سامي النصف

أيها السادة..هل حافظتم حقاًعلى المال العام؟

تصغر راية قميص عثمان الشهيرة كثيرا عن راية الحفاظ على المال العام التي صدحت بها وتبنتها بعض القوى السياسية للاتجار بها والإضرار بالكويت ومصالح شعبها بالتبعية، حالها حال الدستور المتباكى عليه الذي كلما أوغل البعض في تدميره وسفك دمه رفع عقيرته بادعاء الحفاظ عليه، وما أكبر الفارق بين النظرية والتطبيق في تلك القضية وغيرها من قضايا!

***

في منتصف التسعينيات قرر راحل الكويت الكبير وزير النفط آنذاك المرحوم سعود الناصر ان يدخل التقنية الحديثة لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في حقول الشمال، واستمعنا في حينه إلى مختصين نفطيين عن فوائد ذلك المشروع الذي يهدف لإراحة حقول الجنوب وأهمها حقل برقان الشهير إضافة الى الفوائد الإستراتيجية في حفاظه على أمن وبقاء شعب الكويت الذي لا يقدر بثمن، سمي المشروع في حينه من قبل بعض القوى السياسية بـ«سرقة القرن» وتم إلغاؤه بسبب صياح بعض القوى المعارضة، وخسر الشعب الكويتي عائدا إضافيا يقدر بـ 36 مليار دولار سنويا (360 مليارا في المجموع) ولم يحاسب أحد على الإلغاء الظالم لتلك الصفقة التي ما زالت جرحا نازفا حتى اليوم.

***

تلت ذلك وفي السنوات اللاحقة سلسلة إلغاءات لخطة تحديث اسطول «الكويتية» والمصفاة الرابعة ومشروع الداو بعد ان سميت من القوى السياسية بـ«سرقات العصر 1 و2 و3 و4… إلخ»، وكان مجموع خسائر تلك المشاريع من أموال الشعب الكويتي المظلوم يفوق عشرات أو مئات المليارات من الدولارات، والغريب المستغرب ان فراشا صغيرا لم يقبض عليه بتهمة احدى سرقات العصر تلك، مما يعني بشكل واضح وجلي أنه لا سرقات فيها بل مؤامرات دنيئة لتدمير الكويت والإضرار بشعبها لصالح دول أخرى.

***

وفي الحقبة ذاتها تم ومن قبل نفس القوى السياسية تعديل قانون الـ«B.O.T» مع سبق إصرار وترصد، فتوقفت عمليات البناء والإنماء وهاجرت المليارات من أموال الشعب الكويتي لتعمر مشارق الأرض ومغاربها، ثم منعت الدولة من دعم شركاتها المساهمة بعد الكارثة الاقتصادية عام 2008، كما حدث في بلدان العالم أجمع، فخسر الشعب الكويتي مرة أخرى المليارات من مدخراته المستثمرة في شركاته المساهمة، فهل في تلك الممارسات حفاظ ام استباحة للمال العام من بعض القوى السياسية المتباكية عليه؟!

***

آخر محطة: (1) استكمالا لمخططات التدمير تلك، تقوم نفس القوى بالدعوة للفوضى ومحاربة الاستقرار السياسي بهدف القضاء على مستقبل الشعب الكويتي المرتبط بمشروع المركز المالي البديل «الوحيد» لمداخيل النفط، وكل ذلك تحت شعارات محاربة الفساد، وهل هناك فساد أكثر من هذا؟!

(2) عقوبة المحرض على الجريمة تفوق في العادة عقوبة الفاعل، نعم يمكن لوم الحكومات المتعاقبة على إلغاء تلك المشاريع الحيوية، ولكن من الذي حرض وهدد على عمليات الإلغاء وإلا فسنوقفكم على.. المنصة؟!

 

احمد الصراف

أنا قبطي.. أنا مصري

تتعرّض مصر لخراب اقتصادي وسياحي وسياسي شبه شامل، ولا يبدو في الأجل القريب أن الحل مقبل، ولكنه سيأتي حتما، مهما طال الزمن، ولكن ليس قبل أن يذهب الشذاذ وحكمهم الشاذ إلى مهملات التاريخ، فمن فرق بين ابناء الشعب واستبعد هذا وقرّب ذاك بناء على عرق أو مذهب أو دين لا يمكن أن يؤمَن شره أو يحظى بأي تقدير أو احترام في التاريخ، ولكن المؤسف حقا أن جزءاً مهماً من الخراب الذي تسبب ويتسبب فيه الإخوان، والمتعلق بالنظرة للأقلية القبطية، هو الذي لا يمكن إصلاحه، فالأقباط كانوا ولايزالون، تاريخيا ووطنيا، زهرة مصر وجمالها وروحها الوقادة التي طالما أضاءت ما تلبّد في سمائها من غيوم التخلف والتعصب، كما أن أقباط مصر، كما يقول الزميل باسيلي بحرقة، هم أكبر وأقدم الأقليات المسيحية التي تعيش في الشرق الأوسط منذ آلاف السنين. كما أنهم أقدم جماعة وطنية متماسكة وموجودة في مكانها نفسه، بخصائصها وملامحها نفسها، وقبل أن تختار اعتناق المسيحية. ويستطرد باسيلي في القول بأسى: إنهم، وبالرغم من كل ذلك، فإن الغالبية لا تعرف عنهم ذلك أو لا تودّ أن تعرف، وتعاملهم وكأنهم ليسوا شركاء في وطن واحد لهم ما لغيرهم من حقوق، إن لم يكن أكثر. فهم كانوا وسيبقون أقلية، ولكنهم سيبقون اقلية غامضة وغير معروفة أو مفهومة بشكل صحيح في أعين الآخرين. حتى عددهم لا يود أحد معرفته أو الإقرار به! كما أن تسميتهم يختلفون عليها، فالبعض يسميهم أقباطاً، بينما يسميهم آخرون بالمسيحيين أو النصارى أو حتى بـ«أهل الذمة»! كما تختلف الرؤية لهم في مدى قربهم من المسلمين أو بعدهم عنهم، فالبعض يراهم مؤمنين من أهل الكتاب، والبعض الآخر يعتبرهم كفارا مشركين يقولون إن الله ثالث ثلاثة، والبعض يسميهم «عبدة الصليب»! أما عن معتقداتهم وأعيادهم وعاداتهم وسيكولوجيتهم فالالتباس والجهل بها هما السائدان حتى لدى نسبة كبيرة من المثقفين المسلمين، علما بأن معظمهم متعاطف مع الأقباط ويدافع عن حقوقهم، مما يجعل الأقباط في النهاية يبدون كأقلية لا يكاد يعرفها أحد. ويقول إن الدليل على ذلك ما قامت به الرئاسة المصرية في مطلع العام عندما حددت موعد إجراء انتخابات مجلس الشعب خلال فترة أسبوع الآلام «عيد القيامة»، وهو العيد الأكبر والأهم لدى الأقباط. وعندما تم الاعتراض على هذا الموعد تم تغييره، هذا قبل أن تحكم المحكمة بإلغاء الانتخابات أصلا! ويقول باسيلي إنه يتذكر أنه طوال سنوات دراسته في مصر كان يفاجأ بأن بعض الامتحانات قد تحددت في أيام عيد الميلاد أو القيامة، دون اعتبار لظروفهم! ورغم احتمال أن يكون وراء التحديد متعصبون في هذه الوزارة أو تلك، فإن الجهل بأعياد الأقباط أو عدم الاهتمام بمعرفة مواعيدها هو السائد. كما تجري في مصر منذ عقود عملية تشويه نمطية بشعة لصورة الأقباط، خاصة من قبل متعصبي المصريين وغيرهم من المتأثرين بنوع من الدعاة الممثلين لأكثر المذاهب تخلفا وتشددا، والذين يهدفون إلى بناء شهرتهم عن طريق تغذية مشاعر الاستعلاء والكراهية بنعت الاقباط بالكفر والقذارة والنجاسة الجسدية والروحية، وبذلك يسهلون على غيرهم التعدي على إنسانيتهم وسلبهم حقوقهم في المواطنة. كما من اللافت أن في كل مواقف التشويه الممنهج للأقليات في مجتمعات كثيرة نجده يحدث تحت غطاء ديني صاخب وهائج، يمنحه صك الموافقة الإلهية السامية، فيقوم الإنسان بناء عليه بأبشع أنواع الإذلال والاستعباد والاضطهاد لأخيه الإنسان، المختلف عنه دينا أو مذهبا أو شكلا، دون خلجة واحدة من تأنيب الضمير، بل بالعكس نجده مزهواً بأنه بهذا يرضي ربه ويتقرّب إليه!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com