سامي النصف

مواقف سياسية وقضايا حدودية!

عندما سبح وحمد وشكر أهل اليسار (يا ليل) المحلي والعربي بالروس والاتحاد السوفييتي، قلنا وكتبنا في حينه بأن الدب الروسي هو المستعمر والقامع الأول لشعوبه فكيف نصدق بالله أنه حليفنا في تحرير شعوبنا من الاستعمار الغربي الراحل دون حاجة لادعاء البطولات في مقاومته، وهو استعمار شرقي أكثر قمعا ودمارا من الاستعمار الغربي، عاد من آمن به وصدقه ابان تلك الحقب ليكتشف الحقائق الجلية والمرعبة هذه الايام فيما يجري في سورية ولا عزاء لـ… الاذكياء!

***

وعندما رفع القوميون صدام وعرفات والقذافي وأمثالهم الى مرتبة من لا يُسألون عن أعمالهم وأقوالهم ومواقفهم، قلنا ان الديكتاتوريات لا تؤتمن، وطالبنا ابان الثمانينيات بتغيير عرفات (مقال المنظمة هل حان وقت التغيير) ومن العراق بأن يحدد حدوده معنا (مقال نحن والأشقاء) وان من لا يحدد حدوده معنا وهو في حاجة لنا ابان حربه مع جيرانه فلن يحددها عندما تنتهي الحرب وتنتفي تلك الحاجة، وطالبنا توازيا بخلق قواعد عسكرية للأميركان تحمينا من حرب الجيران القائمة على حدودنا ولم يسمع أحد وبقيت تلك المطالبات كلمات كتبت على رمال الصحراء فذرتها الرياح.

***

وعندما رفع بعض الإسلاميين من كل التوجهات والطوائف صاحب الفسطاطين ومنشئ القاعدة فوق الأعناق كونه ضرب بعمله الإرهابي الشيطان الأكبر في عقر داره، خرجنا على الفضائيات وكتبنا المقالات نخطئ ما عُمل ونحذر من تداعيات ما قام به في حين كانت بعض التوجهات السياسية المحافظة تبعث الشباب ليصبحوا حطبا في حروبه وبيارق في مخططاته الارهابية، وكنا قد حذرنا قبل ذلك من مخاطر ذهاب شبابنا لأفغانستان ابان غزوات الروس و.. الأميركان وعاد الجميع يبكي ندما على إيمانه بصاحب الفسطاطين وتضحيته بأبنائه لأجله.

***

وفي صيف 2006 التف كثيرون حول النظام السوري وحزب الله ابان حرب لبنان وحذرنا آنذاك من مغامرات الثوريات التي تدفع أثمانها الشعوب من دمائها ومن مخاطر قيام بعض الانظمة باستخدام غيرها كمخالب قط للمناكفة مع إسرائيل الهادئة حدودها معها. وان منجزات الشعب اللبناني تدمر لأجل حروب الوكالة تلك، يعود هذه الايام من هلل لتلك الحرب لموقف خاطئ آخر أكبر كثيرا منه وهو جر بلدنا الآمن وشعبنا المتماسك للحرب الاهلية القائمة في سورية هذه الأيام عبر تأجيج نيران التخندق الطائفي والمذهبي بين أفراده، فهل سيستفيد الشعب السوري الشقيق حقا من انقسام الشعب الكويتي؟

***

ومع بداية الثورة المصرية عام 2011 حذرنا من مخاطر ما هو قادم من مصاعب اقتصادية وانهيار أمني واحتمالات التقسيم والتناحر الأهلي، كما دعونا في مقالات لنا في الجرائد المصرية القوى الليبرالية والقومية واليسارية والناصرية للوقوف مع المرشح أحمد شفيق كونه الممثل الوحيد لمشروع الدولة المدنية، إلا أن نفس الاصوات التي ذكرناها والتي دعمت الرئيس د.محمد مرسي عادت تنقلب عليه هذه الأيام وهو في بداية حكمه ولم يأخذ فرصته كاملة وهي في مواقف أمس ومواقف اليوم المتناقضة تمثل الغوغائية والمراهقة السياسية المدمرة في أجلّ صورها.

***

آخر محطة: (1) اتفاقية التعويضات العراقية التي وقّعنا عليها هي التي فتحت الباب لإغلاق ملف الحدود والمزارعين المتجاوزين على حدودنا والذي بقي نازفا لأكثر من 90 عاما.

(2) قد لا نكون دائما صائبين، فبعض قوى المعارضة السياسية تتشفى بنا هذه الأيام وهي محقة تماما بذلك، حيث تقول «تعلموا الدروس من تجربة وانظروا كم التحديات والمصاعب والعراقيل التي توضع أمامه من قبل من دافع عنهم».

(3) لا نعلم بحق إن كنا المخطئين أم من دافعنا عنهم هم المخطئون عبر عرقلتهم الواضحة للأعمال الإصلاحية والشفافة التي نقوم بها والتي بها فائدة كبرى للشعب الكويتي وللصالح العالم و.. لهم!

احمد الصراف

الآن عرفت

يقول «وين»، عندما كنت في العاشرة أحضر والدي جهاز هاتف لبيتنا وعلقه على الحائط، وكنت استمع بانبهار عندما تتكلم والدتي من خلاله. واكتشفت يوما أن سيدة رائعة تعيش داخله اسمها «الاستعلامات من فضلك Information please»! وكانت تعرف كل شيء وتجيب عن أي سؤال. وفي يوم كنت وحيدا في البيت، ألعب بمطرقة والدي ودون أن انتبه سقطت على يدي وشعرت بألم شديد في إبهامي، ولم يكن هناك داع لأن ابكي، فلن يسمعني أو يواسيني احد، وهنا فكرت في الاتصال بالسيدة «الاستعلامات من فضلك». رفعت السماعة، كانت تجربتي الأولى مع تلك الجنية التي تعيش بداخله وقلت «الاستعلامات من فضلك»، وخلال ثوان ردت علي بصوت واضح: «الاستعلامات»! فقلت لها، والبكاء يخنقني، ان المطرقة سقطت على اصبعي وأن أمي في الخارج، وأنا وحيد في البيت، فسألتني إن كان هناك دم يخرج من اصبعي وعندما نفيت ذلك، سألت إن كان بإمكاني الوصول الى علبة الثلج في الثلاجة، وعندما أجبت بنعم طلبت أن أضع اصبعي بين قطعتي ثلج وسيختفي الألم والورم! لا أدري لماذا آمنت بما قالته، فقد اختفى الألم خلال لحظات قليلة، ومنذ يومها أصبحت اتصل بـ «الاستعلامات من فضلك» في أي أمر يحتاج فيه للمساعدة، سواء تعلق بواجب منزلي أو تهجئة كلمة أو حتى واجب حسابي، وكانت دائما ترد وتساعدني. وفي يوم أخبرتها بموت طائرنا الكناري، فواستني، وسألتها لماذا يموت طائر جميل يغرد كل يوم للعائلة، وينتهي كومة ريش في قفص صغير؟ وهنا شعرت بأن حزني اثر فيها فقالت: يا «وين» هناك عوالم اخرى يغرد فيها الطير»! ولسبب ما جعلني جوابها أشعر بالرضا. استمرت علاقتي بـ «الاستعلامات من فضلك» لسنوات، إلى أن انتقلنا، وكنت في العاشرة حينها، للعيش في مدينة أخرى. ولفترة افتقدت صديقتي «الاستعلامات من فضلك»، ولم اجرب الاتصال بها، لشعوري بأنني تركتها خلفي في ذلك الصندوق المسمى بالتلفون! كبرت بعدها، ولكنني لم انس مكالمات الطفولة أبدا، خاصة في اوقات الشدة، وكيف كنت سعيدا وانا صغير لمعرفتي أن بإمكاني اللجوء اليها في اي وقت. وكم كانت صبورة معي وتتحمل أسئلة صبي ساذج لا تعرف عنه شيئا وتجيب عنها! وفي يوم توقفت لنصف ساعة في مطار مدينتي القديمة، وأنا في طريقي للكلية، ووجدت نفسي اتجه لهاتف عمومي وارفع السماعة وأطلب «الاستعلامات»، وكالمعجزة جاء الصوت العذب نفسه الذي أعرفه جيدا. ولأنني لم أخطط لما كنت سأقوله ومن دون ان اشعر قلت لها: هل يمكن أن تساعديني في تهجئة كلمة؟ وهنا ران صمت طال قليلا قبل ان تقول: اعتقد أن اصبعك لا يؤلمك الآن! وضحكنا معا. وقلت لها انني دائما ما تساءلت بيني وبين نفسي إن كنت تعلمين ما كانت تعنيه من أهمية لي في تلك الأيام! فردت قائلة: وانا أيضا اتساءل إن كنت تعلم ما كانت تعنيه اتصالاتك البريئة من أهمية لسيدة مثلي، فأنا لا ابناء لي، وكنت انتظر مكالماتك بشوق! فقلت لها انها كانت دائما تخطر على بالي وأنني فكرت كثيرا في أن أتصل بها، ولكني لم افعل، وسألتها إن كان بإمكاني الاتصال بها في المرة القادمة التي ازور فيها اختي، التي تسكن في منطقتها فقالت: بكل سرور، وأخبرتني أن اسمها «سالي» وما علي سوى السؤال عنها. بعد ثلاثة اشهر دفعتني الصدف لتلك المدينة، وعندما اتصلت بالاستعلامات سمعت صوتا مختلفا، فسألتها عن «سالي» فسألتني الموظفة ان كنت اعرفها، فقلت انني صديق لها، واخبرتها باسمي، فقالت ان سالي كانت تعمل ساعات أقل كثيرا في الاشهر القليلة الماضية بسبب مرضها، وأنها توفيت قبل بضعة أسابيع! غمرني الحزن، وقبل ان اقفل الخط، سمعتها تقول: انتظر، هل قلت انك صديق قديم لها، هل أنت «واين»؟ وعندما أجبت بنعم، قالت ان سالي تركت لك رسالة قصيرة تقول فيها: «ان هناك عوالم اخرى نغرد فيها»، وانني سأفهم ما تقصده برسالتها تلك! فقلت شكرا ووضعت السماعة، وأنا أعرف تماما ما قصدته سالي!
هنا علينا ألا نقلل من اهمية ما نتركه من انطباعات على الآخرين، وأن نتساءل ان كنا نجحنا في أن نلمس جزءا من حياة من هم حولنا، من قراء وأحبة واصدقاء.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الحمار الذي يرى «الشياطين»!

 

لم يعد مستغرباً أن يكون لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، وهو يلعب لعبته في منطقة الشرق الأوسط مسنوداً بانكشاف استراتيجي من جانب حكومات ودول عربية واسلامية، أن يكون له الفقهاء “الناتويين” الذين يفتون للأمة وفق ما يشاء «الناتو»! وإن فكر أحد من علماء الأمة في الاعتراض أو قول كلمة حق خلاف ما أفتاه «ناته» أولئك، يصبح هو في مرمى نيران أشد بكثير من نيران «الناتو»، هي نيران مشايخ الطين الذين يصعدون بوجوه قبيحة، منابر فضائية ويزمجرون ويجمعون من (تحت ليه تحت) المليارات.

لست في مزاج الحديث عن ظاهرة مشايخ الطين من فقهاء (الناتو)، الذين يتبعهم المتعلم والجاهل للأسف دون نظر في طبيعة الأحداث وأبعادها، تماماً كما تتبعهم النطيحة والمتردية! فحين يصبح الأمر، الخطر، الظرف، المستجدات، الوقائع، مجريات الأمور، ليست في صالح الصهاينة – وأقولها صريحة – يهرع هؤلاء لإصدار فتاواهم الناتوية الخاصة، في الدعوة لسفك الدماء بين السنة والشيعة، وأولهم وأشدهم وأشهرهم في هذا الأمر… القرضاوي.

ثم يدفعون في اتجاه جمع التبرعات، ويا لها من تجارة مربحة! سكتم بكتم. أولئك الذين حشدوا ودفعوا وشجّعوا الناس على التبرع، فوجدوا أن من حملوهم الأمانة من مشايخ الطين، سرقوا التبرعات! وطارت الطيور بأرزاق بشر في بلدان شتى: سورية، ميانمار، فلسطين، الصومال وغيرها ينتظرون تلك التبرعات فلا تأتيهم، ثم يتبارى مشايخ الطين في التقاط صور بوجوههم القبيحة مع أسرة فقيرة هنا، وطفل مصته المجاعة مصاً، ليهرع بها إلى الإعلام والصحف: شوفوني تراني وجه من وجوه الخير والجهاد في سبيل الله! ويصفق المعتوهون.

البعض، ملأ الدنيا هذه الأيام بالمبشرات والقصص الرائعة التي لم يأت بها إلا من (جيبه)! والانتكاسة الكبرى، أن تلك المبشرات التي بثها في صدور الناس تتلاشي حينما يحدث العكس، فحين تُبشرهم بالنصر فيُهزمون! أو حين تُبشرهم بأن أولئك المرضى سيشفون وفق رؤية رآها في المنام، فيموتون في اليوم التالي! وهكذا تسير القصص التي تسبق حفلة…عفواً..حملة التبرعات لتجعل المبشرين يدفعون ما لديهم (فدوة)! وكم يشعر بأنه أحمق من دفع ذلك المال (لوجه الله قطعاً) لكن في الطريق الخطأ.. جزء أعمال فقهاء الناتو أيضاً.

اليوم (سبت)، وعادة تكون النفسيات متعبة، ولكني سأذهب معكم إلى شيء من الطرافة، هل تتذكرون قصة الحمار الذي يرى الشياطين؟ فقد انتشرت قبل سنين رسائل الكترونية، قبل فورة تطبيقات الهواتف الذكية، رسالة فيها هذا السؤال: «لماذا يرى الحمار الشياطين ويرى الديك الملائكة؟ والسائل ذاته يجيب بالقول أن النبي محمد (ص) قال في حديث، ونترك موضوع صحة الحديث وسنده وقوته وضعفه لأهل الإختصاص، قال فيه: «إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا».

لم تنته الرسالة، ففيها إضافة تتعلق بالاكتشاف العلمي المبهر في شأن قدرة الجهاز البصري المحدودة لدى الإنسان، والتي تختلف عن قدرة الحمير، وبدورها تختلف عن قدرة الديكة، وبالتالي فإن قدرة البصر لدى الإنسان محدودة لا ترى ما تحت الأشعة الحمراء ولا ما فوق الأشعة البنفسجية، لكن قدرة الديكة والحمير تتعدى ذلك!

وأيضاً، يأتي السؤال: كيف يرى الحمار والديك الجن والملائكة؟ والجواب كما في الرسالة، هو أن الحمير ترى الأشعة الحمراء والشيطان وهو من الجان خلق من نار -أي من الأشعة تحت الحمراء – لذلك ترى الحمير الجن ولا ترى الملائكة! أما الديكة فترى الأشعة البنفسجية والملائكة مخلوقة من نور – أي من الأشعة البنفسجية – لذلك تراها الديكة!

هنا، يمكن حل اللغز في هروب الشياطين عند ذكر الله سبحانه وتعالى، فالسبب، وفق الرسالة، هو أن الملائكة تحضر إلى المكان الذي يذكر فيه الله فتهرب الشياطين! حسناً ولماذا تهرب الشياطين عند وجود الملائكة؟ الجواب لأن الشياطين تتضرر من رؤية نور الملائكة. بمعنى آخر، يضيف المرسل، إذا اجتمعت الأشعة الفوق بنفسجية والأشعة الحمراء في مكان واحد، فإن الأشعة الحمراء تتلاشى .

أليس ذلك كشفاً مذهلاً؟ ألم نفهم الآن لماذا يزداد «نهيق الحمير» من بعض الأوساط السياسية والدينية في العالم العربي والإسلامي؟ سوّد الله وجهك يا (الريسيفر).