عادل عبدالله المطيري

عصر الحروب الطائفية

 هل بدأ شبح الحروب الطائفية يطل بوجهه الكريه على منطقتنا العربية بل الإسلامية ككل، هل يعي الجميع مخاطر الحروب الطائفية، وأنها تعتبر من أسوأ أنواع الحروب على الإطلاق واكثرها وحشية وقذارة، فلا فرق فيها بين الحجر والبشر، ولا الكبير والصغير ولا الرجال والنساء، هي حرب عمياء لا تميز بين ضحاياها، وشعواء لا تبقي ولا تذر. إذا كانت الحروب بين الدول تستبيح الأرض، فإن الحروب الطائفية تستبيح العرض.

تلك المقدمة كان لا بد منها لوصف المخاطر التي تهدد منطقتنا وصفا دقيقا، والتي لن تنهكها فحسب بل ربما تبيدها. هل نحن في زمن الحروب الطائفية؟

للأسف، الإجابة عن هذا التساؤل ربما تكون بنعم، فأعداؤنا أحسنوا تجهيز الساحة لتلك الحرب الطائفية منذ حرب العراق عام 2003 حيث مكنوا لسيطرة الطائفيين عليها، مرورا باغتيال الحريري 2006 وتهميش المسلمين السنة والمسيحيين أمام الطائفيين في لبنان، حتى أحداث البحرين الأخيرة وما جرى من الاستقواء بالطائفة هي جزء لا يتجزأ من المشهد البارونامي الطائفي، بل إن فشل الدولة في اليمن وما حدث من تقوية نفوذ الحوثيين فيها، والذين انتهجوا نهجا عنيفا تجاه المجتمع اليمني تارة وتجاه السعودية تارة أخرى، كان حلقة في سلسلة الطوق الطائفي الذي أحكم قبضته على رقبة الأنظمة المعتدلة في الخليج.

وأخيرا كانت القنبلة النووية الطائفية التي تفجرت في سورية، حيث يستغل البعثيون هناك الطائفة العلوية والشيعية بكل قذارة للدفاع عن حكمهم العلماني، ويسارع الطائفيون بكل حماقة للدفاع عن نظام بشار اللاديني، ما يرتكب الآن في سورية من أعمال وحشية يبدو أنها مرشحة للانتقال إلى لبنان مملكة الطوائف بامتياز.

أتمنى من العقلاء أن يدركوا حقيقة الأمر، وهو أن الشعوب تريد الحرية والتقدم وإسقاط أنظمة التخلف الديكتاتورية، والأخيرة تدافع عن حكمها الذي تعتقد باطلا انه حق مكتسب لها دون سواها، فتستحضر الدين وتستخدم الطائفة لكسب الاتباع لها، حيث لا تملك أي شرعية قانونية أو دستورية للاستناد اليها، فلا تنخدعوا فيهم أيها الطائفيون.

لسنا ببعيدين عن أحداث الحرب الأهلية اللبنانية المروعة التي استمرت 15 عاما، ولا مذابح رواندا العرقية بين التوتسي والهوتو ولا مذابح الصرب في البوسنة، فلا تدمروا أنفسكم بالطائفية فهي اكثر فتكا من أسلحة الدمار الشامل.

قديما قال زهير ابن ابي سلمى واصفا الحرب الأهلية الطاحنة بين عبس وذبيان :

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

وما هو عنها بالحديث المرجم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمة

وتضرى إذا ضريتموها فتضرم

فتعرككم عرك الرحى بثفالها

وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم

كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم