عادل عبدالله المطيري

التحالف الإقليمي الطائفي

بعد حرب الخليج الثالثة في 2003 والتي أدت الى تحرير العراق، تشكلت تحالفات جديدة بمنطقة الخليج العربي وجوارها، وخاصة بعد استيلاء المتطرفين الشيعة على الحكم في العراق ومحاربتهم للآخرين تحت عناوين سياسية مشروعة كاجتثاث البعث أو محاربة القاعدة والإرهاب، لتخفي حقيقة الصراع الطائفي هناك، والأخطر من ذلك كله أن إيران أصبحت اللاعب الرئيسي في الساحة السياسية العراقية، فهي التي تنظم التحالفات وتشكل الحكومات العراقية، حتى أصبح بعض الساسة العراقيين كالدمى تحركهم إيران التي تمسك بيدها السلطة الحقيقية في العراق.

ما يهمنا بالتحديد في منطقة الخليج هو نتيجة تلك السياسات الإيرانية في العراق والتي أدت الى نشوء ذلك التحالف الإقليمي الطائفي بين الجمهورية الإيرانية والعراق وسورية والذي سمي «بالهلال الشيعي» وانعكاساته الخطيرة علي ميزان القوى بالمنطقة ككل.

ومن باكورة سياسات ذلك التحالف الطائفي، ذلك التطور الدراماتيكي الذي حدث في الجمهورية اللبنانية في 2004، من احتقان سياسي بين سورية وحكومة رفيق الحريري والذي انتهى باغتيال الأخير، وأدى الى سيطرة كاملة لحزب الله المدعوم من إيران وسورية على الحكم في لبنان.

ولم يكتف التحالف الطائفي بذلك، بل قام وبشكل واضح وصريح بدعم تمرد «الحوثيين» في الجمهورية اليمنية والذين حاربوا النظام اليمني تحت شعارات مشروعة ومفهومة (كالاستقلال)، ولكن غير المفهوم ان يقوم الحوثيون المتمردون بتغيير أهدافهم ومهاجمة المملكة العربية السعودية، فكلنا نتذكر هجومهم على المناطق الحدودية السعودية وأعمال النهب والقتل التي أحدثوها هناك لا يمكن فهم تلك السياسات إلا انها محاولة من هذا التحالف الطائفي لإقامة تكتلات طائفية لابتزاز دول الجوار ومحاصرتها بدويلات طائفية موالية له.

وفي المسألة البحرينية استخدم هذا التحالف الإقليمي والموالين له من المتمردين البحرينيين شعارات الربيع العربي والمطالبات المشروعة للشعوب العربية بالمزيد من الحريات والمشاركة الشعبية لإخفاء حقيقة أهدافهم الطائفية، والتي أبدها المتمردون البحرينيون متأخرا كإسقاط النظام الملكي البحريني وتشكيل «الجمهورية الإسلامية البحرينية» على غرار الجمهورية الإيرانية، ويهدف التحالف الإقليمي من الدعم المعلن لثروة البحرين الطائفية هو إنشاء جمهورية تابعة له تكون شوكة في خاصرة منظومة الدول الخليجية، ولتشجع حركات التمرد في المنطقة ككل والمنطقة الشرقية من المملكة السعودية خصوصا.

كل ما سبق يعطي أهمية كبرى لما يجري في بلاد الشام حيث «الثورة السورية» لأنها حقا ليست ثورة عادية ستأتي بالديموقراطية والحرية للشعب السوري فقط، بل من المؤكد أنها ستقضي على هذا التحالف الطائفي الإقليمي، وليعلم الجميع أن ما يفعله الثوار في أزقة بابا عمرو وحمص وفي ميادين دمشق هو ما سيغير موازين القوى في المنطقة ككل، وهو من سينتزع «سورية» الحلقة الأهم في سلسلة التحالف الإقليمي الطائفي، عندها سيتساقط أتباع هذا التحالف المشبوه واحدا تلو الآخر، ومنهم حزب الله الذي سيحجم دوره في المعادلة اللبنانية ان لم يتلاش نهائيا، كذلك الحال في العراق إذ سيعود التوازن بين الطوائف في العراق ولن يستأثر أتباع الجمهورية الإيرانية بالنفوذ، ولن يستطيعوا إقصاء الطوائف الأخرى عن الحكم هناك، وحتما ستهدأ الاحتجاجات الطائفية والاصطفافات المذهبية في دول الخليج. بالنهاية يجب ان يفهم «الطائفيون» أن إنشاء الأحلاف الدولية والإقليمية، هو من الاعمال المشروعة في السياسة الدولية، وبغض النظر عن الصبغة الطائفية له، ولكن الخطأ أن يسعى هذا التحالف الى إحداث تغييرات سياسية داخل الدول المحيطة به، وبطريقة غير مشروعة، وهذا بالضبط ما يتعارض مع كل المعاهدات الدولية والقانون الدولي والأعراف التي تجمع على تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ربما يكون الربيع العربي والذي كرهت بعض الأنظمة العربية هو السبيل لحل مشكلاتها الاستراتيجية المستعصية. «ورب ضارة نافعة»!

سامي النصف

كتبنا وياما كتبنا

يحق لمن يريد ان يختلف مع اي وزير او مع رئيس الوزراء بشرط الا يفجر بالخصومة وألا «يدمر» الدستور واللعبة الديموقراطية في سبيل الوصول لذلك الهدف، فالدستور هو اعراف وممارسات قبل ان يكون نصوصا جامدة، فما نرتضيه هذه الأيام من ممارسات كوسيلة للوصول للغاية يعني القبول باستخدام نفس الأدوات في الغد حتى لو سخر لنا يوما رئيس يجمع بين دهاء بسمارك وحكمة درزائلي وحنكة تشرشل وقدرة مهاتير وذكاء لي كوان.. اي سنبقى ضمن دائرة الأزمات الطاحنة كائنا من كان الرئيس وشخوص وزرائه (مقال «ديموقراطيتنا سمكة بين الأشجار» المنشور في 24/10/2011).

***

واضح استمرار ممارسات سياسية مدمرة تقتل الديموقراطية كما يقتل الهواء السمك كاستجواب اي رئيس وزراء على اعمال الوزراء الآخرين ممن سينضمون حسب هذا الفهم العقيم «للنواب المعصومين» ومن ثم سيفسدون كحالهم حيث ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الممارسات القاتلة للعملية الديموقراطية التعسف في استخدام الأدوات الدستورية وعلى رأسها الاستجواب، ومن الممارسات الخاطئة إعطاء النائب مرتبة من لا يحاسب قط عما يفعله عبر رفض انشاء «لجان قيم» والعمل بمبدأ غريب مضمونه ان أخطأت الحكومة فهي المخطئة وان أخطأ النواب بسبب غياب آلية الحساب والعقاب فالحكومة مخطئة كذلك (نفس المقال السابق ذكره).

***

أمر يجب أن يعيه الأحبة من الشباب وهو ان الغايات مهما حسنت وصحت فلا يقبل ان يتم الوصول اليها بالطرق الخطأ لذا فعليهم اظهار احترامهم الشديد للقانون ورجال الأمن، وان يحرصوا على منشآت الدولة ودخول البيوت من أبوابها الشرعية وغير ذلك يعني الفوضى العارمة التي ستكتسح الجميع لا فرق حينها بين حكومة ومعارضة والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها أنتم.. الشباب! مرة أخرى نذكر بأن الشد والمناكفة لن يوصلا سفينة الكويت التي تقلنا جميعا من شيب وشبان، حكومة ومعارضة الى بر الأمان، وان استهداف الناطور ـ اي ناطور ـ بدلا من العنب أمر لا حكمة فيه، ومن يقول ان نفس اسلوب الشد والمناكفة لن يتكرر مع الناطور الذي يليه والذي يليه والذي يليه ومن ثم يبقى بلدنا وشعبنا على صفيح ساخن حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟! (من مقال «على أعتاب الفوضى» المنشور في 28/11/2011).

***

هناك حقيقة واضحة جلية وهي ان الاضرابات والاعتصامات تدمر الكويت، ولن نتحول الى «مركز مالي وسياحي» بوجود مثل تلك الاضرابات، فلا المستثمرون العرب والأجانب ولا حتى الكويتيون مستعدون لخسارة أموالهم وتعطيل مصالحهم بسبب الاعتصامات ولا السائحون قابلون للبهدلة في المطارات والنوم في الحر والظلام.. الخ، خاصة في ظل وجود دول خليجية منافسة لا اضرابات ولا اعتصامات فيها ومن ثم سندفع جميعا كمواطنين 135 مليار دولار على منشآت وبنى أساسية لن يستخدمها أحد وسنخسر مستقبلنا ومعه أموال البناء وأموال التشغيل دون عائد! (مقال «كلكم رابحون والخاسر الوطن» المنشور في 1/10/2011).

***

آخر محطة: (1) بدأ العد التنازلي لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الأخطر في تاريخ العرب مما قد ينسينا معه كوارث أعوام 1948، 1967، 1975، 1990، 2001 مجتمعة فنحن الأمة الوحيدة التي تنتقل أوضاعها من سيئ الى أسوأ والتي تنتهي أمورها عادة بما يفوق أكثر سيناريوهاتها المتصورة رعبا، فلعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل، المشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا ام أبوا والمنتصر في تلك اللعبة ـ ان وجد ـ لا يحصد الجوائز بل يكفيه فقط ان يكون قادرا على.. تحمل خسائرها (مقال «2011 أخطر أعوام العرب» المنشور في يوم الاثنين 10/5/2010 اي قبل 7 أشهر من الربيع العربي الذي ابتدأ مع بدايات عام 2011).

(2) سأكتب قريبا مقالات عن السيناريوهات المرعبة للفترة الممتدة من 2012 الى 2015 اي السنوات القليلة القادمة والتي ستشهد النتائج الكوارثية لأكذوبة الربيع العربي حيث ستشهد العديد من دوله حروبا أهلية طاحنة ومجاعات وعمليات تهجير وانقسام وانشطار أغلب تلك الدول.

(3) كما ستشهد نفس الفترة تداعيات وكوارث غير مسبوقة في بعض الدول الخليجية حيث ستجتمع عليها.. حروب الخارج واضطرابات الداخل وستهب على الخليج تلك الزوابع والأعاصير ونحن.. مشغولون بأزماتنا السياسية.. كالعادة!