يقول نص مرسوم بالقانون رقم 25، بشأن مهنة مزاولة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعادلة لها، وفي المادة 2 منه، بأن على كل مزاول للمهنة تسخير كل معلوماته وضميره وما تقتضيه آداب المهنة لبلوغ هذا الهدف (وهذا ما لا يحدث دائماً)! وأن تقوم العلاقة بين أعضاء المهنة على أساس الاحترام المتبادَل، وتجنب كل مزاحمة «غير مشروعة» (وهذا أيضا غير متوافر، فالمزاحمة غير الأخلاقية على أشدها بين مجموعة معينة من الأطباء، وخاصة من بين «الاستشاريين الكبار»، فهناك مزاحمة غير أخلاقية وغير مشروعة!). كما ورد في المادة 10 من القانون أنه لا يجوز للطبيب أن يقوم بالدعاية لنفسه بأي طريقة كانت (وهذا أيضا غير مطبق من الكثيرين!)، كما لا يجوز للطبيب الذي يمارس المهنة أن يروج لمنتجات أو مؤسسات طبية معينة بدافع المصلحة الشخصية المباشرة أو غير المباشرة (وهنا أيضا لا يوجد تطبيق للقانون ولا تمسك بالقواعد ولا بأخلاقيات المهنة المقدسة!). فلو قمنا بتصفح جرائدنا لوجدنا أن صفحات كثيرة منها تمتلئ بالإعلانات اليومية التي تتكرر طوال العام دون توقف، والتي تتعلق بـ«نحت» الجسم بأحدث طريقة، والمساعدة على الإنجاب، وزرع الشعر الطبيعي، والقضاء على خشونة الركبة، ومعالجة هشاشة العظام وتشخص التهاب الأوعية الدموية، ومتابعة حالات الروماتزم أثناء الحمل وبعد الولادة، ومعالجة دوالي الخصيتين بالمنظار وإزالة أكياس الشعر، والقيام بتقويمات أسنان ثابتة ومتحركة، ومعالجة عقم الرجال، والضعف الجنسي، وتجميل الجلد ومعالجة الانزلاق الغضروفي، وضمان الولادة الآمنة، وإزالة التليفات والأورام من الرحم، وتكميم المعدة، ومعالجة جراحات الفتق، والاهتمام بمسائل ضغط الدم والكوليسترول، وتخطيط التنفس والقضاء على الربو الشعبي، وشفط الدهون من تحت الذقن وإعادة رسم الوجه، وحتى رفع المؤخرة من دون جراحة، وحقن الدهون مع الخلايا الجذعية.. إلى آخر ذلك من إعلانات طبية تزخر بها صحفنا ومجلاتنا وحتى قنوات التلفزيون وأغلفة الكتب والمجلات، الفنية الرخيصة بالذات! كما نجد هذه الإعلانات تغطي مداخل العيادات والمستوصفات وحتى الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية وصالونات الحلاقة، ويظهر في بعضها صور لأطباء مشهورين، كان بعضهم يشغل مناصب سياسية عالية، وهم يبتسمون لأنهم ربما يعلمون بأنهم يتحايلون على القانون. كما نجد صورا أخرى لغيرهم بأرديتهم الطبية البيضاء والسماعات الطبية تتدلى على أكتافهم أو يقفون ضمن طاقمهم الطبي والابتسامات «الكاذبة» تظهر على شفاه الجميع.
إن هذه التصرفات أصبحت مؤلمة وغريبة وغير أخلاقية، والدليل على ذلك رفض الكثير من الأطباء الذين يحترمون مهنتهم اتباعها، والترويج اليومي لمهنهم، فما يحدث مسيء للمهنة، ولشرف الزمالة وللقانون، فهل يتدخل وزير الصحة ليوقف هذا التسيب؟ وهل بإمكان الجمعية الطبية القيام بشيء لوقف هذا الخراب؟
أحمد الصراف