سامي النصف

الخبرات الأجنبية الحل للكويت و«الكويتية»!

السبب الحقيقي لتقدم الكويت في الحقبة الممتدة منذ منتصف الخمسينيات حتى منتصف السبعينيات، ثم بدء تقدم الدول الخليجية الاخرى عليها منذ منتصف السبعينيات حتى يومنا هذا هو كم الخبرات الاجنبية المقيمة المستعان بها، وكم الاستماع لاستشاراتها وخبراتها وقراراتها.

***

فقد كان الاباء المؤسسون للكويت الحديثة يعلمون بمحدودية قدرات الخبرات المحلية انذاك لذا احضروا افضل واحسن الخبرات الاجنبية المختصة لادارة الوزارات والادارات والمؤسسات والشركات الحكومية واستمعوا وفعلوا نصائحهم فازدهرت الكويت، والامر ذاته حدث من تطور اذهل العالم اجمع وجعلها تستغني تدريجيا وبشكل جاد عن موارد النفط.

***

ان الحل الذي بدأنا به في «الكويتية» ونرى انه يصلح للكويت هو باحضار افضل الخبرات الاجنبية المختصة في العالم لتنهض بالقطاعات المختلفة التي ابتعدت كثيرا عما يسمى بالممارسة الافضل، ووضع افضل القدرات الكويتية معهم للتعلم منهم، وفي هذا السياق استعانت الكويت ذات مرة بـ«سياسي» لايجاد حلول «اقتصادية» للكويت ولم ينجز شيئا بعكس ما حدث لدول الجوار، كونه لا يملك الخبرة في ذلك المجال، حيث لم يسبق له ان حول بلدا مغلقا الى مركز مالي، كما لم يكن مقيما في الكويت طوال الوقت ليتأكد من التطبيق الصحيح لما يدعو له.

***

ان الحديث مرة اخرى عن صرف مئات المليارات التي تبلغ ضعف ما صرف على خطة التنمية دون مردود امر غير صائب، حيث يجب ان تكون هناك دراسات تظهر العوائد المالية المجزية لذلك المشروع غير المسبوق وعمن سيقوم بتسويق الكويت دوليا كي يتقاطر ملايين المستثمرين والسائحين للاستفادة من تلك المشاريع المليارية الخيالية، وعن اي شركات طيران عملاقة ستخدمها وتنقل الركاب لها كالحال مع تجارب سنغافورة ودبي وقطر وابوظبي.. الخ، ودون ذلك التسويق من قبل تلك الخبرات الاجنبية، سينتهي الامر بالاعجال من عملية افلاس الكويت عبر صرف احتيطاتها النقدية الرديف الوحيد للنفط فيها لا فائدة منه للبلد ولا عائد ماليا، فهل تدنت بنا الوطنية لهذا الحد؟ وهل هذا هو اقصى ما وصلت له افكار خبراتنا المحلية؟ والا يعني ذلك حاجتنا للخبرات الاجنبية للتأكد من صحة ما نسوق له؟

***

اخر محطة: يمكن التعلم من اخطاء ماضي «الكويتية» لاصلاح «مستقبل الكويت»، فقد مرت عليها حقب كانت تشتري بها الطائرات الضخمة بالمليارات ثم ترسلها الى المنطقة الممتدة من سيئول شرقا الى شيكاغو غربا دون احضار الخبرات الاجنبية التسويقية اللازمة لملء كراسيها كما تم ذلك لاحقا في شركات الطيران الخليجية العملاقة فانتهى الامر لدينا بخسائر مالية فادحة وفتح واغلاق المحطات دون جدوى لعدم القدرة على ملئها بالركاب.

سعيد محمد سعيد

الكلب… «طلع براءة»!

 

تسببت القناة الأولى الصهيونية في إثارة الرأي العام، الفلسطيني والإسرائيلي، بعد أن بثّت مقطعاً يظهر جندياً صهيونياً داخل مركبة عسكرية وهو يستخدم العنف لإجبار شاب فلسطيني على إخراج بطاقة هويته! ولم يكن ذلك الجندي هو المتهم الوحيد في الواقعة، فالكلب الذي كان معه أيضاً كان مشتركاً في الجريمة حيث هدد الصهيوني الشاب بتقريب الكلب المتوحش المخيف منه بينما كان الشاب يبكي هلعاً.

شخصياً، وربما كان هناك الكثيرون معي ممن شاهدوا تقريراً بثته بعض القنوات الفضائية بشكل محدود وأهملته الصحافة العربية، شعرت بالكثير من الاحترام للكلب الذي بدا أكثر «إنسانيةً» من الجندي الصهيوني! ولم لا؟ فعلى مدى سنين، وخصوصاً في العامين الماضيين، شاهد ملايين العرب والمسلمين وغير المسلمين مشاهد في غاية الأسى لجنود وعساكر ومباحث ومخابرات وقراريص ومخبرين وبصاصين ومعذبين، ليسوا صهاينة بل عرباً ومسلمين، وهم ينكّلون بالناس أشد التنكيل، في الاعتصامات والمظاهرات والمسيرات والاحتجاجات بل وحتى في حال القبض على المواطنين، وكذلك داخل السجون. بالمناسبة، هل تتذكرون سجن أبوغريب؟ وهل تتذكرون كيف أثارت صور الجنود الأميركيين وهم يعذّبون العراقيين بشتى أنواع التعذيب – بما فيها استخدام الكلاب والحراب والسباب والبنادق والسلاسل والقنابل- موجة من الغضب «الإنساني» لدى البشر ذوي الضمائر في كل العالم؟ تتذكرونها دون شك، ويبدو لي أن موجة الغضب تصاعدت أيضاً حينما شاهدنا، خلاف الأميركيين، عساكر في بلدان عربية وإسلامية وهي تفعل ما فعله الأميركيون في سجون أبوغريب… بل وأكثر من ذلك.

عوداً إلى الشاب الفلسطيني والكلب والجندي الصهيوني، ظهر الشاب وهو يبكي من شدة التنكيل الذي تعرض له، ومع أن مقطع الفيديو كان يظهر الشاب وعلى وجهه غمامة لا تظهر ملامحه، إلا أن الجندي قُدم للمحاكمة العسكرية على فعلته الشنعاء تلك وأدين بجرمه! لكن المذهل أن «الكلب الحقيقي» طلع براءة، فقد تبيّن أن ذلك الكلب اقترب من الشاب رغم (تحقيش) الجندي له، لمدة لا تزيد على 40 ثانية فقط، و(لم يكن في نيته – أي الكلب أعزكم الله – إطلاقاً البتة… أن يعتدي على الشاب ولربما كان أكثر عطفاً عليه من وحشية الجندي)… في ذمتكم، ألا يستحق ذلك الكلب الاحترام؟.

ولن نذهب بعيداً، فقبل أيامٍ طالب أحد المذيعين في إحدى القنوات المصرية بشراء «كلاب بوليسية» من الخارج وإطلاقها على المتظاهرين عند قصر الاتحادية ومكتب الإرشاد في «مليونية 30 يونيو»! بل وطالب المذيع بتوزيع الكلاب بواقع 20 كلباً عند قصر الاتحادية، و20 كلباً آخر عند مكتب الإرشاد لمهاجمة المتظاهرين، وستقوم الكلاب بالدور المطلوب منها، في حين أن الشرطة يمكنها المشاهدة أثناء ذلك، فالكلاب، حسب المذيع الفظيع، مدربة وموجودة لدى جهاز الشرطة في مصر، مطالباً مؤسسة الرئاسة باستيرادها من الخارج إذا لم تكن «الكلاب» كافية، قائلاً: «استوردوهم مش خسارة فيهم الفلوس خالص».

وعلى أية حال، فذلك الكلب، وإن تمت تبرئته، إلا أن هناك آلاف الكلاب تورطوا في جرائم ارتكبها الجنود الصهاينة، ويبدو أنهم كانوا مجبرين! فهم لم يتصرفوا تصرفات شخصية من تلقاء أنفسهم، بل هناك من «أجبرهم»، على إثر ذلك، كان لمنظمة «بوتيسليم» اليهودية المدافعة عن حقوق الإنسان موقف حيث رفعت طلباً إلى المستشار القضائي الصهيوني في الضفة الغربية لمنع استخدام الكلاب للاعتداء على المدنيين! وصدر تقريرها بعد أن اعتدى جنود صهاينة على اثنين من الفلسطينيين حاولا الدخول بحثاً عن لقمة العيش في مناطق الكيان الصهيوني. وجاء في رسالة المدير العام للمنظمة، جيسيكا مونتيل، «أن استخدام كلاب ضارية ضد المدنيين في مثل هذه الظروف هو أمرٌ مرفوضٌ أساساً وغير أخلاقيّ. الحديث يدور عن وسيلة خطيرة لا يمكن السيطرة عليها، وهي تدبّ الذعر بين جمهور واسع، كما أدّت حتى الآن إلى إلحاق أضرار جسيمة بمدنيين».

هناك عامل مشترك بين الجندي الصهيوني، ومذيع قناة «الناس» الذي طالب باستخدام الكلاب في الهجوم على المدنيين، ألا وهو أن الاثنين، الجندي والمذيع، كلبان في هيئة بشر، فيما الكلب الحقيقي الذي رفض إرهاب الشاب، أراد أن يضرب للناس مثلاً وهو أن في العالم العربي والإسلامي «كلاباً» بشرية أشد وحشية من أخطر أنواع الكلاب «الحيوانية» الشرسة. وأشد تلك الكلاب البشرية وحشيةً وهمجيةً وضراوةً وخطورةً هي تلك التي تسفك دماء الناس وفق شريعة الغاب… وتُكبر.