احمد الصراف

الإيمان بالتقمّص

“>”>يعتبر الدكتور الأميركي بريان لزلي ويز Brian Leslie Weiss واحداً من اشهر أطباء أميركا النفسيين، فقد تخرج في كلية طب جامعة كولومبيا المرموقة عام 1970، ودعم شهادته بأخرى من جامعة نيويورك، ثم عاد لجامعة «ييل» المعروفة لدراسة علم النفس وحصل على أعلى الشهادات منها، ثم اصبح بعدها رئيسا لقسم علم النفس في مركز «جبل سيناء الطبي، في ميامي Mount Sinai Medical centre» واستقر هناك مع اسرته، وهو الآن محاضر ومؤلف كتب علمية في مجاله وفي عالم التقمص وفي مجال الحياة، قبل الولادة وبعد الممات(!) 
في كتابه الذائع الصيت «حيوات متعددة وسادة متعددون» Many Lives Many Masters يتطرق د. ويز لتجربة عميقة مر بها مع مريضته كاثرين، التي كان لها أبلغ الأثر عليه وعلى أسرته وعليها. فكاثرين فتاة جميلة تبلغ من العمر 27 عاما، وعزباء وناجحة في حياتها العملية، ولكنها كانت تشكو أنواعا متعددة من الخوف أو الفوبيا من الغرف المغلقة والتواجد في الماء والارتفاعات وغيرها. كما تنتابها أحلام وكوابيس مزعجة وتسير أحيانا وهي نائمة. ويقول د. ويز انه قام بتنويمها مغناطيسيا، ليعرف منها شيئا من ماضي حياتها فوجد أنها دفعت ذات مرة، وهي طفلة، لحوض سباحة وكادت تغرق، وعرف أن والدها اعتدى عليها وهي صغيرة، وامورا كثيرة اخرى مما ساهم في كشف الكثير من «أسرار» مرضها النفسي، وما كان ينتابها من خوف، وأن كل ذلك ساهم في نهاية الأمر في تحسن حالتها بشكل مطرد. ويقول د. ويز انه لم يكن يؤمن بتقمص الأرواح، ولا بالحياة بعد الموت، وعودة الروح لجسد آخر من عالم آخر، ولكن تجربته مع كاثرين وما ذكرته من أحداث عاشتها في عالم سابق، وهي تحت تأثير التنويم المغناطيسي الكامل، وما قام به من بحث ومقارنة ما ذكرته بسجلات ووثائق تاريخية، اثبت له بما لا يدع مجالا للشك، أنها عاشت حيوات اخرى قبل ان تولد ككاثرين، وأنها مرت بأزمنة ومراحل متعددة على مر آلاف السنين، وعاشت أحيانا كامرأة وأخرى رجلا وطفلة وغير ذلك. ويدعي د. ويز أن اكتشافه الجديد هذا ساعده في شفاء آلاف المرضى، وفي تقديم عون كبير لعدد اكبر من المعرضين للموت بسبب مرض مميت، وتحضيرهم نفسيا لتقبل الأمر، وأنهم سيموتون الآن، ولكنهم سيعودون لحياة جديدة بطريقة أو بأخرى.
موضوع الكتاب شيق ويثير أسئلة أكثر بكثير مما يجيب عنها، ويؤكد بطريقة مباشرة أن ما يؤمن به بعضهم، من أفراد وجماعات وشعوب كاملة، عن تناسخ الأرواح لم يأت من فراغ، وان في الأمر شيئا يستحق القراءة والبحث فيه أكثر.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

أسود «الإسلام والعروبة»… الحمقى!

 

ثمة صورة وضيعة، مسيئة للدين الإسلامي وللعروبة، تلك التي وجدت في البث الفضائي العارم وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد فرصتها في البروز والتعريف والاقتداء! لتظهر شخصيات من النكرات وغير النكرات، على مستوى الخليج والعالم العربي، في مكانة «أسد الإسلام» و«سيف العروبة» و«حامي الأمة»، وما إلى ذلك من أوصاف تنضج في المطبخ العقلي للصبية والمراهقين، ثم تنتشر لتصل إلى أكابر القوم.

تأملوا أحبتي، قبل عامين، اكتسب أحدهم لقب «أسد السنة»! ولحقه آخر بحصوله على اللقب ذاته، ثم ما لبث أن تنازع الاثنان واختلفا، فأصبح أسدا الإسلام يتعاركان في حسابات التواصل الاجتماعي وكل منهما يهاجم الآخر بل ويصدر عنه مقاطع الفيديو التي يتم ترفيعها وتحتها العبارات المعلبة: «فضيحة فلان الفلاني»! «عاجل… فضيحة مزلزلة لعلانة العلانية»، وكلها في الأساس لا علاقة لها بأخلاق الدين الإسلامي فضلاً عن أن يكون لها علاقة بالأسود والسباع والضباع… بل وحتى الحمير أعزكم الله.

برز آخر وحصل على اللقب ذاته (أسد السنة)، وكان ما كان من أمره جلاداً مشهوراً وله من التاريخ (الهباب) ما يملأ الخافقين، ثم تحوّل إلى واعظ وعالم دين! لم لا، أليس هو أسدٌ من أسود السنة الشريفة؟ وتلقى من التصفيق والإعجاب والتقدير والترفيع ما يستحقه حتى عدا على أحد أئمة المساجد فبدأ عنده التحول من أسد إلى (فار). والحال كذلك، يتساقط (أسد) رابع، كان له مكانة في عرينه فيما مضى كونه مشهوداً له مهاجمة من يختلفون معه/ معهم في المذهب، لكن مع شديد الأسف، انحرف ليهاجم «الإخونجية»، فأصبح في عداد الأسود، لكن الورقية المزيفة هذه المرة.

المحور المهم بالنسبة لي هنا، هو أن استغلال تلك الوسائل الفائقة السرعة والوصول والتأثير تقنياً واجتماعياً وثقافياً من وسائل الإعلام الحديث، ومن فئات عمرية مختلفة غالبها من الناشئة والمراهقين والشباب الذين يتقنون استخدام تلك الوسائط من جهة، ويجهلون ما يتوجب أن تحتويه من مواد من جهة أخرى… أقول أن استغلال تلك الوسائل للترويج لشخصيات ساقطة، منافقة، وضيعة من المجتمع، وإبرازها في مكانة الأسود والقيادات والرموز التي يتوجب أن تحيطها حالة العروبة والإسلام والقيم السامية، ذلك كله أجده من الظواهر المسيئة للعروبة والإسلام، لا سيما حين تجد من يدافع عن القيم السامقة للدين الإسلامي وللعروبة، هو في مساره يستخدم الشتائم والسباب والفجور وانتهاك الأعراض والتلذذ بسفك الدماء والطائفية والتناحر.

هنا، تكمن المعضلة الأساسية في تقديم أولئك الحمقى على أنهم أسود وسباع وقيادات ورموز، وأنهم يمثلون نماذج من السمات والخصال العظيمة، فتأتي إلى ما يفعلون فلا تجد إلا صور الخسة والنذالة والوضاعة والوقاحة والفجور. إذن، ما معنى ذلك؟ وما هي أسباب بروزه؟ ولماذا ينخدع حتى من له درجةٌ من الثقافة والوعي بمثل هذا الترويج المسيء للعروبة والإسلام عبر وسائل التواصل اللا منتهية من ناحية أعداد المرسلين والمستقبلين؟

كل ذلك يعود من وجهة نظري إلى التأسيس الديني الخاطئ لدى الكثير من الشباب، والتعريف المعوق لمعاني الوطنية والانتماء، ثم بفعل تأثير أكثر خطورة، فتلك الممارسات الترويجية لشخصيات يراد لها أن تبرز في المجتمع لغاية ما، لهدف ما وضمن خطة ما، ليس بالمجان؟ هي مدفوعة الثمن! فيتهافت بعض صغار النفوس وأصحاب الضمائر الميتة ليستخدموا موارد هائلة من التجهيزات والتقنيات ليبدأوا في عمل خبيث بترويج أشخاص على أنهم من رموز الدين والإسلام والأوطان والعروبة، بأسلوبٍ مسيء لكل قيم الدين والإسلام والأوطان العروبة كما أسلفت.

يا أخي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح فرد من الجنس الثالث، أو جلاد دموي، أسداً من أسود الدين والعروبة! لا يمكن أن يكون من يتلذذ بالتناحر الطائفي ويبث في خطبه الدعوات الفتنوية والفكر الضال… لا يمكن أن يكون رمزاً من رموز الوطن. وكلما انتشرت هذه الظاهرة، كلما تتابعت اللكمات على المجتمع وكلما ازداد سواد الوجه. المسألة بيدي وبيدك، نعلم أنفسنا وعيالنا ومن حولنا ليأخذوا الحذر من الترويج المسيء للدين وللعروبة. هكذا هي البداية.

يمكنني أحبتي أن أستعين برأي طرحه الكاتب توفيق شومر من بين كتاباته الكثيرة حول الإسلام والعروبة: «لقد نزل الإسلام في جزيرة العرب، فخاطب أهل الجزيرة بما يعرفونه من عادات وتقاليد ورفع الحسن منها ورفض السيئ بها، وطور الكثير منها لتتناسب مع الدين والدعوة. وعندما نحلل هذه الحقيقة ندرك أن الخطاب الإسلامي تبنى البعد الثقافي العربي كخلفية ضرورية لخطاب أهل الجزيرة، ولذلك فقد رأينا وبشواهد كثيرة خلال فترة انتشار الإسلام السهولة التي انتشر بها خلال المنطقة الناطقة بالعربية بالمقارنة مع الصعوبة التي واجهته في المناطق غير العربية. هذا البعد الحضاري الثقافي للعلاقة بين الإسلام والعروبة يبرز بشكل كبير في كيفية تعامل أصحاب الديانات الأخرى في المنطقة العربية مع الدين الإسلامي. ففي حالات كثيرة انضوى هؤلاء تحت راية الإسلام في الحرب ضد غير العرب. ولذلك فمن الطبيعي أن نجد أن المسيحي العربي مثلاً، كان تاريخياً ينسجم في العادات والتقاليد مع العربي المسلم أكثر من انسجام المسلم غير العربي مع المسلم العربي». انتهى الإقتباس.

لعل من يتشدقون متنطعين بالعروبة، أن يدركوا بأنه لا يمكن التفاخر بالعروبة لأي شخص يمارس الرذائل والشتائم وانتهاك الأعراض، أو الدعوة للقتل وعدم إغاثة البريء والملهوف، ونقص العهود وإعانة الظالم على المظلوم، أو الفرح بمصائب الناس، والتسبب في الأذى لخلق الله على الهوية والطائفة. قائمة طويلة لا يعرفها الأسود التي تتحول بسرعة إلى فئران.