صدر قبل مدة قصيرة للدكتور عبدالرحمن عزام كتاب توثيقي عن القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي حاول من خلاله التفريق بين الحقيقة والخيال في سيرة تلك الشخصية الأسطورية الفذة والذي قيل ذات مرة في حقه ان انتصاره على الصليبيين في موقعة حطين جعله بطلا عربيا وأنه لو هزم في تلك المعركة لاتهموه بأنه.. خائن كردي!
***
تُظهر سيرة صلاح الدين الأيوبي أنه ولد عام 1137م في تكريت بالعراق وأن أول أعماله كان تقلده منصب قائد شرطة في دمشق وهو لم يتجاوز الـ 28 من عمره، وأولى معاركه تمت بعدها بعامين عندما هزم أمالريك الأول ملك بيت المقدس، ليتولى بعدها حكم مدينة الإسكندرية ثم يخلف عمه أسد الدين شيركوه في ولاية مصر إبان حكم الفاطميين، وبذا أصبح ـ كما يذكر الكاتب ـ كرديا في زمن الاتراك وأيوبيا في زمن الزنكيين وسنيا في عصر الإسماعيليين.
***
وتوفي القائد نور الدين محمود في دمشق ليصبح صلاح الدين حاكما لها وتنضم الموصل لإماراته، وبذا تتوحد العراق وسورية ومصر بمسميات الدول القطرية هذه الأيام وليتوجه صلاح الدين لمواجهة جيوش الصليبيين عام 1187 وهو في سن الـ 52 وينتصر عليهم في معركة حطين ويدخل بيت المقدس محررا، وتلقى أمامه خطبة الجمعة، إلا أنه يهزم بعدها بـ 5 سنوات أمام ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا في معركة إرسوف.
***
ويتطرق الباحث إلى كثير مما قيل في حق القائد بعد وفاته، ومنها أنه اعتنق المسيحية وأن والدته ذات أصول إنجليزية ويعتقد أن ترويج الغربيين لمثل تلك الأقوال بسبب إعجابهم به حيث عرف بالشجاعة والكرم وعدم الغدر أو الخداع والتواضع وحب العلم، ويكشف عزام عن حقيقة مذهلة وهي أن ذلك البطل بلغ حد كرمه وعطفه على الفقراء أنه عند وفاته في 4/3/1193 عن عمر لا يتجاوز الـ 55 عاما لم يترك خلفه مالا أو حتى بيتا وكان مدقع الفقر حتى انه لم يتوافر من ماله ما يكفي لسداد تكاليف جنازته أو حتى شراء كفنه.
***
آخر محطة:
إن كان هناك من يكرر أن القائد الفرنسي هنري غورو قد زار قبر صلاح الدين الأيوبي بعد سقوط دمشق إبان الحرب العالمية الأولى وأنه قال «ها قد عدنا يا صلاح الدين»، فيكشف المؤلف أن القيصر الألماني فيلهيلم الثاني زار مرقد صلاح الدين الأيوبي في دمشق عام 1898 وتأثر بالحالة المزرية للمرقد فأمر بترميمه على نفقته الخاصة وأن توضع لوحة مضاءة فوق رأسه بها سيرته العطرة.