احمد الصراف

يوم اغتيال البراءة

لا يمكن تخيل مجتمع قابل للبقاء والازدهار من دون دعم أخلاقي كاف من السلطة! فليس هناك من عامل يؤثر سلباً في أي مجتمع كالتساهل في التعامل مع غرائز أفراده ورغباتهم، وتسهيل حصولهم على كل شيء دون مقابل! والأمم العظيمة هي التي اهتمت بتعليم الأخلاق لصغارها، ولم تعتمد في ذلك على «ثقافة» المجتمع وعاداته وتقاليده وتعاليمه الدينية، فالدين عادة يحث على التراحم والأخوة بين المنتمين له، وليس بالضرورة مع غيرهم، وهذا ما يضع أتباع أي دين في مواجهة مستمرة مع «الآخر»! ولهذا نجد في مجتمعاتنا من يتساءل أحياناً، عند تعرضه للخديعة أو السرقة، عما إذا كان من خدعوه يعتقدون بأنه يهودي يستحق أن يخدع ويسفك دمه! وبالتالي يجب أن تدرّس الأخلاق بكثافة في مراحل الدراسة الأولى، وتعطى أهمية كبرى على غيرها من المواد! ولو كانت هذه هي الحال، لما كانت هناك حاجة إلى كتابة هذا المقال، ونشير هنا إلى التفاوض المريب والمحموم الذي يجري بين المجلس والحكومة لإسقاط قروض المواطنين وفوائدها، فهذا، إن تم، يعتبر بحكم «الجريمة الأخلاقية»، لما سيكون له من تبعات سلبية مؤسفة على أجيال حاضرة وقادمة، فهذا «الإسقاط» ما كان ليتم لولا شديد رغبة السلطة والنواب لخلق شعبية زائفة وزائلة حتماً، وهو بحكم التفويض الرسمي للجميع ليسرقوا ويغشوا ويخدعوا ويدوسوا في بطن الأنظمة والقوانين ويتخلوا عن أي التزام أدبي أو مادي طالما أن «ماما الحكومة» ستأتي في نهاية المطاف وتنقذهم! كما أنه صفعة على وجه كل من التزم وسدد ما عليه، وكل من رفض الاقتراض، وهو قادر عليه، لعدم رغبته في «المشاركة» في سرقة مال عام ليس من حقه بقدر كونه من حق أبنائه وأحفاده! إن هذا التصرف من الحكومة، ولا ألوم المجلس النيابي بالقدر نفسه، سينسف عقوداً طويلة من التربية التي حاول البعض غرسها في نفوس أبنائهم، فقد شعرت وصديقي بومحسن بالحزن عندما قال لنا ابنه إننا أخطأنا كثيراً عندما نصحناه قبل سنوات بعدم الاقتراض، وأنه لو لم يستمع لـ «خرابيطنا الأخلاقية» لكسب الكثير! وقال إن علينا، نحن جيل السذج والمؤمنين بالعقل والمنطق والتصرف السليم، أن نتعلم أن السلطة ستخذل كل واحد منا المرة تلو الأخرى، ولن يكون هناك في المقبل من الأيام مكان لغير المفلس والنصاب، كما هي الحال في أغلبية دول العالم المتخلفة!

* * *
ملاحظة: لم يتردد الرجل الثاني في الدولة والقاضي السابق في الاعتراف بالحاجة إلى خبير دستوري «خارجي» لمعاونته في عمله التشريعي! ولا أدري بالتالي لماذا لا يقوم الرجل الخامس في الدولة بالاستعانة بخبيري مرور وأمن بريطانيين مثلاً لمساعدته في وضع حد لكل هذا التسيب الأمني والمروري الذي نعيشه؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

كلمة بوفتين

بينما يبدو أن البعض يتعمد تغييب الحقيقة واختلاق الأعذار ليتهرب من المواجهة والإجابة عن سبب استمرار تردي الحال رغم الادعاء قبل أشهر بأن "الصوت الواحد" سينقذ البلد وسيقودنا إلى التنمية، فيكتفي بالقول إن المقاطعين يجب ألا يتدخلوا بالمجريات السياسية أو يعلقوا عليها. وكلمة الصديق عبدالله بوفتين أمام سمو الأمير في مؤتمر "الكويت تسمع"، هذا المؤتمر المعد والمنظم من الديوان الأميري أزعجت البعض لدرجة جعلتهم يختلقون الأكاذيب ويروجونها في سبيل طمس رسالته الجميلة ونقاطها المهمة التي تعد خارطة طريق للإصلاح، كما أراها شخصياً. وقبل الخوض في غمار الحديث عن الكلمة لابد من الإشارة إلى أمور تعمد البعض كذباً أن يزورها عن شخص عبدالله، فهو أحد الرافضين لمرسوم "الصوت الواحد" شأنه شأن الكثير من الشباب الكويتي، وهو موقف سياسي راق توجه بمقاطعة الانتخابات على أن تكون المحكمة الدستورية هي الفيصل القانوني بين المؤيدين والرافضين للمرسوم، وهو من أكثر الشباب رفضاً للممارسات غير القانونية في التعبير عن الرفض والمعارضة، ولم يكن طوال مدة الحراك تابعاً لطرف دون طرف بدليل استمراره في مشروع "الكويت تسمع"، فلو كان تابعاً لأحد أو لخدمة أهداف المعارضة لما استمر، ولو كان تابعاً لأحد لما اختاره ممثلو "الكويت تسمع" المعد والمنظم من الديوان الأميري ليلقي كلمتهم بالمؤتمر، أما الحديث عن خدمة أطراف المعارضة من خلال خطابه فهو أمر لا علاقة له بالواقع لا من قريب ولا من بعيد. أما على صعيد خطابه فقد تطرق عبدالله إلى معظم المشاكل الأساسية التي لم تحل، ولا أعتقد أنها ستحل في ظل "السيستم" القائم على إدارة الدولة من مجالس وحكومات متعاقبة. فمن منّا لا يرغب في وضع أفضل على الصعد المختلفة؛ تعليم وصحة وإسكان ورياضة وطرق، والاهتمام بالشباب، ووقف العطايا والمنح، والتوجه إلى بناء الدولة بدلاً من شراء الهواتف والسفر، كلها أمور تتطلب معالجة سريعة ولا تخلو لقاءاتنا الاجتماعية من نفس هذا الحديث، فنقله عبدالله إلى رئيس الدولة وبشكل مباشر وأمام الجميع. ولأنه مخلص لوطنه حريص على وحدة الأطياف المختلفة طلب من سمو الأمير الدعوة إلى مؤتمر وطني يجمع كل وجهات النظر تحت مظلة واحدة يكون عنوانها المصارحة وهدفها المصالحة، ومن يرفض هذا الطلب فهو لا يريد التوافق بالكويت، ويصر على عزل الفئات التي لا يرتضيها من المجتمع، وهذا بالطبع تفكير إقصائي لا يحمل رؤية أو حرصا على الكويت، فالحوار مطلوب وتقريب وجهات النظر ضرورة كي لا تتسع الفجوة بين فئات المجتمع. شخصيا أنا من أشد المختلفين مع "الإخوان" والسلف بل كل قوى الإسلام السياسي أو حتى القوى القائمة على الانتماء العرقي العائلي أو القبلي، ولكن هذا لا يعني بأن نلقيهم خارج دائرة المواطنة لمجرد أنهم مختلفون. لقد قدم عبدالله بوفتين نموذجاً جميلاً للشباب الكويتي الصريح الذي لا يجامل أو يخجل من مطالبه دون مصلحة أو حسابات أخرى كما يحاول البعض كاذباً أن يصورها، بل إنه قدم نموذجاً للشباب بألا يكتفوا بالاستياء دون عمل فشارك في مؤتمر الشباب، وقدم للأمير رسالة الكثير من الشباب وأنا أحدهم… فشكراً "بوعبدالرحمن".

سامي النصف

الأمم المتقدمة.. منضبطة وغير فوضوية!

لو تطلعنا إلى خارطة العالم لوجدنا ـ لأسفنا الشديد ـ ان وطننا العربي الإسلامي هو مركز التخلف في الأرض، وكلما ابتعدنا عنه شرقا وغربا وشمالا زادت الأمم تقدما وتطورا وحتى نظافة، فشرق آسيا الأصفر يتشابه في إنجازاته الحضارية وتقدمه الاقتصادي واستقراره السياسي مع غرب أوروبا وشمال اميركا الأبيض، بينما يجمع التخلف الحضاري والاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي العرب السمر مع الأفارقة السود وبعض شعوب غرب شبه القارة الهندية.

***

فالأرقام والمؤشرات التي لا تكذب تظهر ان الثراء والصناعة والزراعة المتطورة وأفضل الجامعات والمراكز الصحية هي إما في دول مثل كوريا والصين واليابان وسنغافورة واستراليا ونيوزيلندا وبلدان الاتحاد الأوروبي أو أميركا الشمالية، والعكس من ذلك ما هو قائم في المنطقة العربية.. فما السر؟!

***

أرى ان الفروقات بيننا وبينهم أو بين التقدم والتخلف هو في شدة الانضباط لديهم والتسيب والفوضى لدينا، وهو ما جعل تاريخهم مليئا بالإنجازات الحضارية والانتصارات العسكرية التي لا تتم إلا بالانضباط، بينما تسبب تسيبنا وفوضانا العارمة في الهزائم العسكرية والتخلف الحضاري.

***

ومن أسباب تقدمهم برود الأعصاب والصبر والجلد واتقان العمل وتفشي ثقافة الصدق والنزاهة وعدم تقديس المال، ومعها ازدراء من لا يعمل أو من يغش ويسرق، بالمقابل يسود على شعوبنا سرعة الانفعال وفقدان الصبر والجلد وعدم اتقان الصنعة رغم وفرة الشهادات العلمية الزائفة أو عديمة الجدوى التي لا تؤدي الى الاحتراف، ولا ترى الثقافة السائدة لدى شعوبنا غضاضة من عدم المهنية والغش والكذب والخداع للوصول للأهداف وعلى رأسها حيازة المال الذي يعشق لذاته ولا يمانع من الوصول اليه بأي طريقة مشروعة أو غير مشروعة مثل (السرقة، الغش، الغزو والرشوة.. الخ).

***

ان متابعة سريعة لكيفية جلوسهم في معاهد العلم أو المصانع او إبان استعراضاتهم العسكرية وألعابهم الرياضية في الاحتفالات تظهر انضباطا شديدا لا يوجد حتى شيء قريب منه في منطقتنا، فالمشية العسكرية العربية مشتتة ومتفرقة وليست على نوتة واحدة، والاستعراضات الرياضية للطلبة تحفل بتصادم البعض بالبعض، وعليه فلن يصلح حال الأمتين العربية والإسلامية إلا إذا بدأنا الاهتمام الشديد باستعراضات رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وحرصنا على الانضباط الشديد فيها حتى لو تمت إعادة التمارين مئات المرات.. من هذا الانضباط ستبدأ الأمتان العربية والإسلامية الخطوة الأولى في طريق الألف ميل للوصول الى الحضارة والانتصار.

احمد الصراف

أنا وشوقي.. والفريق غازي!

يقول شوقي:
«وطني لو شغلت بالخلد عنه
لنازعتني إليه في الخلد نفسي»!
ولو حدث وانتقلت للكتابة في صحيفة اخرى، مقابل مبلغ كبير – وهذا ما سبق وأن عرضه صديق عزيز وكريم – لنازعتني نفسي للعودة والكتابة في القبس من دون مقابل، وبكل ما تعنيه الكتابة فيها من منغّصات، وما تضعه أحيانا من قيود، ورفض نشر مقال هنا وآخر هناك! مناسبة هذا الحديث هو مواقف القبس التي تجعلها مميزة عن غيرها، مع الاحترام للجميع! فقبولها نشر مقال «الطب والخلق المفقود» المتعلق بأخلاقيات المهنة وإصرار البعض على الترويج لأنفسهم، وكأنهم «بائعو خضار»، وليسوا رسل رحمة لمهنة حماها القانون وحمىالعاملين بها من الابتذال، والذي شارك في تعميمه أكثر من «طبيب وزير»! أولا بأن قبولها النشر دليل واضح على مواقف القبس الكبيرة، فلو طبق القانون لتصبح القبس على رأس المتضررين «إعلانيا»! ولو كان القانون غير سائب، في وطن «كويتي وافتخر» لما حدثت القصة التالية: ففي صباح يوم نشر مقال «كويتي وافتخر» وقفت مركبة أحد ابنائي امام بيت والدي، في منطقة سكنية مطروقة، لتوصيل غرض! وخلال دقيقة واحدة ترجل شخصان من مركبة، تبين لاحقا أنها مسروقة، وقاما بسرقة سيارة ابني، التي كانت من النوع الذي يدار بزر، ويسهل تشغيلها ان كان مفتاحها في جيب مالكها ولا يقف بعيدا عنها كثيرا! وقد صورت كاميرات مراقبة في الشارع تفاصيل حادث السرقة! المعاناة بدأت، في وطن «كويتي وافتخر»، عندما ذهب ابني الى المخفر للإبلاغ عن السرقة، حيث اضطر هناك الى انتظار «حضرة» المحقق ليأتي، وعندما حضر، انتظروه لفترة أطول ليفرغ، وعندما فرغ، «أخد يلت ويعجن في المشكلة» من دون اتخاذ اي إجراء حاسم، ومرت خمس ساعات قبل ان «يسمح» له بالمغادرة، وكأنه متهم، وليس مبلغا عن سرقة مركبة، يزيد ثمنها على 18 ألف دينار! علما أن الساعات الخمس تكفي لتفكيك كل قطع المركبة وبيعها، او الخروج بها من البلد، وهذا ليس بالأمر الصعب، كما نعرف، فقد تم تهريب عتاه المجرمين والسجناء من «حدودنا الآمنة»، بتعاون خير وجميل من أحبة، طالما خالفوا القانون، ولم يطل عقابُ أحدٍ منهم كثيرا!
إن المشكلة الأمنية في تفاقم، ولا يود أحد من كبار المسؤولين – كما يبدو – أن يقلق نفسه بها، ربما لأن الأمر يحتاج الى ثورة أمنية، قد يكون وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر جديرا بها، ولكن يقال إن هناك أطرافا لا يريدون له أن يعمل! وأخبرني صديق أثق به أن الحملات الأمنية التي اصبحت رائجة هذه الأيام، دليل على ما وصل اليه الوضع من تسيب وخراب، فوجود كل هذا العدد الهائل من العمالة العاطلة ضمن مساحات مسكونة لا تتعدى بضعة كيلو مترات، وفي بلد لا أنفاق ولا غابات ولا أحراش ولا جبال فيه، يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، وان هناك من «يتعمد» الإضرار بالأمن! وقال إن الآلاف الذين يتم القبض عليهم يطلق سراح غالبيتهم في اليوم التالي عندما يتقدم أي «كويتي ويفتخر»! ليكفلهم، ولا يتم ذلك من بعضهم – طبعا – من دون قبض المقسوم من العامل المسكين!

أحمد الصراف

سامي النصف

الخارطة الزرقاء لـ.. المركز المالي!

أوضاعنا ومنذ سنوات عدة مختلفة عما يجري في العالم أجمع، وقد يكون اختلافنا عن العالم هو سبب تخلفنا الذي يشتكي منه الجميع ويشارك به ـ يا للعجب ـ الجميع، فإن قرر العالم ان بناء المباني يبدأ من الأسفل، قررنا ان هذا لا ينطبق علينا «لخصوصيتنا الكويتية» وان على مبانينا ان تبنى من أعلى دون ان نعطى مبررا لهذا الاستفراد، وهل يعني اختلافنا عن باقي الخلق ان نأكل على سبيل المثال من أنوفنا ونتنفس من أعيننا؟!

***

علم الآباء المؤسسون للكويت القديمة بذكائهم وحكمتهم ـ لا بشهاداتهم المضروبة ـ ان كويت المركز المالي هي الوسيلة الوحيدة للعيش والبقاء، حيث لا زرع ولا ضرع ولا أنهار ولا أمطار في الكويت، بل صحراء جافة قاحلة تعتبر الأكثر سخونة في العالم، بينما تتمتع الدول المجاورة لها بالأنهار واعتدال الطقس والزراعة وكان مفترضا طبقا لذلك المعطى ان يهاجر الكويتيون لدول الجوار لا العكس.

***

لقد استوعب الآباء المؤسسون حكاما ومحكومين حقيقة متطلبات واستحقاقات المركز المالي للكويت ومنها:

(1) وجود الحريات الاجتماعية والسياسية وانعدام التعصب والانفتاح الإيجابي على الحضارات والديانات المختلفة، لذا ارتحل المقموعون من الدول الثرية المجاورة للكويت وليس العكس، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

(2) عدم وجود ضرائب باهظة على السكان او البضائع في وقت فرضت فيه الدولتان العثمانية والصفوية ومثلهما باقي إمبراطوريات العالم الضرائب الباهظة على شعوبهم لتمويل حروبهم.

(3) الاهتمام بخلق أحد أكبر «أساطيل النقل» في المنطقة، حيث كان أسطول السفن الكويتية الذي كانت أعداده تتجاوز عشرات الآلاف من السفن الصغيرة والكبيرة، قصيرة وطويلة المدى، هو الركيزة الأساسية للمركز المالي الكويتي الذي عاشت على إيراداته الكويت لقرون عدة، ولولا ذلك الأسطول الذي يتم تجديده وتحديثه تباعا لانقرضت الكويت وضمت لإحدى دول الجوار.

***

تلك الركائز والحقائق والبديهيات التي علم بها الآباء المؤسسون قبل 4 قرون وسبقوا بها سنغافورة وهونغ كونغ ولوكسمبورغ والبهاما وباقي دول الخليج، أصبحت لاحقا هي ركيزة جميع المراكز المالية الناجحة في المنطقة وخارجها من تسامح وتقبل الثقافات المختلفة وخفض الضرائب وخلق أساطيل ضخمة تتمثل في طائرات متعددة الأحجام لخدمة تلك المراكز، وتلك المعطيات التي صدرناها للعالم نسينا ان نستوردها لاحقا منهم، كي نعلم ان حلم المركز المالي لن يتحقق دونها ولا فائدة من فوائض أموال تعتمد على مداخيل النفط الناضب والمورد الوحيد للدولة.

***

آخر محطة: (1) بديهية أقرب لشروق الشمس من الشرق، لا مركز ماليا دون شركة طيران كويتية عملاقة كحال الجيران، تمتلك طائرات حديثة تنقل المواطنين والمستثمرين والسائحين والمقيمين والزائرين والبضائع لمشارق الأرض ومغاربها، ودون ذلك سترجع الكويت صحراء قاحلة متى ما اختفت او انخفضت مداخيل النفط في وضع أسوأ مما بدأنا به قبل 4 قرون من الزمن.

(2) بديهية أخرى أقرب لغروب الشمس من الغرب، لا شركة طيران كويتية تسعد الشعب الكويتي وتخدم المركز المالي، حلم القيادة السياسية والبديل الوحيد للنفط، دون تسابق حكومي ـ نيابي لدعم متميز للشركة في حلتها الجديدة، ومن غير ذلك ستعلن وفاة «الكويتية» بـ «السكتة المالية» التي قتلت كثيرا من الشركات قبلها!

 

حسن العيسى

ماذا سيخسر الليبراليون أكثر؟

من مقال "الانتفاضة العربية وأوهام الدولة الدينية" للأستاذ مسعود الظاهر في جريدة النهار اللبنانية قبل أكثر من عام، ختم الكاتب مقالته بهذه الفقرة: "لاتزال العصبيات الدينية والقبلية حاضرة بقوة في المجتمعات العربية، ولاتزال الدولة الديمقراطية مفهوماً ضبابياً في عالم عربي محكوم بالذهنية الدينية والقبلية، ومع إصرار القوى السياسية الحاكمة في دول عربية منتفضة على تطبيق الشريعة الإسلامية تراجعت مفاهيم الحرية، والوطن والمواطنة، والسيادة، وحقوق الإنسان العربي الفرد، وباتت مؤسسات الدولة العصرية مهددة بالزوال، وعاجزة عن ممارسة الديمقراطية دون مشاركة الديمقراطيين في معركة شرسة لحماية أنفسهم ووطنهم، فانتشار الوعي الديمقراطي لم يخفف من الوعي الديني بل زاده صلابة في الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الدول العربية المنتفضة، وهي قوى إسلاموية سلطوية لا تستطيع إقامة التعارض مع السلطة الدينية، وتحديداً مع سلطة المرشد الديني أو سلطة ولاية الفقيه، فالمؤسسة السياسية في الدول العربية المنتفضة اليوم هي امتداد للسلطة الدينية التي تتمتع بصلاحيات واسعة للرقابة على الناس والكتب والفنون والمطبوعات والمسرح والأغاني والنوادي الفكرية، فهناك اليوم تصادم حاد وجذري بين قوى إسلاموية استغلت الانتفاضات الشبابية لتحاول بناء دولة إسلامية تتعارض جذرياً مع أهداف تلك الانتفاضات، وبين قوى ديمقراطية عريضة تواجه بصلابة المد الإسلاموي الذي يستخدم العنف السلطوي باسم الإسلام السياسي، وهي معركة مصيرية تطال حاضر العرب ومستقبلهم".
يشترك الكثير من المثقفين العرب مع الأستاذ مسعود الظاهر في قلقهم المشروع من المستقبل القادم للدول العربية، وكأن لسان حالهم يقول "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، الرمضاء هي صحارى النظم العربية الحاكمة (أو التي كانت حاكمة) والنار التي قد يستجيرون (أو استجاروا فعلاً) بها هي الأنظمة الثورية التي تلبس العباءة الدينية، إذن حسب هذا الرأي، تصبح قضية الحريات والديمقراطية ليست هي أزمات "أنظمة حكم" فقط، بل هي أزمة مجتمعات عربية يهيمن عليها بالأساس الهوية القبلية والنزعات الدينية الطائفية.
فحين يزول النظام السوري فرضاً، فالبديل هو جبهة النصرة وجند الشام، وهما صور متجددة للعرب الأفغان، فأين الحل بفرض عدم تفكك الدولة السورية إلى دويلات طائفية وعرقية؟! هل يتعين على الحالمين بالحريات والكرامة أن ينتظروا عشرات وربما "مئات" السنين حتى يتبلور الوعي بالانتماء للدولة وبهويتها الوطنية، أم عليهم أن يتجرعوا مرارة أنظمتهم الحاكمة لأن البديل أسوأ؟!
خطورة مثل هذا الرأي أنه يبرر ضمناً "شرعية" بقاء واستمرار الأنظمة العربية السائدة، ويبرر من جهة أخرى كل الإجراءات القمعية التي تتخذها هذه الأنظمة ضد المخالفين، هذا القمع لا يفرق بين صاحب لحية وحليق، وبين ليبرالي ويساري، وبين إسلامي معتدل وآخر متطرف، فهم على مسطرة واحدة عند الحاكم، عندها تصبح كل محاولة لنصح النظام الحاكم والدعوة إلى إصلاحه جريمة كبرى ضد أمن الدولة وهيبة الحكم.
لنقر بأن الحالة العربية ستمر بمخاض طويل، يختلط فيه الداخل بالخارج، مصالح الدول الكبرى وتفكك الداخل الذي لم يقم أساساً على مفهوم الدولة الأمة، وإنما كان مجرد ترتيبات حدودية رسمها المستعمر الإنكليزي– الفرنسي على رمال الصحراء سابقاً، وتصونها اليوم "الولايات المتحدة"، وأن الطريق أمام شعوب المنطقة بقبائلهم وطوائفهم للوصول إلى عالم متطور وحر مازال طويلاً وشاقاً، لكن لابد من بداية ما للتغيير، فهذه الأنظمة ترفض كل محاولات الإصلاح، وتصر على تقنين الجمود السياسي والفساد المالي، وما الذي يخشاه المثقفون الليبراليون في النهاية، فليس هناك أسوأ من جمود الانتظار.

مبارك الدويلة

الليبراليون في الكويت… ماذا يريدون؟

يبدي بعض الزملاء الليبراليين عندنا بين فترة واخرى امتعاضهم من مظاهر ضيقة الخلق في الكويت! والذي يعيش في الكويت ويشاهد طبيعة الحياة الاجتماعية يشعر بان هؤلاء الليبراليين يتحدثون عن مجتمع آخر وليس الكويت. ألا يشاهد هؤلاء الاختلاط المخجل في الشوارع والاسواق والاماكن العامة؟! الا يشاهدون التبرج الفاضح في لباس كثير من النساء في هذه الاماكن؟! الا يسمعون عن الحفلات الغنائية التي تعلن عنها الفنادق والمتنزهات بين الحين والآخر؟! الا يلاحظون غض الطرف عما يمارس في بعض الشاليهات والجواخير والمزارع من منكرات بحجة المحافظة على خصوصيات الناس؟! الا يشاهدون القنوات الفضائية بكل ما فيها من جميل وقبيح تدخل في كل بيت من دون رقيب او حسيب؟! الا… والا… والا….؟!! اذن ماذا يريد هؤلاء الليبراليون؟! انا شخصيا استمعت الى الاجابة من احدهم والذي دائما يفتخر بعلمانيته وليبراليته في مقالته قبل يومين، عندما ابدى استياءه من احتفالنا بالكويت بعيدي الاضحى والفطر، ولا نحتفل باعياد الهندوس والبوذيين والمجوس؟! هل يوجد اكثر من هذا التطرف في التفكير؟ ألم يكتف. صاحبنا الليبرالي باحتفالنا كل عام بعيد الحب وعيد الكريسمس وعيد رأس السنة وما يصاحب هذه الاحتفالات من خروج عن المألوف؟! احد هؤلاء طالب في احدى مقالاته بعدم التفرقة بين انتظار النساء وانتظار الرجال في المستوصفات، واعتبر هذا مظهرا من مظاهر التخلف! وين بيوصلونا الجماعة؟ تلاعبوا بقضية المرأة وزجوها في كل الميادين وحشروها حشرا مع الرجال بحجة انتزاع حقوق المرأة! وعندما تأتي الجمعيات النسائية الاسلامية تطالب بحقوق المرأة المدنية والاجتماعية يعترضون عليها، ويعتبرون هذه ردة وتخلفا وعودة بالمرأة الى العصور الوسطى!
ايها الليبراليون… قولوها ولا تختشوا (فاللي اختشوا ماتوا) نريدها سمردحه! لا حسيب ولا رقيب!
* * *
استقالة وزير التربية غريبة عجيبة…!
انا اعرف المسؤول يستقيل اذا شعر بانه يتحمل مسؤولية ما حدث، لكن جميع المؤشرات تقول ان الوفاة قضاء وقدر، وانها سكتة قلبية مفاجئة، اذن اين الشعور بالمسؤولية؟ واين الجانب السياسي بالموضوع؟!
رحم الله الفتاة وغفر لها واعان اهلها على الصبر والاحتساب.
* * *
• عندما يكتب الصحافي لفكره ومبدأ يؤمن به، فانه سيكون محترما ومقدرا عند قرائه، ولكن عندما يكتب وفقا لما يطلب منه، ووفقا للتدفقات النقدية فان «طقته ببيزه»!
اللهم لا شماتة ورحم الله بن شريم:
«كنك سراجن في اوسط الحوش شبوك
ولما قضى اللازم حدا الربع طفاك».

سعيد محمد سعيد

أدخلتم السرور على «إسرائيل»!

 

هكذا يبدو المشهد في العالم العربي والإسلامي… المسألة أكبر بكثير من صراع مذهبي بين سنة وشيعة… أو بين الإخوان المسلمين وسائر التيارات… أو بين تيارات سياسية في الوطن الواحد… فمهما تعددت الأسباب المعلنة وكبرت واتخذت عناوين فضفاضة؛ فإن ما يحدث في وطننا العربي، خلاف المطالبات المشروعة بالحقوق والعدالة والنضال من أجلها… كل ما يحدث غير ذلك، هو إدخال السرور على «إسرائيل» التي تشرب نخب فرحة الانتصار وهي تشاهد العرب يتقاتلون ويدمرون بلدانهم من أجل أمنها هي… استقرارها هي… سلامتها هي… هي ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية.

العرب، سواء من الحكومات الموالية لأميركا، أو المجاميع الشعبية التي تقودها جماعات وشخصيات ورموز موالية لإسرائيل وأميركا بخداع الشعارات والأموال والوعود الضخمة؛ يمرون بمرحلة غاية في الخطورة، وهي باختصار أخطر من خطورة عملية السلام والاستسلام! هي اليوم يمكن تسميتها بمرحلة الانبطاح لتدوس اميركا واسرائيل على بلاد العرب (أوطاني)… من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان!

من حق كل الشعوب العربية أن تطالب بحقها وتنتزعه انتزاعاً من الحكومات المستبدة، أيّاً يكن انتماء حكوماتها المذهبي، ومن حقها أيضاً أن تشارك في صنع القرار السياسي وفق مشاركة دستورية تضمن للجميع حقوقهم وتضمن في الوقت ذاته العدالة الاجتماعية والاستقرار والسلم الاجتماعي، لكن أن تتدخل دول وتضع قبضتها بقسوة فتحرك من تحرك وتصرف من الملايين ما تصرف وتسلح وتفتح الساحة لاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وتنقل هذا الاقتتال لاحقاً الى دول جوارها، وتُطعم وتُسمن وتُسلِّح حملة السلاح من الإرهابيين والمرتزقة ومصاصي الدماء، فهذا دون شك، لا يمكن أن يكون حماية للدين الإسلامي ولأمة الإسلام! هي حالة من (حفلة زار) تُطرب اسرائيل والغرب في حرب بالنيابة عنهما وعن أميركا وعن مصالحها في المنطقة… هي حرب على الأمة بسفك دماء أبنائها بيد بعضهم بعضاً وليست حرباً ضد الكيان الصهيوني.

ما يحدث في منطقة الخليج العربي، وفي العراق وسورية والسودان ولبنان واليمن ومصر وبلاد المغرب العربي، بل وفي باكستان والشيشان وإيران… أضف الى كل ذلك (دولاً قابلة للضم)، هي عملية استغلال لحركة الشعوب العربية المطالبة بحقوقها ضمن موجة (ربيع المطالبة بالحقوق وبناء الأوطان)، لتخرجها من مسارها الذي لا يعجب الغرب المتشدق بالديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والتقدم… فتلك أمور يهتم بها الغرب وأميركا تحديداً لشعوبهم فقط، لا لشعوب العالم العربي والإسلامي وليست ضمن دعواتها في دول العالم الثالث أصلاً… ولهذا، كان شيخ الأزهر أحمد الطيب محقّاً حين قرأ مبكراً في يناير/ كانون الثاني من العام 2011 الشرور التي ينويها الغرب! ففي لقائه مع وفد من مجلس الشئون الخارجية الأميركية بحضور 23 شخصية بارزة من أعضاء المجلس برئاسة الأميركي هاورد كوكس، صرح بشكل مباشر، بأن هناك مخططاً صهيونيّاً يهدف الى تمزيق العالم العربي (حتى تصبح إسرائيل هى الدولة الكبرى والمتحكمة فى المنطقة).

وبالتأكيد؛ هناك دول في المنطقة اتخذت قرارها بأن تكون عوناً للأميركان في سبيل ضمان أن تقوى الدولة الصهيونية وتتقدم، وتتمزق الأمة العربية وتتهاوى! فلم نجد من تلك الدول أية مواقف واضحة ضد الحملات الغربية المستمرة التي بدأت بالإساءة الى الدين الإسلامي ولنبي الأمة محمد «ص» برسوم كارتونية وأفلام وكتب، فيما كان دورهم مرضياً لأميركا ولإسرائيل بإشعال الفتن والاقتتال الدموي بين أبناء الأمة! ولم يكن لتلك الدول دور حقيقي تجاه القضية الفلسطينية ومجازر غزة وتهويد القدس وانقسام السودان، لكنها قوية جدّاً وجاهزة لتقسيم المنطقة العربية وتنفيذ المخططات الأميركية لصالح اسرائيل.

الدول العربية والإسلامية عليها مسئولية تاريخية اليوم، وهي أن تتحدى أعداءها الذين جعلتهم أصدقاء لها واستسلمت لهم! وليس أفضل من أن تقترب من شعوبها وتحقق مطالبها الدستورية المشروعة التي تصب لصالح الأوطان والمواطنين لا لصالح أميركا واسرائيل، ولا أدري، هل سيتمكن شيخ الأزهر من تحقيق أفكار طرحها مع الأميركيين أو سيسمحون له بتنفيذها أم هي مجرد حبر على ورق حالها حال كيان الجامعة العربية! فكما قال الطيب، فإن الأزهر الشريف يعمل جاهداً على دعم الوحدة الوطنية وتحقيق التقارب بين المذاهب الإسلامية ومد جسور التفاهم والتلاقي بين الإنسانية… وهي كلمات لها وقع طيب في نفوس المخلصين للأمة، وبلا ريب، هي لا تعجب أعداءها الذين يهمهم أن تكتمل الفصول لكي يضاعفوا نخب الانتصار حين، لا سمح الله، يتمكنون من تنفيذ مخططهم الخبيث بتمزيق الأمة بشكل نهائي.

احمد الصراف

الطب والخلق المفقود

يقول نص مرسوم بالقانون رقم 25، بشأن مهنة مزاولة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعادلة لها، وفي المادة 2 منه، بأن على كل مزاول للمهنة تسخير كل معلوماته وضميره وما تقتضيه آداب المهنة لبلوغ هذا الهدف (وهذا ما لا يحدث دائماً)! وأن تقوم العلاقة بين أعضاء المهنة على أساس الاحترام المتبادَل، وتجنب كل مزاحمة «غير مشروعة» (وهذا أيضا غير متوافر، فالمزاحمة غير الأخلاقية على أشدها بين مجموعة معينة من الأطباء، وخاصة من بين «الاستشاريين الكبار»، فهناك مزاحمة غير أخلاقية وغير مشروعة!). كما ورد في المادة 10 من القانون أنه لا يجوز للطبيب أن يقوم بالدعاية لنفسه بأي طريقة كانت (وهذا أيضا غير مطبق من الكثيرين!)، كما لا يجوز للطبيب الذي يمارس المهنة أن يروج لمنتجات أو مؤسسات طبية معينة بدافع المصلحة الشخصية المباشرة أو غير المباشرة (وهنا أيضا لا يوجد تطبيق للقانون ولا تمسك بالقواعد ولا بأخلاقيات المهنة المقدسة!). فلو قمنا بتصفح جرائدنا لوجدنا أن صفحات كثيرة منها تمتلئ بالإعلانات اليومية التي تتكرر طوال العام دون توقف، والتي تتعلق بـ«نحت» الجسم بأحدث طريقة، والمساعدة على الإنجاب، وزرع الشعر الطبيعي، والقضاء على خشونة الركبة، ومعالجة هشاشة العظام وتشخص التهاب الأوعية الدموية، ومتابعة حالات الروماتزم أثناء الحمل وبعد الولادة، ومعالجة دوالي الخصيتين بالمنظار وإزالة أكياس الشعر، والقيام بتقويمات أسنان ثابتة ومتحركة، ومعالجة عقم الرجال، والضعف الجنسي، وتجميل الجلد ومعالجة الانزلاق الغضروفي، وضمان الولادة الآمنة، وإزالة التليفات والأورام من الرحم، وتكميم المعدة، ومعالجة جراحات الفتق، والاهتمام بمسائل ضغط الدم والكوليسترول، وتخطيط التنفس والقضاء على الربو الشعبي، وشفط الدهون من تحت الذقن وإعادة رسم الوجه، وحتى رفع المؤخرة من دون جراحة، وحقن الدهون مع الخلايا الجذعية.. إلى آخر ذلك من إعلانات طبية تزخر بها صحفنا ومجلاتنا وحتى قنوات التلفزيون وأغلفة الكتب والمجلات، الفنية الرخيصة بالذات! كما نجد هذه الإعلانات تغطي مداخل العيادات والمستوصفات وحتى الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية وصالونات الحلاقة، ويظهر في بعضها صور لأطباء مشهورين، كان بعضهم يشغل مناصب سياسية عالية، وهم يبتسمون لأنهم ربما يعلمون بأنهم يتحايلون على القانون. كما نجد صورا أخرى لغيرهم بأرديتهم الطبية البيضاء والسماعات الطبية تتدلى على أكتافهم أو يقفون ضمن طاقمهم الطبي والابتسامات «الكاذبة» تظهر على شفاه الجميع.
إن هذه التصرفات أصبحت مؤلمة وغريبة وغير أخلاقية، والدليل على ذلك رفض الكثير من الأطباء الذين يحترمون مهنتهم اتباعها، والترويج اليومي لمهنهم، فما يحدث مسيء للمهنة، ولشرف الزمالة وللقانون، فهل يتدخل وزير الصحة ليوقف هذا التسيب؟ وهل بإمكان الجمعية الطبية القيام بشيء لوقف هذا الخراب؟

أحمد الصراف

سامي النصف

لو كان الاستجواب رجلاً.. لقتلته!

هناك حقائق أقرب للمسلمات، منها ان الكويت كانت ولعقود قليلة من الزمن متقدمة ومتفوقة في كل مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية والرياضية والصناعية والسياحية والاجتماعية وعلوم الطيران عن الجيران والاشقاء والاحبة في المنطقة بما لا يقل عن 30 ـ 40 عاما، وان منطق الامور يظهر ان ذلك الفارق كان يجب ان يستمر لبديهية انهم كلما تقدموا.. تقدمنا.

***

وواضح ان هناك اعجازا في عدم الانجاز جعلنا نتوقف او نتخلف بينما استمر ومازال الاحبة يتقدمون حتى قارب الفارق الحضاري بيننا وبينهم ـ والمستمر في الاتساع هذه الايام ـ الى ما يقارب 30 ـ 40 عاما لصالحهم وهو الزمن الذي نحتاجه يوما ما للوصول إلى مستوى الاداء الاداري والسياحي والاقتصادي والتعليمي والصحي الموجود لديهم، والذي قارب الوصول لما هو موجود في اكثر دول العالم تقدما وهو ما تظهره الاحصاءات والمنظمات الدولية التي لا تكذب.

***

ان مصلحة شعبنا وبلدنا تحوجنا لان نبحث بشكل علمي بحثا لا مجاملة فيه عن سبب «تخلفنا وتقدمهم» وقد يرى البعض للوهلة الاولى ان «الديموقراطية» هي السبب كونها الفارق الوحيد بيننا وبينهم وهو امر يرفضه المنطق لسببين، اولهما ان اكثر دول العالم تقدما هي الدول الديموقراطية، وثانيهما ان تقدم الكويت منذ بداية الستينيات حتى منتصف السبعينيات تم في ظل وجود الديموقراطية.

***

ان السبب الارجح لتخلفنا هو الثقافة الجديدة التي ادخلت على العمل السياسي الكويتي بدءاً من عام 75 والمتمثلة في الحدة والعنف في الخطاب السياسي والتشكيك في كل عمل انمائي ووصفه بالسرقة والحرمنة (سرقة العصر، سرقة القرن، بوق ولا تخاف.. إلخ) وهو ما نتج عنه حل المجالس النيابية مرتين حلا غير دستوري (76 و86)، وعدم المبادرة بالاسراع في عملية التنمية حتى في ظل غياب المجالس التشريعية كي لا يقال ان الحل قد تم لتمرير المشروع الانمائي الفلاني، حتى ان مشاريع التنمية توقفت عند عام 75 اي عام دخول ثقافة التشكيك والتأزيم ثم دخل البلد في كهف السبات والنوم كحال اهل الكهف.

***

وزاد الطين بلة اساءة استخدام اداة الاستجواب حيث كان يمر الفصل التشريعي البالغ عمره 4 سنوات ابان عصر النهضة الكويتية، دون استجواب واحد الى ان وصلنا ابان عصر التخلف لان يشهد دور الانعقاد الواحد الذي لا يزيد عمره على عام، عشرات الاستجوابات التي تؤدي الى التأزيم وعدم الاستقرار وتوقف عجلة الانماء (مجلس 2009 كمثال) واصبحت تلك الاداة الخيرة التي قصد منها محاربة الفساد وسيلة للافساد والابتزاز حتى كَلّ ومَلّ الناخبون منها فتوجهوا بمئات الآلاف لصناديق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة بحثا عن الاستقرار والنمو الاقتصادي الذي لن يتم الا بتعاون رجال السلطتين التنفيذية والتشريعية ممن نأمل ان يضعوا أيديهم بأيدي بعض لخدمة الكويت، فالتحديات كبيرة والطريق صعب والهوة تتسع بيننا وبين الآخرين ولا حكمة من التضحية بالمصالح الكبرى لاجل.. المناكفات الصغرى!

***

آخر محطة: نهضة الكويت الجديدة تمر عبر جعل الاستجوابات آخر الحلول لا.. أولها!