والمقصود هنا هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، وحتى لا يستغل المرجفون في المدينة هذه الخطوة في تشويه المقصد، ويعتبرونه تدخلا فيما لا يعنيني، أؤكد أن الدافع لتوجيه هذا الخطاب إلى سمو الأمير هو حبي وعشقي للمملكة العربية السعودية، وحرصي على استقرار الأوضاع فيها، ودعمي وتأييدي لعملية التطوير والتنمية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين، والتي أدرك جيدا أن أي زعزعة للأوضاع الأمنية ستكون على حساب هذه العملية التنموية! كما أن استقرار المملكة هو من دون شك استقرار لبقية دول الخليج والعكس صحيح! وقد يسأل سائل لماذا توجه كتابك إلى وزير الداخلية عبر الصحافة المقروءة؟ لماذا لا تنصحه في السر؟ فأقول إن وزير الداخلية لا يتحمل مسؤولية ما يجري منفردا! بل الحكم بكل مؤسساته، والشعب بكل فئاته، مطالبون بقراءة ما يكتب وما يقال! والجميع مطالب بتدارك الأمور قبل استفحالها، وكلهم مسؤولون عن تجاوز الأزمات التي تحيط بالبلد، والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان ! لكنني اخترت سمو الأمير محمد بن نايف لأوجه إليه خطابي هذا، وذلك لسببين:
– الأول أن الموضوع الذي تدور حوله الأحداث موضوع أمني! وهو الوزير المختص به.
– الثاني أنه تسلم وزارة الداخلية، أخيراً، أي أنه لا يتحمل إلا مسؤولية ما حدث أثناء ولايته، وهذا مشجع لنا لنصحه، عل وعسى أن يتجاوب مع ما يتناسب وظروف القضية.
ياصاحب السمو…
مع توافر وسائل التواصل الاجتماعي في متناول يد الجميع، أصبح العالم الكبير قرية صغيرة، لو تعثرت بغلة في العراق لسمع عنها من يتسكع في الأرجنتين! ولذلك لم يعد هناك شيء اسمه أسرار! إلا ما انحصر بين اثنين! ولكن أن تُعتقل مجموعة من الناس بتهم مختلفة ويساقوا إلى السجون جماعات وأفرادا، فهذا يعني في زمان العولمة قضية عامة وحدثا عاما! ويكفي طفل صغير لأحد هؤلاء أن يضغط على زر جواله عما حصل لوالده، ليكون معلوما عند آلاف المتابعين لهذا الشأن!
يا صاحب السمو….
إن هيبة الدولة وهيبة الأنظمة هي أولى ضحايا هذا العصر، فقد انكسر حاجز الخوف في نفوس الناس، والأحداث أثبتت أن العيش الرغيد والحياة المترفة لم يعودا يكفيان كي يقول صاحبهما «الله لا يغير علينا»، فشعور الإنسان بأنه حر في التعبير عما يختلج في نفسه أصبح أهم من جريان الدرهم والدينار في يده! فكيف إذا كان هذا الإنسان يشعر بأنه فقد عزيزا عليه، أو معيلا له من دون سبب مستحق؟! اليوم تواجهون يا صاحب السمو مطلبا واحدا من كل هؤلاء الناس، وهو إحالة المعتقلين إلى المحاكم الشرعية، بتهم محددة وإطلاق سراح من لا توجد عليه تهمة! وهو، كما ترى، مطلب منطقي، وخذها نصيحة من محب لكم أن تتقبلوا هذا المطلب المشروع ما دام أنه في هذه الحدود، قبل أن تتكرر عندكم تجارب غيركم، وتبدأ المطالبات بالارتفاع، لتتجاوز هذا السقف إلى ما هو أكثر! وعندها نصل إلى نقطة اللاعودة، حيث تختفي الحكمة ويغيب العقل! فلا الناس يتنازلون ولا النظام يضحي خوفا على هيبته!
أما إن كان لكم رأي وموقف يمنعكم من تنفيذ هذه المطالب، فقولوه للأمة كي تعرف، وقد تعذر! وسياسة السكوت وعدم التعليق على الأحداث أثبتت الأيام فشلها، فالناس تحركهم مشاعرهم وقناعاتهم، ولم يعد للحل الأمني والعصا الغليظة مكانا في عصر فرض علينا أعرافا جديدة وغيّر ثوابت عريقة!
ياصاحب السمو…
اليوم الناس يعترضون ويتظاهرون، لكنهم يحبونكم ولا يتمنون إلا وجودكم، لأنهم مؤمنون بأنه عنصر استقرار للوطن ووحدة المملكة، فاستغلوا هذه المشاعر، قبل أن تتغير في زمان أصبح التغيير فيه عنوانا!
حفظ الله المملكة ومليكها وشعبها من كل مكروه.