علي محمود خاجه

نكرر «السيستم غلط»

في يناير الماضي كتبت مقالاً تناولت فيه مشكلة أساسية أجدها المعرقل الأكبر للمسيرة، وكنت أعتقد بأن القناعة التي باتت راسخة لدى الكثير من أبناء الكويت وصلت أخيراً إلى رئيس الوزراء خصوصاً أنه كان أكثر من أومأ مؤيداً لخطاب عبدالله بوفتين أمام سمو الأمير قبل أشهر، وكونه أحد الموقعين على وثيقة شباب الأسرة في مطلع التسعينيات اعتراضا على أسلوب إدارة الدولة، إلا أن حكومته الجديدة تبين ألا حياة لمن ننادي وأن التشكيل حافظ على نهج الفشل الدائم… أترككم مع ما كتبت في يناير. جهة تحكيم وليست طرف صراع، إذا فُهم هذا النظام وطُبّق فستكون الأمور أفضل حتماً، وأنا أقصد هنا دور أسرة الحكم في التعاطي مع الأمور في الكويت. هذا هو الهدف الأساسي أصلاً من دستور الدولة، وقد تعاطى معه المغفور له عبدالله السالم بهذا الشكل منذ نشأة الدستور، فهو لم يتدخل أو يعدّل على دستور الدولة، بل صدّقه فور استلامه للنسخة النهائية منه، لكن طوال الخمسين عاماً الماضية لم يتشرّب معظم أبناء الأسرة، وتحديداً أصحاب المناصب التنفيذية هذا الأمر إما بسبب قلة الوعي أحياناً، وإما بسبب الرفض السلوكي لدستور الدولة في أحيان أخرى. الوضع الطبيعي للدولة في ظل الدستور هو أن تكون شؤون حياتهم وبلدهم بأيديهم، يحاولون بناء وطنهم في إطار الدستور، ويسنّون القوانين المنظمة له، ومتى اختلفوا أو ابتعدوا عن إطار الدستور يكن رئيس الدولة هو الحكم، ويمتلك أدوات عدة للتحكيم كردّ القوانين أو حل المجلس ليكون الشعب هو الفيصل في الاختلاف، ويرجح كفة على الأخرى. هذا النموذج هو ما يجب أن يسود في كل موقع يتولاه أحد أفراد الأسرة في الاقتصاد أو الرياضة أو البيئة أو أي شأن آخر، ويجب ألا يكون أبناء الأسرة إطلاقا طرفاً في أي مجال تنافسي خلافي أصلاً، والعرف الحميد القائم على عدم ترشح أبناء الأسرة لانتخابات مجلس الأمة يجب أن يعمم على كل المجالات، لأن هذا العرف يقف اليوم وحيداً في تطبيق معاني الدستور المشددة على النأي بأسرة الحكم عن أي استقطابات. اليوم بل منذ سنوات طويلة ونحن نعيش بخلاف هذا النظام، وهو ما يزيد حدة صراعاتنا ومشاكلنا، لأن أسرة الحكم تشارك في العمل الجماعي التنافسي، وهو ما يولّد الخلاف بلا أدنى شك، والخلاف قد يجعل بعضهم يستخدم نفوذه في سبيل ترجيح كفته، وهو ما يجعل ميزان العدالة وتكافؤ الفرص يختل رغماً عنه. أمثلة أخرى لا تحصى ولكل منكم قصته التي يراها يومياً في كيفية تأثير أبناء الأسرة سلباً على أي مجال تنافسي يخوضونه، ولا مجال لحصرها في المقال لقلة الاطلاع، أو كي لا يطول المقال أكثر. الدستور جاء صريحاً، ومخصصات أبناء الأسرة التي تفوق مخصصات بقية المواطنين أكثر صراحة في سبيل تأكيد عزلهم عن ساحة الاختلاف والصراع، وإلا فلا يوجد أي مبرر لأن تتميز مخصصاتهم المالية عن بقية المواطنين إن كانوا راغبين في منافسة بقية المواطنين في المجالات المختلفة. لا بد من العودة إلى نقطة البداية وأصل "السيستم" لفهم أن أسرة الحكم هي جهة تحكيم وليست طرفاً في الصراع أبداً، ومن هذا الأساس المغيّب يمكننا العودة إلى جادة الإصلاح الفعلي وتطوير الأمور. خارج نطاق التغطية: عيدكم مبارك وعساكم من عواده.

سامي النصف

خلجنة الإخوان لا أخونة الخليج!

نتذكر، ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى الغزو الصدامي (لا العراقي) للكويت وتهديده لأمن السعودية وبقية الدول الخليجية، موقف الإخوان المسلمين وتنظيمهم العالمي المشبوه آنذاك من مشروع تحرير الكويت الذي وقفوا ضده وحاولوا تحريك الشارع السعودي لإفشاله فأفشل الله مسعاهم ورمى قادتهم في السجون حتى عادوا لرشدهم، وهذا ديدنهم في كل زمان ومكان مع كل الأنظمة، حيث يدعون الولاء لها ثم ينتظرون أقرب فرصة للانقلاب عليها وطعنها في الظهر.

***

ويتذكر أهل الكويت وأهل الخليج معهم الموقف التاريخي للرئيس محمد حسني مبارك وإرساله الجيش المصري للمشاركة في رد التهديد الصدامي على المملكة ثم مشاركته الفاعلة في تحرير الكويت، فهل يجوز لمن لديه ذرة وطنية في الكويت او باقي دولنا الخليجية ان يقوم بعمل لا وطني «مزدوج»، اي الوقوف مع عملية اسقاط حليفنا في مصر ثم الاصطفاف مع عدو الخليج د.محمد مرسي الذي كان يخطط لخلق محور مصري ـ ايراني ـ تركي يستهدف استقرار الدول الخليجية، ثم عمل جاهدا لضرب استقرار الكويت والإمارات والسعودية عبر محاولة بدء ربيع خليجي مدمر فيها وقد شهدنا في الكويت عملية الخروج على الدستور ومحاولة الانقلاب على النظام من قبل الإخوان عبر إنزال الشباب المغرر بهم للشوارع ومطالبات بالحكومة الشعبية غير الدستورية؟!

***

ويظهر التاريخ الحديث ان الكويت والسعودية والإمارات هي التي خلقت الملاذ الآمن للإخوان إبان احداث اعوام 54 و65 في مصر و82 في سورية، والتي للحق كانوا هم المعتدين فيها على أمن بلدانهم وأنظمتها القائمة، لقد كان جزاء دولنا الخليجية التآمر علينا من قبل تنظيمهم العالمي المشبوه المرة تلو الأخرى، ابتدأت بمحاولات دعم غزو بلداننا عام 90 وانتهت بتشجيع الفوضى والثورة في شوارعنا هذه الأيام.

***

آخر محطة: (1) انشق كثيرون في مصر عن الإخوان وتنظيمهم العالمي المشبوه الساعي لسفك دماء الشعب المصري واستخدام النساء والأطفال الأيتام كدروع بشرية لإرجاع المخلوع مرسي للكرسي وتفتيت بلدهم وإدخاله في مشروع بلقنة دول المنطقة الهادف لإشغالها بنفسها لعقود وقرون طويلة قادمة.

(2) لذا، لماذا لا يعلن قادة او منضوو الإخوان في الكويت والخليج عن حركات إصلاحية وتصحيحية حقيقية هذه المرة وليس كما حدث بعد تحرير الكويت، تروم الانفصال الحاد عن المشاريع التآمرية والانقلابية التي يمثلها التنظيم العالمي للإخوان ودعوته لأخونة الكويت والخليج بمشروع وطني يمنع ازدواجية الولاء الذي هو المسمى الآخر للخيانة، ويعلن عن كوتنة وخلجنة حركات الإخوان في بلداننا ومنطقتنا، فهل نسمع هذه الأيام بصرخة إخوانية خليجية عالية ترد المعروف لأوطاننا وشعوبنا التي اجزلت لها العطاء بتقديم الولاء والإخلاص لها على الولاء والتبعية والعبودية لتنظيمات الخارج التدميرية؟! نرجو ونتوقع ذلك قريبا.

احمد الصراف

مجلس عبدالحميد الأعلى

دعا النائب المبطل عبدالحميد دشتي إلى إنشاء مجلس شيعي أعلى! وطلب من الأكاديميين والمختصين إعداد قواعد الأمانة العامة للمجلس، لحين دعوة العلماء، بكل مرجعياتهم، والوزراء والنواب السابقين والحاليين والأسر الشيعية، ليشكل «مناديبهم» (يقصد مندوبيهم) المجلس الأعلى، وفق موقف موحّد! وقال إن الوقت قد حان ليكون للشيعة كامل حقوقهم الدستورية! وإن شعار الشيعة كان دائماً «هيهات منا الذلة»!
وبصرف النظر عن هلامية الطريقة التي اقترحها لتأسيس هذا المجلس، وما اكتنفها من غموض، فإنه من الصعب التفكير فيها خارج سياق المصلحة الشخصية لمن فكر بها، في غياب أي آلية واضحة لطريقة اختيار مثل هذا المجلس الطائفي، خصوصاً أن أصحاب النفوذ السياسي والمال، أو أولئك الأكثر حدة في تطرفهم الطائفي، ستكون لهم الكلمة العليا في تسيير شؤون مثل هذا المجلس! وعلى ضوء ما شاهدناه من استقطابات طائفية وقبلية وعشائرية كريهة في الانتخابات الماضية، التي يتوقع أن تكون أكثر تطرفاً في القادم منها، فإننا بالتالي بغير حاجة إلى خلق استقطاب مذهبي آخر يكون عامل تفريق جديداً! كما أنه من الصعب تخيل اتفاق الجهات التي ذكرها، خصوصاً مندوبي الأسر، على صيغة موحّدة، أو من الذي سيحدد عدد الأسر المشاركة، علماً بأن مثل هذا المجلس، إن تم إنشاؤه، سيكون له دور خطير في تزكية من يفوز ومن يخسر في أي انتخابات نيابية أو بلدية مقبلة. كما سيسعى المسيطرون عليه لفرض مرشحيهم للحكومة، وكل هذا سيصبّ في نهاية الأمر في زيادة حدة الاحتقان والتطرف الطائفي، وزيادة تحكم أفراد محددين في قرارات وعقول وتصرفات الأغلبية ودفعها إلى التصويت أو لاختيار أشخاص قد لا يكونون أفضل من غيرهم، بل فقط لأن المجلس الأعلى رأى ذلك! وقد رأينا في التجارب القبلية المشابهة كيف أن اختيارات القبيلة، أو الجمعية الثقافية، لم تكن في الغالب تصبّ نحو اختيار الأفضل، بل لمن كان الأقرب فكرياً لها!
أما قضية أن الشيعة بحاجة إلى مجلس أعلى لكي يسترد «كامل حقوقهم الدستورية»، فهو أمر مثير للاستغراب! فإن كانت حقوق الشيعة غير كاملة، فلماذا سكت حضرته، وهو المحامي(!)، عن تكملتها، خصوصاً أنه وصل إلى البرلمان مرتين ولم نسمع عنه سعيه لاسترجاع المسلوب من حقوق جماعته؟ أما عن ادعائه بأن شعار الشيعة «هيهات منا الذلة»، فهو أمر يدعو إلى الاستغراب أيضاً، ويصبّ في التأجيج الطائفي الكريه، فهل يعني بكلامه أن «هيهات منا الذلة» لا يخص غيرهم، وأن الآخرين شعارهم «أهلاً أهلاً بالذلة»؟ وعلى افتراض أن ما ذكره صحيح، فهل جعل هذا من الشيعة قوماً أفضل من غيرهم إنتاجاً أو إنسانية مثلاً؟ ألسنا جميعاً مواطنين متساوين بشكل عام في مجتمع متخلف؟ وهل خصائص فئة منه أفضل من غيرها؟ وماذا فعل بهم عدم قبولهم للذلة، وهل كان له أدنى تأثير على وجودنا في المرتبة الـ38 في ترتيب دول العالم من ناحية مستوى المعيشة؟ لهذا ولغير ذلك من الأسباب نتمنى على عقلاء الوطن أجمع وأد فكرة إنشاء مجلس شيعي أعلى في مهدها، فلسنا بحاجة إلى استقطابات وصراعات أكثر.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من يزوِّر التاريخ؟!

تطرّقنا
في المقال الماضي الى تعمّد البعض تشويه تاريخ التيار الإسلامي ومواقفه، وتساءلنا عن السبب في محاسبة هذا التيار عن مواقف بعض الجماعات الاسلامية من غزو صدام للكويت وعدم محاسبة التيار القومي الكويتي ذي التوجه اليساري عن مواقف الكثير من الاحزاب الرفيقة في لبنان والاردن وسوريا وغيرها، والتي أيدت الغزو ودعمته! مع ان الاسلاميين بالكويت اتخذوا موقفا واضحا وقويا من الجماعة التي كانوا يرتبطون بها، وذلك بالانفصال وتغيير الانتماء! ولعل آخر محاولات التشويه تمثلت في التساؤل الذي طرحه بعض هؤلاء تعليقاً على ادعائي بأن بياناً لجماعة الاخوان المسلمين تُلي في مؤتمر جدة يدعم عودة الشرعية وخروج المحتل من دون شروط، حيث طالبني هذا البعض بالدليل على وجود البيان! وجوابي ان اكثر من ألفي كويتي حضروا مؤتمر جدة، وكلهم استمعوا لهذا البيان، وانا لست أرشيفاً للمؤتمر حتى أحتفظ بنسخة منه!
لقد حاول البعض تشويه تاريخ التيار الاسلامي بقصد ومن دون قصد، وابرز هذه المحاولات ما ذكره الشيخ سعود الناصر -غفر الله له- من ادعاءات باطلة في حق بعض الشخصيات المحسوبة على تيار جمعية الاصلاح، وقد دافع هؤلاء عن مواقفهم المشرّفة، ووصلوا الى المحاكم للاقتصاص ممن حاول تزوير التاريخ، وكانت النتيجة صدور احكام نهائية لمصلحتهم، سواء في موضوع طلب الخمسين مليون دولار، ام في موضوع حضور مؤتمر اسلام اباد!
ومن المجالات التي خاض فيها الخصوم للولوغ اكثر في وحل التشويه الجائر، هو مجال العمل الخيري، لأنه ملعب لا يجيد فنه إلا الاسلاميون، أما هم فقد حرمهم الله من اعمال الخير، لذلك لا حرج عندهم من استعمال كل وسائل التزوير والافتراء المتاحة ضد خصومهم! ومع ان معظم الجهات التي حققت وتابعت ودققت في مصاريف أموال العمل الخيري في الكويت وبالذات الجهات التابعة لجمعيتي الإصلاح والتراث قد أكدت سلامته ونقاوته ووضوحه، ولعل أهمها وزارة الخزانة الأميركية، الا ان اللمز والغمز في هذه القناة ما زالا ديدن البعض، وكلنا يذكر في منتصف التسعينات ما أثاره النائب آنذاك طلال السعيد من اتهامات لبيت الزكاة بتمويل حملات انتخابية لبعض المرشحين الاسلاميين، وكيف ان تقرير لجنة التحقيق التي شكّلها مجلس الامة اصبح وساماً على صدر كل عامل في بيت الزكاة! حتى ان محرر جريدتنا العزيزة القبس سار على الدرب نفسه، ولمز بهذه الجهات عندما تحدث عن أهمية توزير شريدة المعوشرجي للأوقاف حتى لا يستغل الاخوان اموال الوقف وغيرها لتمويل حكومات او مشاريع الربيع العربي!
طوال السنين الماضية كان أداء العمل الخيري مميزا، وكانت الكويت رائدة في هذا المجال، وكل يوم كانت ثقة اهل الخير بالقائمين عليه تزداد الى ان بدأ البعض ممن حرمهم الله من عمل الخير بتشويه هذا الصرح العظيم، واستغلوا كل وسائل الاعلام المتاحة وما أكثرها لتغيير رأي الناس فيه، وفعلا حققوا أهدافهم في جانب وخاب ظنهم في جوانب أخرى!
إن محاولات تزوير تاريخ العمل الاسلامي ما زالت مستمرة، وأستغرب من بعض المثقفين الذين يرددون معلومات مزورة تاريخياً وهم يعلمون ذلك، ولعل اقرب مثال الادعاء بأن الاسلاميين في الكويت كانوا مسيطرين على وزارتي التربية والاعلام لعقود طويلة! وهو ما أثبتنا بالادلة القاطعة بطلانه في مقالات سابقة! ونظرة سريعة الى اشد خصوم التيار من الاعلاميين تدرك للوهلة الاولى ان هذا التيار على الحق!
اليوم.. وبعد أحداث الربيع العربي وخوف البعض من ان تقتلعه رياحها، بدأنا نسمع نغمة جديدة لا تدل الا على الغباء، وهي ان الاسلاميين في الخليج يسعون الى قلب انظمة الحكم! وقد اخذ الخصوم بترديدها مع الاسف، مع انهم يدركون جيدا بطلان هذه الادعاءات، وقد أكدنا مرارا وتكرارا ان استقرار الانظمة الخليجية عنصر رئيسي لانتشار الدعوة الاسلامية، وان الشعوب الخليجية لن ترضى بغير الأسر الحاكمة اليوم، مهما اختلفوا معها في طريقة ادارة شؤون البلاد. نقول لزملائنا الخصوم، كفاية ممارسة اساليب التشويه والافتراء والتزوير لتاريخ التيارات الاسلامية، وتقبّلوا برحابة صدر وجودنا في الواقع الذي نشارككم العيش فيه، وتحمّلوا اختلاف الآراء وتنوعها، فهذه الديموقراطية التي ندعو لها جميعا، تجاوبوا مع نتائجها حلوها ومرّها، وتميزوا عن الرفقاء من التيارات المشابهة في بعض الدول، التي فضحتها تجربة الانقلاب العسكري في مصر وبينت زيف ادعاءاتها ومبادئها!