عادل عبدالله المطيري

المعارضون الجدد!

في كل برلمانات العالم تجد كتلة برلمانية تدعم الحكومة وكتلة او أكثر تعارضها، وعادة تكون الموالاة والمعارضة على أساس البرامج الحكومية والسياسات العامة التي تنتهجها الحكومة، وكذلك كانت المعارضة الكويتية على مر التاريخ البرلماني معارضة للحكومة فقط وليست معارضة للنظام السياسي ككل، واكبر دليل على ذلك أن المعارضة السياسية الكويتية دائما ما تمد يدها لأي رئيس وزراء جديد وتتفاءل به وتدعمه من أجل الإصلاح، بل وتحذره من الوقوع في الخطأ، وحتى إذا أخطأت حكومته فإن المعارضة دائما ما تعطيها الفرصة للإصلاح.

كلنا نتذكر تصريحات النواب لسمو رئيس الوزراء السابق، وكيف دعموا حكومته الأولى ووصفوه بالإصلاحي، حتى عندما رأى أعضاء المعارضة بعض الأخطاء قاموا بمناصحته ولم يتخلوا عن الرئيس واستمروا بوصفه بأنه صاحب النفس الاصلاحي، حتى أيقنت المعارضة السياسية أنه أعطي اكثر من فرصة للإصلاح ومحاربة الفساد ولم يصل إلى المستوى الذي يريدونه، وعندها تحولت المعارضة من موقع المناصحة إلى موقع المساءلة.

وها هي المعارضة السابقة تفوز بأغلبية مقاعد مجلس الأمة الجديد، وتمد يديها للرئيس الجديد، وكادت أن تدخل بكل ثقلها في حكومته لولا أن الامور صارت باتجاه مختلف وخارج إرادتهما.

ومن المرجح ان تستمر علاقة المعارضة السابقة والتي هي الآن الاغلبية البرلمانية منفتحة على الحكومة الجديدة، وستركز على إنجاز مشاريع الاصلاح السياسي والاقتصادي، خاصة وهي تملك الأغلبية المريحة لإقرار تلك المشاريع والتي سيكون قبولها من الحكومة أو رفضها هو الفيصل في اتجاه العلاقة بينهما.

[email protected]

محمد الوشيحي

رفع البلد بالزند الأيسر

إضافة إلى الجمل والمصطلحات التي ذكرتها في مقالات عدة في السابق، هناك جمل ومصطلحات أخرى لها وجهان، كقطعة النقود تماماً… يتحدث سياسي في جموع الناس: “أنا أخدم وطني من أي مكان، وفي أي مكان”، وهو تصريح “عَرض خدمات”، أو “إعلان للبيع”، يقوله النائب كي تسمعه الحكومة فتعرض عليه منصباً وزارياً، لكنه سيرفض المنصب إذا عُرضت عليه وزارة “أقل من مستواه” كما يراها، وسيلعق تصريحه السابق لعقاً مبيناً. ويأتيك من يأتيك من ساستنا الأكارم فيعتقد أن الشعب ما زال في حضن أمه، ترضعه وتغسله و”تمهّده”، أي تضعه في المهاد! ويخاطب الشعب بلغة “بكرة تكبر وتفهم”، فيعلن: “أنا مستقل، لا أتبع تياراً ولا تكتلاً سياسياً بل أتبع الكويت وأهل الكويت”، وكأن التيارات السياسية تتبع موزمبيق الشقيقة، أما الكتل البرلمانية فهي عميلة لبوركينا فاسو، تراسلها بالحبر السري. وأتذكر، وأنتم معي تتذكرون، بوش الولد عندما أعلن ترشحه لرئاسة أميركا: “أنا لا أتبع الحزب الجمهوري ولا الديمقراطي ولا الخضر، أنا أتبع أميركا وأهل أميركا”، فأطلقت نساء أميركا الزغاريد ورمى رجالها قبعاتهم إعجاباً بموقف بوش وولائه النقي. وكذلك فعل باراك أوباما، وقبل هذا وذاك كلينتون وكارتر وريغان وغيرهم من الرؤساء الأميركيين الذين أعلنوا أنهم لا ينتمون إلى حزب بل إلى أميركا وأهل أميركا. وأتذكر، وأنتم معي تتذكرون، مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، زعيمة حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” التي تخلت عن حزبها، وأعلنت توبة نصوحاً، وتقدمت إلى الانتخابات الرئاسية “طرق عباتها”، أي بمفردها، ورغم ذا فازت في الانتخابات بفضل الله أولاً ثم بفضل دعاء الوالدين وهمة أبناء خالتها الكرام وبنات جيرانها، وها هي تعيد التوازن إلى ألمانيا، كما يرى المراقبون، بجهدها الذاتي. كل القادة المخلصين لأوطانهم ولشعوبهم لا ينتمون إلى أحزاب، لأن الأحزاب والتيارات السياسية خيانة، والتحالفات والائتلافات غدر وطعنة في قلب الوطن. كلهم قادوا بلدانهم بلا أحزاب ولا تيارات، باستثناء الخائن الأكبر “ِشتولتنبرغ” رئيس الوزراء النرويجي، الذي خان أمته النرويجية وتنافس على منصب رئيس الوزراء عبر “حزب العمال” وفاز، عليه من الله ما يستحق من اللعنات بقدر خيانته. ورغم أنه وضع النرويج على منصة تتويج الدول كأفضل دولة في الأرض، إلا أن ذلك لا يغفر له، وسيلقى بإذن الله المصير الذي يليق به كخائن ينتمي إلى حزب والعياذ بالله. وفي الكويت، ولله الحمد، لدينا نواب يرفضون الانتماء إلى التيارات السياسية والكتل البرلمانية، ويعلن أحدهم أنه ينتمي إلى “تيار” الكويت وأهل الكويت، ويبدو أن باستطاعته أن يحمل البلد، بمفرده، على زنده الأيسر بعد أن يكثف التمارين السويدية وتمارين المعدة. سعادة النائب رياض العدساني… كثّف تمارينك يرحمنا ويرحمك الله.

سامي النصف

كي لا نبرئ صدام

يردد الصداميون ويردد معهم بعض الكويتيين بغفلة أو حسن نية ان هناك مطالبة عراقية «دائمة» بالكويت تتمثل حسب قولهم بما حدث في عهود عراقية ملكية وجمهورية مختلفة كحال – ما يدعون – انها مطالبات «بضم وتبعية» الكويت للعراق في عهود الملك غازي ونوري السعيد وعبدالكريم قاسم واخيرا صدام ما يعني ان هناك مطالبات تاريخية قائمة ومستمرة الى اجل غير مسمى.

*****

واذا ما فهمنا اسباب ترديد اعلام ايتام صدام لتلك الاقاويل الكاذبة كوسيلة لتبرير غزوه الغاشم لبلدنا عام 1990 بل وليشكره التاريخ والعراقيون على ذلك الفعل «المجيد» ما دام ما قام به هو فقط تحقيقا لرغبات شعبه ومطالبه التاريخية بالكويت كما يقول بذلك الصداميون وبعض الكويتيين ومعروف ان تحقيق رغبات الشعوب من قبل الحكام هو امر يحسب لهم لا عليهم، ومن ثم ففي هذا القول الذي سنثبت خطأه الجسيم اعطاء الطاغية صدام صك البراءة من تلك الجريمة الشنعاء.

*****

والحقيقة التي قلتها قبل اسابيع قليلة امام جمع من المثقفين الكويتيين والعراقيين هي ان ادعاء وجود مطالبة تاريخية مستمرة من العراق بضم الكويت ساقطة كونها غير حقيقية وتبرر لصدام جريمته، كما انها تحرث الارض لمطالبات ولربما اعتداءات لاحقة قادمة ما دمنا نقرها مع الصداميين ولا ننكرها في وقت ينكرها الشرفاء من أهل العراق ممن يحرجهم اصطفاف البعض منا مع تلك الفرية والكذبة الكبرى.

*****

ان الحقيقة الجلية تظهر ان الملك غازي لم يستند الى حقيقة تاريخية للمطالبة بضم الكويت بل طالب وبتأثير من المفتي امين الحسيني بوحدة عربية تكون العراق هي بروسيا العرب فيها تضم العراق وسورية وضمنها لبنان الكبير والاردن وفلسطين والكويت، اما نوري السعيد فقد طلب من بريطانيا العظمى ان ترفع سمو الشيخ عبدالله السالم الى رتبة ملك وتمنحه الاستقلال تمهيدا لقيام وحدة بين ثلاثة ملوك هم ملوك الكويت والعراق والاردن اي اتحاد ثلاث دول مستقلة ومن ثم لا توجد مطالبة ضم او تبعية للعراق.

*****

ومع عبدالكريم قاسم فقضية عدم التبعية اجل واوضح حيث استقبل قاسم سمو الشيخ عبدالله السالم في المطار كحاكم دولة عام 1958 وليس كشيخ لقائمقامية قضاء الكويت واستمر تعامله مع الكويت كدولة حتى اسبوع واحد فقط من مطالبته عام 1961 التي كانت بتأثير من الاتحاد السوفييتي بقصد احراج عدوهم الرئيس عبدالناصر، والأمر كذلك مع الطاغية صدام الذي استقبل سمو الشيخ جابر الأحمد كحاكم الكويت المستقلة قبل شهرين فقط من الغزو الغاشم الذي بدأه بأكذوبة الانقلاب العسكري وتبعه بأكذوبة التبعية والضم، والسؤال: هل من مصلحة الشعب الكويتي ان يصطف مع الصداميين بدعواهم ان هناك مطالبة شعبية عراقية بالكويت؟ ام نقول عكس ذلك مستشهدين بالحقائق التاريخية الثابتة ومن ضمنها أنه لا يوجد حزب عراقي واحد في العهود الملكية او الجمهورية وضع ضمن اجنداته او «المانيفستو» الخاص به المطالبة بالكويت، كما لا يوجد في الشعر العراقي و«بوذياته» الحزينة ما يعكس مطالبة شعبية عراقية بالكويت فلماذا نسعى لخلق إشكال من عدم؟!

*****

آخر محطة:

1ـ نكتب تلك الحقائق خدمة للكويت في اعيادها الوطنية وردا على كاتب خط مقالا بالامس لم يسألنا عما قلناه في اجتماع عام بل استند الى ما ادعى ان احد الاخوة العراقيين الافاضل قد نسبه لنا فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه كما قال الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

2ـ لا احد يزايد علينا في تصدينا لصدام وفيالقه الاعلامية خلال سنوات طوال والتي يعلم بها الشعب الكويتي قاطبة وندعو الكاتب المعني الى ان يشرح لنا ولشعب الكويت ما فعله هو تحديدا تصديا لصدام وفيالقه خلال تلك السنوات؟!

3ـ هل نذكر ذلك الكاتب كيف كافأنا على توسطنا ـ دون غيرنا من زملائه ـ لإعادته للصحيفة التي كان يكتب بها بعد توقيفه عن الكتابة بها وما قاله مسؤولها عن سبب التوقيف ثم هجومه في اول مقالاته اللاحقة التي كان يرسلها بالفاكس على من توسط له.. كفو!

4ـ يمكن للكويت ان تستبدل مداخيل النفط وعوائد الاستثمارات الناضبة بتصدير فوائض الحقد والحسد ونكران الجميل لباقي ارجاء المعمورة قاطبة وهي ثروات متجددة تنبع من بعض النفوس والقلوب مع اشراقة كل صباح!

حسن العيسى

البصق في بئر العرب

لا أفهم العلاقة بين الفيتو الروسي ضد فرض العقوبات على سورية والبصق في الماء، فالسفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بعد أن نفى انتقاد روسيا للحكومة القطرية في دعمها للشعب السوري، عاد وحذر العرب من البصق في بئر يشربون منها. ربما السفير غير ملم ببعض البدع الاجتماعية العربية المتخلفة، ففي الكويت وربما في كثير من دولنا العربية في أيام زمان ينصحون المريض بشرب ماء من كوب بصق فيه أو نفخ عليه شيخ دين بعد أن يقرأ بعض الأدعية وهو يمعن النظر في الكوب الشافي! فهل يقصد السفير الروسي أن غالبية الدول العربية الداعية إلى إزاحة بشار يبصقون في بئرهم التي يشربون منها، فبشار هو البئر ومن يبصق فيه الآن الحركات الدينية القبائلية (القبائلية  تشمل الطائفية) التي تقود ثورات العرب أو تركب أمواجها. إذا تركنا الحديث عن المصالح الروسية في استمرار النظام الرهيب في سورية جانباً، وأن روسيا لدغت من جحر ليبيا مرة حين تركت قوات الأطلسي تزيح نظام القذافي وقبله صدام، ولا تريد تلك الدولة العظمى أن تلدغ من ذات الجحر مرتين، فقد يكون لروسيا وجهة نظر بعيدة عن مستقبل الربيع العربي (السلفي)، فهي ترى اليوم ان الغرب ومن يواليه في الأنظمة العربية قد وصل إلى قناعة تقول لنتحالف مع الجماعات الدينية طالما يصلنا البترول بانتظام ويد الإرهاب الجهادي بعيدة عنا، فالشعوب العربية زهدت أنظمة قمعية لا تبصق في آبار مياه شعوبها بل تغسل خلفيتها منها بعد قضاء حاجتها الطبيعية، أما عن احتمال الحروب الأهلية وفتيلها القبليات الطائفية وعودة ميمونة لسنوات داحس والغبراء الجاهلية، فليست ذات شأن عند الغرب، فإذا كان هذا ما يريده العرب فهم وشأنهم. أما روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي فلا ترى مثل هذا الرأي، فسورية على علل نظامها المرعب تبقى القلعة الأخيرة لصمود نظام شبه علماني موغل في الاستبداد، وقلع هذا النظام بالتدخل الخارجي يعني إقامة المذابح للأقليات السورية، ففي هذا البلد  يوجد 46 أقلية عرقية ودينية من علويين ومسيحيين وأرمن وأكراد وغيرهم يشكلون ثلث الشعب السوري قد يصيرون ضحية انتصار الأغلبية السنية، وأن الإطاحة بنظام بشار بالقوة الأجنبية يعني فتح جرة “وليس صندوق” بندورا للشرور في كل المنطقة دون استثناء، فسورية وليست مصر هي الحالة النموذجية للموزاييك العربي البشع في تركيباته القبلية والطائفية، والأمور لن تصل لبلقنة (من البلقان)، وإنما لصوملتها (الصومال) أو عرقنتها (العراق) او يمننتها (اليمن) والحساب مفتوح لسيادة الحروب القبائلية والمذهبية لأجل غير معلوم. المؤكد الآن أنه لا يوجد حل عسكري للمأساة السورية، فكلاشنكوفات الجيش السوري الحر لن تخترق دبابات الجيش النظامي السوري، وبقاء النظام على استبداده أيضا سيقود سورية إلى حرب أهلية ممتدة، وهذا يعني المزيد من المعاناة للشعب السوري، فهل أغلقت كل سبل الحلول الوسط السياسية! يذكر الباحث سمير خلف في كتاب لبنان في مدار العنف ناقلاً عن جيرار “… المظالم ومشاعر الغضب المتراكمة إذا لم يعمل على تهدئتها أو إزالتها تصبح عرضة للاقتصاص من جهات لا علاقة لها بالمنابع الأصلية التي انطلقت منها…” فهل نفكر قليلاً في ما قاله هذا الباحث؟!

احمد الصراف

«سستر» وجيهة

التقيت بوجيهة قبل 5 أو 6 سنوات تقريبا، كان ذلك اثناء انشغالي مع وبجماعة «براهما كوماري» الهندية، التي أصبحت لفترة لصيقا بها، ولا أزال أكن للمنتمين لها والعاملين بها كل محبة واحترام، بعد ان تشبعت من جميل افكارهم ما كان بمقدوري تقبله. ولو وجدت كلمة يمكن أن أصف بها «وجيهة الحبيب» التي تركتنا قبل ايام بكل محبة الى الأبد، لتنافست كلمتا «الهدوء والتسامح» في وصفها، فقد كانت تأكل بهدوء وتشرب بهدوء وتتحدث وتناقش بهدوء، وتصلي صلاتها بهدوء، وتختلف معك بهدوء، ولا تسمع، أو حتى لا تتخيل سماع شيء يسيء لأحد، فتسامحها كان مضرب المثل، وهدوؤها كان يمتص كل القضايا والمشاكل التي كانت تواجهها هي و«جماعتها»، وهم في خضم الاستعداد لهذا الحفل أو تلك الخلوة، داخل الكويت او خارجها. وبالرغم من النهر الصغير الذي كان يفصلني فكريا عنها، ويجعلنا نختلف أحيانا، والذي تحول مع الوقت الى محيط، فإنها بقيت أكثر من لطيفة، الى درجة الروعة، معي، ولا أعتقد أنها كانت تبتغي شيئا مني، وحتما لم تكن تتصنع التسامح في نقاشها ولا الهدوء في تقبل اختلافي معها.
ومن واقع معرفتي أعلم أن وجيهة الحبيب، التي فارقتنا في مبكر عمرها الخلاق، قد أثرت في حياة الكثيرين ممن استمعوا لها محاضرة وأختاً ومترجمة ومربية، وهي تناقش وتتكلم في قضايا المحبة وقبول الآخر، وأعلم أن «نفسها» وكلمتها الهادئة قد لامستا شغاف قلوب الكثيرين، وخاصة الذين كانوا بحاجة لسماع ما يريح ويطمئن، فقد كانت حاضرة دائما، بالرغم من كل ما كانت تعانيه من آلام، ولا أعتقد أن شيئا ساعدها في تخطي هول اللحظات الأخيرة من حياتها أكثر من ايمانها بأن محبتها في قلوب الكثيرين ستساعدها في عودة «روحها» لهذه الحياة بشكل او بآخر.
سلام عليك يا سيدتي يا من كنت أختا وأما وشقيقة وصديقة للكثيرين من دون جهد ولا منة ولا عناء، وأن كنت رحلت عن دنيانا فإن محبتك لم تتركنا، فهي باقية ما بقيت ذكراك.
***
ملاحظة: اليوم (الخميس 23 فبراير الجاري)، من 7 الى 9 مساء، يقيم «مركز التأمل» تجمعا في فندق «جي دبليو ماريوت»، للتحدث عن المرحومة وجيهة الحبيب ودورها الايجابي في حياة الكثيرين. وقد فاضت قريحة الصديق عبدالمحسن مظفر بالأبيات الشعرية التالية:
«اني حزين على انسانةٍ
رحلت عن دارنا لديار الخلد والنعم
انسانةٍ صدقت فيما تقدمه للناس من حولها باللطف والكرم.
وجيهةٍ في محياها وطلعتها
حبيبةٍ لذوي الآمال والهمم.».

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أغلبية عاقلة

تحرّك الأغلبية في مجلس الأمة لوأد الاستجواب المزمع تقديمه من النائب د. عبيد الوسمي طمأن كثيرين الى ان هذا المجلس فيه أغلبية واعية وناضجة، فسرعة اعلان النائب الصواغ رفضه لهذا الاستجواب وهو يخطب امام جماهير قبيلة مطير وعلى المنصة نفسها التي أعلن منها د. الوسمي نيته تقديم الاستجواب، هذا التحرك السريع والجريء والعقلاني من النائب الصواغ عجّل بوأد هذا التصرف في مهده.
كذلك مبادرة نائبي الحركة الدستورية الاسلامية (الحربش والدلال)، بإعلان موقف مماثل في الليلة نفسها كان لها أثر في تشجيع بقية نواب كتلة الأغلبية على رفض هذا الاستجواب. اللافت للنظر هو تأييد نواب الدائرة الأولى (القلاف والدويسان ودشتي) بالإضافة الى الجويهل لاستجواب الوسمي! وهذا دليل على ان الأمر عندهم ليس إلا ردات فعل وتصفية حسابات.
بقي ان أقول رداً على من يربط توقيت تقديم الاستجواب باستجواب سابق تقدم به البعض في أول جلسة افتتاحية، متجاهلاً الفرق الواضح بين الظرفين! ففي ذلك الاستجواب جاءت حكومة بالحكومة السابقة نفسها وبالنهج نفسه والرئيس نفسه، بينما الوضع في هذا المجلس يختلف تماماً.
هذا التصرف العاقل للاغلبية في هذا المجلس يؤكد ان الناس في الكويت اختاروا من يرونه يعمل لمصلحة الكويت وأمنها واستقرارها، هؤلاء الناس الذين صوتوا لهؤلاء النواب يرون في تطبيق مبادئ الاسلام ومفاهيم الشريعة مخرجاً لكل مشاكلهم، هؤلاء الناس يرون في كلمة رئيس السن عندما دعا الى العمل ــــ وفقا للقوانين والدستور ــــ على الغاء النظام الربوي واستبداله بالنظام المصرفي الإسلامي، يرون فيها كلمة تعبر عمّا يجول في خاطرهم لما شاهدوه على أرض الواقع من نجاح لهذا النظام ولما شاهدوا من آثار سلبية على الفرد بالنسبة للنظام الربوي.
بعض الزملاء الذين ما زالوا لم يفيقوا من صدمة نتائج الانتخابات الأخيرة استمروا في هذيانهم واصيبوا بالهلوسة وهم يتمتمون بعبارات ملّها الناس وأعلنوا رفضهم لها، فها هم يمارسون أسلوب الانتقائية في استدلالاتهم! خذ مثلا النائب اسامة المناور عندما أعلن احترامه للدستور ونيته التقدم ــــ وفقا للدستور ــــ بالمطالبة بوقف انشاء كنيسة في جليب الشيوخ (أغلبية بنغالية مسلمة)! فلم يكن من هؤلاء الزملاء الا التعليق على رأي لم يتفوه به النائب المناور ولم يدعُ اليه وهو هدم الكنائس الموجودة! والبعض الآخر من هؤلاء يتباكى على حرمان النصارى الهنود وغيرهم من بناء كنائس لهم ولم نسمع عنهم يوماً واحداً تباكيهم على هدم مساجد للمسلمين في روسيا وأوروبا ومنع بناء المآذن.
بعض هؤلاء الزملاء يتغنى بالديموقراطية الفرنسية ويمتدح النظام الدستوري في فرنسا ويتناسى ان فرنسا منعت النقاب وسجنت حرائر المسلمين بسبب نوع اللباس، ولو حدث مثل هذا في بلدان المسلمين لحولوا صحفنا مآتم.
ختاماً أقول: هذا اختيار الناس.. رضيتم أم أبيتم، وعليكم التعايش معه، وليتكم تمارسون أسلوب النصح والارشاد بدلاً من الافتراء والتهويل والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور.

احمد الصراف

كيف نعكس الاتجاه؟

من المؤكد ان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة كانت مفاجأة للكثيرين، ولكنها كانت برأيي نتاجاً طبيعياً لسنوات من «القهر التعليمي» الذي صب لأربعة عقود في اتجاه واحد، ليأتي بنا لهذا الوضع البائس. ولا اعتقد ان السلطة، بما عرف عنها من تسامح ديني، وميل للانفتاح، سعيدة بهذه النتائج، وهي تعلم انه ليس بامكانها تغيير الوضع في المستقبل القريب بقرارات رسمية، وحتى بغير ذلك بفترة زمنية قصيرة، وليس أمامنا، أو امامها غير اتباع ما اتبعته تلك القوى للوصول الى ما وصلت اليه، وان باتجاه معاكس، أي عبر المناهج الدراسية، و«إعادة» تشكيل العقلية الكويتية، المنفتحة اساسا، والتي جعلتها المناهج اكثر انغلاقا ورفضا للآخر، وميلا لقبليتها وطائفيتها! علما بانه كان بالامكان تجنب الوصول لهذه المخرجات الانتخابية السيئة في اغلبها لو كان «مستشارونا» يقرأون! فما مرت به الكويت، والكثير من دول الربيع العربي، سبق ان مرت به ليبراليات أوروبية عريقة، وتعلمت من تجاربها ان تغيير العقليات، ومحاربة الكنيسة، ليسا بالأمر الهين، وهنا نرى انه ليس امام السلطة، وليس الحكومة، ان ارادت اصلاح الاوضاع ووقف تكرار وصول المتشددين والغلاة لسدة التشريع، غير اتباع الأمرين التاليين، علما بانه لا مجال للمقارنة بين امكانات وقوة التيار الديني بامكانات التيارات الليبرالية (ان وجدت)، المادية والتنظيمية:
أولا: إحداث نقلة نوعية في المناهج الدراسية، تعيد المواطن المختطف قبليا ومذهبيا لوطنه.
ثانيا: دعم وتنمية مؤسسات المجتمع المدني، وفتح المجال لتأسيس تنظيمات أكثر ليبرالية، ودعمها ماديا في مواجهة جمعيات دينية يعود تاريخ البعض منها لأكثر من 60 عاما، وبتصرفها شبكة اخطبوطية من المصالح المادية والتجارية.
ومن دون ذلك فان التيار الديني سيزيد من قوته مع الوقت، وسيعود كل مرة بزخم أكبر، وحينها لن يتوقف طموحها عند تعديل المادة الثانية من الدستور بل ستتعداها لما هو أكبر واخطر!

***

• ملاحظة:
ألا يعني فشل التيار الليبرالي في ايصال مرشحيه للبرلمان فشلها؟ وإن صح ذلك، وهو صحيح، فلم لم يعترف احد بهذا الفشل، او يستقل، ولو صوريا، لافساح المجال لدماء جديدة؟

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

اربطوا حصان عبيد

“رد النقى يا عبيد حالٍ وحيلة / يا عبيد يوم إنك تبي الدرب عجلان”، وكلمة “عجلان” تعني “مستعجل”… رحم الله الشاعر الخالد بندر بن سرور، كم كانت قصائده تفوح منها رائحة الحكمة.
ورحم الله فارس قبيلة العجمان العظيم “منصور الطويل” الذي لا يجيد التخطيط للمعارك ولا يمتلك الدهاء العسكري كغيره من فرسان القبيلة والجزيرة، لكنه كان الأشجع باعتراف أعدائه قبل أبناء عمومته، وكان العجمان يربطونه ويوثقون رباطه قبل كل معركة كي لا ينطلق على الأعداء بدون تنسيق ولا تخطيط مع أبناء عمومته فتدب الفوضى بينهم…
منصور الطويل هو الذي تحدث عنه شيخ قبائل العجمان ويام وفارسها راكان بن حثلين في قصيدته الشهيرة، أو مساجلته الشهيرة مع شيخ قبيلة قحطان الفارس ابن قرملة، وشيخ بني هاجر الفارس ابن شافي، عندما استعان بنو هاجر بأبناء عمومتهم قحطان لمحاربة العجمان، وكتب في ذلك ابن شافي قصيدة أرسلها إلى ابن قرملة، فأرسل الأخير قصيدة “إعلان حرب” على قبيلة مطير أو قبيلة يام، التي جاء منها البيت المعروف: “لا بد من يومٍ يثوّر عسامه / اما على المطران والا على يام”، وترجمة البيت “لا بد أن يرتفع الغبار على مطير أو على يام” كناية عن الحرب.
فجاءه رد راكان بن حثلين في قصيدة تاريخية (الحقيقة أن القصائد الثلاث كلها تاريخية) منها البيت المعروف: “قدامكم شيخٍ رفيعٍ مقامه / الخيل قرّح وأبيض الخد قدّام”، ومعنى البيت كما نقول في أمثالنا: “هذا الميدان يا حميدان”، وفي منتصف القصيدة أراد ابن حثلين استعراض قوة جيشه، كعادة القادة، فقال “معنا الطويل اللي تجيكم علامِه / مثل العديم اللي على الجول صرّام”، أي أن الطويل الذي سمعتم عنه وتناقل الناس أخباره من بين جيشنا، وشبّهه بالعديم، أي الصقر الذي لا مثيل له عندما يهوي من الفضاء بسرعة على أسراب الحباري.
هذا ما تناقلته الروايات وكتب التاريخ عن معارك الجزيرة العربية، وعمن كان يهاجم الخصوم بلا تنسيق مع جيشه، رحم الله أعلام الجزيرة وأبطالها وشعراءها. أما ما حدث في أقصى الأرض، في الولايات المتحدة الأميركية تحديداً، قبل احتلالها من قِبل البيض وهزيمة الهنود الحمر، سكانها الأصليين، فقد قرر “الثور الجالس” قائد الهنود الحمر قتل كل فارس من الهنود ينطلق مهاجماً الجيش الأميركي بلا تنسيق، بعد أن جلبت تصرفاتهم الكوارث له ولجيشه.
ولو كان النائب د. عبيد الوسمي في جيش الهنود الحمر لكان أول مَن يقتل كي لا يُحدث الفوضى في صفوف الجيش.

حسن العيسى

هل كان محافظاً أم هارباً؟

هل «نفد» محافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح بجلده، واستقال قبل أن يبدأ مجلس ثوار كبد محاكمته على الإيداعات المليونية في رشاوى نواب الأمس، أم أن المحافظ كان يعلن احتجاجه ورفضه للسياسة المالية للدولة، أي سياسة اقتصاد الدكاكين، حين ارتفعت النفقات في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة تماشياً مع حكمة “ادهن سيرهم وسكتهم”!
كما أن المحافظ وهو فعلاً محافظ في السياسة النقدية وبسبب محافظته هذه فهناك من ينتقده بأنه لم ينه إعداد مشروع قانون الاستقرار المالي، وتسبب ذلك في إطالة معاناة شركات الاستثمار بعد أزمة عام 2008 المالية، وبالمناسبة بعض شركات الاستثمار وجدت في تلك الأزمة “زلقة بطيحة”، حين قامرت بأموال المستثمرين وبلعت مدخراتهم، ومع ذلك لم تتم المساءلة المدنية أو الجزائية لشركات بنات الذوات.
أياً كان سبب استقالة الشيخ المحافظ الذي قضى 26 عاماً على رأس الجهاز المركزي، وهي مدة تقارب عمر بقاء غرين سبان محافظاً للبنك المركزي في الولايات المتحدة، كان يبدو فيها شيخنا المحافظ مغلوباً على أمره، كلما ثار الحديث عن “فسفسة” أموال الدولة في شراء الولاءات السياسية تحت عشرات البنود الاستهلاكية للصغار من شعب الموظفين، أو هدر الأموال العامة في تعميم الفساد المالي بنفخ كروش الكبار بتفصيل المناقصات على مقاس خصورهم العريضة!
في أي حال كان الشيخ سالم محافظاً في عالم شيوخ غير محافظين، وكانوا مهادنين يريدون إرضاء الكل، والنتيجة أن الكثيرين رفضوا سياسة الترضيات، وكانت تجمعات ساحة الإرادة تعبيراً حياً على ذلك، فالشباب لم يطالبوا بمزيد من “الكوادر” وإنما نشدوا العدل والأمانة في إنفاق الدولة.
لا يمكننا الآن نبش صدر المحافظ المستقيل لمعرفة سبب الاستقالة الحقيقي، فغير تكهنات المعترضين عليه بأنه هرب من مواجهة مسؤوليات مستحقة عليه بسبب الإيداعات، هناك الأسباب الصريحة التي أوضحها المحافظ عن التسيب المالي للدولة وعجزه عن معالجتها بسبب أولاد عمه، وعلينا كما يقول القانونيون افتراض حسن النية، وان المحافظ كان ينفخ بقربة مقطوعة حتى وصل إلى درجة اليأس من إصلاح الحال، وأذكر هنا كلمة قيمة سمعتها من النائب السابق أحمد النفيسي في ندوة أحد المرشحين الشباب، حين قال إن الكارثة الكبرى ستحل على الكويت بعد ثماني سنوات حين يدخل سوق العمل حوالي نصف مليون من الشباب الكويتيين، ولن تكون أسعار النفط كافية لسداد الرواتب ما لم تبلغ 300 دولار للبرميل! مثل هذا الكلام الخطير كرره مئات المرات الاقتصادي جاسم السعدون وغيره، لكن هو وغيره كانوا مثل حال المحافظ اليوم ينفخون في قرب الكويت المقطوعة.
اليوم بإمكان رئيس مجلس الوزراء استغلال استقالة المحافظ ليوضح لنواب ثوار كبد المطالبين بإسقاط القروض، وإلغاء نظام فوائد البنوك، وتعديل المادة الثانية من الدستور، وإزالة الكنائس وغير ذلك من قضايا “مصيرية” حقيقة الأمر، وليفتح لهم ولنا أوراق المستقبل المالي للدولة، عل وعسى أن يدركوا أن النيابة ليست صندوق انتخابات وحكم الأكثرية بل هي قبل كل شيء حماية الحريات وضمان أموال الأجيال.

احمد الصراف

فرنسا والأرمن

لا يميل البعض للفرنسيين، لعنجهيتهم أو لأسباب أخرى، إلا أنهم شعب مبدع وخلاق، ولهم إسهامات لا يمكن نكرانها في مجال التشريعات ونشر مبادئ الحرية والمساواة. ويقال إن الفرق بين الفرنسي والإنكليزي، وخاصة أيام الاستعمار، أن الأول يدخلك بيته وناديه، ويتساوى معك في كل شيء، شريطة أن تتكلم لغته. أما الإنكليزي فلا يبالي إن تحدثت بلغته أم لا، فهو لا يجبرك على ذلك، ولكنه لا يقبل بك ندّاً له، ويرفض إدخالك ناديه، أو مساواتك بنفسه، وهنا نجد أن الشعوب التي استعمرتها فرنسا تتكلم الفرنسية غالبا، وعكس ذلك في المستعمرات البريطانية. مبادئ الحرية والمساواة الفرنسية دفعت فرنسا كذلك إلى منع طلبة المدارس من استخدام أو لبس أي رموز دينية، كالنقاب والحجاب وتعليق الصلبان أو ارتداء القلنسوة اليهودية. كما سبقت فرنسا العالم في تشريع منع المرأة المنقبة من التواجد في الأماكن العامة. وفي يناير الماضي أقرّت فرنسا قانونا يجرّم إنكار حقيقة تعرّض الأرمن للإبادة الجماعية في مطلع القرن الماضي على أيدي العثمانيين، علما بأن قانون العقوبات التركي يجرّم كل من يؤكد وقوع مثل هذه الإبادة الجماعية على أراضيها! وقد دفع عدد من مثقفي تركيا ثمنا غاليا لمعارضتهم هذا القانون. وقد أقرّت فرنسا هذا التشريع بالرغم من تجميد أنقرة لتعاونها العسكري والسياسي معها، وأنكرت أن صدور القانون كان لترضية الناخبين من أصل أرمني، فوجود 500 ألف منهم يقابله وجود 600 ألف تركي فيها، ثلثهم فرنسيون! كما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يقارب 15 مليار دولار، ولا يمكن لدولة كفرنسا بملايينها الستين الانحياز لبضعة آلاف صوت على حساب مبادئها، علما بأن القانون عرّض استثمارات شركات فرنسية كبيرة في تركيا للخطر، وقالت فرنسا إن تركيا عليها إنهاء الموضوع والاعتراف بالإبادة، التي تشهد لها بادية الشام وعشائرها الذين آووا الأرمن عام 1915 في دير الزور والشدادية والرقة والحسكة وغيرها. ويذكر أن 22 دولة في العالم قد اعترفت بالإبادة العرقية للأرمن، منها روسيا ولبنان و41 ولاية اميركية و9 منظمات دولية. ويتهم الأرمن الأتراك بقتل ما يصل إلى 1.5 مليون، منهم بين عامي 1915 و1916 عبر مخطط إبادة جماعية على أيدي «حزب الاتحاد والترقي»، الذي كان يهدف إلى توحيد الدول التي تنحدر شعوبها من أصول تركية في آسيا الشرقية وربطهم بالسلطنة، بدلاً من التوجّه نحو العرب شرقاً. وترفض تركيا استخدام عبارة «إبادة»، واصفة ما حصل بالأحداث الناتجة عن مخطط نقل الأرمن من هضبة أرمينيا إلى البلاد العربية، عقابا على تعاونهم مع الروس ضد السلطنة، وأن عدد الضحايا لم يزد على 300 ألف شخص(!)، وأنهم وقعوا في أعمال خطف وسلب على طريق القوافل من قبل عشائر تركية وكردية وعربية! ويقول أحد الأطباء إنه لاحظ وجود الكثير من الجينات الأرمنية لدى أبناء القبائل العربية، وخاصة في منطقة شمال الجزيرة، خاصة أن الكثير منهم يحملون ملامح واضحة تؤكد ذلك نتيجة حالات التزاوج الكبيرة التي حدثت إبان وقوع المجزرة وتشرد الأرمن بين المدن والقرى والصحاري العربية.

أحمد الصراف