عادل عبدالله المطيري

نحو نظرية إسلامية للتغيير السياسي

يبدو أننا نعيش وسط العاصفة السياسية العربية، والتي ملأت احتجاجات وثورات كل زوايا وطننا العربي.

إنه زمن حركات التغيير العربية، والتي ربما أخطأنا بتسميتها بالربيع العربي، لان الربيع السياسي لا يأتي إلا بعد أن تهطل الأمطار الفكرية والإصلاحية على مجتمعاتنا القاحلة!

بحثت كثيرا في نظريات التغيير السياسي، فلم أجد أفضل ولا أصدق مما أسميته بـ«النظرية الإسلامية للتغيير»، والتي تصلح لكل زمان ومكان ومجال سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو دينيا.

يقول الله سبحانه وتعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ـ الرعد:11) تلك الآية الكريمة تلخص النظرية الإسلامية للتغيير، حيث يبدأ التغيير دائما من الفرد وما يحمله من أفكار، ومن ثم الدعوة إلى ذلك التغيير بين الأفراد، ومن المؤكد أن أكبر عملية تغيير فكري حدثت في تاريخ البشرية كانت على حياة النبي محمد ﷺ، فقد كان فردا اختاره الله سبحانه وتعالى ليكون رسولا، فقام بدعوة الأفراد إلى الإسلام، وعندما ازداد عدد المؤمنين ازداد هذا التغيير رسوخا في وجدان المجتمع الكافر ليتحول بإذن الله إلى الإسلام!

حتى بعض النظريات العلمانية تؤكد ذلك، فأطروحات العالم الألماني «ماكس فيبر» صاحب النظرية الوضعية في علم الاجتماع يقول «إن الفرد هو ركيزة الحياة الاجتماعية ويشكل المجتمع بإرادته الواعية» حتى خلص في أطروحاته العلمية إلى أن المجتمع يشكله سلوك الأفراد وليس العكس!

إذن نحن بحاجة أولا – إلى تغيير الأفراد لإنجاح أي عملية تغيير، وقبل ذلك يجب أن نمتلك أفكارا سياسية عظيمة لكي نستطيع أن نجعل الأفراد يؤمنون بها، عندها فقط سيبدأ الحراك السياسي الحقيقي في الوطن العربي وعلى أسس علمية ليأتي بالنتائج الإيجابية المرجوة.

ومن وسائل تحقيق التغيير السياسي في أي مجتمع وحسبما أسميته بنظرية التغيير الإسلامية هي «الدعوة بعد الإيمان»، بمعنى أن تؤمن بأفكارك إيمانا عميقا وبعدها تنطلق لدعوة الآخرين لها – فقد دعا الأنبياء والرسول ﷺ الآخرين بالكلمة الطيبية امتثالا لقول الله سبحانه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).

وهي دعوه ربانيه إلى طرح الأفكار بطريقة هادئة، وكذلك تأكيد على مبدأ النقاش والجدال الواعي وبالأساليب العلمية والعقلية وغير العنيفة.

إذن لتحقيق «التغيير» يجب أن تملك الأفكار الإصلاحية، ومن ثم تدعو لها وتناقش حولها. لا عنف ولا مشاحنات تكسبك عداوة الآخرين، وتنفر أفراد المجتمع من أفكارك حتى ينفض المؤيدون من حولك.

▪ في الختام: هي دعوة إلى كل شباب الحراك في أن يبدأوا بالنقاش العام ليتوصلوا إلى أفكار إصلاحية تستطيع معالجة أوضاعنا السياسية، ومن ثم يطلقوا اكبر عملية للعلاقات العامة لترويج أفكارهم للمجتمع والسلطة، ومن المؤكد ان المجتمع سيتجاوب معهم حسب جاذبية أطروحاتهم وموضوعيتها، وكذلك هي السلطة التي لا مفر من تجاوبها مع تلك الأفكار الإصلاحية إذا تبناها أغلبية المجتمع.