بشار الصايغ

ساسة الاسلام و”وعاظ السلاطين”

ساسة الاسلام و”وعاظ السلاطين”

.. وهكذا تحول رموز تنظيمات الاسلام السياسي من مدافعين عن علماء الدين وفتاواهم وخطبهم الاسبوعية، الى مهاجمين شرسين، بلغت ذروة شراستهم ما لم يبلغه أي ليبرالي وملحد، فمن كان شيخا جليلا أصبح واعظ للسلاطين بنظرهم، وتحولت الفتاوى الدينية التي كانت دروعا لهم الى فتاوى “معلبة” لخدمة الأنظمة والحكومات الفاسدة!

لم استبعد أبدا هذا الانقلاب الديني – الديني داخل معسكر الاسلام السياسي بعد أن سادت المصالح السياسية على المبادىء الدينية لمن كان يفترض به أن يحمل رسالة الدعوة والأخلاق لا رسالة السلطة والمال، ولن استغرب إن اشتدت المعركة الدائرة رحاها اليوم الى ما هو أسوء من ذلك، وأخذت أبعاداً أكثر تطرفا واقصاء، فهذا التيار عرف عنه على مدى تاريخ قياداته نهج “الحرباء” في تغيير لون الجلد بحسب الظروف والحاجة.

كُثر هم العلماء والدعاة الذين وضعوا محل شك “أخلاقيا” و”دينيا” من قبل ساسة الاسلام بعد أن اختلفوا معهم في تفسير “قال الله وقال رسوله”، أو بالأحرى بعد أن قال العلماء والدعاة رأيهم بالأحداث العربية الجارية بما لا يخدم أهداف الساسة وبما يخالف رغباتهم وأمنياتهم.

معركة ساسة الاسلام و”وعاظ السلاطين” إياها جعلتني اتساءل، كيف سيكون حالنا اليوم لو نجح وتحقق مشروع أسلمة قوانين الدولة بالتعديلات الدستورية للمادتين الـ2 والـ 79؟ بل هذا الطعن والتشكيك يجعلني اليوم محل شك “مطلق” في تلك القوانين القائمة حاليا والتي ختمت موادها بمادة “وفق الشريعة الاسلامية”، فإن كان ساسة الاسلام يطعنون علانية في من يضع “الضوابط الاسلامية”، فأي مصيبة دينية نحن بها اليوم!

معركة ساسة الاسلام و”وعاظ السلاطين” إياها جعلتني اتساءل، عن أي حرية تعبير كان يتباهى بالدعوة والدفاع عنها رموز الاسلام السياسي وهم لم يسلم من لسانهم وفعلهم وتخوينهم وتشكيكهم حتى أقرب الناس الى معسكرهم!

في الأخير، أقول لـ”وعاظ السلاطين”، مرحبا بكم معنا في قائمة المشكك بأمرهم “أخلاقيا” و”دينيا”، وأقول لرموز وقيادات الاسلام السياسي مليون “قلعه” لما أنتم فيه بعد أن حذرناكم مرارا وتكرارا من خطورة تأسيس قواعد دينية مصدرها الفتاوى على القواعد الدستورية.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *