سعيد محمد سعيد

أدخلتم السرور على «إسرائيل»!

 

هكذا يبدو المشهد في العالم العربي والإسلامي… المسألة أكبر بكثير من صراع مذهبي بين سنة وشيعة… أو بين الإخوان المسلمين وسائر التيارات… أو بين تيارات سياسية في الوطن الواحد… فمهما تعددت الأسباب المعلنة وكبرت واتخذت عناوين فضفاضة؛ فإن ما يحدث في وطننا العربي، خلاف المطالبات المشروعة بالحقوق والعدالة والنضال من أجلها… كل ما يحدث غير ذلك، هو إدخال السرور على «إسرائيل» التي تشرب نخب فرحة الانتصار وهي تشاهد العرب يتقاتلون ويدمرون بلدانهم من أجل أمنها هي… استقرارها هي… سلامتها هي… هي ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية.

العرب، سواء من الحكومات الموالية لأميركا، أو المجاميع الشعبية التي تقودها جماعات وشخصيات ورموز موالية لإسرائيل وأميركا بخداع الشعارات والأموال والوعود الضخمة؛ يمرون بمرحلة غاية في الخطورة، وهي باختصار أخطر من خطورة عملية السلام والاستسلام! هي اليوم يمكن تسميتها بمرحلة الانبطاح لتدوس اميركا واسرائيل على بلاد العرب (أوطاني)… من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان!

من حق كل الشعوب العربية أن تطالب بحقها وتنتزعه انتزاعاً من الحكومات المستبدة، أيّاً يكن انتماء حكوماتها المذهبي، ومن حقها أيضاً أن تشارك في صنع القرار السياسي وفق مشاركة دستورية تضمن للجميع حقوقهم وتضمن في الوقت ذاته العدالة الاجتماعية والاستقرار والسلم الاجتماعي، لكن أن تتدخل دول وتضع قبضتها بقسوة فتحرك من تحرك وتصرف من الملايين ما تصرف وتسلح وتفتح الساحة لاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وتنقل هذا الاقتتال لاحقاً الى دول جوارها، وتُطعم وتُسمن وتُسلِّح حملة السلاح من الإرهابيين والمرتزقة ومصاصي الدماء، فهذا دون شك، لا يمكن أن يكون حماية للدين الإسلامي ولأمة الإسلام! هي حالة من (حفلة زار) تُطرب اسرائيل والغرب في حرب بالنيابة عنهما وعن أميركا وعن مصالحها في المنطقة… هي حرب على الأمة بسفك دماء أبنائها بيد بعضهم بعضاً وليست حرباً ضد الكيان الصهيوني.

ما يحدث في منطقة الخليج العربي، وفي العراق وسورية والسودان ولبنان واليمن ومصر وبلاد المغرب العربي، بل وفي باكستان والشيشان وإيران… أضف الى كل ذلك (دولاً قابلة للضم)، هي عملية استغلال لحركة الشعوب العربية المطالبة بحقوقها ضمن موجة (ربيع المطالبة بالحقوق وبناء الأوطان)، لتخرجها من مسارها الذي لا يعجب الغرب المتشدق بالديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والتقدم… فتلك أمور يهتم بها الغرب وأميركا تحديداً لشعوبهم فقط، لا لشعوب العالم العربي والإسلامي وليست ضمن دعواتها في دول العالم الثالث أصلاً… ولهذا، كان شيخ الأزهر أحمد الطيب محقّاً حين قرأ مبكراً في يناير/ كانون الثاني من العام 2011 الشرور التي ينويها الغرب! ففي لقائه مع وفد من مجلس الشئون الخارجية الأميركية بحضور 23 شخصية بارزة من أعضاء المجلس برئاسة الأميركي هاورد كوكس، صرح بشكل مباشر، بأن هناك مخططاً صهيونيّاً يهدف الى تمزيق العالم العربي (حتى تصبح إسرائيل هى الدولة الكبرى والمتحكمة فى المنطقة).

وبالتأكيد؛ هناك دول في المنطقة اتخذت قرارها بأن تكون عوناً للأميركان في سبيل ضمان أن تقوى الدولة الصهيونية وتتقدم، وتتمزق الأمة العربية وتتهاوى! فلم نجد من تلك الدول أية مواقف واضحة ضد الحملات الغربية المستمرة التي بدأت بالإساءة الى الدين الإسلامي ولنبي الأمة محمد «ص» برسوم كارتونية وأفلام وكتب، فيما كان دورهم مرضياً لأميركا ولإسرائيل بإشعال الفتن والاقتتال الدموي بين أبناء الأمة! ولم يكن لتلك الدول دور حقيقي تجاه القضية الفلسطينية ومجازر غزة وتهويد القدس وانقسام السودان، لكنها قوية جدّاً وجاهزة لتقسيم المنطقة العربية وتنفيذ المخططات الأميركية لصالح اسرائيل.

الدول العربية والإسلامية عليها مسئولية تاريخية اليوم، وهي أن تتحدى أعداءها الذين جعلتهم أصدقاء لها واستسلمت لهم! وليس أفضل من أن تقترب من شعوبها وتحقق مطالبها الدستورية المشروعة التي تصب لصالح الأوطان والمواطنين لا لصالح أميركا واسرائيل، ولا أدري، هل سيتمكن شيخ الأزهر من تحقيق أفكار طرحها مع الأميركيين أو سيسمحون له بتنفيذها أم هي مجرد حبر على ورق حالها حال كيان الجامعة العربية! فكما قال الطيب، فإن الأزهر الشريف يعمل جاهداً على دعم الوحدة الوطنية وتحقيق التقارب بين المذاهب الإسلامية ومد جسور التفاهم والتلاقي بين الإنسانية… وهي كلمات لها وقع طيب في نفوس المخلصين للأمة، وبلا ريب، هي لا تعجب أعداءها الذين يهمهم أن تكتمل الفصول لكي يضاعفوا نخب الانتصار حين، لا سمح الله، يتمكنون من تنفيذ مخططهم الخبيث بتمزيق الأمة بشكل نهائي.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *