محمد عبدالقادر الجاسم

مجرد توقع لا أكثر!

ماهي توقعاتك بشأن حكم المحكمة الدستورية؟
أتلقى هذا السؤال بشكل يومي تقريبا، وكنت أجيب إجابة تقليدية استقر رأيي عليها منذ زمن بعيد، وهي: “ليس لدي توقع محدد”!

فبحكم عملي في المحاماة، تعلمت أنه من الخطأ أن يعلن المحامي توقعاته بشأن الأحكام، ذلك أن تقديرات القضاة تخضع لاعتبارات قد لا يدركها أحد، فالقانون ليس “سيد الموقف” دائما، والقضاة لديهم “سلطة تقديرية” تتحكم كثيرا في أحكامهم. أما بشأن المحكمة الدستورية، فمن المعروف أن المحاكم الدستورية لا تحكم وفق اعتبارات دستورية أو قانونية بحتة، بل أن للاعتبارات العملية (السياسية والاجتماعية والاقتصادية) نصيب مهم من التأثير جنبا إلى جنب مع النصوص الدستورية والقانونية. متابعة قراءة مجرد توقع لا أكثر!

سامي النصف

قصة أو غصة التعويضات العراقية!

: سامى عبد الطيف النصف

في عام 1990 غزا صدام الكويت وكان ضمن ما استباحه الاستيلاء على طائرات «الكويتية» القابعة على الأرض، في عام 1991 تحررت الكويت وتم «استثناء» الكويتية من التعويضات الحكومية، مما دفع «الكويتية» للاقتراض من البنوك لشراء الطائرات وإصلاح ما تم هدمه ونهبه، مما يعني بداهة أن أي تعويض عن الطائرات التي سرقت أو أحرقت أو دمرت يجب أن يذهب الى ميزانية «الكويتية» مباشرة لا ميزانية الدولة التي تتسلم ومنذ ذلك اليوم البعيد والى يومنا هذا تعويضات تقدر بعشرات المليارات من العراق، ولم تطالب «الكويتية» قط بأن يذهب لها جزء من التعويضات الحكومية لسداد ما دمره الغزو كحال جميع القطاعات الاخرى في الدولة.

***

بقيت «الكويتية» تقاضي «العراقية» وتدفع من ميزانيتها أتعاب المحاماة الباهظة ويدخل في ميزانيتها أي مبالغ يتم تحصيلها عبر الأحكام التي تصدرها المحاكم البريطانية ولو كانت الدولة هي من يستحق تلك التعويضات لوجب أن تكون هي من بدأ برفع القضايا وقبل ذلك من فاوض قبل أشهر الطرف العراقي وتحمل المخاطرة المصاحبة لتوقيع تسوية 500 مليون دولار فيما لو لم يلتزم الطرف الآخر بدفع ذلك المبلغ لأي سبب كان، الحقائق تظهر أننا من فاوض ووقع وتحمل المخاطرة وحصّل الأموال التي نتج عنها خير عميم، حيث أغلق ملف الحدود وتعويضات المزارعين… إلخ، وفي هذا السياق التشريع الذي نص على تحويل أموال التعويضات للخزانة العامة هو «نفسه» الذي نص على تسديد خسائر «الكويتية» الذي لم ينفذ حتى الآن.

***

الأغرب من ذلك الموقف الغريب من يقول ان تعويضات «العراقية» ستذهب للخزانة العامة للدولة وكأن «الكويتية» ملكية خاصة وليست عامة للدولة، ان الخزانة العامة فائضة ومكدسة بالأموال التي تذهب لقطاعات صغيرة من الشعب الكويتي كحال مديونيات البنوك التي ذهبت للقطاع الخاص دون رغبته في الوقت الذي تحرم منها ملكية عامة كحال «الكويتية» التي يستفيد من دعمها الشعب الكويتي بأكمله من مواطنيه ومقيميه ويحد من نزيف عشرات ملايين الدنانير التي تذهب لشركات الطيران غير الكويتية التي لا قيمة مضافة لها على الاقتصاد الكويتي بعكس حال شركات الطيران الكويتية التي توظف وتشتري من الاسواق المحلية.

***

آخر محطة: منح الضمانات لموظفي «الكويتية» دون دعم الشركة التي يعملون بها هو أقرب للمثل العامي القائل: العملية نجحت ولكن المريض ذهب للمقبرة، العجيب أن هناك من أهل المريض الضحية من يفرح بنجاح تلك العملية الفذة وهي أمور تحدث فقط في الكويت!

 

حسن العيسى

في سوق الصفافير

قرار إلغاء اللجنة التشريعية قانون منع الاختلاط بالجامعة والتعليم العالي مثله مثل الذي أطلق ريحاً في سوق الصفافير، وهذا مثل كويتي، حيث يكثر طرق النحاس في هذا السوق وتعلو الضوضاء، فلا أحد يسمع، ولا أحد يكترث بالإنجاز "التقدمي" لقرار اللجنة، فبمجرد إعلان قرار اللجنة تسابق نواب "طالبان"، ومن في حكمهم، إلى إطلاق تصريحاتهم المعادية للقرار، مع تعهٌّد قاطع من قِبلهم برفض القرار في خيمة هذا المجلس الأعور، حتى نعتَه أفذاذهم بأنه في حكم الرذيلة وينتهك أعراف الدولة وقوانينها.
 أما الحكومة فهي غير مكترثة أساساً بمثل هذا القرار، وحسب تصريح أحد أعضاء اللجنة فهي (الحكومة) ستترك أمر التصويت عليه لنوابها، بمطلق حرياتهم إزاء "رفض القرار"! فمنذ متى اكترثت السلطة بالتعليم ونوعيته الرديئة؟! فمادامت قضايا التعليم المزري لا تمس مفهوم أمن الدولة، كما يفهمه شيوخنا، ولا سلطان أصحاب السلطان، فستظل، كما كانت، في آخر اهتمامات السلطة، حالها حال الكثير من أحوالنا المتردية بدولة "مو ناقصنا شي".
 قرار اللجنة التشريعية لن يؤلف قلوب التقدميين الواعين، ولن تكسب السلطة المتوارية خلف هذا القرار أي شيء منه، فالواعون يدركون أن الشرعية الدستورية الغائبة عن هذا المجلس ولجانه، بداية ونهاية، لن تعود بمثل ذلك القرار، وأن هذا القرار لن يضيف أي مصداقية بشأن عزم السلطة أن تضع الدولة على خط سير التقدم والحريات الغائبة، ويبدو واضحاً أن مثل ذلك القرار قد صدر بعكس التيار الذي يسود الكويت والمنطقة العربية بصفة عامة، التي تتقدم سريعاً نحو الماضي والتراث المحافظ المغلق في أيام "ربيعها" المغبر، ولا يظهر أن شعوب المنطقة بلغت من الوعي الحضارى لتزيح أنظمة الحكم المطلق وتحل مكانها نظماً تؤمن بالتقدم والحريات الإنسانية، فتلك الأنظمة الحاكمة، منذ بداياتها مع استقلال دولها، وجدت في الفكر الديني العوض الكامل عن غياب الشرعية الديمقراطية، وكان الفقه الديني وبرميل النفط بمنزلة العكازين اللذين تسير عليهما تلك الأنظمة المتخلفة والخارجة من جوف مجتمعات عشائرية مفككة عرقياً وطائفياً، ولم يكن لها أي معرفة وإدراك لمفهوم الدولة القومية.
 إذا كانت اللجنة التشريعية تريد حقيقة أن تضع لبنة صحيحة في بناء الدولة، فأمامها قوانين تزخر بالظلم واللامساواة وتنضح بالتخلف الحضاري، من قانون يحظر منح الجنسية لغير المسلمين، إلى قانون يغلّ يد القضاء عن النظر في مسائل الجنسية والإبعاد الإداري ودور العبادة، إلى قوانين المطبوعات والنشر، إضافة إلى مواد كثيرة في قوانين الجزاء تضع الأغلال على الفكر وحرية التعبير، وتزج بأصحاب الرأي في غياهب السجون، والقائمة ممتدة بقوانين القهر والتخلف، لكنها كلها أبعد ما تكون عن أنف اللجنة وفكرها.

احمد الصراف

وهم الفضيلة في مجتمعاتنا

هذا ليس ردا على مقال سبق ان كتبه الزميل فخري شهاب، وما أثاره من لغط في حينه، بقدر ما هو رد على انطباع عام يؤمن به كثيرون، مفاده أن المجتمعات الغربية عامة تتسم بالانحلال والتفسخ الأخلاقي، وأن الفضيلة والعفة والشرف هي من سمات مجتمعاتنا، وأن للعادات والتقاليد دورا في الحفاظ عليها. يقول الزميل: إن «الأفكار» كجراثيم الدرن، سريعة الانتشار عبر الحدود، فظهورها اليوم في الغرب مقدمة لظهورها عما قريب بيننا! وهنا لا نتفق معه طبعا في وصف «الأفكار» بالدرن، فقد نسي أو تناسى أن الغرب والإنسانية برمتها تدين بكل تقدمها لمجموعة أفكار فلسفية وعلمية، والإنسان بغير فكر هو حيوان أعجم. كما أن الفكر الغربي الحديث بالذات، هو الذي أطاح بمسلمات عتيقة وخاطئة، وأوصل البشرية لما هي عليه من تقدم ورقي حضاري وتقني! ويقول أيضا ان دراسة رسمية (رسمية!) لـ «إن بي سي» N.B.C الأميركية كشفت أخيراً عن معالم واتجاهات في عالم الزواج لم تكن معروفة من قبل، فمن دراسة أجريت بين عام 2002 وعام 2010 تبين أن الشباب من الجنسين بدأوا منذ التسعينات يفضلون بشكل مطرد «التعايش» بعضهم مع بعض على الارتباط بالزواج! كما أن النسبة الى ارتفاع، فمن %34 في عام 1995، ارتفعت إلى %43 في 2002، ثم ارتفعت إلى %48 اليوم. واضاف أن الدراسة بينت ان ربع النساء الأميركيات، بين سن 15 عاما و44 عاما قد «تعايشت» مع رجل ما، وإن هذه النسبة ترتفع كلما ارتفعت أعمارهن. وتساءل الزميل إن كان هذا ما ينتظر المجتمع الاسلامي بعد حملات التحرر التي يسعى الليبراليون جاهدين لتطبيقها؟ وقال انه ناقش هذه الفكرة مع بعض المفكرين في الكويت، فارتفعت أصوات من طرح السؤال محتجين! وقال انه سألهم إن كانوا يرضون بالمصير ذاته لبناتهم ومجتمعاتهم؟! وسؤال زميلنا هنا يفتقد الجدية، خاصة في مجتمع محافظ، أو هكذا يريد الناس أن يظهروا! ولا أدري لماذا نربط مصير أي امرأة، خاصة إن كانت بالغة ومتعلمة بما يكفي، بموقف والدها أو اخيها منها مثلا؟ ولماذا لا يكون لها كيانها وشخصيتها، وإلى متى يجب أن يستمر مجتمعنا الذكوري في تحكمه بالمرأة وبما تفعل؟ وهل يعتقد صاحبنا أن هناك أسرة، في أي مجتمع كان، حتى الغربي الذي يصفه بالتحلل، تريد لابنتها المعاشرة والحمل ومسؤولية تكون سببا في تحطم حياتها أو حياتهم للأبد؟ وبالمقياس نفسه هل هناك اب يرضى لابنه المراهق ممارسة ما شاء من حرية جنسية، فقط لأنه ذكر؟ ألا يمكن أن يترتب على مثل هذه العلاقات مشاكل وأمراض ومسؤوليات مدنية؟ وبالتالي فغالبية الأسر الغربية التي عرفتها أو قرأت عنها لن تختلف إجاباتها عن سؤال الزميل عن إجابة أي أب شرقي لو وجه اليه سؤال يتعلق بموقفه من تصرفات بناته وأبنائه! ولكن هل هذا هو مقياس تقدم ورقي وشرف أي مجتمع؟ وهل الشرف يقاس جنسيا فقط، أي بتعدد حالات «التعايش» من غير زواج؟ وكيف نسخر من نسب التعايش المرتفعة في المجتمع الأميركي في ظل غياب تام لأي أرقام عن مجتمعاتنا؟ وهل من الإنصاف الافتراض، جزافا، بأن مجتمعاتنا أكثر عفة من غيرها! ألم يكن من المفترض على الزميل مقارنة ارقام بأرقام؟ أم أن الشرف الرفيع يقطر من أهدابنا من دون ان نراه؟ وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com