علي محمود خاجه

كل واحد وثوابته

لا جديد، سقوط قناع آخر مما يسمى بالمعارضة اليوم، فمع كل حالة تتعارض مع أفكارهم نجدهم يتنصلون من كل كلام الحريات وإيمانهم بالتعددية والدستور، وما حدث للمغرد مصعب شمساه يثبت ذلك مجدداً، فهاهم يطالبون بتطبيق أشد العقوبات عليه، وبعضهم يتحسر على عدم إقرار قانون إعدام المسيء، وثلة قليلة منهم تلتزم الصمت فقط. عدم إيماننا بهذا الشكل المعارض غير المؤمن لا بدستور ولا بمدنية دولة لم ينبع من فراغ، بل كان نتيجة ممارسات مستمرة منهم، كلها تنسف الدستور وتتعدى على الحريات سواء داخل المجلس أو خارجه، ولم يزل هذا السلوك مستمراً رغم محاولتهم لتغليفه باسم حرية التعبير تارة وحماية الدستور تارة أخرى، وبأمانة فأنا لا يعنيني أبداً موقف "نواب الأغلبية" أو "نهج" أو "الائتلاف" أو "الجبهة" أو أي مسمى آخر لهم، فهم ورقة خاسرة بلا أدنى شك، ولكن ما يحزنني فعلاً هو أن يتحول الشباب إلى نسخة أخرى من نموذج هذه المعارضة، وهو ما لا يتسق أبداً مع فكرة الدولة المدنية، وليس من المقبول أيضاً أن أسعى إلى تغيير السيئ القائم من حكومة ومجلس واستبداله بسيئ آخر إن لم يكن أشد سوءاً أصلاً. قد يقول قائل إن مصعب شمساه تطاول على ثوابتنا، وقد أتفهم هذا التبرير فقط من إنسان لم يقرأ الدستور، ولكن إن كان الناشط السياسي أو المتابع يعتقد أن التطاول على ثوابته يستحق أقصى العقوبات، بل حتى الإعدام فتلك مصيبة، فلكل من هو على أرض هذا الوطن ثوابت ومعتقدات؛ فالمسيحي اليوم مثلاً لا يعتقد بالدين كما يعتقده المسلم، ومعظم ممارسات المسلم تطاول على ثوابته، والشيعي يعتقد بأحقية الخليفة الرابع بالخلافة كأول الخلفاء، والسنّي يعتقد بأحقية الخليفة الأول، وفي المعتقدين كل منهما يتطاول على ثوابت الآخر، ولأننا في دولة دستور مدنية فتلك الاعتقادات متاحة وتتعايش فيما بينها ولا تمييز أو تفضيل لمعتقد دون غيره. مفهوم التعايش مع اختلاف المعتقدات هو أصل الكويت قبل الدستور، وهو ما حرصت الدولة بمؤسساتها كافة على طمسه على مر السنين كي تتفرد بكل قوى أو معتقد على حدة، ونجحت في ذلك، ولم يتبقَّ سوى جمع قليل يطالب فعلاً لا قولاً بضرورة التعايش دون تمييز، ومع هذا نجد اليوم من يريد تغيير الوضع القائم لوضع مشابه آخر! اعذروني إن حاربت منهج ما يسمى بالمعارضة اليوم كما أحارب منهج الحكومات المتعاقبة، فالأمر سيان بالنسبة إلي، بل إن الأمر امتد للأسف إلى شباب باتوا أسرى لمنهج إقصائي سيئ في سبيل محاربة منهج إقصائي سيئ آخر. خارج نطاق التغطية: كتبنا مسبقاً عن هوية الحكومة المنتخبة التي ترفع شعارها المعارضة الحالية، وها هو النائب السابق أحمد السعدون يعلنها صراحة بأن موقفه من الحكومة المنتخبة هو أن يوصي بالمشاورات مع سمو الأمير أن يكون رئيس الوزراء نائباً في مجلس الأمة فقط، أي أن الشعب لا ينتخب حكومته، شكراً لأحمد السعدون على وضع تصوره للحكومة أمام الناس.

احمد الصراف

المسلم المظلوم

“>عاشت مناطق شاسعة من حوض المحيط الهندي في جنوب شرق آسيا في سلام ديني، ولم تعرف الحروب الدينية على مدى ثلاثة آلاف سنة، الى أن غزا المسلمون، بقيادة محمد بن القاسم، عامل الحجاج، بلاد السند عام 92 هجرية. ويعود سبب خلو المنطقة تاريخيا من الحروب الدينية الى تعدد آلهتها وتساوي غالبيتها في الأهمية، فلا جهة تشعر بأن آلهتها أفضل من غيرها، أو العكس، اضافة الى خلو عقائد الغالبية، والبوذيين منهم بالذات، من العنف، وبالتالي كان لافتا للنظر ما اصبحت تتعرض له أخيرا الأقليات المسلمة في تايلند وبورما وسريلانكا، وحتى الصين الشعبية وغيرها من اعتداءات شبه متكررة وتتسم بالعنف الشديد ضد مواطني تلك الدول من الأقلية المسلمة، والتي فقد من جرائها الكثير منهم أرواحهم وأملاكهم وحقولهم، ورفض التعامل معهم أو الشراء من متاجرهم! والغريب أن رهباناً بوذيين متطرفين، ممن اشتهروا بحبهم للسلام والمحبة، كانوا على رأس الكثير من عمليات الاعتداء على الأقليات المسلمة في بلادهم، وهم الذين لم يشكل وجودهم يوما تهديدا خطيرا على الغالبية، فلم حدث مثل هذا التحول؟
يقول المسيح، عليه السلام، في أحد اقواله: أحب اعداءك وصلّ لمن يضطهدك! وقد كان لكلمته تلك تأثير هائل على مواقف الكثير من القادة والجنود المشاركين في الحروب ممن ارتضوا المسيحية دينا، حيث حرم عليهم معتقدهم الجديد ضرب الآخرين فكيف بسفك دمائهم؟ وهنا اصبح الوضع خطيرا، وكادت المسيحية أن تفقد زخمها، لتعارض مبادئ المسيح السلمية مع ما أصبح يتطلبه الدين الجديد من اراقة دماء الاعداء، وبالتالي تطلب الأمر تدخل بعض رجال الاكليروس آنذاك بدعم سياسي من الأباطرة والملوك، لتغيير مفهوم «أحب لأعدائك ما تحب لنفسك» وتحليل قتل الآخر بالحرب وبغير ذلك، طالما كان الهدف «عادلا»! وهكذا تطوع عشرات الآلاف للمشاركة في الحروب الصليبية على الشرق لاستعادة بيت المقدس من المسلمين «الكفار»! وبالتالي ما اصبحنا نراه اليوم من ميل عدد من الرهبان البوذيين للجوء للعنف ضد الأقلية المسلمة لا يختلف عن مواقف أوائل المسيحيين، الذين كان رافضو القتال منهم في مقدمة الجيوش الصليبية الغازية! فهؤلاء الرهبان شعروا أن وجودهم العقائدي يتعرض لخطر الافناء ان استمروا في اتباع الطرق السلمية واللاعنف مع الموجة الجديدة من التطرف الاسلامي، وما أصبح يشكله تمددهم وتكاثرهم من خطر عليهم، وهكذا برروا لأنفسهم قتل الآخر، لأن الهدف عادل! وهنا يجب توجيه اللوم لمن اندس بين مسلمي جنوب شرق آسيا، وقبلهم وبعدهم بين مسلمي اميركا واوروبا، من المتطرفين الخليجيين بالذات، الذين زينوا لهم رفض التبعية لحكم غيرهم، من عبدة الأوثان، وحثهم على المطالبة بـ«حقوقهم» المهدورة، وغير ذلك من مطالبات أفزعت الأكثرية، فوقفت ضدهم ودفعوا هم ونحن ثمنا باهظا لتطرف هؤلاء وغبائهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

حكم الإدانة.. ماذا يعني؟!

أخيراً
صدر حكم التمييز والقاضي بإدانة الخلية الإيرانية للتجسس وحبس أربعة متهمين حبساً مؤبداً، وهذا ليس خبراً عادياً نسمعه كل يوم، بل له مدلولات كثيرة يجب التوقف عندها طويلاً، إن كنا نريد أن نستفيد من تجاربنا، ونحقق مصلحة وطننا وأمنه واستقراره!
– إن ثبوت التهمة على المتهمين بعد أن مرت القضية بجميع درجات التقاضي وبكل شفافية، ليؤكد تورط إيران في الموضوع، وأنها لم تعد دولة صديقة أو شقيقة، بل دولة تحيك لنا المؤامرات والدسائس وتتربص بنا الدوائر!
– إن حكم البراءة بمرحلة الاستئناف دليل آخر على أن القضية غير مفبركة، وأن الحكم ليس حكماً سياسياً، ومما يؤكد ذلك العلاقة التي تميزت بها حقبة هذا الحكم مع النظام الإيراني.
– الإدانة جعلتنا نسترجع شريطاً من الذكريات المؤلمة مع النظام الإيراني وأتباعه المنتشرين في المنطقة، ولعل أبرز هذه الذكريات محاولة اغتيال سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله تعالى، وكذلك حادثة اختطاف طائرة «الجابرية»، وتفجير المقاهي الشعبية، وتفجير المنشآت النفطية، وغيرها الكثير من الأعمال الإجرامية التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الكويتيين!
– إن الخطورة في هذه الأحداث أن بعض المتورطين فيها تمت معاملتهم برعاية، نتيجة العلاقة المميزة للحكم في الكويت مع التيارات التي ينتمي إليها بعض هؤلاء! لذلك، تجد بعض من أدينوا أطلق سراحهم لاحقاً، بل إن بعض هؤلاء تمت إعادته إلى عمله بفضل تعيين المقربين لهم مسؤولين وأصحاب قرار في القطاع النفطي.
– بعض هؤلاء تمت إدانتهم في دول خليجية أخرى، وما زالوا مطلوبين لها.
– أخطر ما في الأمر أن من نتائج الانتخابات، وفقاً للصوت الواحد، أن وصل بعض هؤلاء المتورطين إلى قبة البرلمان ممثلين للشعب ومشرعين له رضينا أم أبينا! وأصبحوا يمتلكون منابر توجيه الرأي العام، ويعلنون آراءهم بكل صراحة ووضوح، مهما خالفوا بذلك التوجه العام للدولة ولغالبية الشعب.
لذلك، نجد التفسير المنطقي لتبني هؤلاء للحملة الإعلامية المغرضة لتشويه نشاط التيار الإسلامي الوسطي، للفت الأنظار عن التاريخ السياسي الأسود لبعض هؤلاء، وتورطهم في زعزعة استقرار البلد!
والسؤال المنطقي، الذي لا يتمنى بعض النواب سماعه: هل سنسمع منكم إدانة وتهويلاً لهذا الفعل الذي أثبتت المحكمة وقوعه كما فعلتم في تهويل تورط خلية كويتية مع خلية الإمارات، وهو فعل لا يتعدى التكهنات والتخرصات؟!
هل سنسمع من سماحته إدانة لهذه الأفعال الإجرامية، أم أنه ما زال مصراً على تسميتها بالأعمال البطولية؟! استحقاقات كثيرة لحكم الإدانة الذي أصدرته محكمة التمييز لا يمكن تجاهلها أو الاستخفاف بها، ولكن هل من مدّكر؟!
• • •
رحمك الله يا أبا سعود وغفر لك، فقد كنت يا محمد العفاسي نموذجاً في كل شيء، ويكفيك فخراً أنك مع توليك عدة مناصب مثيرة للجدل، إلا أننا لم نسمع عنك إلا الإشادة بأخلاقك العالية، وتواضعك الجم، وتفانيك في عملك، غفر الله لك، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك الصبر والسلوان.