لو تطلعنا إلى خارطة العالم لوجدنا ـ لأسفنا الشديد ـ ان وطننا العربي الإسلامي هو مركز التخلف في الأرض، وكلما ابتعدنا عنه شرقا وغربا وشمالا زادت الأمم تقدما وتطورا وحتى نظافة، فشرق آسيا الأصفر يتشابه في إنجازاته الحضارية وتقدمه الاقتصادي واستقراره السياسي مع غرب أوروبا وشمال اميركا الأبيض، بينما يجمع التخلف الحضاري والاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي العرب السمر مع الأفارقة السود وبعض شعوب غرب شبه القارة الهندية.
***
فالأرقام والمؤشرات التي لا تكذب تظهر ان الثراء والصناعة والزراعة المتطورة وأفضل الجامعات والمراكز الصحية هي إما في دول مثل كوريا والصين واليابان وسنغافورة واستراليا ونيوزيلندا وبلدان الاتحاد الأوروبي أو أميركا الشمالية، والعكس من ذلك ما هو قائم في المنطقة العربية.. فما السر؟!
***
أرى ان الفروقات بيننا وبينهم أو بين التقدم والتخلف هو في شدة الانضباط لديهم والتسيب والفوضى لدينا، وهو ما جعل تاريخهم مليئا بالإنجازات الحضارية والانتصارات العسكرية التي لا تتم إلا بالانضباط، بينما تسبب تسيبنا وفوضانا العارمة في الهزائم العسكرية والتخلف الحضاري.
***
ومن أسباب تقدمهم برود الأعصاب والصبر والجلد واتقان العمل وتفشي ثقافة الصدق والنزاهة وعدم تقديس المال، ومعها ازدراء من لا يعمل أو من يغش ويسرق، بالمقابل يسود على شعوبنا سرعة الانفعال وفقدان الصبر والجلد وعدم اتقان الصنعة رغم وفرة الشهادات العلمية الزائفة أو عديمة الجدوى التي لا تؤدي الى الاحتراف، ولا ترى الثقافة السائدة لدى شعوبنا غضاضة من عدم المهنية والغش والكذب والخداع للوصول للأهداف وعلى رأسها حيازة المال الذي يعشق لذاته ولا يمانع من الوصول اليه بأي طريقة مشروعة أو غير مشروعة مثل (السرقة، الغش، الغزو والرشوة.. الخ).
***
ان متابعة سريعة لكيفية جلوسهم في معاهد العلم أو المصانع او إبان استعراضاتهم العسكرية وألعابهم الرياضية في الاحتفالات تظهر انضباطا شديدا لا يوجد حتى شيء قريب منه في منطقتنا، فالمشية العسكرية العربية مشتتة ومتفرقة وليست على نوتة واحدة، والاستعراضات الرياضية للطلبة تحفل بتصادم البعض بالبعض، وعليه فلن يصلح حال الأمتين العربية والإسلامية إلا إذا بدأنا الاهتمام الشديد باستعراضات رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وحرصنا على الانضباط الشديد فيها حتى لو تمت إعادة التمارين مئات المرات.. من هذا الانضباط ستبدأ الأمتان العربية والإسلامية الخطوة الأولى في طريق الألف ميل للوصول الى الحضارة والانتصار.