محمد الوشيحي

كلمة سر… باللغة الوشحى

سقى الله أيام كتابة المقالات بالورقة والقلم والشخبطة والسهم الملتوي والأقواس وعلامة بدء الفقرة ووو، واتصالات المصححين للاستفسار عن كلمة استعصت عليهم قراءتها، وقد يتكاسلون أو ينشغلون فينشرونها كما فهموها بخلاف ما أريد، فتقلب رأس المعنى على عَقبه، وتجرح عَقبه الآخر، فتسيل منه الدماء، فألطم ثلاثاً وتخنقني العبرة…
وسقى الله صحافة الأجيال السابقة، عندما كانت المقالة أطول من ليل الشتاء وأسخن من فرن الخباز، ويكفيك مراجعة أرشيف مقالات محمد حسنين هيكل الأسبوعية، التي كانت جريدة الأهرام تنشرها على عمودين في الصفحة الأولى والتتمة تملأ الصفحة الثالثة كاملة… (بالمناسبة، لقرب هيكل من عبدالناصر، كانت الإذاعة تبث مقالاته: "سيداتي سادتي مستمعينا في الوطن العربي إليكم ما كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل في عموده لهذا اليوم بتاريخ كذا وكيت").
أقول سقى الله أيام الورقة والقلم قبل أن يلعب بنا "بيل غيتس" لعبة الدامة، ويجبرنا على الكتابة على شاشة الكمبيوتر، وحفظ كلمات السر، وأنا رجل ينسى، وينسى أنه ينسى، فأكتب المقالة، وأنسى كلمة سر البريد الإلكتروني، فأدخل في حيص بن بيص، وقد يتعطل الجهاز، فيفتح فمه ببلاهة، فأفتح فمي ببلاهة، والبادئ أظلم وأخيب.
وأصبحنا لا نعيش بلا كلمة سر، فبطاقة البنك بكلمة سر، وموقع البنك الإلكتروني يحتاج إلى سبع كلمات سر، والبرامج الإلكترونية كلها بكلمات سر، والبريد، ومواقع الشركات والمكتبات ووو… الشيء الوحيد الذي يمشي عرياناً بلا كلمة سر تستره من أعين المارة وأيديهم هو "الكويت".
لذلك هي مباحة، وقيل بل سداحة مداحة، خطوط طيرانها مباحة، وميزانيتها سداحة، وشركاتها النفطية مداحة ومُتاحة، و"برلمانهم" يعيش في مناحة، بهدف تغيير القيادات الحالية والإتيان بقيادات تتقن اللعب بالخطة البرازيلية ذات التمريرات الماكرة القصيرة.
وما لم نضع كلمة سر معقدة لخزائن الدولة ونفطها وأملاكها، ونمعن في تعقيدها بحروف وأرقام يصعب اختراقها، فسنستيقظ ذات صباح ونبكي على بلد ساح، لم يبق منه إلا "المراح"، والمراح هو الأطلال باللغة الفصحى. لكن اعتمادنا بعد الله على نخبة من الثقات في البرلمان وعلى رأسهم سعدون حماد وخلف دميثير وعبدالحميد دشتي ورولا دشتي وخالد العدوة وعسكر العنزي ويعقوب الصانع وآخرون مثلهم، ويا صدع رأسي صدعاه، باللغة الفصحى. وباللغة الوشحى.

احمد الصراف

بيت الكويت للمخالفات الوطنية

لا يبدو أن مسلسل ما يسمى بـ«بيت الكويت للأعمال الوطنية» سينتهي قريبا على خير ويغلق ملفه إلى الأبد، أقول ذلك على الرغم من قرار مجلس الوزراء القاضي بإزالة عقار البيت الكائن في منطقة الشويخ الشمالي في فترة لا تتجاوز 23 يونيو 2013، لعلمي التام بأن المستفيدين من وجود هذا «الصرح المتهالك» سيفعلون كل ما بإمكانهم القيام به لوقف تنفيذ قرار المجلس مثلما فعلوا ونجحوا من قبل في أكثر من مناسبة، إن من خلال اللجوء إلى رئاسة الوزراء، وخاصة في عهد الشيخ ناصر المحمد، أو السعي لدى آخرين، في وقف ازالة البيت وكل ما يتضمنه من تجاوزات تعبنا من الكتابة عنها! ولكن يبدو ان بعض الجهات ترى انه ربما بقاء خراب هذا البيت يساهم في احتفاظهم بخرابهم. ولا أستغرب طبعا ما صرح به البعض من افتخارهم بوجود بيت الكويت للأعمال الوطنية، والقول إن فيه متحفا «معترفا» به من منظمة اليونيسكو والهيئات العالمية! فهذا خلط مضرّ وكلام لا معنى له، فهناك فرق بين ضرورة توثيق وتسجيل وتجسيد ما تعرّضت له الكويت من اعتداء حقير على أقدس ما لديها أثناء فترة الغزو والاحتلال الصدامي، وبين ذلك ظروف انشاء البيت ومحتوياته، فقد شاب تأسيسه من يومه الأول وحتى الآن الكثير من اللغط الذي سبق أن كتبنا عنه، كما أفردت له صحف عدة صفحات ومانشيتات، وبالتالي تصبح المناشدة التي تقدم بها رئيس «جمعية أهالي الشهداء والأسرى والمفقودين الكويتية»(!) وهي جهة أخرى نشك، كما هي حال بيت الكويت للأعمال «الوطنية»، في قانونية وجودها، أو حصولها على ترخيص، وبالتالي فهي والبيت لا وجود لهما في الواقع، أقول تصبح مناشدتهم لسمو رئيس مجلس الوزراء لتمديد المهلة الممنوحة لإخلاء عقار بيت الكويت للأعمال الوطنية لحين توافر الأموال اللازمة لبناء مقره الجديد في منطقة غرناطة، أمرا لا معنى له. كما أن رسالة البيت لا يمكن أن تستمر بمثل هذه الطريقة المخالفة لأبسط قواعد العمل الوطني والتطوعي، فالبيت بما فيه مخالف ولا تعرف اي جهة مصير ما يحصل عليه من تبرعات أو مدى قانونية رسوم الدخول التي يتقاضاها، وبالتالي تصبح مسألة توفير اموال عامة لبناء مقره الجديد مسألة سخيفة اخرى. كما ان توثيق عملية الغزو والاحتلال بحاجة لجهد جماعي وقانوني، وليس لما يجري حاليا من انفراد وعشوائية في آلية الادارة والاشراف. وهذا يعني أن استمرار الوضع الخرب مؤشر آخر على أننا لا طبنا ولا غدا الشر.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com