سامي النصف

ما الذي سيحصل بعد منتصف الشهر القادم؟

التنبؤ بأحكام القضاء هو ـ مع الفارق ـ قريب من التنبؤ بنتائج المباريات كونها لا تخرج عن نتائج محددة (إدانة أو براءة أبطال أو تحصين.. إلخ) حالها حال التنبؤ بفوز هذا الفريق أو ذاك الذي ان جاءت النتائج موافقة للتنبؤ لا يشكك أحد بالحَكَم الذي أدار المباراة، أو ان هناك من كان يعرف نتيجة المباراة سلفا قبل بدئها، وهو ما تم مع أحد الإعلاميين الكبار الذي توقع حل مجلس 2012 فحدث ما توقعه، وكان بالإمكان ان يكون التوقع خاطئا بالنسبة له ومتوافقا مع التنبؤات التي أتت في الاتجاه المعاكس دون الحاجة لخدش قضائنا النزيه والحديث عن الأحكام السياسية التي لا وجود لها في الواقع.

■■■

الحكم الذي سيصدر في 16/6 لن يخرج عن اثنين: تحصين الصوت الواحد أو إبطاله، وأرى شخصيا ان الحكم الأقرب للمنطق ـ والله أعلم ـ هو تحصين مرسوم الصوت الواحد لسبب بديهي هو التطابق مع حالة حدثت عام 1981 عندما غير مرسوم ضرورة عملية التصويت من 5 إلى 2 وهي عملية مشابهة لعملية التغيير من 4 إلى 1، وقد سبق آنذاك ان تم الطعن بالمرسوم فأتى حكم المحكمة الدستورية في حينه بتحصين المرسوم كونها قضية تقديرية لصاحب السمو، وحقيقة فان مراسيم الضرورة تصدر كتقدير لحالة سياسية وليس لملاءمة واقعة قانونية.

■■■

وعليه فقد يبقى الأمر على ما هو عليه بعد ذلك التاريخ الى حين انتهاء أجل المجلس الحالي الطبيعي أي السنوات الأربع، أو قد تتم إعادة الانتخاب في بعض الدوائر بسبب الطعون في عمليات جمع الأصوات في بعض الدوائر، والخيار الثالث هو حل المجلس الحالي وعودة مجلس 2009 بحجة ان مجلس 2012 قد أبطل من قبل حكومة لم تقسم أمام مجلس الأمة، وهناك دفع دستوري قوي ذكره د.محمد الفيلي بأن عدم القسم أمام المجلس لا يمنعها من حل مجلس 2012.

■■■

ولو حدث الحل لأي سبب كان فستسعى بعض القوى السياسية للعمل على صدور مرسوم ضرورة بالانتخاب بصوتين ولو حصل ذلك الأمر أو لم يحصل واستمر العمل بالصوت الواحد فستشارك بالانتخابات القادمة كثير من القوى المقاطعة أو التي تدعي استمرار المقاطعة فيما لو لم يغير نظام التصويت تحت شعار معلن هو «لن نتركها لهم»، وشعار غير معلن هو إيمانها بفشل نظام المقاطعة وانصراف الناس عنها وتعرضها للملاحقات القانونية بعد سقوط الحصانة النيابية.. والله أعلم!

■■■

آخر محطة: الشكر الجزيل للزميل د.وائل الحساوي على ما خطه أمس في زاويته الشائقة بجريدة «الراي» من دعم لمبدأ الشفافية في شركة الخطوط الجوية الكويتية وكلمات كهذه هي مشاعل تضيء الطريق أمام الإصلاح في البلد.

حسن العيسى

تكرار «وين رايحين»!

تم تقديم وزير النفط هاني حسين ككبش فداء لقضية الداو، ومع أن الوزير المستقيل لم يكن له أي دور في محنة الداو، إلا أن التضحية بأي رأس غير مذنب في فوضى الأموال العامة تصبح ضرورة قصوى حتى يسلم أكبرها وأسمنها من شبهات المسؤولية، وهذا عرف ثابت ومستقر في وجدان السلطة من أن الكبار جداً لا يحاسبون، فهم فوق الشبهات.
يقولون إن شر البلية ما يضحك، والبلية المضحكة اليوم أن محاور استجواب الوزير، ليس جوهرها "الداو"، وعلى غير ما يزعم نواب الاستجواب، فنواب السلطة يستجوبون الوزير كي يصبحوا نماذج لبروميثوس الرقابة والمساءلة البرلمانية قبل صدور حكم المحكمة الدستورية الذي "قد" يطيح بهم، وإذا كان بروميثوس في الأسطورة اليونانية جلب النار للأرض ليستضيء بها الناس، فإن  النواب المستجوبين جلبوا الظلام والعتمة لحكم القانون ومبدأ شخصية العقوبة، وخرقوا أبسط المبادئ الشرعية "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وغلفوا استجوابهم في صناديق زجاجات الويسكي والبيرة وما في حكمهما في دولة المادة 206 جزاء، واتهموا مؤسسة البترول بأنها "تروجهما" في محطات الخدمة النفطية في الدول الأوروبية التي لا تعرف قوانينها المادة 206 ولا عائلتها ولا قبائلها العريقة، ومع أن الوزير هاني حسين ساير مشايخ آخر زمن بمجلس التابعين وقرر حظر "الترويج" للمتفجرات الروحية في محطات بيع البنزين، وقصر عمليات البيع على البنزين النفطي ولا تمتد للبنزين الاسكتلندي أو الألماني أو الفرنسي، ومع ذلك أصر "نواخذة" الاستجواب على سفك دم الضحية في محراب "بروميثوس" الأمة الخامدة.
أيضاً يمضي نواب "أسود علينا وفي الحروب نعامة"، بمعنى أنهم أسود على وزراء محددين وعليهم العين، ربما هي عين بعض الشيوخ الكبار الذين يعملون خلف الستار وفوق الوزراء، والله العالم بخفايا المسرح الكويتي الذي يضج بالكومبارس ومن غير مخرج ولا أبطال، يمضي هؤلاء النواب الحصفاء لاستجواب وزير الداخلية في ما لا يجوز استجوابه به، وصلب استجوابهم يتلخص بعبارة "لماذا لم تنفذ حكم الحبس على مسلم البراك فور صدوره من محكمة أول درجة، ولماذا خولته أن يستعمل حقوقه في رفض تنفيذ الحكم  الابتدائي؟" أما الأمن الذي يشغل بال نواب "العين الساهرة" فهو أن الوزير لم يستعمل القنابل الذرية لتفريق التظاهرات وتجمعات الشباب المعارضين، فالقنابل الدخانية وهراوات القوات الخاصة، هي باقات ورد للمتظاهرين وليست آلات قمع لهم كما يراها أسود مجلس السلطة الحاكمة!  
من يتأمل مشهدنا السياسي اليوم، ويلتفت حوله لخارج حدودنا، ويرى مأساة سورية، وفي الطريق المأساوي يسير لبنان والعراق وقائمة الفتن الطائفية والحروب الأهلية تتمدد، وبالوقت ذاته تدق أجراس خطر الأزمات الاقتصادية في أوروبا، يرافقها قرب احتمالات استغناء أميركا عن سلعتنا الوحيدة، يسأل كيف بفكر هذه السلطة وهذا المجلس المضحك المبكي يمكن مواجهة الغد وتحدياته القادمة لا محالة، لم أعتقد يوماً ما أنكم كنتم على مستوى التحدي البسيط فكيف في هذا الوقت وأمامنا تحدٍّ وجودي يرتبط بوجود الدولة، ووحدة أهلها، أنتم تسيرون على البركة والصدفة، وهاتان لم تعدا مجديتين اليوم.