلة السكن إلا إذا عرفنا مكمن العلة. والعلة كانت سابقا في توفير الارض فقط، اما اليوم فالعلة مع الاسف في القانون! نعم، قانون الشركات المساهمة، الذي يلزم الحكومة ببناء المدن الاسكانية وفقا لاجراءات تعجيزية! حيث يتطلب إنشاء شركة مساهمة عامة تتولى بناء المدن واستثمارها على أسس تجارية! وقد طرحت فعلا بعض المشاريع وفقا لهذا القانون، وأذكر منها مشروع «مدينة منخفضة التكاليف» كبديل لبيوت الصليبية وتيماء، وقد تمت دراسة كراسة المواصفات، وبعد انتهاء مدة تقديم العطاءات.. لم يتقدم أحد! وكان السبب واضحا، وهو أن قانون الشركات يجعل من المشروع غير ذي جدوى اقتصادية. لذلك، لم يخاطر أحد بالتقدم للمشاركة. ثم تم إقناع الحكومة والمجلس بأهمية تعديل القانون ليكون مجدياً اقتصادياً لمن يريد أن يضع ملايينه لعدة سنوات في التراب، فتم تعديل فقرة واحدة بشأن تحمّل الحكومة تكاليف البنية التحتية، وعندما طرح المشروع مرة ثانية لم تتقدّم إلا شركة واحدة، فاضطرت الوزارة إلى إعلانها فائزة، وكانت المفاجأة أن هذه الشركة اعتذرت عن استكمال إجراءات الترسية لظروف المشروع!
أذكر جيدا عندما تقدم السيد أحمد السعدون باقتراح هذا القانون كان الهدف منه مزيدا من الشفافية في إجراءات الطرح والترسية والإشراف على المشاريع الإسكانية، وهي أهداف لا شك في سموها وأهميتها، خصوصاً ان الممارسة السابقة لم تكن مشجعة وقد تم تسجيل عدة ملاحظات على المشاريع الاسكانية من قبل لجنة الميزانيات في مجلس الامة وديوان المحاسبة، لكن المشرع غفل -مع الأسف- عن إمكانية تنفيذ القانون ومواءمته للواقع، مما جعل القانون يصدر قبل سبع سنوات والى اليوم لم يتم تنفيذ مدينة سكنية واحدة!
باختصار، حل المشكلة يكمن في تعديل القانون والسماح للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ببناء المدن الإسكانية وطرح القطع الاستثمارية والتجارية والحرفية للقطاع الخاص، وهذا سيقلل من تكاليف المشروع على الحكومة. تتبقى مشكلة توفير الارض الصالحة للسكن، وهذا يحتاج إلى قرار حازم من مجلس الوزراء يلزم شركة نفط الكويت التنازل عن بعض الأراضي الفضاء التي لها امتياز عليها مع اتباع الطرق الفنية الحديثة لاستخراج النفط! وثالث العناصر التي كانت معوقة لحل أزمة السكن هو توافر الميزانية اللازمة للمشاريع، وأعتقد لن تمر علينا وفرة مالية كالتي نعيشها اليوم في اسواق النفط. لذلك، حري بنا ان ننفق هذه الاموال على انشاء المدن افضل الف مرة من ان ننفقها على مجموعة إرهابيين انقلبوا على الشرعية في بلادهم وأخذوا يقتلون شعوبهم جهارا نهارا!

***
شكراً «للحكومة»
لئن سمحنا لأنفسنا بانتقاد بعض المسؤولين في أقوالهم وأفعالهم، فمن باب أولى أن نذكر لهم بعضاً من محاسنهم، ولقد انتقدنا كثيراً دعم الكويت للانقلاب في مصر، واتسعت صدور من انتقدناهم وتحمّلونا، ولكن التصرف الحكيم للحكومة أخيراً في تأجيل بعض المناسبات واللقاءات دليل على حكمة الحكومة في رفع الحرج عن الكويت وأهلها، ودليل كذلك على أن الكويت بلد عزة وكرامة، ولن تقبل بتجاهل أي طرف لها مهما كانت منزلته، فكيف بمن تولى السلطة، منقلباً على الشرعية! شكراً كبيرة للحكومة، ولعلها بداية لعهد جديد من السياسات المميزة في المنطقة والأكثر استقلالية.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *