محمد الوشيحي

حتى مجلات الأطفال تنبذنا…

أجزم جزماً لم يجزمه قبلي أحد، أننا لو حدثنا الأوروبيين عن أسباب إيقاف الكتّاب عن الكتابة في الكويت، وأسباب إغلاق البرامج التلفزيونية، وأسباب سجن السياسيين وشبان الحراك… لما صدقونا.
وأجزم جزماً أشد من جزمي الأول وأنكى، أننا لو كتبنا مقالاتنا هذه، وأذعنا حلقاتنا هذه عندهم، ونشرنا تغريداتنا بينهم، لضحكوا علينا ضحكاً مبيناً، ولمسحوا على رؤوسنا شفقة، ولنصحونا بنشرها في مجلات الأطفال، وتزيين مقالاتنا ومضمون حلقاتنا وتغريداتنا بعدد من الصور التي تحمس الأطفال على القراءة وتشدهم إلى المجلة، في باب "الطفل السياسي الشطّور".
لكن الخشية والموت "الحمر" أن يشعر الأطفال الأوروبيون بالقرف والشفقة علينا وعلى كتاباتنا ويزدروا سقف أطروحاتنا، فتنخفض أسهمنا في مجلاتهم، ويستغني أصحاب المجلات عنا، بسياسيينا وكتابنا وفضائيينا وثومنا وبصلنا، فنصبح عاطلين عن العمل، ونذهب إلى اليابان وملّاك مجلات الأطفال اليابانية نعرض عليهم خدماتنا، فيستقبلوننا بانحناءة احترام، فنعرض عليهم إنتاجنا، فيقرأونه، فيزمّون شفاههم غضباً، قبل أن يضربوا بقبضاتهم المفتوحة كبودنا، لسخافتنا وجبننا، فنسقط ونبكي، ونلملم أغراضنا وما تبقى من كراماتنا التي اختلطت بحبات الرمل، ونغادر غير محسوف علينا.
ونذهب إلى البرازيل، حيث الأطفال الذين ولدوا وترعرعوا في عهد "لولا دي سيلفا"، أحد أفضل رؤساء العالم على مدى التاريخ (خرج من المنصب قبل عامين، ومن يقرأ إنجازاته يصب بالذهول والدهشة ويتمنى لو قبّل رأسه)، أقول تذهب المعارضة كلها إلى البرازيل، بربطة المعلم، بإعلامييها وسياسييها وقضها وقضيضها، فنعرض عليهم إنتاجنا وتصريحاتنا وكتاباتنا وحلقاتنا، فيرمينا الأطفال هناك بالمحاصيل الزراعية التالفة، ويطاردوننا بين الحقول والفدادين الزراعية.
الوكاد… أو الأكيد، كما في اللغة الفصحى، أن سقف معارضتنا أقل من أن يكون صفحة في مجلات أطفال الشعوب المحترمة، لذا يجب أن نراجع مجلات الأطفال قبل كل ندوة وكل تجمع وكل بيان.

سامي النصف

المفاعلات النووية الكويتية.. والمناقصات!

تطرّق ضيوف برنامج «مواجهة» ليلة الجمعة الماضية، وهم: السفير جمال النصافي، ود.مشعل السمعان، وم.مصطفى غلوم، وكاتب هذه السطور، لموضوع مهم جداً يجب أن يحظى بالاهتمام الشديد من الدولة، وهو إيجاد مصادر بديلة للنفط الناضب سريعا، وذلك لإنتاج الكهرباء والماء، خاصة أن الدولة تعتزم التوسع الشديد في البنى الأساسية وبناء المدن والمنازل، مما سيضاعف ما نحتاج إليه من النفط لتوليد الطاقة إلى ما يقارب المليون برميل يوميا، أي ثلث الإنتاج، وتلك مصيبة ما بعدها مصيبة.

■■■

وإيجاد مصادر أخرى للطاقة يعني أن نوفر نفطنا للتصدير الخارجي، حيث مازال يمثل 99% من دخل الكويت، كما يعني إطالة عمر الاحتياطات العامة من النفط لضعفي أو ثلاثة أضعاف السنوات المتوقعة فيها إذا استمر حرق البترول لتوليد الطاقة، كما اتفق الفريقان المتواجهان في البرنامج على أن الطاقة المتولدة من الهواء أو الشمس لا يمكن لها أن تسد حاجيات البلد، وان العالم غيّر مسماها من الطاقة «البديلة» إلى الطاقة «المكملة» كونها لا تستطيع أن تحل محل البترول والغاز والطاقة النووية.

■■■

وأول مزايا الطاقة النووية التي كنت وزميلي م.مصطفى غلوم نسوق لها أنها ـ وبعكس ما يشاع عنها ـ آمنة نظيفة رخيصة، فعبر العقود الماضية لم نسمع بحوادث مريعة بسببها واحتمال وقوع حوادث لها يقارب 0% أو تحديدا واحد لما يقارب المليونين، وبالتالي فهي أكثر أمنا من قيادة السيارة أو الذهاب للأسواق أو البقاء في البيوت ومراكز العمل التي يمكن لها أن تنهار، وفي هذا السياق أتى ضمن البرنامج على لسان م.مصطفى أن مفاعل بوشهر بعيد جدا عن احتمال التسريب أو الانهيار، حيث يتمتع استثناء بأربع طبقات عازلة تمنع تسرب الإشعاعات منه أو تلويثه لمياه الخليج.

■■■

ومن الواضح أن الدول المستخدمة للطاقة النووية في توليد الكهرباء هي أكثر دول العالم تقدما ورقيا، وهي بالترتيب (أميركا، فرنسا، اليابان، ألمانيا، روسيا، كوريا الجنوبية، بريطانيا، أوكرانيا، كندا، السويد.. الخ)، كما أن كلفة وحدة الكهرباء أقل كثيرا (156 دولارا للبترول، 116 دولارا للغاز، 58 دولارا للذرة)، وقد بدأت الدول الخليجية الأخرى بالعمل منذ سنوات طوال لدخول عصر الذرة، ومثلها الأردن ومصر، وتخلفت الكويت ـ كالعادة ـ وكلما طال التأخر زادت كلفة دخول ذلك العصر الذي يحتاج إلى سنوات طوال من الإعداد واختيار الدول التي ستشارك في بناء المفاعلات الذرية واختيار الطلبة وإرسالهم لدراسة الهندسة الذرية.. إلخ.

■■■

آخر محطة: (1) في عام 2009 أنشئت لجنة وطنية في الكويت لدخول عصر الذرة، وبعد أن قطعت شوطا طويلا في العمل أتى قرار مفاجئ بإلغائها دون إبداء الأسباب، ولم يهتم أحد حتى بجمع الدراسات والأبحاث السرية التي تكلفت الملايين، وكأن هناك حرصا شديدا على أن نبقى متخلفين عن الجيران في مجال الطاقة.

(2) المفاعلات الذرية هي كالطائرات والسيارات.. إلخ، لا يعني عدم وجود تكنولوجيا محلية لصناعتها عدم القدرة على استخدامها وإدارتها وصيانتها بكفاءة شديدة.

(3) المفاعلات كحال الطائرات هي سلع استراتيجية يتم التفاوض لاستقدامها بين الجهات المعنية في الدول، نرجو ألا يدعي أحد أن لديه كذلك مفاعلات نووية خاصة يود بيعها للكويت.. بخصم كبير! حصلت في السابق.

 

احمد الصراف

ابتزاز «الكويتية»

قليلا قليلا بدأت «الخطوط الكويتية» بالعودة لوعيها، واختفاء شحوب الإفلاس من وجنتيها، واحمرار خدودها من عافية ما ضخته الحكومة من أموال في شرايينها الجافة، بعد مرحلة «الغيبوبة الطويلة» التي دخلت بها وكادت أن تقضي عليها، إضافة إلى التغيير الجذري والإيجابي في إدارتها العليا، وهذا ما كان ليحدث لو لم «تكتشف» الحكومة أن ضررا بالغا سيصيب الدولة والاقتصاد وجزءا حيوياً من تاريخنا، ان انهارت الشركة، التي لم توجد علة لم تشك منها. كما كان ضروريا، بمقدار أهمية الدعم المادي والمعنوي نفسه، تسليم زمام ادارة الشركة ليد ليست خبيرة بأحوالها وملابسات تعثرها، بل وأمينة ويمكن الثقة بقراراتها! وبالتالي لم يكن غريبا ما قام به الكابتن سامي النصف، الرئيس الجديد لمجلس ادارة طيراننا الوطني من قرار غير مسبوق تمثل في إقدامه على محاربة الفساد الذي عشش لعقود داخل المؤسسة الوطنية، وكانت أولى بشائر «حروبه» ما كشفه لوسائل الإعلام من تعرّض الشركة للضغوط على يد النائب سعد البوص، وضغوطه عليها لكي تقوم بشراء وتأجير الطائرات عن طريق شركة يمتلكها وأبناؤه، وبفوارق مالية هائلة بين «عرضه» المبالغ في جودته، وبين ما حصلت عليه الشركة من عروض نتيجة الاتصال المباشر بالشركات المصنعة!
إن موقف هذا النائب وتصرفه، الذي ربما كشف نفسه أكثر برده على قرار النصف اللجوء للصحافة لكشف ملابسات ما ستتعرض له الشركة من خسائر بالملايين ان هي رضخت له، قد يكون دليلا قويا على ما تشكو منه أهم سلطات الدولة من خراب وفساد. فكيف يلجأ من أنيطت به مسؤولية التشريع وسن القوانين ومراقبة اداء الحكومة، لمثل هذه الأساليب في الإثراء، ويقدم عرض بيع، مهما كان جيدا ومجديا، لشركة تخضع لرقابته، ويريدنا فوق هذا أن نفترض حياديته وحسن نيته ونظافة يده؟!
إن بقية أعضاء مجلس الأمة مطالبون بمحاسبة «زميلهم» على تورّطه في مثل هذه الأعمال إن كانوا حقا يرغبون في رفع ما لحق ببيت الأمة من شوائب والتخلص منها، ووضع ضوابط تمنع عضو المجلس من التعامل مباشرة، أو حتى بصورة غير مباشرة، ان أمكن ذلك، مع جهات تخضع لرقابة النائب، فهذا سيحول المجلس الى ساحة تنفيع، ولا يعني ذلك أنه لم يكن كذلك طوال نصف قرن، على الأقل. كما أن اعتراف النائب البوص بأنه مساهم في 13 شركة تدخل جميعها في مناقصات ومنافسات حكومية أمر يدعو للقلق، فكيف يمكن أن نصدق أن هذه المنافسات، والصراع على مناقصات بملايين الدنانير جميعها «شريفة»، كما يدعي؟ وهنا نتمنى على أعضاء المجلس قبول تحديه، واعتبار دخوله في مناقصات بمئات ملايين الدنانير مع جهات يقوم برقابتها، نوعا من الضغوط، وقبول استقالته!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

هل تعرفهم «السُّلطة»… جيداً؟

 

بدايةً، من العار أن أوجه سؤالاً حول مدى معرفة (أبواق الفتنة) وجوقة الإعلام التطبيلي الهزيل بنخبة «اللقاء الوطني البحريني» التي عقدت آخر اجتماعاتها مساء الإثنين الماضي (13 مايو/ أيار 2013) بنادي العروبة، ذلك لأن فئة الأبواق والجوقة، تعيش حالة من الرهاب والفزع والتشكيك تجاه أية «نخبة بحرينية» مخلصة، تسعى لأن تضع تصوراتها بشأن آفاق الحلول الممكنة لإنهاء الأزمة في البلاد.

لكن السؤال موجّهٌ للسلطة: «هل تعرف من يكون أعضاء اللقاء الوطني البحريني؟ وهل تابعت تحركاتهم ودققت في أهدافهم؟ وهل يتسنى لها أن تشكك في نواياهم وهم أصحاب رصيد وطني مشرف؟». بالطبع، تعرفهم الحكومة جيداً، وتعرف أنهم شخصيات وطنية معتدلة واثقة مخلصة للوطن وللمواطنين، وهذا ما يدفع لسؤال آخر: «لماذا لا تدعم الحكومة مثل هذه المبادرة التي تتشارك فيها شخصيات بحرينية من كل الطوائف والتيارات والجمعيات؟»، يجمعها عنوان كبير لا تستطيع فئة الأبواق والجوقة أن تنال منه: كلهم أبناء البحرين الذين لا ينكر وطنيتهم وإخلاصهم إلا… الأبواق والجوقة ذاتها».

كنت منذ الوهلة الأولى التي وصلت فيها إلى قاعة كانو بنادي العروبة في تلك الليلة، مطمئناً تماماً إلى أنني لن أرى ولا وجهاً واحداً من وجوه الطائفية والفتنة والتشكيك في إنتماءات الناس وولائهم للبحرين، لأن الذين حرصوا على حضور اللقاء، أو الذين كانوا يأملون حضوره ومنعتهم ظروفهم، كلهم يُدركون جيداً بأن واجبهم الشرعي والوطني، يدفعهم لئلا ييأسوا أو يتراجعوا عن القيام بذلك الواجب مهما كانت المحبطات والمعوقات، وأنهم ليسوا أصحاب مصالح شخصية أو فئوية فينتظرون العطاء قبل وبعد أن يمارسوا العمل الوطني المزيف القائم على المتاجرة بعنوان «حب الوطن والولاء» كصفة تجارية مربحة وقودها بقاء الأزمة مستمرة.

حسب ما أعلنه عضو اللقاء الوطني المفكر البحريني علي محمد فخرو، فإن ذلك اللقاء، وهو الرابع، سبقته اجتماعات مطولة عقدتها لجنة تنسيق وضعت تصوراتها المستقبلية، ومع ذلك، كان لزاماً على اللجنة أن تعرض التصور (مكتوباً) على الأعضاء، وتفتح المجال للنقاش فيه بكل سعة صدر، فتثبت ما يتم التوافق عليه وتلغي ما يُجمع الأعضاء على رفضه، ولاشك في أن اللجنة التي وضعت التصورات بأعضائها الثلاثة المنتخبين والثلاثة الآخرين المعينين من جانب أعضاء اللقاء وهم: جميل العلوي، سعيد عسبول، شوقي العلوي، علي صالح، علي فخرو ونجية عبدالغفار… هم شخصيات بحرينية لعبت أدواراً في خدمة الوطن، لا تعرفها الأبواق والجوقة، ولهذا، كان من بين المحاور التي رصدها التقرير، السعي لجمع القوى السياسية في مجتمع البحرين المدني حول طاولة حوار فيما بينها للاتفاق على مطالب إصلاحية مشتركة، ومن ثم نقلها إلى المسئولين في الحكم. ولأن هذا الهدف «وصل إلى طريق مسدود» (حسب تقرير اللجنة)، فإنه لابد من البحث عن خيارات وتوافقات أخرى.

ولعل من أهم النقاط التي وضعت على بساط بحث اللقاء الوطني البحريني، تعرف (اللقاء ذاته)، وبعد استمزاج آراء مختلفة بعضها اقترح التحوّل إلى جمعية سياسية أو منتدى ثقافي، تقرر الإبقاء على التعريف الأصلي الذي تأسس عليه اللقاء الوطني: «هو عبارة عن التئام عدد من المواطنين، المشهود لهم بالاهتمام الجاد الواعي بقضايا الشأن العام والالتزام بالمواقف الوطنية المقدرة والمحترمة من جميع الأطراف المدنية والرسمية، وخصوصاً بالنسبة للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعيشها البحرين حالياً، وهي المعايير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند ترشيح أعضاء جدد للالتحاق باللقاء.

اللقاء الوطني البحريني لم يهمل في نقاشه توسعة قاعدة أعضائه، وكان لزاماً التأكيد على ضرورة توسعة هذا اللقاء ليضم كل الأطياف المجتمعية الراغبة في المساهمة في إخراج البحرين من الأزمة الحالية من جهة، وفي إتمام عملية إصلاح لانتقال البحرين إلى نظام ديمقراطي سياسي واقتصادي عادل قائم على المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. ومن بين الأهداف أيضاً، إجراء حوارات مفتوحة في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أجل طرحها على الرأي العام بشتى الأشكال أو إيصالها إلى المسئولين في الدولة، والتواصل والتعاون مع جميع الأطراف والجهات ذات العلاقة سعياً للمساعدة في الخروج من الأزمة التي تمر بها البحرين حالياً…

أليس كل ما يطرحه اللقاء الوطني يتوافق مع دولة القانون والمؤسسات والتحوّل الديمقراطي؟ أليس حريّاً بالحكومة، إذاً، أن تتبنى مثل هذه المبادرات وتدعمها؟ وأيهما أنفع للوطن وللمواطن: الاعتماد على إخفاقات الأبواق والجوقة، أم الاستناد إلى مرئيات عقليات بحرينية وطنية فذة تعلم الحكومة جيداً أنهم صادقون في توجهاتهم وجهودهم؟

على أي حال، فإن اللقاء الوطني البحريني، والجمعيات السياسية الوطنية ممثلة فيه، قادر على تقديم استراتيجية عمل واضحة المعالم، وليست من قبيل تكرار أهزوجة التآمر والتخوين وتفتيت المجتمع والرقص على عذابات الوطن.