سعيد محمد سعيد

هل تعرفهم «السُّلطة»… جيداً؟

 

بدايةً، من العار أن أوجه سؤالاً حول مدى معرفة (أبواق الفتنة) وجوقة الإعلام التطبيلي الهزيل بنخبة «اللقاء الوطني البحريني» التي عقدت آخر اجتماعاتها مساء الإثنين الماضي (13 مايو/ أيار 2013) بنادي العروبة، ذلك لأن فئة الأبواق والجوقة، تعيش حالة من الرهاب والفزع والتشكيك تجاه أية «نخبة بحرينية» مخلصة، تسعى لأن تضع تصوراتها بشأن آفاق الحلول الممكنة لإنهاء الأزمة في البلاد.

لكن السؤال موجّهٌ للسلطة: «هل تعرف من يكون أعضاء اللقاء الوطني البحريني؟ وهل تابعت تحركاتهم ودققت في أهدافهم؟ وهل يتسنى لها أن تشكك في نواياهم وهم أصحاب رصيد وطني مشرف؟». بالطبع، تعرفهم الحكومة جيداً، وتعرف أنهم شخصيات وطنية معتدلة واثقة مخلصة للوطن وللمواطنين، وهذا ما يدفع لسؤال آخر: «لماذا لا تدعم الحكومة مثل هذه المبادرة التي تتشارك فيها شخصيات بحرينية من كل الطوائف والتيارات والجمعيات؟»، يجمعها عنوان كبير لا تستطيع فئة الأبواق والجوقة أن تنال منه: كلهم أبناء البحرين الذين لا ينكر وطنيتهم وإخلاصهم إلا… الأبواق والجوقة ذاتها».

كنت منذ الوهلة الأولى التي وصلت فيها إلى قاعة كانو بنادي العروبة في تلك الليلة، مطمئناً تماماً إلى أنني لن أرى ولا وجهاً واحداً من وجوه الطائفية والفتنة والتشكيك في إنتماءات الناس وولائهم للبحرين، لأن الذين حرصوا على حضور اللقاء، أو الذين كانوا يأملون حضوره ومنعتهم ظروفهم، كلهم يُدركون جيداً بأن واجبهم الشرعي والوطني، يدفعهم لئلا ييأسوا أو يتراجعوا عن القيام بذلك الواجب مهما كانت المحبطات والمعوقات، وأنهم ليسوا أصحاب مصالح شخصية أو فئوية فينتظرون العطاء قبل وبعد أن يمارسوا العمل الوطني المزيف القائم على المتاجرة بعنوان «حب الوطن والولاء» كصفة تجارية مربحة وقودها بقاء الأزمة مستمرة.

حسب ما أعلنه عضو اللقاء الوطني المفكر البحريني علي محمد فخرو، فإن ذلك اللقاء، وهو الرابع، سبقته اجتماعات مطولة عقدتها لجنة تنسيق وضعت تصوراتها المستقبلية، ومع ذلك، كان لزاماً على اللجنة أن تعرض التصور (مكتوباً) على الأعضاء، وتفتح المجال للنقاش فيه بكل سعة صدر، فتثبت ما يتم التوافق عليه وتلغي ما يُجمع الأعضاء على رفضه، ولاشك في أن اللجنة التي وضعت التصورات بأعضائها الثلاثة المنتخبين والثلاثة الآخرين المعينين من جانب أعضاء اللقاء وهم: جميل العلوي، سعيد عسبول، شوقي العلوي، علي صالح، علي فخرو ونجية عبدالغفار… هم شخصيات بحرينية لعبت أدواراً في خدمة الوطن، لا تعرفها الأبواق والجوقة، ولهذا، كان من بين المحاور التي رصدها التقرير، السعي لجمع القوى السياسية في مجتمع البحرين المدني حول طاولة حوار فيما بينها للاتفاق على مطالب إصلاحية مشتركة، ومن ثم نقلها إلى المسئولين في الحكم. ولأن هذا الهدف «وصل إلى طريق مسدود» (حسب تقرير اللجنة)، فإنه لابد من البحث عن خيارات وتوافقات أخرى.

ولعل من أهم النقاط التي وضعت على بساط بحث اللقاء الوطني البحريني، تعرف (اللقاء ذاته)، وبعد استمزاج آراء مختلفة بعضها اقترح التحوّل إلى جمعية سياسية أو منتدى ثقافي، تقرر الإبقاء على التعريف الأصلي الذي تأسس عليه اللقاء الوطني: «هو عبارة عن التئام عدد من المواطنين، المشهود لهم بالاهتمام الجاد الواعي بقضايا الشأن العام والالتزام بالمواقف الوطنية المقدرة والمحترمة من جميع الأطراف المدنية والرسمية، وخصوصاً بالنسبة للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعيشها البحرين حالياً، وهي المعايير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند ترشيح أعضاء جدد للالتحاق باللقاء.

اللقاء الوطني البحريني لم يهمل في نقاشه توسعة قاعدة أعضائه، وكان لزاماً التأكيد على ضرورة توسعة هذا اللقاء ليضم كل الأطياف المجتمعية الراغبة في المساهمة في إخراج البحرين من الأزمة الحالية من جهة، وفي إتمام عملية إصلاح لانتقال البحرين إلى نظام ديمقراطي سياسي واقتصادي عادل قائم على المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. ومن بين الأهداف أيضاً، إجراء حوارات مفتوحة في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أجل طرحها على الرأي العام بشتى الأشكال أو إيصالها إلى المسئولين في الدولة، والتواصل والتعاون مع جميع الأطراف والجهات ذات العلاقة سعياً للمساعدة في الخروج من الأزمة التي تمر بها البحرين حالياً…

أليس كل ما يطرحه اللقاء الوطني يتوافق مع دولة القانون والمؤسسات والتحوّل الديمقراطي؟ أليس حريّاً بالحكومة، إذاً، أن تتبنى مثل هذه المبادرات وتدعمها؟ وأيهما أنفع للوطن وللمواطن: الاعتماد على إخفاقات الأبواق والجوقة، أم الاستناد إلى مرئيات عقليات بحرينية وطنية فذة تعلم الحكومة جيداً أنهم صادقون في توجهاتهم وجهودهم؟

على أي حال، فإن اللقاء الوطني البحريني، والجمعيات السياسية الوطنية ممثلة فيه، قادر على تقديم استراتيجية عمل واضحة المعالم، وليست من قبيل تكرار أهزوجة التآمر والتخوين وتفتيت المجتمع والرقص على عذابات الوطن.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *