قام نائب سابق، ينتمي لسلف ما، قبل سنوات باستخدام نفوذه النيابي، كغيره من النواب، بالحصول على قطعة أرض كبيرة من الدولة في العارضية، مقابل إيجار رمزي، وسجل حق استغلالها باسم شركته الخاصة التي لم يزد رأسمالها على 250 ألف دينار. وتمكن، وأيضا بنفوذه السياسي والديني، من استخراج ترخيص بناء مجمع ضخم عليها يخصص لغرض وطني نبيل يتمثل في توفير ورش ومعارض لخريجي المعاهد التطبيقية! وبما أن الطبع يغلب التطبع، فقد قام النائب بتحويل شركته الخاصة لمساهمة عامة برأسمال 20 مليون دينار مدفوع منها نقدا 200 ألف دينار فقط، والباقي حصة عينية تمثلت في «حق الانتفاع» بمشروع المجمع الحرفي «الإنساني الوطني»! إلى هنا والأمر شبه عادي، مع التحفظ! ولكنه، وبكل نفوذه السياسي والديني وصلاته بالكبار، قام بتغيير الغرض من المبنى من مشروع وطني لخريجي المعاهد، إلى مجمع تجاري كبير! كما نجح بنفوذه، وخراب ذمم بعض كبار البلدية، وجهات حكومية أخرى، وهو الرجل الشديد التدين، كما يشي مظهره، بزيادة مساحة البناء الإجمالية من 111 ألف متر إلى 307 آلاف متر مربع، وهذا دفع الجهة الاستثمارية التي سوقت المشروع، الى تقدير قيمته بأكثر من 84 مليونا، والى بيع نصفه لمستثمرين آخرين! كما زادت قيمة المشروع مع قيام المستثمر بإضافة مبنى جديد له وزيادة عدد المحلات من 240 الى أكثر من 1500 محل، مخالفا بذلك كل شروط عقد الإيجار والتراخيص الأولية. كما استخدم نفوذه، مستغلا خراب الذمم، في تخفيض مواقف السيارات إلى 1090 موقفاً بدلا من 1740 المطلوبة من الدولة! ولم يتردد في إضافة مواقف لـ 784 سيارة أخرى خارج المشروع، وعلى أرض لا تخص المشروع أصلا!
كل هذه المخالفات المخيفة والمؤسفة وحتى الحقيرة لم توقف المشروع، الذي استمر شاقا طريقه محققا للمستثمر عوائد لم يكن يحلم بها، ولكن «شيئاً ما»، ربما له علاقة بـ«دهان السير» تسبب في سحب المشروع من المستثمر، فدخل هذا في نزاع قضائي مع هيئة الصناعة استمر لسنوات لينتهي أخيراً بصدور حكم التمييز بفسخ عقد المشروع ورفض الدعوى المقامة منه، وهنا حرم الرجل الوقور من تحقيق عشرات ملايين الدنانير من الربح السهل من المال العام، هذا غير انكشاف محاولته في استغلال حاجة الشباب لورش ومحلات، و«التكشيت» فيهم بعدها! وقد دفعت هذه الخسائر الكبيرة النائب السابق ليصبح معارضا شرسا للحكومة طوال سنوات نظر القضية، ممنيا النفس بأن الحكومة ستحاول كسب وده بتنازلها عن القضية، ولكن لم يحدث شيء من ذلك. ونحن بالرغم من كل انتقاداتنا للأداء الحكومي نشد على يدها في هذا الموقف، ونتمنى أن نرى موقفا يماثله يشمل كل المخالفات الكبيرة الأخرى، كمشروع اللجنة الأولمبية!
أحمد الصراف