علي محمود خاجه

بصوت عال

هو مجرد تفكير بصوت عال أشارككمفيبه، وقد أكون مصيباً أو مخطئاً… لا أعلم، ولكني أقدم الفكرة لكم إما لتقويمها وإما لاعتناقها، بسم الله نبدأ. أزالت المحكمة الدستورية بحكمها الأخير المخاوف المستحقة من التفرد بالقرار تحت عنوان الضرورة، فنظرت وقيّمت وحكمت بضرورة مرسوم وعدم ضرورة آخر، وهو ما يعني بشكل أوضح أن هاجس صدور مراسيم الضرورة في أي وقت وبأي اتجاه تلاشى، لأن المراسيم حسب حكم "الدستورية" خاضعة لرقابتها وفحصها وتقييمها، تلك حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل. وكذلك حصنت المحكمة الدستورية نظام "الصوت الواحد" للناخب، وهو النظام السيئ جداً باعتقادي لأنه يعزز الطائفية والقبلية بشكل أكبر مما كان الوضع عليه في "الأصوات الأربعة"، فإن كان الناخب يصوت على أساس قبلي أو طائفي، وهو يملك أربعة أصوات فإنه سيتطرف أكثر بصوت واحد ولن يعتدل، والصوت الواحد يعزز الفردية في وقت تسعى فيه الديمقراطيات إلى تعزيز جماعية العمل، عموماً فإن تحصين نظام الصوت الواحد أيضاً بات حقيقة غير قابلة للنقاش أو الجدل. طيب، كيف نتعاطى مع هذا الوضع؟ نظام انتخابي سيئ قائم ومحصن وحكومات متعاقبة لا ترقى إلى مستوى إدارة دولة بل تنتهز الفرص لزرع الفساد، البعض يدعو إلى المقاطعة لمبررات تكون أحياناً مفهومة شعارها لا جدوى من المشاركة ما دامت مساعي الإصلاح تصطدم بمراسيم ضرورة في أي حين، وهو أمر وإن كنت أتفهمه إلا لأنني أعتقد أن المحكمة الدستورية قدمت ضماناً لنا بأنها أعلى من مراسيم الضرورة كما ذكرت آنفا، كما أن المقاطعة دون هدف وبرنامج واضح قابل للتطبيق (وهي الحال اليوم) لن يحقق أي شيء يذكر على الإطلاق، خصوصاً أن مجاميع المقاطعة لمجلس ديسمبر لم تكن لهم هوية أو رؤية لتنفيذ خطوات الإصلاح إلا من رحم ربي، وهو مؤشر على حال المقاطعة في المستقبل إن لم يكن أسوأ. البعض الآخر وأنا أميل إليه يعتقد أن المشاركة في العملية الانتخابية ومحاولة تقديم سلسلة إصلاحات هو الخيار الأفضل، نعم النظام الانتخابي القائم سيئ، بل قد يكون الأسوأ ولكنها ليست المرة الأولى التي نشارك بنظام انتخابي سيئ ونحقق الإصلاحات، ولنا في مجلس (٧١) المنعقد بعد تزوير (٦٧) خير دليل، ولنا في مجالس الدوائر الـ(٢٥) التي أصلحنا من خلالها النظام الانتخابي دليل آخر، وهو ما يعني أن فرص الإصلاح من الداخل وإن كانت ضئيلة إلا أنها أكبر من  فرص الإصلاح بالمقاطعة دون برنامج أو منهج. لقد وفرت لنا المحكمة الدستورية ضمانة كنا نتطلع إليها بعدم إطلاق يد مراسيم الضرورة، وهي خطوة عملاقة تضمن عدم استمرار المراسيم بالشكل الذي مورس قبل أشهر، وأثبتت انتخابات ديسمبر أنه بالإمكان وصول عدد كبير من الراغبين في الإصلاح إلى المجلس، ولم يتبقَ سوى الوصول إلى المجلس وإصلاح ما يمكن إصلاحه أفضل من المقاطعة دون منهج أو برنامج. هل هناك حلول مثالية؟ لا أعتقد، لذلك لابد من التعاطي مع الوضع بمعرفة أي منها يحقق مكتسبات أكبر، كما أن مشكلة الكويت ليست في نظامها الانتخابي أبداً وإن كان جزء بسيط من المشكلة، بل مشكلتنا هيكل متكامل من الفساد لابد من إصلاحه بدلاً من الدوران في دائرة ضيقة عنوانها "أربعة أصوات" أو "صوت". مجدداً تلك فكرة أقولها بصوت عال… قد أكون مخطئاً أو مصيباً فيها.

سامي النصف

ساسة يقاطعون ومواطنون يشاركون!

لو سألنا الاغلبية العظمى من الشعب الكويتي عما يريدونه لكويت اليوم والغد لقالوا نريد مصالحة وطنية شاملة ومشاركة شعبية واسعة في الانتخابات النيابية القادمة من جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي خاصة بعد ان اعطى حكم المحكمة الدستورية الفرصة الذهبية لمن قاطع وندم بأن يشارك ويساهم بتشكيلة افضل في المجلس القادم.

***

لذا بودنا ان تشهد الانتخابات القادمة سواء قامت على معطى الصوت الواحد المعمول به في دول العالم اجمع، او الصوتين في حال الوصول الى حل وسط قائم على سياسة «لا غالب ولا مغلوب»، أن تتصافى القلوب وتتوحد الصفوف، وان يبتعد البعض عن تكرار مقولة «قمعية لا ديموقراطية» مضمونها الحكم على خطأ، المحكمة الدستورية على خطأ، الخبراء الدستوريون المختصون على خطأ، الناس على خطأ وهو فقط الذي على صواب عندما يدعو للانتخابات على معطى الاربعة اصوات التي تخدم اغراضه الشخصية ومطامعه الذاتية!

اننا ومعنا اغلب الشعب الكويتي نود لو شارك جميع الساسة معارضون وموالون في الانتخابات القادمة كي تتوحد صفوف الشعب الكويتي في منطقة تتحول فيها سريعا التباينات السياسية الى تخندقات عسكرية تمنع الارزاق وتقطع الاعناق، ان على القيادات السياسية التي ألزمت نفسها بمطالب استحالة لا يمكن تحقيقها او مواقف لا يمكن لها ان تتراجع عنها، ان تبقى على مقاطعتها التي لا نودها وقد سبق ان حذرنا منها وان تنزل بدلا منها شبابا ودماء جديدة، ومعها حث الاتباع على المشاركة القوية في الانتخابات القادمة كيلا تلام تلك القيادات على نتائج الانتخابات اللاحقة كما تم بعد ظهور نتائج الانتخابات السابقة.

***

آخر محطة

(1) ليس اضر على تيار سياسي من اعلان المقاطعة ثم الالتزام بها، فقد قاطع الموارنة الانتخابات النيابية اوائل التسعينيات فتحولوا من الجماعة الاقوى في لبنان الى القوى الرابعة فيه.

(2) وقاطع السّنة الانتخابات النيابية في العراق فتحولوا من الجماعة الاقوى الى القوة الثالثة، المقاطعة تضعف دائما من يقوم بها، كون ذاكرة الشعوب كما يقول عالم الاجتماع المعروف غوستاف لوبان «سريعة النسيان وأمزجتها سريعة التقلب».

احمد الصراف

الأخلاق والضرائب

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
يعتقد القارئ محمد ثابت أن اي مجتمع لا يمكن أن يستحق العيش فيه إن لم يهتم بالفئات الضعيفة من مواطنيه كالأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وهؤلاء لا يمكن العناية بهم بغير نظام ضرائب فعال، وليس بالصرف من صندوق ريعي لم يبذل أي جهد في تكوين رأسماله! كما يمكن القول ان نجاح أي رجل اعمال يرتبط بمواهبه الشخصية ومدى مثابرته على العمل الجاد، وما سبق أن قدمته له عائلته والدولة من رعاية نفسية وجسدية وعقلية، وبالتالي يجب عليه القيام، من خلال ما عليه دفعه من ضرائب، وليس بمبادرة خير منه، المساهمة في مشروع رفاهية المجتمع، ليس لتمكين الحكومة فقط من الاستمرار في تقديم خدماتها له ولغيره، بل لترشيد أخلاق أفراد المجتمع أيضا، ومنحهم إحساسا بالمسؤولية عن إدارة الدولة، وحقهم في السؤال عن أين وكيف ينفق ما يدفعونه من ضرائب.
ما يحدث في الكويت، الدولة الريعية الصرف، امر مفسد وغريب، فهناك رسوم شتى تفرض على المواطن والمقيم بصور متعددة، ولكنها ليست بالضريبة، ولا تساهم في تشكيل أخلاقيات المجتمع، ولا تعريفه بفلسفة الضرائب! وإن كانت السلطة تعتقد أن فرض الضرائب سيفقدها هيبتها ويعطي دافعيها الحق في مساءلتها، فهي لا شك مخطئة! فعدم وجودها لم يمنع السؤال البرلماني، ولكنه سؤال لا علاقة له بما يخلقه دفع الضريبة من سلوك إيجابي ومشاركة اجتماعية في تحمل أعباء إدارة الدولة، وبالتالي فإن كل تأخير في فرض الضريبة معناه دفع المواطنين والمقيمين أكثر للإمعان في سلبيتهم، واعتبار ما يجري لا شأن لهم به طالما أن الحكومة أو السلطة هي التي تعطي وتمنح وتكرم! لا شك ان هناك فئات، وبخاصة من كبار رجال الأعمال وملاك العقارات، وحتى من اصحاب الرواتب العليا، يسرهم الوضع الحالي، ولكن هؤلاء لا يعلمون مدى خسارة المجتمع من عدم وجود نظام ضرائب عادل. وفي بريطانيا ينتظر اناس بلهفة كل عام مالي، عشت جزءا منها على مدى سنوات، خروج وزير الخزانة The Exchequer من اجتماع مجلس الوزراء ملوحا بحقيبة حمراء قديمة لوسائل الإعلام، تتضمن موازنة وزارته عن السنة التالية، ومنها شرائح الضرائب الجديدة أو المعدلة التي ستفرض على مختلف السلع والخدمات، والتي سيكون لها تأثير مباشر في كل فرد، وستجد أن الجميع تقريبا سيقومون بالتقليل من استهلاكهم للقهوة مثلا، لأن الضرائب زادت عليها، والإقبال على الشاي لأن الضرائب خفضت عليه، وهكذا بالنسبة للكتب ورسوم الجامعة وأنواع المركبات والسلع المختلفة. وبالتالي فإن الضريبة ليست مالا فقط يجبى لتمويل أنشطة الحكومة، بل أداة فعالة ايضا لترشيد استهلاك الفرد، وتقويم أخلاقياته، وتوجيه سلوكه الوجهة التي تراها الحكومة «المنتخبة» أكثر عدلا ومناسبة للمجتمع.
ملاحظة: %70 ممن أطلقت أسماؤهم على الشوارع لا يستحقون أي تكريم، والبعض منهم شارك في نهب ثروات الوطن وتخريبه! ومن ساهم في خيره من أمثال الجنرال هستد لم يحصل على شيء، وهذا أمر يمكن تقبله، وإن على مضض، ولكن ما ذنب عثمان خليل عثمان، الخبير الدستوري الذي كان له الفضل الأكبر في وضع الدستور؟ وماذا عن علماء افادوا البشرية جمعاء بخير اختراعاتهم واكتشافاتهم، ولن نذكر منهم سوى ثلاثة ساهموا في تخفيف آلام مئات الآلاف منا، هذا غير مليارات البشر الآخرين، امثال الكسندر فلمنج، مكتشف البنسلين، ووليم مورتون، مكتشف غاز التخدير، ووليس كارير، مخترع اول جهاز تبريد الهواء، في عام 1902.

مبارك الدويلة

حان وقت التغيير

بعد حكم المحكمة الدستورية الاخير والقاضي بإبطال انتخاب مجلس بوربع، اصبح لزاماً ان تتخذ السلطة قراراً بمحاسبة المستشارين في ادارة الفتوى والتشريع والمستشارين في الديوان الاميري من المقربين لسموه، والذين يؤثرون في طبيعة المراسيم الاميرية! لن يحتمل البلد مثل هذه البهدلة والمهانة للناس ولكل من يحترم نفسه عندما يرى المحكمة تلغي انتخابات بسبب خطأ اجرائي! انا لا اعترض على ابطال المجلس او اتحسر على ذهابه، فانا اعلم جيداً انه مجلس نبت من حرام، حيث صرفت لانجاحه ملايين من المال العام، وبغير وجه حق. لكن اعترض على ان نبني قراراتنا المصيرية على قواعد غير سليمة قانونياً وعرضة للانهيار في اي لحظة، كما حدث! لذلك لا بد من تغيير كل من تسبب في وصولنا إلى هذا الوضع المأساوي، وشارك، بشكل او بآخر، في هذا الجرم.
ومن مستلزمات التغيير بعد هذا الحكم، نظرتنا الى مرسوم الصوت الواحد، فمع انني اعتقد ان الحكم الذي صدر كارثي على مستقبل العمل البرلماني، حيث اعطى للسلطة حق تغيير قانون الانتخاب متى ما رأت ضرورة لذلك يقدرها صاحب الشأن، الا انني اعتقد انه لا يجوز بعد اليوم ان ننعت المجلس المقبل، إن جاء وفقاً لآلية التصويت الاخيرة، بأنه مجلس غير دستوري. بل اصبح بعد صدور هذا الحكم أي مجلس يأتي وفقا للصوت الواحد مجلسا دستوريا. ولكن…؟؟! اعتقد يجوز للمعارضة ان ترفض المجلس ولا تتقبله، ليس لأنه غير دستوري، بل لانه جاء وفقا لآلية ومبدأ يضران بالمصلحة العامة ويفرغان مجلس الامة من محتواه. يعني ممكن من خلال هذه الاداة والصلاحية ان اوجد مجلس امة لا يمارس دوريه الرقابي والتشريعي بشكل سليم!
لذلك، حان الوقت كي تغير المعارضة من خطابها السياسي إن ارادت ان تجد قبولا من الشارع، فيكون العمل لاظهار وابراز العيوب المصاحبة لاي مجلس يأتي وفقاً لآلية مراسيم الضرورة، والسعي الحثيث لاقناع صاحب الشأن أن أي مجلس لا يأتي وفقاً لقانون يقره مجلس الامة المنتخب انتخاباً حراً مباشراً فانه سيكون استمراراً للازمة السياسية واستمراراً للاحتقان الذي يشل البلد من شماله الى جنوبه!
البعض يرى ان المجلس الاخير انجز ما عجزت المجالس الاخرى عن انجازه. واضرب لكم بعضا مما يعتبرونه انجازا لهم لنعرف مدى التسطيح الذي يمارسونه! خذ مثلاً قانون اسقاط الفوائد، حيث تم اسقاطها عن ربع الكويتيين المقترضين فقط، ومع هذا لم تصدر اللائحة التنفيذية للمشروع، يعني قلة قليلة فقط استفادت من المال العام ولم تكن ديونها تشكل مشكلة تستلزم حلها. مثال آخر، قانون هيئة الشفافية، التي مهمتها الرقابة على بعض الاعمال الحكومية، حيث نص القانون ان الحكومة تشكل مجلس ادارة هذه الهيئة التي ستراقب عليها، ولعلنا لاحظنا في الفترة الاخيرة كيف كانت السلطة تعاقب من لم يشارك في انتخابات الصوت الواحد او من كان يشارك في بعض فعاليات المعارضة! هذه امثلة لنعرف مدى خطورة مجالس تأتي وفقاً لمشتهى السلطة!
قضية اخيرة وهي ان المعارضة إن ارادت ان تستمر بشكل مؤثر وفاعل فلا بد اليوم من توحيد الرايات، فإن كان مقبولا بالامس تعددها فقد اصبح اليوم لزاما توحيدها، ولئن نستمر موحدين ونحن قلة خير من كثرة في حقيقتها غثاء كغثاء السيل.
وأؤكد هنا ما أعلنته الحركة الدستورية الاسلامية مراراً من انها لن تشارك في أي انتخابات تأتي وفقا لمراسيم الضرورة! فإن قيل لماذا وقد اصبحت دستورية؟ نقول لانها مسألة مبدأ! فالمجالس التي تأتي بهذه الآلية تكون عرضة للإلغاء وتغيير الآلية التي تأتي بمجلس خوش بوش، وهذا ما نعتقد ان البلد لم يعد يحتمله.