محمد الوشيحي

السناجب والضفادع والبشوت…

متعة… أكتب هذه المقالة والكهرباء مقطوعة، والعبرة تخنقني، وأوراق المنديل كعب داير ما بين رقبتي وصدري ووجهي، والكويت جميلة، والعتبة قزاز، والحرارة 45 درجة سيليزية ملعونة، وإذا كان المصريون والشوام يفاخرون بـ"أدباء السجون" و"أدباء المهجر" فسنفاخر نحن بـ"أدباء انقطاع الكهرباء"… كلهم يكتب وهو يعاني.
ويأتيني اتصال من صديق صاحب مبدأ، وصاحب بقالة، وصاحب عاهة مستديمة في يده اليسرى: "أبا سلمان، بخصوص المحكمة الدستورية وموعد إجراء الانتخابات في العشر الأواسط من شهر رمضان و…" فأقاطعه: "قضيتي الآن مع الكهرباء في العشر الأواخر من شهر يونيو الجاري، وليرحم الله أمك التي حملتك وأنجبتك وأرضعتك إلى أن كبرتَ وهاتفتني تشتكي العشر الأواسط من رمضان… تدبر عشرك وسأتدبر عشري، ولا يطغين أحدنا على عشر الآخر".
وأتخيل لو أن الكهرباء تنقطع في ألمانيا بشكل متكرر، كما يحدث عندنا، وأتخيل ردة فعل الألمان، المتجهمين الجادين بطبيعتهم، يميناً بالله كان الوزراء الألمان سيتمنون لو أن الله خلقهم ضفادع في بحيرة آسنة، أو سناجب في غابة محترقة، ولو أن ما يحدث للكهرباء عندنا يحدث لكهرباء النرويج، عليَّ اليمين كان الشعب سيسحب وزراءه من ياقاتهم إلى السجون.
ويقول بعض المتخمين هنا: "لا تطلبوا من حكومتنا أن تنافس الحكومات الاسكندنافية في الكفاءة قبل أن تطلبوا من الشعب أن ينافس الشعوب الاسكندنافية في الثقافة واحترام القوانين"، وله أقول: "لماذا توقفت قبل أن تضيف جملة (وننافس الشعوب الاسكندنافية في الغضب الذي يقتلع الجذور عندما يرون نقطة فساد؟)".
ولو كنت مكان الوزراء في حكومتنا لما رفعت رأسي عن سجدة شكر لله على هذا الشعب الذي نمرمطه، ونقطع الكهرباء عنه في حرارة بركانية، ثم نتمشى ببشوتنا بزهو ابن لقمان، فيسكت عنا ويلقي اللوم على خصومنا.

سامي النصف

شاهد عصر على ما يجري في قطر!

التهنئة القلبية للشيخ تميم بن حمد آل ثاني على توليه مقاليد الحكم في دولة قطر الشقيقة بعد تنازل الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني له عن الحكم، ويعتبر الأمير حمد آل ثاني الباني الحقيقي لقطر الحديثة، والذي زاد دخل بلده في عهده 20 ضعفا وبات المواطن القطري صاحب أعلى دخل في العالم، وقد قرأت بهذه المناسبة عشرات التحليلات الكاذبة وسيئة النية والتي تصور الأمر وكأن هناك قضايا استجدت وعداوات استشرت وأوامر خارجية قد صدرت، والحقيقة التي كنا أحد شهودها تظهر ان ما حدث هو قرار استراتيجي اتخذ عن قناعة وبهدوء شديد واليكم ما كنا شهود عصر عليه والذي يكذب كل ما يقال ويكتب هذه الأيام.

في أوائل يناير 2011 قمنا كوفد إعلامي أهلي كويتي بزيارة القيادات الخليجية لشكرها على دورها التاريخي في تحرير الكويت، وضم الوفد الزملاء الأعزاء أحمد بهبهاني وعدنان الراشد ويوسف الجاسم ووليد السريع وكاتب السطور، وقد التقينا في قطر الشيخ حمد بن جاسم الذي طلبنا منه كرجل دولة مطلع ان يعطينا رؤية استشرافية لمستقبل المنطقة التي شهدت ثورة الياسمين في تونس، ولم تكن الصورة قد اتضحت بعد في مصر ولم تبدأ حينها الثورات في بقية دول الربيع العربي.

كانت إجابة سمو الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق واضحة وصريحة، حيث ذكر ان نظام مبارك ساقط لا محالة بعد أن سحبت عنه القوى المؤثرة في العالم الغطاء، ثم التف سموه إلى ليبيا واليمن متسائلا عن سبب بقاء الأنظمة المزمنة وغير المنجزة بها، مضيفا أن الشعوب العربية كي تنهض تحتاج لتجديد دماء الحكم فيها، مؤكدا أننا كإعلاميين سنكون شهودا على الحكم في قطر إذا بقينا كما بقي هؤلاء، وكانت إشارة واضحة للغاية حينها الى أن القرار قد اتخذ بالتراضي ودون خلاف ضمن أسرة الحكم في قطر على عملية التنازل الودي وتجديد الدماء، وان القيادة القطرية لا تنوي البقاء طويلا بالحكم.

آخر محطة:

(1) نشرت قبل أيام جريدة الأخبار الحكومية المصرية بالخط الأحمر العريض على صدر صفحتها الأولى «مانشيت» نصه: «ماما قطر تزود مصر بالغاز»، وكان هذا جزاء استجابة قطر السريع لطلب مصر تزويدها بالغاز الطبيعي لسد حاجيات الصيف للشعب المصري عبر خمس دفعات مجانية، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وهل الشعب القطري هو الذي ذهب لصناديق الاقتراع وانتخب حكم «الإخوان»؟ وهل كان انتخاب المرشح الآخر سينهي فوضى النزول للشوارع وتدمير الاقتصاد؟

(2) يتزامن هذا الخبر مع هجوم عنيف للقيادي د.عصام العريان على دولة الإمارات وقبله هجوم مماثل على السعودية بسبب القبض على مهرب أدوية مخدرة في موسم العمرة، وعلى الكويت بسبب تطوع محامين كويتيين للدفاع عن الرئيس مبارك كنوع من الوفاء للرئيس الذي بدأ البعض يترحم على حكمه، فهل هناك حكمة فيما يجري؟!

(3) وفي شهر حزيران الذي جُرّت به مصر الأمس لخديعة الحرب مع إسرائيل عام 67، تحاول بعض قيادات المعارضة المزايدة وجرّ مصر ـ من «تاني» ـ للأخذ بالخيار العسكري ضد إثيوبيا رغم أن اقتصاد مصر هذه الأيام ليس قطعا اقتصاد حرب، فالحكمة، الحكمة!   

حسن العيسى

بربس وألف بربس أنتم

يمكن اختصار وضع الدولة السياسي بكلمة واحدة "بربس"، وهي كلمة بلهجتنا المحلية تعني التفاهة، والسطحية، والفوضى، وأهم من كل تلك المعاني هي لا تعني أي شيء، أي أنها بلا معنى وبلا روح وبلا مضمون. هي حالة صبيانية تتخبط في طيش لم يعد له آخر، فتتوهم إدارتها السياسية أنها خرجت من حفرة صغيرة وتتنفس الصعداء، لتجد، نفسها، فجأة، قد وقعت في بئر بلا قرار.
لم أعد أذكر زمن وتواريخ الأحداث السياسية التي تدور بها الدولة بحلقة مغلقة، فكلها أضحت بلا معنى، كلها أصبحت "بربس" مركباً، يتم انتخاب مجلس نيابي، ثم يصدر حكم من المحكمة الدستورية بعدم شرعيته، ويحل، ثم انتخابات مفصلة على مقاس السلطة الحاكمة بآمر نفسها، ثم من جديد، وبعد رفض كبير في الشارع السياسي، تتخلله أعمال قمع وأحكام تصادر حرية الكلمة بموجب قانون السلطة بطبيعة الحال. يصدر حكم من السلطة الثالثة ببطلان المجلس، لأن هناك خطأ في الإجراءات، ونعود مرة ثانية وثالثة لمدرسة المشاغبين بعادل إمام وسعيد صالح، لكن من غير سهير البابلي الأستاذة التي تدرك كيف تدير وتضبط "شقاوة" الطلبة الكبار، وأزمتنا هي أزمة "الكبار المشاغبين" الذين لا يجدون لهم ضابطاً.
تحت هاجس و"فوبيا" من تكرار إعادة اللعبة المملة بالحل الدستوري، ثم انتخابات، ثم حل، ثم انتخابات إلى ما لا نهاية، يحاول فريق من السلطة، قد يكون هو الحكومة، أو قد يكون هو خصم الحكومة، ويعمل كي يصبح هو الحكومة والمجلس والدولة جميعاً مرة واحدة، العودة إلى المحكمة الدستورية لتفسر حكمها، في حساب المواعيد بالدعوة إلى الانتخابات، هذا الفريق لم تعد له ثقة بالإدارة القانونية للفتوى والتشريع، وكأنها هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن "فوضى الفتاوى"، التي أصبحت حالة مرضية مزمنة بدولة كل يوم حل وكل يوم انتخابات كوميديا بايخة، هذا الفريق الباحث عن جادة الصواب، أو جادة الضياع، يسأل المحكمة الدستورية بطريقة غير مباشرة وعبر النائب عبدالحميد دشتي في المجلس المبطل رقم 2 يسألها ماذا يفعل، ومتى تجب الدعوة إلى الانتخابات حسب الحكم الذي يبدو لهم أنه كتب باللغة الهيروغريفية، يريد فريق المساكين في الحكومة أن تمد له السلطة القضائية يد العون، وتصبح سلطة استشارات كما هي سلطة فصل في منازعات، ويسحب السيد دشتي طلبه في اللحظة الأخيرة، لنعود إلى الدوامة السيئة والحلقة المغلقة، ويتوه فريق المساكين الحكومي في خبيصة عدم وضوح الرأي، وربما يهلل الفريق الآخر في السلطة لطلب السحب، فإغراق الحكومة هي غايته كي يصبح ليس الحكومة فقط وإنما الحكم بداية ونهاية…!
تيه وضياع، من يدفع ثمنه، ومن سيسدد فواتير الخيبة، فواتير البربس السلطوي، ندفعه اليوم بقلقنا المشروع، وسيدفعه بالغد القريب أطفالنا، سيدفعونه من رصيد مستقبلهم المجهول، حين تركت الدولة يديرها أشقياء مدرسة المشاغبين… بربس وألف بربس أنتم.

احمد الصراف

إن كنت في فرنسا

وردني النص التالي على الإنترنت: تخيل أنك ذهبت ذات صباح لعملك فوجدت جميع العاملين معك ملثمين، تسمع أصواتهم، ولكن لا ترى وجوههم أبدا، كيف سيكون شعورك؟ لن تكون مرتاحا بالطبع، وإن استمر الوضع، وكنت انسانا سويا، فستصاب باضطراب، فنحن كبشر بحاجة إلى رؤية وجوه من نتحدث إليهم. والاتصال الإنساني لا يكتمل إلا برؤية الوجه، هكذا طبيعة البشر منذ أن بدأوا بالتعارف والعيش كجماعات. ويبدو أن الذين يفرضون على المرأة تغطية وجهها لا يفهمون هذه الحقيقة. وبالرغم من ان المصريين كانوا رواد تحرر المرأة منذ ثورة 1919 وما قامت به هدى شعراوي من خلع للبرقع التركي، إلا أن مصر، ومنذ نهاية السبعينات، وقعت في قبضة السلف المدعومين بأموال النفط، وهنا عاد النقاب للظهور من جديد. ويتساءل مرسل النص: هل حقا يمنع النقاب فتنة النساء ويساعد على الفضيلة؟ ويجيب بأن الإسلام لم يأمر المرأة بتغطية وجهها، إطلاقا، وإلا لما طلب منها «غض البصر». كما أكد الأزهر بكتاب له بعنوان «النقاب عادة وليس عبادة» الأمر ذاته. وقال ان المجتمعات القديمة فرضت النقاب لكون المرأة «أصل الغواية»، ولا يمكن الحماية من الغواية بغير عزل المرأة أو تغطيتها بالكامل، وكأن جميع الرجال وحوش ولا يستطيعون السيطرة على شهواتهم! وإذا كانت المرأة يجب أن تغطي وجهها حتى لا تفتن، فماذا يفعل الرجل الوسيم؟ علما بان عيني المرأة المنقبة، ان كانتا جميلتين، قد تتحولان إلى مصدر قوي للغواية، فماذا نفعل عندئذ لمنع الفتنة؟ لذا طلب من النساء ارتداء نقاب بعين واحدة، وهنا لن يحدث «إغواء»! كما أجاب بأن النقاب يمنع المرأة من العمل كطبيبة جراحة أو قاضية أو مهندسة، وهي مختبئة خلف النقاب، بعين أو باثنتين. انتهى.
ونكمل الموضوع بمناسبة الحكم الذي صدر في فرنسا على امرأتين خالفتا قانون منع النقاب، وهو الحكم الذي لقي معارضة من البعض، وحتى من مدعي الليبرالية، بحجة أن القانون وما تبعه من احكام، هو تدخل مباشر في حياة الفرد الشخصية، والحقيقة خلاف ذلك تماما، فليس هناك من يستطيع الجزم بأن من ترتدي النقاب حرة الإرادة وتعرف ما تفعل. كما أن الأمر لن يقتصر على فرض ارتداء النقاب على هذه الفتاة أو تلك، بل سيمتد حتما لأمور كثيرة أخرى، كحق الأب في تزويج ابنته لمن يرغب، وليس للذي يقبله عقلها ويرضى به قلبها. الخلاصة ان على هؤلاء الذين يهدفون لأسلمة أوروبا البقاء في بلدانهم وممارسة ما يشاؤون من طقوس، فعندما نكون في فرنسا فعليا لن نفعل ما يفعل أهل فرنسا!
***
ملاحظة: في طريقة هي الأولى من نوعها، حاولت كويتية اخفاء ملامح الخوف على وجهها خلف النقاب والعباية، ولكن يقظة رجال الجمارك في المطار حالت دون ذلك، وتم القبض عليها وبحوزتها 40 ألف حبة مخدرة حاولت تهريبها داخل أحذية نسائية وحقيبة ملابس. وهذه من مزايا النقاب، لمن يريد الشر بنا، وبعض من مساوئه علينا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com