علي محمود خاجه

تساؤلات مصرية

 لم أكتب من قبل أي مقال حول الشأن الخارجي إلا في حالة واحدة على ما أذكر تعلقت بحرب إسرائيل على لبنان في 2006، وأعزو عدم تطرقي للشأن الخارجي لقلة المتابعة والاطلاع، وكذلك القناعة بضرورة إصلاح الداخل قبل الولوج في وضع الخارج، إلا أن الحالة المصرية اليوم تجبرني على الخوض في غمارها على شكل تساؤلات وملاحظات تحتاج إجابة كي تكتمل الصورة، فما يحدث في مصر ينعكس بشكل واضح على المنطقة بأسرها، فهي كما أتابع تشكل فعلاً قلب العروبة النابض. من خلال التساؤلات المقبلة أنا لا أقدم رأياً، بل كل ما أطرحه عبارة عن تساؤلات لا أفهم إجاباتها. – في يوليو 1952 قام الجيش المصري بانقلاب على النظام الملكي الشرعي القائم، إلا أن الشعب المصري بل العربي كذلك يسمي ما حدث بالثورة، بل يتم الاحتفال به سنوياً إلى اليوم، وفي عهد مرسي كذلك تحت مسمى "عيد الثورة"، إذا لماذا يسمى ما حدث مع مرسي بالانقلاب، وبالمقابل ما حدث مع الملك فاروق بثورة؟ – في 30 يونيو خرجت تظاهرة تطالب برحيل الرئيس مرسي فما كان من الجيش إلا أن لبى نداء تلك التظاهرة وعزل الرئيس، فهل يعني ذلك أن الجيش سيكون ملزماً بعزل كل رئيس منتخب يتظاهر ضده الملايين في المستقبل؟ وما المعايير التي سيبني عليها الجيش المصري قراره مستقبلا؟ – يصف مناصرو الرئيس مرسي وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي بالمجرم والقاتل، بل يصل الأمر بهم لوصف ما يقوم به بأنه أشد فتكاً من الإسرائيليين كما جاء على لسان القطري يوسف القرضاوي، وما لا أفهمه هو كيف لأنصار محمد مرسي أن يمجدوا فيه، ويشتموا السيسي على الرغم من أن من عيّن عبدالفتاح السيسي هو محمد مرسي؟! بمعنى أن من عيّن المجرم والقاتل على حد وصفهم هو الرئيس الذي يمتدحونه. – دول الخليج باستثناء قطر تقف ضد الإخوان في مصر ومع الإخوان في سورية، وإيران تقف بشكل معاكس لذلك، والشعوب التي تؤيد الخليج أو إيران تتبعهم في هذا التناقض المضحك. – يصف مناصرو محمد مرسي في كل العالم العربي بأن ما حدث له هو حرب ضد الإسلام، في حين تقف الدولة الوحيدة عربياً ذات النظام الإسلامي ضد محمد مرسي، فأيهم يطبق الإسلام الصحيح؟ – للكويتيين فقط ممن يناصرون محمد مرسي بحجة أنه منتخب ويدافعون عن الشرعية، وفي نفس الوقت يتفاخرون بإسقاطهم لمجلس 2009 بحراك الشارع، هل تصفون إسقاط مجلس 2009 بالانقلاب على الشرعية، خصوصا أن مجلس 2009 منتخب من الشعب؟ – إلى اليوم لا أعرف كيف يجب أن تتعاطى الدولة مع الاعتصامات الدائمة والمستمرة في الأماكن العامة سواء من تمرد أو الإخوان أو غيرهم، ولأخرجها من إطار التحيز والعواطف ماذا لو اعتصم الآلاف للمطالبة بزواج المثليين ولمدة شهر أو أكثر في أحد الميادين كيف يجب التعاطي معهم؟ خارج نطاق التغطية: هناك بشر يقتلون يومياً في شتى أنحاء العالم العربي، وما زال العالم العربي يكيف تعاطفه أو تشفّيه حسب جنسية وانتماء الضحايا، أزمتنا أخلاقية بلا أدنى شك.

سامي النصف

مصر بين عدلي وعدلي!

سؤال يطرح كل يوم: هل يعقل ان يكون القطبيون من الإخوان ممن يدعون العداء بشدة للقوى المتنفذة بالعالم هم ارجوزات في يديها يسيرون في هديها ويأتمرون بأمرها ليتم التلاعب بأقدار دول المنطقة ومصائر شعوبها عن طريقهم؟! في عام 1858 ولد سعد فتحي زغلول لعائلة فلاحية لا تملك شروى نقير ولم يحصل من العلم إلا القليل وقد اظهر منذ الصغر حنقه وغضبه على الأوضاع حتى انه انضم لجمعية الانتقام وقد نجحت القوى المتنفذة بتحويل غضبه واخفاقه باتجاه شعبه فبقي حانقا عليه حتى يوم موته حين اظهر ما في مكنون قلبه بكلمتين جارحتين نحو الشعب الذي احبه واحتضنه حتى قيل لو رشح سعد حجرا لانتخبه الناس، معلنا ان الشعب المصري لا فائدة منه ورأيي الشخصي ان الذي لا فائدة منه هو القائل لا الشعب الذي اصبح احد الشعوب القدوة في العالم.

***

انضم من «يدعي» العداء للإنجليز والرغبة بالانتقام منهم مبكرا لصالون الاميرة نازلي المعروف بانه احد الاماكن التي يجند الانجليز بها عملاء لهم، وأصبح شقيقه أحمد فتحي زغلول احد قضاة محكمة دنشواي التي اصدرت احكام اعدام وجلد جائرة على المصريين لصالح الانجليز، ثم عين الانجليز سعد في منصب قاض وهو الذي لم يحز شهادة حقوق ورفعوه لمنصب وزير تربية ووزير داخلية وزوجوه من ابنة رئيس الوزراء الشهير مصطفى فهمي باشا رجل الانجليز الأول في مصر الملقب بالجلاد، والذي يقول المؤرخ يونان لبيب ان احتلال مصر لم يكتمل إلا لما عين مصطفى فهمي رئيسا للوزراء، وقد سمى سعد زوجته صفية باسم عائلته كما يفعل الانجليز فاصبحت صفية زغلول بدلا من صفية مصطفى فهمي باشا، وظل على ذلك الولاء حتى يوم موته عام 1927 عندما أصر على ألا يدفن جثمانه في مسجد بل ان يكون ضمن بناء على شكل معبد فرعوني كي يزوره الرجال والنساء من مختلف البلدان والديانات.

***

واثرى سعد زغلول ثراء فاحشا بعد تدثره برداء الوطنية حتى اتهمه شريكه في الوفد الذي سافر معه وبقي في باريس دون عمل لاشهر عدة بانه استولى لنفسه على 98 ألف جنيه من أموال المتبرعين المصريين ونشرت الصحف تلك التهمة التي قالها علوبة باشا ولم يستطع زغلول الرد عليها مما مكنه لاحقا من النجاح في الدائرة الانتخابية التي حددها له الانجليز ويصبح نائب رئيس مجلس الأمة المنتخب ويصبح عدلي يكن باشا النائب المعين للرئيس والأخير جده ابن اخت محمد علي الكبير و«يكن» معناها بالتركية ابن الاخت ومن هنا بدأ التنافس الذي قسم المصريين والعرب وحتى الكويتيين انذاك الى سعديين وعدليين وقد كان التباين بين الاثنين في العلم والثقافة والوطنية «الحقة» والرزانة والهدوء والحكمة التي اشتهر بها عدلي باشا بينما اشتهر سعد باشا بالقدرة على الخطابة والدغدغة وخداع الجماهير.

***

وقد استطاع عدلي يكن لا سعد زغلول، كما يعتقد، الحصول على الاستقلال لمصر الحديثة وتحول السلطان الى الملك فؤاد وكتب الدستور المصري عام 1923 وأسس عدلي حزب المثقفين والمفكرين المصريين واسماه حزب «الأحرار الدستوريين»، واعتقد شخصيا ان رئيس مصر الحالي القاضي الجليل عدلي منصور هو أفضل رئيس مر على مصر منذ قرن من الزمن والذي يريد الخير لارض الكنانة عليه ان يصر على بقائه او اعادة انتخابه فهو ما تستحقه مصر بعد عصور الظلام وغياب القانون ورؤساء التهريج والكذب من عسكر و.. عملاء وعلماء محركات ناسا للفضاء ولا حول ولا قوة إلا بالله.

***

آخر محطة: (1) في قصة متكررة لأمة تصدق ما تسمع لا ما ترى، لم يكن مستغربا ونحن نتحدث عن عام 1918 ـ 1919 ان يقوم ربيب الانجليز بادعاء العداء لهم وتحقيق مآربهم تحت مظلة ذلك العداء المصطنع.

فسعد باشا زغلول كان ممن يسمون بـ «وزراء الحماية» أي الوزراء الذين باركوا مد الحماية الإنجليزية على مصر عام 1914، كما كان النائب الذي اختاره الإنجليز ليطالب في البرلمان بمد امتياز قناة السويس لعام 1968 وله قول موجب مشهور بعد لقائه مع السير هنري مكماهون الحاكم الإنجليزي لمصر 1914 ـ 1916 وما أضعف ذاكرة الشعوب.

(2) ففي ذلك الحين استدعى حاكم فلسطين المجاورة لمصر المتصهين هيلبرت صموئيل المدعو امين الحسيني الذي كان يعمل جاسوسا مع المخابرات البريطانية العاملة في السودان ثم طلب منه ان يستبدل البدلة بالجبة والعمة وان يطيل اللحية «لزوم الشغل» وجعله وبضغط مباشر منه مفتيا لفلسطين رغم وجود 12 من عائلته احق منه بهذا اللقب، واعلى الحسيني نبرة العداء للانجليز ولليهود ورفض كل لجان الوساطة وهرب الى ألمانيا النازية وايطاليا الفاشية ومع سقوطهم عام 1945 لم يقبض عليه او يحاكم! بل ترك له المجال ليكمل ادواره في حربي فلسطين في عامي 1947 ـ 1948 ولأمين الحسين مقال آخر يثبت ان ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل ادعاء يصدق.

مبارك الدويلة

حصاد السنين .. هل الإخوان جماعة مسلحة؟!

ساءتني
جدا افتتاحية جريدة الجريدة الكويتية التي تحث مجلس الوزراء على اتخاذ موقف اكثر وضوحا في دعم حكومة السيسي الانقلابية! حيث وصفت جماعة الاخوان بانها جماعة مسلحة، وان الاعتصامات كانت تسيطر عليها الجماعة بأسلحتها، ووصفت الرئيس المنتخب محمد مرسي بأنه الرئيس الذي خان أمانة شعبه وخان الدستور..!؟ ووفقا لكلام «الجريدة» فان الذي وصل الى الحكم عن طريق الانتخاب الحر المباشر وأمضى سنة كاملة في الحكم من دون ان يعتقل معارضا سياسيا واحدا ومن دون ان يغلق صحيفة معارضة واحدة هو الخائن لوطنه! بينما -وفقاً لمنطقها- تطالب الحكومة الكويتية بدعم من اغلق جميع الصحف والقنوات الفضائية المخالفة خلال الساعة الاولى لانقلابه وزج بالسجون العشرات من معارضيه، بل وقتل في يوم واحد عشرة الاف أعزل ومعارض سلمي وتجاوزت وحشيته ان احرق الجثث واصبح القتل والاعتقال وفقاً للهوية! هذا النظام تطالب هذه الصحيفة حكومتنا الراشدة بدعمه ومساندته!
بقي ان نتحدث عن ادعاء الصحيفة بان الاخوان كانوا مسلحين! وهو كلام وزارة الداخلية والاعلام الظالم الداعم لعودة النظام التسلطي السابق، وسأترك القارئ الكريم مع الدكتور صلاح سلطان الذي علق على هذه الشبهة بكلام هو افضل ماقرأت انقله بشيء من التصرف، يقول الدكتور صلاح سلطان في صحيفة نافذة دمياط الالكترونية يوم 2013/8/19:- هذه بعض الحقائق اجمعها لمن يتهم الاخوان بحمل السلاح في «رابعة» أو في غيرها:
هل تعلم ان اقل تقدير لعدد الاعضاء العاملين في جماعة الاخوان لا يقل عن سبعمائة ألف وقد يصلون الى مليون نسمة؟ ولتقدير العدد الصحيح عليك اضافة الاعضاء غير العاملين والمؤيدين ثم اضافة اسرهم! لكن دعنا ننسى كل ذلك ولنأخذ الاعضاء العاملين فقط على اساس انهم الاكثر التزاماً وكفاءةً! تخيل معي الآن ان جماعة الاخوان قررت امتلاك السلاح ورفعه كما يصور الاعلام، هل تعلم ما معنى ان يرفع مليون شخص السلاح؟ ربما لا تتخيل الصورة جيداً لذلك دعني اساعدك بمعلومة اخرى: هل تعلم ان التعداد الرسمي للقوات المسلحة هو 479000 فرد في الخدمة؟ يضاف لهم مثلهم جنود احتياط عند الاستدعاء! يشمل ذلك بالطبع من يعملون في قاعات الافراح ومزارع العجول ومصانع المكرونة، اي ان تعداد القوات المسلحة بكل افرادها هو نصف تعداد الاعضاء العاملين في جماعة الاخوان المسلمين! هل تستطيع الان ان تتخيل بصورة افضل ما معنى ان يحمل الاخوان السلاح؟ بالتأكيد لن يكون المشهد لك تلك الصورة البائسة التي شاهدتها على وسائل الاعلام لافراد عليهم «دوائر حمراء» يحملون السلاح، أليس كذلك؟! قد تجيبني قائلاً: هم لا يستطيعون استخدام السلاح لانها ستكون نهايتهم! وهنا دعني أسألك: ما مفهومك عن هذه النهاية؟!
تعتقل قيادتهم..؟ حدث بالفعل.
يقتل ابناؤهم..؟ حدث بالفعل.
تصادر اموالهم..؟ حدث بالفعل.
تحرق مقراتهم..؟ حدث بالفعل.
تنتهك حرمات منازلهم..؟ حدث بالفعل.
يتم عمل كمائن لقتلهم بالهوية..؟ حدث بالفعل، إذاً ماذا ينتظر الاخوان لحمل السلاح لو ارادوا ذلك..؟! لا شيء الا ايمانهم بعدالة مطالبهم وسلميتهم. انتهى.
ومع هذا اعتقد انه اذا استمر الجيش بملاحقة الاخوان وقتلهم وسجن المنتمين اليهم ومحاولة انهاء وجودهم وتفويض البلطجية بملاحقة كل ملتح ومنتقبة في الشوارع، عندها سيضطر الاخوان الى الدفاع عن انفسهم ولتتحمل حكومة السيسي النتائج.
اللهم احفظ مصر واهل مصر من كل معتد وظالم.
***
تغريدة اعجبتني: الذين اعلنوا دعم حكومة الانقلاب هم:- اسرائيل/ بشار/ بعض دول الخليج/ حكومة المالكي/ بابا الاقباط/ الجامية.

بشار الصايغ

لنتصارح …

بعد مرور خمسون عاما من وضع الدستور وبدأ الحياة البرلمانية في الكويت، إلا أن مفهوم الديمقراطية مازال بعيدا عن التطبيق، وعن النهج اليومي في العمل السياسي، وهو بعيد على مستوى النظام الحاكم، الحكومة، البرلمان والشعب، فكل طرف لديه نظرته وفهمه الخاص للديمقراطية، وداخل كل طرف تتعدد أيضا تلك التعريفات.

للأسف، فبعد تجربة عمرها خمسون عاما مازال الفهم العام للديمقراطية محصور في العملية الانتخابية لمجلس الأمة، لا أكثر ولا أقل، وتغيب جميع مفاهيم ومباديء الديمقراطية عن الحياة بشكل عام خارج هذا الاطار المحدود. متابعة قراءة لنتصارح …