محمد الوشيحي

التقدمي يتقدم على الإخوان والليبرال!

هي دراسة من دون دراسة، أي أن ما ستقرأه الآن عبارة عن ملاحظات وقناعات تشكلت في ذهني، من دون رصد دقيق، بعد مخالطتي لأعضاء التيارات السياسية المختلفة. وهي دراسة تختص فقط بمستوى ثقافة أعضاء التيارات السياسية، تقوم على إجابة سؤال واحد: “ما هو التيار السياسي المؤدلج الذي يتمتع أعضاؤه بثقافة أعلى من ثقافة أعضاء التيارات الأخرى؟”.
لاحظ أنني قلت “مؤدلج”، أي أنني أتحدث هنا عن التيارات الفكرية في الكويت؛ الإخوان المسلمين، والسلف، والليبرال (بمن فيهم النيو ليبرال)، والاشتراكيين (أعضاء التيار التقدمي، اختصاراً نسميهم في مجالسنا: الاشتراكيين أو الشيوعيين)، وأخيراً المحافظين… ولا أتحدث عن تكتلات سياسية، كالشعبي، والوطني، والتنمية والإصلاح، وتكتل نواب الحكومة، وتكتل الحرية والعدالة، وتكتل إلا الدستور، وغيرها…

وبمجالسة بعض أعضاء هذه التيارات، وبمتابعة أطروحاتهم المختلفة في الفضائيات والندوات، وبقراءة كتاباتهم، خصوصاً الشبان منهم، وجدت ما خالف توقعاتي! وجدت أن ثقافة شبان الإخوان المسلمين تفوق ثقافة شبان التيارات الليبرالية، وكلا الفريقين يتفوق بمراحل على ثقافة شبان السلف، المحصورة في اتجاه واحد ومحدد، فثقافة شبان السلف، تعتمد على نظام الحفظ مع هز الرأس، مع عدم القدرة على الخلق والإبداع، بل إن الإبداع الفكري في مفهوم شبان السلف يدخل في “باب البدعة”، وهو ما يفرون منه بأقصى طاقاتهم وسرعاتهم، ولو استمعت إلى أحاديثهم لوجدتها لا تخرج عن “قال فلان عن أبي علان بن فلنتان”، ولا شيء غير ذلك! ثقافة تقوم على النقل ومحاربة إعمال العقل، في حين يناقشك الليبرالي بـ”قال المفكر فلان”، و”أرى أن…”، و”بحسب وجهة نظري…”، ويناقشك شاب الإخوان بـ”قال شيخ الدين فلان عن أبي علان، وقال المفكر علنتان، لكنني أرى أن…”، وسيناقشك شاب الإخوان المسلمين عن المسرح الروماني، وسيجادلك في تفسير الآية المكية، وسيخالفك في فهمك للعادات الاسكندنافية، ووو…
المفاجأة أين؟ المفاجأة هي أن شبان التيار التقدمي (الاشتراكيين والشيوعيين) هم الأعلى ثقافة، والأوسع أفقاً، والأكثر اطلاعاً وقراءة، بل هم الأكثر حدة في معارضتهم من بين كل التيارات المؤدلجة، والأكثر صدقاً، أقول ذلك بصرف النظر عن رأيي الخاص في أفكارهم، إذ رأيت ورأى الناس فشل تطبيقها على الأرض، بدءاً من الاتحاد السوفييتي، مروراً بالصين، وليس انتهاءً بمصر عبد الناصر، لكن هذا ليس موضوعنا.
أما المحافظون فتختلف مستويات ثقافاتهم بشكل واضح ما بين شخص وآخر، لذا لا يمكن قياس ثقافاتهم بمقياس واحد أو رصدها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *