احمد الصراف

شقة في عاصمة خالية

تعقيباً على مقال مجمع الصوابر، اتصل بي قارئ صديق، ليخبرني بأن المجمع لا يزال مأهولا بسكانه، وأن الحكومة لم تقرر حتى الآن، بصورة نهائية، إخلاءه من سكانه، وتعويضهم، ربما لأن غالبيتهم رفضوا مبلغ التعويض، الذي يقارب المليون دولار، أكرر دولار، لأنه مبلغ ربما لا يكفي لشراء قطعة أرض مناسبة، فكيف ببنائها؟
إن تخبّط حكوماتنا المتتالية، على مدى ثلاثين عاما، وغياب الرؤية عنها، وعجز المؤسسة التشريعية عن القيام بدورها بصورة فعالة لغياب معظم القيادات السياسية فيها، نتج عنه تراكم وتوالد مئات المشاكل لدينا، ومنها مشكلة مجمع الصوابر، لتبقى شوكة في البلعوم، ليس سهلا إخراجها، ويستحيل بلعها!
إن الحكومة الرشيدة أو ما يقارب ذلك، ملزمة بأن تفعل شيئا فيما يتعلق بهذا المجمع، والأمر ليس بهذه الصعوبة، متى ما توافرت النية، فهناك حتما بين من يمتلكون وحداته من لا يودون مغادرته، إن لقربه من مكان عملهم، أو لعدم كفاية ما سيدفع لهم لشراء مأوى محترم بديل، أو لأية اسباب معنوية أو نفسية أخرى. وبالتالي من الأفضل إبقاء المجمع كما هو، بعد إجراء صيانة شاملة وكاملة عليه، وإزالة المخالفات منه، وإحياء حدائقه وتنظيف كراجاته وإدخال نظام أمني إليه، والتأمين على المبنى، وترتيب أمر إنشاء جمعية لملاك وحداته، من خلال عقود تلزم الجميع بالمحافظة على نظافته وجماله وأمنه بشكل مستمر، مع إعطاء ملاكه صكوك ملكية خالية من اية معوقات، بحيث يمكنهم بيعها بسهولة في السوق.
لقد تسبب خبر نية الحكومة تعويض ساكني المجمع بمبالغ كبيرة من المال، وإخلاءه، تسبب في التأثير «سلبا» في أسعار العقار في السوق، حيث ارتفعت كثيرا تحسبا لقيام سكان المجمع، الذين يقدر عددهم بالمئات، بالهجوم على الأراضي الخالية والبيوت المعروضة للبيع. ولو ألغت الحكومة خطة شراء وحدات المجمع وهدمه، فإن أسعار العقارات الفارغة والبيوت، ستنخفض حتما، وسيكون ذلك في مصلحة الغالبية الباحثة عن بيت سكن محترم بسعر معقول. أقترح ذلك بالرغم من أنه في غير مصلحتي، ماديا!
كما على الحكومة أن تبعد سمعها ونظرها عن القلة «المتمصلحة» من كل قرار، وتحزم أمرها، وتقوم باللجوء إلى السكن العمودي، في داخل العاصمة، فهذا سيعيد الحياة لمدينة شبه ميتة، خاصة في الفترة المسائية، ويحل جزءا كبيرا من مشكلة السكن المتفاقمة، كما سيكون تأثيره إيجابيا في دفع الأسر الجديدة للسكن في مبانٍ جميلة وراقية داخل العاصمة. وسأكون أول من يشجع ابناءه على القبول بهذه الشقق، بدلا من انتظار بيت في «بر جول»!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *