عادل عبدالله المطيري

المحكمة الدستورية والحكومة المنتخبة

ربما يدخل يوم الأحد القادم 16/6 التاريخ الكويتي من أوسع أبوابه، إذا حكمت المحكمة الدستورية في الطعون الدستورية المدرجة أمامها، وبلاشك سيكون لأحكامها الدستورية والنهائية تأثير كبير علي الحياة الديموقراطية الكويتية.

ينتظر أغلب المراقبين السياسيين بفارغ الصبر، الفصل في الطعن الدستوري على مرسوم الضرورة الخاص بالصوت الانتخابي الواحد، ويغفلون عن الطعن الدستوري الآخر والذي أعتبره – الطعن الأكثر أهمية بتاريخ الكويت، وهو الطعن في مرسوم حل مجلس أمة 2009، والذي تقدم به نواب سابقون، حيث اكدوا في طعنهم الدستوري أن الحكومة وبعد تشكيلها لم تتمكن من الحضور إلى مجلس الأمة ولم تؤدي اليمين الدستورية أمام نوابه، وبذلك لم تستكمل شروط عملها الدستوري ولا يحق لها أن ترفع كتاب عدم التعاون والذي على أثره تم حل مجلس أمة 2009.

بما أن المحكمة الدستورية لم يسبق لها أن تعرضت لمثل هذا الطعن الدستوري الفريد من نوعه، تصوروا معي – لو حكمت المحكمة الدستورية بإلغاء هذا المرسوم لهذه الأسباب بالتحديد، وهو عدم أداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة أمام البرلمان – سيترتب عليه إمكانية أن ترفض الأغلبية البرلمانية ولأول مرة في التاريخ السياسي تعيين رئيس حكومة أو حكومة جديدة قبل أن تباشر عملها، وسيكون هذا الإجراء (الامتناع عن حضور جلسات مجلس الأمة من الأغلبية البرلمانية) بمنزلة عدم إعطاء الثقة للحكومة عند تشكيلها

ومن شأن مثل هذا الحكم الدستوري أن يعد مدخلا لفرض الحكومة البرلمانية والتي سعى الحراك السياسي مؤخرا بالمطالبة بها، والتي كنا نعتقد باننا بحاجة لتعديلات دستورية للوصول إليها.

أما الحكم الدستوري الثاني والذي يتعلق بمرسوم الضرورة والخاص بالقانون الانتخابي ذي الصوت الواحد، فلا اعتقد انه سيبتعد عن الرأي السابق للمحكمة الدستورية عندما نظرت بقانون الدوائر الخمس وحصنته قائلة إن قانون الانتخاب خاص بالمشرع وحده دون سواه، والمشرع في الدستور الكويتي هو «صاحب السمو ومجلس الأمة معا» إلا في حالات خاصة كما في المادة 71 من الدستور الكويتي حيث يكون لسمو الأمير منفردا حق التشريع بمراسيم ضرورة عند غياب مجلس الأمة.

لذلك سيكون هذا الحكم الدستوري بمنزلة التفسير لمبدأ الضرورة وحدود تطبيقاته.

ختاما – ربما تحدث أحكام المحكمة الدستورية تطورا سياسيا كبيرا لم يكن بحسبان أحد.

ففي كل مجتمع ديموقراطي وحي – ينشأ عند ممارسة الصلاحيات بين السلطة التشريعية والتنفيذية بعض الاختلاف وخصوصا عندما تظهر بعض الأمور المستجدة والتي يجب أن تحسمها السلطة القضائية، فإما أن تذهب مع التوسع في الاتجاه البرلماني وتقيد الصلاحيات الرئاسية أو العكس.