سامي النصف

الانطباع الأول للحكومة الجديدة!

يقول علماء النفس والاجتماع ويوافقهم على طول الخط علماء السياسة ان «الانطباع الأول» عند الأفراد والشعوب (التي هي مجموع الأفراد) قضية مهمة جدا وتبنى عليها أعمال وقرارات نتيجة لذلك الانطباع الأولي المهم جدا والذي يخلق عادة في الثواني والدقائق الأولى لرؤية شخص ما أو عند الإعلان عن تشكيل حكومي جديد وإلى التفصيل:

***

لو كنت جالسا في مكتبك أو في ديوانية ودخل شخص ما والحال بالطبع مع دخول أي امرأة على تجمع نسائي، في الثواني الأولى سيخلق انطباع إيجابي فوري (مرتب، متزن، حلو الحديث.. الخ) أو سلبي (مهلهل، فوضوي، وقح.. الخ) ومنذ تلك اللحظة يبرمج الإنسان عقله لإثبات صحة ذلك الانطباع الأولي الذي خلقه وقد يكون خاطئا منذ الأساس.

***

فكل حركة للشخص المعني ستعتبر أمرا يدعم ما افترضته النظرة الأولى وخير مثال هو اللواء عبدالفتاح العلي وتطبيقه القانون بحزم منذ اللحظة الأولى فترك انطباعا إيجابيا وأصبح المواطن والمقيم يفسر ظواهر موجبة قد يكون رآها آلاف المرات بالسابق في الشوارع على انها نتاج لمرحلة الحزم الجديدة.

***

الأمر كذلك مع الحكومة الجديدة التي يتكون الانطباع العام عنها مع الثواني والدقائق اللاحقة لإعلان التشكيل الوزاري، فإذا وجد الناس وممثلوهم في البرلمان انها مازالت تضم عناصر سيئة مستفزة للمشاعر فسيقال منذ تلك اللحظة «لا طبنا ولا غدا الشر» وستمر السنوات الأربع اللاحقة والانطباع السالب قائم وكل حدث يحدث سيصب لتعزيز الانطباع الأول، والعكس من ذلك فيما لو خلق انطباع إيجابي مبهر حول الحكومة الجديدة عبر إبعاد العناصر السيئة وتعزيز ضخ واختيار العناصر الجيدة المشهود لها بالحكمة والقدرة.

***

آخر محطة: (1) تعلما من دروس الماضي القريب، جميع الأزمات السياسية التي نتج عنها حل الحكومات والمجالس في السابق تمت بسبب واحد هو إساءة استخدام أداة الاستجواب، لذا نرجو حفاظا على الاستقرار السياسي الذي يتمخض عنه دائما إنجاز اقتصادي وتقدم حضاري، ان تمر الأربع سنوات القادمة بعيدا عن الاستجوابات بشرط ألا تضم الوزارة الجديدة أشخاصا سيتم استجوابهم في الأيام الأولى ومن ثم ينهار السد ويبدأ التسابق على الاستجوابات، بسبب تكرار استفزازهم لمشاعر الشعب الكويتي وإرسالهم رسالة وقحة مفادها أنه لا يحق للشعب الكويتي أن يسأل أين تذهب أمواله؟!

(2) التنمية في حقيقتها هي حاصل تطور أعمال الوزارات الأخرى، لذا لا حاجة على الإطلاق لأن ننفرد بين دول العالم بخلق وزارة للتنمية تسفح وتسفك المليارات فيها دون مردود، حيث مازلنا وكما تشير جميع المؤشرات الدولية الأكثر تخلفا في التنمية.

(3) هل يعقل ان تخصص 135 مليار دولار لخطة تنمية وهمية لا توجد ضمنها خطة عمل واضحة (Business Plan) توضح للشعب الكويتي صاحب الأموال المردود المالي السنوي لتلك المليارات الضائعة؟ أليس من الأفضل ان يستبدل مسمى «خطة التنمية» بمسمى «خطة صرف» المليارات دون عائد؟

(4) كما هو معروف لا تتعدى تكلفة أفضل حفل قرقيعان بضع مئات من الدنانير، للمعلومة خصص مبلغ 50 ألف دينار لحفل قرقيعان لإحدى الوزارات.. وعاشت الكويت بلد الصرف واللهف والتنمية.

(5) أخيرا، وزيران عملت معهما وأشهد ويشهد الآخرون لهما بالكفاءة والقدرة والأمانة وهما من سيساهمان بخلق انطباع أول جميل للحكومة الجديدة ونعني د.محمد صباح السالم ود.فاضل صفر.

 

احمد الصراف

طريقة عبدالفتاح الخربة

أصدر وكيل الداخلية لشؤون المرور، اللواء عبدالفتاح العلي، قرارا بإبعاد الوافد من أول مخالفة جسيمة يرتكبها، بغضّ النظر عن سجله المروري! وهذا تصريح لا يفتقر فقط للذوق في التعامل مع الغير، بل تنقصه المصداقية! فهو يعرف أنه أعجز من أن يطبقه على غير المساكين، الذين أكل المتاجرون بالبشر حقوقهم. فهل سيطبّق مثلا على رئيس مديري بنك تجاوز الإشارة الحمراء؟ وهل يحلم اللواء بترحيل موظف صغير ارتكب مخالفة جسيمة، ووراءه شخص متنفذ؟ الجواب: لا، طبعا، وبالتالي ما كان يجب أن يصدر منه مثل هذا التصريح المسيء لكل إنسان، وضرره أكبر بكثير من نفعه. فالوافدون ليسوا خرافا، ولو لم تكن غالبيتهم أفضل منا لما قدموا للقيام بأعمال نعجز عن القيام بها. وعمليات المداهمة المحمومة التي شملت المخالف والبريء لا يمكن أن تستمر، فواضح أن القرار اعتمد على الكم بدلا من الكيف. ونحن لا نختلف مع أحد أن هناك آلاف المقيمين، وخاصة من الطبقات الدنيا، من مخالفي القوانين، الذين يمثل وجودهم خطرا على الأمن، ولكن هل الحل في اتباع طريقة «خذوه فغلوه»؟ وهل بهذه الطريقة سينتهي، أو حتى يقل التسيب والإجرام والفوضى؟ وهل هذا العامل البسيط هو السبب في الفوضى التي يعيشها قطاع العمل؟ أم أن المشكلة تكمن في نشاط ذلك الكويتي المجرم فاقد الضمير، الذي تسبب بجشعه في خلق هذا التسيب، بمساعدة قوانين إقامة خربة تسمح للمجرم باستغلالها لتحقيق الثراء على حساب الضعفاء من البشر؟
إن الكويت في الحقيقة لا تشكو من خلل في التركيبة السكانية بقدر ما تشكو من خلل تربوي وأخلاقي، مردّه الى الكثير من «عاداتنا وتقاليدنا» التي رسّختها المناهج الدراسية على مدى 100 عام من التعليم النظامي، في احتقار العمل اليدوي! فهل يقبل الكويتي بأن يعمل مؤذنا في مسجد في بلد تكتظ مساجده بالمصلين؟ أو أن يعمل خبّازا في فرن أو دهّانا في ورشة، وهو الذي عمل آباؤه وأعمامه عمالا في موانئ كراتشي ومومبي وملابار وغيرها من البنادر الإيرانية والأفريقية، يوم كان العمل اليدوي أمرا غير معيب؟!
نعم، لن تكون هناك حاجة لنسبة كبيرة من الوافدين إن كان هناك بيننا من يودّ القيام من نومه في الرابعة صباحا ليغسل سيارات جيرانه، أو يعمل في أواخر الليل موزّ.عا للصحف، او ميكانيكيا على ظهر ناقلة بترول، او سائق رافعة في الميناء، او لحّاما في ورشة أو سائق شاحنة في الصحراء، أو مزارعا في العبدلي أو كنّاسا في شوارع الحي، او بائعا متجولا، أو عامل بناء، أو جزارا أو كهربائيا، أو عاملا في مصنع تنظيف جلود، أو حفار قبور أو عامل مشرحة أو سائق تنكر مجاري، وغيرها من الأعمال التي لا يود المواطن القيام بها، دع عنك معرفتها! وحيث أن هذا اليوم لن يأتي في المستقبل المنظور، فإن كل هذا التهديد والترحيل سوف ينتهي في نهاية الأمر للاشيء، ليس فقط لأن تجار الإقامات، الذين ربما كانوا هم وراء حملة الترحيل، لم يتم التعرّض لهم، ولو بهمسة، او أيضا لأنهم سيقومون بإعادة العمالة نفسها، التي تم ترحيلها، من الباب الذي رُحّ.لوا منه، وسيحققون من وراء ذلك ثروة جديدة، رغم أنف العلي وغيره! فهذه الكويت صلوا على النبي، وكل ما فيها خراب وفساد أكثر من اللي نبي!

***
• ملاحظة:
• ورد في الفقرة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن البشر وُلدوا أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق! وهنا نلاحظ أن الكرامة سبقت الحقوق في أهميتها!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

يا جبل ما يهزك ريح

التيار
الاسلامي كالجبل الشامخ لا تؤثر فيه الرياح، سواء كانت عاتية او هادئة..! وأقرب مثال على ذلك جماعة الاخوان المسلمين، التي تمثل اغلب هذا التيار في العالم الاسلامي، حيث شاهدنا حملة التشويه الجائرة لها منذ عشرات السنين من خصومها الفكريين والسياسيين وتسخيرهم لوسائل الاعلام لضرب هذه الجماعة والتيارات التي تتبعها بالفكر والمنهج، ومع هذا فانها سرعان ما تثبت انها راسخة كالجبل من دون ان تزعزعها محاولات الاعداء البائسة!
اليوم وبمناسبة ذكرى الغزو الغاشم تتكرر اثارة الشبهات على التيار الاسلامي في الكويت، سواء واجهة جمعية الاصلاح او الحركة الدستورية الاسلامية، التي أنشئت بعد التحرير او جماعة الاخوان المسلمين، والتي كانت موجودة تحت هذا الاسم الى الغزو المشؤوم! ومع انها شبهات تتكرر في كل عام ومن الاشخاص أنفسهم تقريباً، ومع اننا كنا نرد على هذه الشبهات في وقتها، الا ان هذه الاسطوانة المشروخة ما زالت تعمل، وما زال هناك من المغفلين من يكررها بعلم ومن دون علم احياناً! لكن قيل في السابق ان التكرار يعلم الشطار، ونحن نظن ان في الاعادة افادة (!!).
نعتقد ان التيار الاسلامي (الاصلاحي) في الكويت يحق له ان يفتخر بمواقفه الوطنية والبطولية أثناء وبعد الغزو العراقي الغاشم للكويت! بل يكفيه فخراً انه كان يقود الملحمة البطولية للمقاومة المدنية داخل الكويت، فهو الذي اسس لجان التكافل لادارة شؤون الحياة المدنية تحت الاحتلال، وطبعا وحتى لا ندعي التفرد، كان كل ما سأذكره بمشاركة فاعلة من مختلف شرائح المجتمع الكويتي، وهو الذي كان يقود العمل الاعلامي والحركي خارج البلاد، فهو الذي اسس هيئة التضامن مع الكويت في الرياض، التي غطت بأعمالها جميع دول الخليج العربي، كما ان اتحاد الطلبة، الذي كان التيار الاسلامي يقوده كانت له فعاليات لا تنكر، ولعل اهمها مؤتمر الشارقة، الذي حضره عشرات المنظمات الطلابية من مختلف دول العالم، ولا يمكن ان ننسى لجنة FREE KUWAIT، التي كانت شعلة من النشاط في لندن، وكل من شارك فيها لا يمكن ان يتجاهل دور ناصر الصانع وبدر الناشي وعثمان الخضر وغيرهم من شباب التيار الاسلامي. اما في مؤتمر جدة فحدث ولا حرج عن مساهمات رموز هذا التيار في ذلك الحدث المهم، فأحد رموزه ذلك الوقت (د. الشطي) هو الذي قرأ رسالة الصامدين من اهل الكويت للمؤتمرين، ورمز آخر (د. الصانع) هو الذي قرأ البيان الختامي، ولا يمكن ان ننسى دور العم ابوبدر – يرحمه الله – مع العم يوسف الحجي في تقريب وجهات النظر بين المعارضة السياسية – آنذاك – والسلطة، ممثلة في الشيخ سعد العبدالله – يرحمه الله – بعد ان هدد الاخير بالغاء المؤتمر، ان أصرت المعارضة على رأيها، الى ان تم التوصّل الى حل توافقي، رضي به الجميع! اما عن الوفود الشعبية، التي زارت معظم دول العالم لشرح القضية الكويتية وكسب تعاطف شعوبها، فالتاريخ خير شاهد على دور رموز هذا التيار في هذه الوفود، وتسابقهم للذهاب الى أعتى الدول وأشدها معارضة للكويت واكثرها دعماً لصدام في الوقت الذي تقاعس البعض عن المشاركة بحجة انه اراد ان يكون في وفد آخر!! الحديث يطول في سرد هذه المواقف التي تسجل فيها ملاحم، وليس فقط مقالات، ونستغرب من بعض اقزام الاقلام الذين يحاولون تشويه هذا التاريخ الناصع والمشرف لهذا التيار، ويكفيه فخراً انه عندما رفض مواقف بعض المحسوبين على تيار الاخوان المسلمين لم يكتف بالرفض فقط، بل قرر واعلن قطع علاقته بهذا التنظيم وانتقل من دور الاقوال الى دور الافعال، فشكل تنظيماً جديداً يحمل اسماً جديداً وهيكلية منفصلة تماماً عن السابق، وقيادة جديدة ومعلنة في حينها، اما غيره من التيارات فلم يقم بعُشر ما قام به التيار الاسلامي، فهذه التيارات القومية والليبرالية واليسارية شنت هجوما كاسحا على الكويت دعماً لصدام، وتهجمت على رموز الاسرة، ومع هذا لم نسمع من هذه التيارات الكويتية انها قامت بما قام به الاسلاميون الكويتيون من مفاصلة في حينها!! ومما يؤسف له اننا في كل مناسبة للغزو الغاشم نسمع من يتجنى على تيار الحركة الاسلامية، ولا يكلف نفسه توجيه سؤال للتيارات القومية! وللعلم فقط لمن لا يعلم، ان التيار السياسي الوحيد الذي ارسل بيانا لمؤتمر جدة يعلن فيه دعمه للشرعية الكويتية وحقها في تحرير ارضها وطالب صدام بالخروج غير المشروط من الكويت، وتُل.ي هذا البيان في المؤتمر، هو البيان الذي اصدرته جماعة الاخوان المسلمين في مصر!! لكن البغض يعمي البصر والبصيرة!!
الحديث يطول، وفي المقال المقبل سنتطرق باختصار للشبهات التي اثارها الشيخ سعود، ولكلمة محرر القبس بعدد الجمعة، عندما غمز بالتيار من خلال حديثه عن امكانية توزير الفاضل شريدة المعوشرجي بــ «الاوقاف».