نراقب – بشيء من الحيرة – السلوك السياسي لحكومات دول الخليج العربي تجاه السياسة الايرانية في المنطقة، واللامبالاة للتحرك الايراني المشبوه في السنوات الاخيرة. وكأن قرارا قد اتخذ بالاكتفاء بصيغة التنديد الواردة في البيان الختامي لجميع مؤتمرات القمة الخليجية حول احتلال ايران للجزر الاماراتية والتدخل في شؤون دول المنطقة!
ولأن التحرك الايراني اصبح مكشوفا للعيان ولا يحتاج الى توضيح، فقد يجوز لنا القول ان الشكوك تحولت الى الدول الخليجية نفسها من ان ترتيبات تحضر مع الجمهورية الاسلامية، بل لم يعد مستبعدا ان تنتقل الشكوك الى السياسة الاميركية لنقول ان هذه الترتيبات برعاية اميركية.
إيران الخميني لم تعد هي ايران اليوم! اليوم نشاهد الاخطبوط الايراني يضرب في عدة اتجاهات. فذراعه وصلت الى اليمن عن طريق الحوثيين، وها هي الانباء تصلنا كل يوم عن القبض على سفينة ايرانية ممتلئة بالاسلحة لتوصيلها الى صعدة في الشمال. وها هي الاحزاب العراقية اصبحت ميليشيات ايرانية، تنفذ الاجندة لطهران، وظهرت هذه الحقيقة بعد التدخل العراقي في الحرب السورية نيابة عن ايران! ولم تكن الكويت بعيدة عن هذا المخطط الفارسي، فالخلايا الجاسوسية الايرانية يتم اكتشافها على التوالي، والذي لا يتم الاعلان عنه اكثر مما يعلن عنه! والعمالة الايرانية اغلبها سائبة في الشوارع من دون حسيب او رقيب! ولا يغرنك ما يقال عن ضبط «الداخلية» للعمالة السائبة بين فترة واخرى، فهذه العمالة، المقبوض عليها، لا تكاد تجد فيها ايرانيا واحدا، لان العملية المخطط لها تتم باتقان شديد. واليوم لدينا في شوارعنا جيش شعبي ايراني جاهز للتسليح الكامل خلال ساعات قليلة. ولا اظن عاقلا يعترض علينا عندما ندعي ان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية جاهزة للانفجار في اي لحظة بانتظار ساعة الصفر! وهم على امل ان تتحرك بقية المناطق بمطالبها المشروعة كي يتحركوا بنواياهم الانفصالية. من هذا الباب جاء تخوفنا على الشقيقة السعودية من ان تؤتى من حيث لا تحتسب. اما الاخوة في الامارات فهم مشغولون بالاسلاميين السنة وهي الاولوية عندهم اليوم، ويعتقدون ان ايران لا يمكنها ان تعمل اكثر من احتلالها للجزر، بينما المراقب يعلم ان الوضع السياسي والاجتماعي والديموغرافي للامارات يؤهلها لان تكون الضحية الاسهل للاطماع الاجنبية. واعتقد ان الوضع في السلطنة وقطر والبحرين مشابه ان لم يكن اشد لبقية دول الخليج.
اذاً ما الذي يجري؟! ولماذا لا تتحرك هذه الدول لمنع وقوع الكارثه؟!
يعتقد المراقبون ان الاستراتيجية الايرانية تقتضي تطمين دول الخليج والتعهد لها بعدم الاعتداء عليها! وهذا مثل تعهد الثعلب للديك «مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا»، كما تقتضي ان يكون لها ترتيب مع اميركا تتعهد ايران خلاله بمنع وصول الاسلاميين السنة الى الحكم في اليمن وسوريا والعراق، كما تساهم في المحافظة على استقرار جبهة الجولان مع اسرائيل كل ذلك مقابل ثلاثة امور:
ــــ عدم دعم الجيش السوري الحر من قبل حلف الناتو.
ــــ التخفيف من الضغط على البرنامج النووي الايراني.
ــــ اطلاق يد ايران في دعم اتباعها في دول المنطقة.
اغلب دول الخليج اليوم مشغولة بالتضييق على النشطاء السياسيين والحريات العامة ومحاربة التوجهات الدينية المنفتحة وتقريب اهل البدع والخرافات والدراويش وإلباسهم للعمائم واظهارهم بمظهر المصلحين وهم في حقيقتهم «مساحو جوخ للبلاط السلطاني»! واصبح هم اجهزة الاستخبارات في هذه الدول رصد تحرك التيارات الاسلامية وتشويه عملها في نظر العامة باستخدام وسائل الاعلام المتنوعة وتسخير الاقلام الليبرالية للتفرغ لهذه التيارات بالسخرية وتلفيق القصص والاتهامات والافتراء عليها من دون رادع من اخلاق او احترام للمهنة.
كل هذا يحدث وحكوماتنا «اذن من طين وأخرى من عجين»! وان لم تنتبه وتضع حدا لهذه التحركات الفارسية المشبوهة والا يا غافلين لكم الله.
***
اتصل بي الدكتور عواد الظفيري ليخبرني بانه ومجموعته الممثلون الشرعيون لحزب الامة، وانهم مع ائتلاف المعارضة وليس كما ورد في مقالتي الاخيرة.