سامي النصف

أسرار

أحد أسرار المنطقة الكبرى التي ترتبت وستترتب عليها أحداث كبرى هو كيف لم يجد التحالف الدولي أسلحة دمار شامل في العراق (تحديدا الكيماوي) بعد تحريره عام 2003؟ وكيف أصبح لدى سورية الدولة التي لم يعرف عنها تملكها أو استخدامها لأسلحة الدمار الشامل عبر تاريخها، أسلحة دمار شامل استخدمت ضد شعبها مما يبرر ضربها بين لحظة وأخرى؟

***

الإجابة وصلتني من طيار عراقي صديق قال ضمنها ان سورية تعرضت في يونيو 2002 لأضرار في سد الفرات (أو ادعى ذلك) لذا قام النظام الإنساني الأبوي المتمثل في صدام بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة عبر جسر جوي مكون من 10 طائرات عملاقة وطائرة اليوشن 76 لسورية اتضح انها حملت سرا أسلحة ومختبرات كيماوية وبيولوجية هدية للنظام الإنساني الأبوي في دمشق، وهذا سر ما حدث للعراق بالأمس وما سيحدث لسورية في الغد.

***

وبذا يصبح المقبور صدام قاتلا وقامعا للشعوب في حياته وحتى بعد مماته وبفعله هذا حصد موقع الريادة والقيادة في الجائزة التاريخية المخصصة لأكبر الطغاة عنفا وقتلا وتدميرا ووحشية للشعوب أمثال اتيلا وهولاكو وستالين وهتلر وبول بوت ومن لف لفهم ممن اكتفوا (خطية) بالقتل بالحياة دون الممات ويمكن بعد كشف هذا السر لجم أفواه أيتام وعاشقي صدام من عرب ومسلمين و… سوريين!

***

ومن الأسرار ما كشفه السياسي والإعلامي العراقي البارز حسن علوي على قناة الرشيد العراقية ليلة الأربعاء الماضي من ان مطالبة الملك غازي بالكويت لم تكن قائمة على حقائق أو شواهد تاريخية صحيحة بل أوعز بها مستشارو الملك لصرف النظر عن هرب شقيقته «عزة» مع خادم يوناني وزواجها منه ثم إلقائها بالشارع بعد استيلائه على جُلّ أموالها وهو ما يسمى في علوم الإعلام كما ذكر العلوي بـ «كسر الاتجاه»، في رأينا ان صدام قام بنفس الفعل الشائن حين تزوج العراق الجميل الثري فأفلس خزائنه وأسال دمه ثم غزا الكويت ليكسر الاتجاه عن ذلك الفعل الشائن.

***

آخر محطة: (1): هناك بالمقابل من يدعي أن كيماوي الشام هو نتاج عمل استخباراتي سري عربي – أجنبي (محدد الأطراف) لتوريط النظام في دمشق.. والله أعلم..!

(2): الضربة الجوية (إن تمت) ستكون بعد تقديم المفتشين الدوليين تقريرهم يوم الأحد المقبل للأمين العام للأمم المتحدة إذا ما تضمن التقرير إدانة واضحة للنظام السوري.

(3): للتذكير… في كل الأحوال ما يسفك هو دم عربي من الجانبين سواء كانت الفتنة والكراهية قائمة في سورية أو العراق أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو السودان…إلخ.

(4): وللتذكير كذلك… وإشغال الجيش السوداني واليمني والليبي وحتى الفلسطيني في حروبهم الأهلية، وتدمير الجيش العراقي وإلحاق الجيش السوري به، يتم تدمير الجيش المصري عبر شيطنته وتقسيمه وتفتيته من قبل… التنظيم الدولي المشبوه للإخوان، وأمجاد يا عرب أمجاد!

 

احمد الصراف

الحياة والفلسفة

الفلسفة كلمة إغريقية، تعني، في معناها القديم، محبة الحكمة أو طلب المعرفة، وبالتالي من غير المستغرب معاداة معظم رجال الدين في العالم أجمع لها، وحساسيتهم من دورها في تطوير الفكر. وبالرغم من وضوح المعنى، فإن الأمر تطلب تعريفاً أكثر شمولية ودقة، وبالتالي هي علم يختص في البحث في كل أنواع النشاط البشري، وممارسة النظريات والثقافات البشرية، والميل الشديد للتساؤل والتدقيق في كل شيء، والشك في البديهيات ومادة الفلسفة واسع ومتشعب، ويرتبط بكل أصناف العلوم وبكل جوانب الحياة، وتبقى الفلسفة متفردة عن بقية العلوم والتخصصات، لأنها لا تعفي نفسها من التفكير في نفسها، ومحاولة الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الكون والوجود، والتركيز على المنطق والتحليل. وسبق أن قال الإمام الغزالي إن «من تمنطق فقد تزندق»! وهنا بعض الأمثلة على استخدام الفلسفة في حياتنا العادية: قام رجل في بداية محاضرة بسرد نكتة طريفة ضحك لها الحضور. وبعد لحظات أعاد إلقاء النكتة ثانية، ولكن عدداً أقل ضحك لها هذه المرة. وعندما كرر سرد النكتة للمرة الثالثة لم يضحك أحد، بل بدا الضيق على البعض. وهنا قال المحاضر الفيلسوف، وهو يبتسم: عندما لا يكون بإمكاننا أن نضحك للنكتة نفسها المرة تلو الأخرى، فلماذا نستمر في الحزن والبكاء على مصيبة ما المرة تلو الأخرى؟ فرد عليه حكيم آخر بأننا هنا بحاجة إلى الفلسفة لكي نتغلب على أحزاننا، ونستمر في الحياة ونتجاوز مصائبنا ونستمر في الحياة! وقال فيلسوف آخر إن أموال الدنيا لا حدود لها، ولكن الحياة محدودة جداً، فلماذا نستخدم المحدود من العمر في اللهث وراء تجميع اللامحدود من المال؟ وقال رابع إن المال الذي نمتلك هو في الحقيقة المال الذي نخرجه من جيوبنا أو حسابنا المصرفي وننفقه، وليس المال الذي لا يزال بين أيدينا أو حسابنا المصرفي! فالمال الذي يبقى في محافظنا أو حسابنا المصرفي ليس مالنا إلى أن نتصرف به وننفقه! وقال خامس، وهذا ما شاهدته شخصياً على الكثير من المهاجرين اللبنانيين لأفريقيا بالذات، إننا عندما نكون في مقتبل العمر ننفق أعمارنا في اللهث وراء الثروة، وعندما نكبر نستخدم ما جمعناه من مال لكي نسترد ما كان لدينا من صحة وعافية. ويلخص بعض الفلاسفة السعادة بأنها ليست ما نمتلك في الحياة، بل في قلة احتياجاتنا في الحياة. وأخيراً، يجب ألاّ ننسى أننا أتينا إلى هذه الدنيا وليس في كفينا أي شيء غير قبض الريح، وسنغادر هذه الدنيا وليس في كفينا شيء غير قبض الريح، فلم كل هذا اللهث وراء المتع والمال؟
ولكن الفلسفة تقول إن من السهل قول هذه الأمور أو كتابتها، ولكن العمل بها هو الصعب. وعادة ما يصبح غالبية البشر، في مرحلة متأخرة جداً من العمر، حكماء أو فلاسفة، ولكن يصبحون كذلك عندما يكون العمر قد قارب على الانتهاء، فلا مال ينفع ولا فلسفة تطمئن، و لا هم من يحزنون.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

«أبو لهيب» وجده «أبو لهب»!

 

يتلاقى «أبو لهيب» مع جده «أبو لهب» في عداوتهما الكبيرة للدين الإسلامي، غير أن الفرق بينهما هو أن «أبو لهيب» يزعم نصرته للإسلام ويزعم رفع رايته في دولة إسلامية فيقتل من يشاء باسم الدين، فيما كان جده «أبو لهب» يظهر عداوته للإسلام ويستأجر غيره للقتل كما استأجر يوم بدر العاص بن هشام بن المغيرة مقابل 4 آلاف درهم.

مهلاً، جدة «أبو لهيب»، ألا وهي «أم جميل»، كانت تعين جده في إيذاء نبي الأمة محمد (ص)، وكانت تجلب الأشواك وتضعها في طريق المصطفى لتدمي قدميه الشريفتين، أما حفيدها أبو لهيب، فابتكر منهجاً مستوحىً من جده وجدته، ولكنه منهج يهدف إلى نصرة الإسلام من خلال قتل الناس! خصوصاً من غير المسلمين… بل حتى وإن كانوا مسلمين، لكنهم لا يصلون ولا يعرفون الأذان والإقامة، أو من أولئك الذين لا يعرفون مثلاً.. تلاوة القرآن على طريقة المقرئ العملاق عبدالباسط عبدالصمد رحمه الله. المهم، أنهم في هذه الحالة، يستحقون القتل! أي والله… لم لا؟ وهؤلاء سواق شاحنات لا يعرفون عدد ركعات صلاة الفجر ولا يحفظون الأذان!

بالطبع، كان مشهد قتل سواق الشاحنات السوريين الثلاثة على يد النسخة الجديدة من زعيم تنظيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي، المدعو (شاكر وهيب الفهداوي الملقب بأبي وهيب)، مفرحاً. نعم، مفرحاً بالنسبة للكثيرين خصوصاً أولئك الذين احتفلوا بمشهد القتل الرهيب بتلك الصورة المسيئة لعظمة الدين الإسلامي حتى أنهم تبادلوا التهاني عبر وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي، فيما عبّر بعضهم عن الابتهاج والتحذير في الوقت ذاته، فقد قال قائلهم على سبيل المثال: «صلاة الميت 9 ركعات… عليكم أن تذاكروا أيها الكفرة قبل أن تقعوا في يد أبو لهيب، فهو لا يرحم». بالمقابل، لم تجد لا من هيئة كبار العلماء ولا من اتحاد علماء المسلمين ولا من الأزهر الشريف ولا من أي عالم من كبار علماء الأمة من اعترض أو أصدر بياناً أو أرضى ضميره بكلمة حق من جوهر الدين، تدين مثل هذه الأفعال الوحشية الهمجية لتيار «قتل الحياة». ما شأنك أنت وديانة الناس؟ ومن قال لك أن الأحكام على غير المسلمين تصدر هكذا كما فعلت أنت تماماً، وكما فعل جدك أبو لهب؟.

وفي الحقيقة، لست أجد تلك الجريمة التي شاهدها الملايين على موقع اليوتيوب بتاريخ 25 أغسطس/ آب 2013، وتضمنت مشاهد إعدام ثلاثة من سائقي الشاحنات السوريين في صحراء الأنبار في العراق، لا أجدها غريبةً على أهل القتل والدمار والوحشية وسفك الدماء! لكن الغريب المذهل، هو أنه ومنذ سنوات، لم نجد مواقف واضحة من هيئة كبار العلماء ولا من الأزهر الشريف ولا من منظمة التضامن الإسلامي ولا من اتحاد علماء المسلمين، ردة فعل حقيقية وقوية تدين هؤلاء القتلة وتدين مشايخ الطين من المحرضين وأصحاب دعوات القتل والدموية بشريعة الجاهلية. هذا الصمت الرهيب ينبئ بأن ضمائر بعض كبار العلماء ماتت بالفعل، وأن هذه الجرائم ستستمر ما لم تنطلق مواقف مشتركة على مستوى الأمة الإسلامية للتنديد ومواجهة هذه الأفعال. وإلا، فالمزيد من الإرهابيين الصغار سيكبرون ويكبرون وهم يقتلون باسم الإسلام، دون فهمٍ للدين ولا لمقاصد الشريعة ولا لأحكام الشرع. سيكونون رهناً لأحكام الأهواء والمزاج والقتل على الهوية، وهو أمرٌ خطير سيتحمله كل علماء المسلمين وأولهم هيئة كبار العلماء وعلماء الأزهر الشريف.

كان أولئك السواق الثلاثة يتوسلون! في ظني، فإنهم وغيرهم من العرب، غير المسلمين، أصبحوا في مرمى ثقافة دموية تضع القتل مقابل لقمة العيش. ولنتساءل: «ما حال أهلهم وأطفالهم وهم يشاهدون ذلك المقطع؟ ثلاثة رجال خرجوا يطلبون لقمة العيش، وسواءً كانوا مسلمين، كفاراً، مسلمين غير ملتزمين، نصيريين، شيعة، علويين، مسيحيين، هل يتوجب عليهم أن يخضعوا لمحاكمة في الصحراء على هيئة محاكم التفتيش الهمجية، ثم تصدر الأحكام بقتلهم على يد مجموعةٍ من أعداء الإسلام المدعين نصرة الإسلام؟ طبعاً كان أبو لهيب، شاكر وهيب الفهداوي، هو المحقق وهو القاضي وهو الجلاد. لكن الحقيقة الواضحة من ذلك الفعل، هو أن القوات الأميركية نجحت إلى حد كبير في تخريج مجموعات من المجرمين من سجن «بودكا» في البصرة، لأنهم يدربون من يعتقدون أنفسهم مسلمين، ليصبحوا من أشرس فئات التشدد الديني. أي أنهم تربوا على «الإسلام الأميركي الذي يرفع التكبير عقب القتل والتفجير».

في حديثه عن علاقة الإسلام بالإرهاب، يضع المفكر والباحث محمد الحنفي مدخلاً يسيراً مفهوماً وهو أن حقيقة الإسلام تقتضي أن يسود السلام بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم من معتنقي الديانات السماوية الأخرى، وسيادة السلام تقتضي إجراء الحوار الهادئ بين المسلمين حول القضايا الخلافية والاختلافية وصولاً إلى خلاصات تتحقق معها وحدة المسلمين على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وتباعد أقطارهم، وتدفع بهم إلى البحث عن سبل تجنب ممارسة الإقصاء على غير المسلمين بالسعي إلى تجنب الخوض في أمور دينهم، وتوفير شروط ممارستهم لحريتهم العقائدية.

فالإسلام كدين انتشر على أساس الحوار والإقناع والاقتناع، امتثالاً لقول الله عز وجل: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» (النحل: 125)، وهو لا يسعى أبداً إلى محاربة العقائد الأخرى، بل يتحاور معها ويحترمها ويشاركها أهدافها ما دامت توحد عبادة الله، وهو مصداق الآية الكريمة «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله» (آل عمران: 64)، وإذا كان هذا هو سلوك المسلمين الذين تلقوا تربيةً روحيةً سليمةً انطلاقاً من الدين الإسلامي الحنيف تجاه غير المسلمين من أهل الكتاب، وتجاه الذين لا دين لهم، فإن احترام المسلمين يكون أولى كيفما كان الاختلاف معهم، وكيفما كانت تأويلاتهم للنصوص الثابتة من الكتاب والسنة، ومهما كان المذهب الذي يقتنعون به، وهو ما يجيز لنا أن نقول بأن الدين الإسلامي هو دين السلام، والسلام يعني تجنب إلحاق الضرر بالغير مع سبق الإصرار والترصد، سواء كان الضرر مادياً أو معنوياً، وهو ما يتنافى مع الشريعة الإسلامية التي تنهى عن ذلك. فقد ورد في القرآن الكريم «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» (المائدة: 32). فالسلام إذن هو منهج إسلامي سام، في إطاره يمكن الحفاظ على سلامة الإنسان مادياً ومعنوياً، والسلام نقيض الإرهاب الذي يتفق الجميع على مناهضته مهما كان مصدره .(انتهى الاقتباس).

وحتى لا يأتي أحد فيملأ التعقيبات على المقال بكلمة: «ماذا عن قتل أهل السنة؟ وماذا عن قتل الشيعة؟ وماذا عن قتل المسيحيين؟ لماذا لم تشر إليهم»، فأقول: «كل ما سبق ينطبق على كل همجي وحشي جاهلي يحمل السلاح ويقتل بالهوية أياً كان مذهبه… اتسندوا».