سامي النصف

على هامش جلسة أمس!

  حضرت جانبا من حفل افتتاح الفصل التشريعي الرابع عشر، والذي جرت خلاله انتخابات رئاسة المجلس، وحول تلك الانتخابات نطرح الملاحـظات الـ 5 التالية:

أولا: رئاسة السلطة التشريعية تختلف تماما من حيث الصلاحيات عن رئاسة السلطتين التنفيذية والقضائية، حيث لا تملك كحالهما حق ان تعزل او تفصل احدا من أعضائها، حيث جل ما تقوم به هو إدارة الجلسات طبقا للوائح والأنظمة الخاصة بذلك.

ثانيا: لا تحظى انتخابات رئاسة المجالس التشريعية في الدول الأخرى بأي أهمية إعلامية او سياسية ولا تعرف في العادة شخوصها، بدلالة ان الجميع يعرف على سبيل المثال أسماء رؤساء دول وحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا ان أحدا لا يعرف أسماء رؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية هناك (سبق أن كتبت مقالات تفصيلية بهذا الخصوص رأت إدارة الجريدة في حينه نشرها بعد ظهور النتائج في انتخابات الرئاسة وسننشرها لاحقا كونها قضية عامة لا تختص بنتائج أمس).

ثالثا: كان من الأفضل لمرشح الرئاسة النائب محمد الصقر ان يترك للنائبين المقتدرين مرزوق الغانم وعلي الراشد شرح وجهة نظره حول آلية التصويت (دون تدخل منه)، وقد صحح ذلك الأمر بما فعله بعد ظهور النتائج حين هنأ الفائز وأعلن تأييده له، وقد هنأه الحضور وصفقوا له على تلك الروح الديموقراطية الجميلة التي جعلته بمثابة فائز آخر في تلك الانتخابات.

رابعا: لا يجوز للرئاسة ان تزعل ولا تكلم مخالفيها بالرأي سواء كانوا من الوزراء او النواب الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، والحال كذلك مع النواب ممن لا يجوز لهم ان يحاربوا أو لا يكلموا الوزراء او الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، حيث يفرض عملهم عليهم الانفتاح على الجميع، وقد كانت حركة موفقة من رئيس السن خالد السلطان حين طلب من النواب مسلم البراك ومرزوق الغانم وفيصل المسلم ان يشاركوا في فرز أصوات الرئاسة كي نظهر للآخرين ان الديموقراطية تعني القبول بالرأي والرأي الآخر دون زعل ودون ان تفسد للود قضية كما كان يحدث في الماضي.

خامسا: لا أحسد إطلاقا سعادة الرئيس أحمد السعدون على القادم من الأحداث فقد تجذرت وقُبلت سياسات التأزيم وافتعال الصراعات والشتم والخروج عن الأنظمة تحت قبة البرلمان، وهو أمر سيستمر وسيؤدي الى تصادم الرئاسة مع نواب وكتل كانوا يدعمونها، وان سكتت الرئاسة فسيحدث هرج ومرج وأخذ كل طرف حقه بيده او لسانه وهو «أضعف الإيمان».

سادسا: ان استمر التأزيم والتسخين الذي يوقف أحوال البلد ضمن أعمال المجلس فسيقال: ما الذي استفدناه من الرئاسة الجديدة؟ وإن توقفت أعمال التأزيم وساد الهدوء البلد فسيقال ان جميع ما حدث في الماضي كان مصطنعا لتسديد فاتورة إبعاد البعض عن الرئاسة، وهما خياران في نهاية الأمر أحلاهما مر.

***

آخر محطة:

(1) ذكرت الرئاسة الجديدة انها ستبدأ مرحلة جديدة إلا ان ذلك لا يعني بالنسبة لها التوقف عن المحاسبة (الاستجوابات)، وفي المقابل على الساسة والنواب والإعلاميين والمواطنين ان يبدأوا صفحة جديدة مع الرئاسة تنسى الماضي، إلا ان تلك الصفحة لا تعني كذلك السكوت والصمت عن اي مشروع او مخطط يهدف للإضرار بالكويت.

(2) للانصاف اعضاء لجان المجلس الحالي في الأعم أفضل من اعضاء لجان المجلس السابق، وهو انطباع أولي، والمحك الحقيقي هو العمل والنتائج.

احمد الصراف

الشرف القاتل

لأسباب تربوية بيئية وموروثات عقائدية، يرتبط الشرف في مناطق معينة بصورة مباشرة بالأعضاء التناسلية للرجل والمرأة، وبالتالي لا علاقة للكلمة، كما هي الحال مع غيرهم بالسلوك الحسن والصدق والأمانة والغيرة على الوطن، وشرف الكلمة وغير ذلك. يبدو أن هناك من يعتقد أن لا أحد في العالم يعرف معنى الشرف، ويتفاعل معه «إيجابيا» مثلنا، وإننا على استعداد لقتل فلذات أكبادنا لمجرد الشك في «سلوكهم». وقد ارتكبت العديد من جرائم الشرف بحجة «غسل العار»، وخاصة في الأردن وافغانستان وباكستان، بسبب تسامح قوانينها مع مرتكبيها، كما تنتشر هذه الجرائم بين مهاجري هذه الدول إلى الغرب. والغريب أن ما تظهره التحقيقات في أحيان كثيرة من براءة الضحية من أي فعل جنسي، لم يخفف من وتيرة ارتكاب هذه الجرائم البشعة، وبالتالي القتل سيستمر طالما كان المجتمع متخلفا، وكانت قوانينه متسامحة مع مرتكبيها، فقضاء بضعة أشهر في السجن تضمن سمعة «رجولية» دائمة. وفي حادثة مرعبة هزّت الضمير الإنساني جرت محاكمة ثلاثة مهاجرين أفغان إلى كندا، لإقدامهم على نحر ثلاثة أفراد من عائلتهم، فقد قامت توبا محمد يحي، (42 عاما)، بالتعاون مع زوجها محمد شافيا (58 عاما)، وابنهما حامد، (21 عاما)، بقتل زينب (19 عاما)، ساره (17 عاما)، وجيتي (13 عاما)، وهن بنات محمد شافيا من زواج سابق، في جريمة شرف. ووقف والد الفتيات الثلاث في المحكمة متفاخرا بأنه أقدم على أمر حسن، ولو مات وعاد للحياة مائة مرة لفعل الأمر ذاته! وتمنى أن ينجس الشيطان قبور بناته. وقد كان لكلماته وقع مؤلم على الحضور والمحكمة، وحاول محاميه التخفيف من حدة أقواله بأنها من «عادات وتقاليد» الأفغان، ويجب ألا تترجم حرفيا. وقد تبرعت شهرزاد موجاب، البروفيسورة في جامعة تورنتو، بتحليل تصرف واقوال شافيا، قائلة ان في بعض الأسر يعتبر الحفاظ على «الشرف»، (الجنسي)، أكبر أهمية من الحياة، وأن هناك فرقا بين القتل لاسترداد الشرف وبين العنف ضد النساء!
وفي بحث نشر على الإنترنت، لا أعرف مدى دقته، ورد أن تعبير «القتل من أجل غسل العار» استخدم لأول مرة في الغرب في هولندا عام 1978 للتفريق بينه وبين القتل بسبب الثأر. وتصف «هيومن رايتس ووتش» القتل من أجل الشرف بأنه تصرف انتقامي يقوم به عادة فرد ذكر ضد قريبة انثى بتهمة جلب العار لعائلة، إما لرفضها الزواج بمن اختارته لها، أو لتعرض الفتاة لاعتداء جنسي، حتى ولو لم يكن لها خيار فيه، أو طلبها الطلاق، أو اقدامها على الخيانة الزوجية، وجميع هذه الأسباب تكفي لتعرضها لعقاب شديد، والقتل غالبا. ويمكن أن يتعرض الذكور للقتل بسبب الشرف أيضا، وهذا ما يتعرض له المئات كل عام من الجنسين، في باكستان وحدها. ويقول شريف كنعانة ــ المحاضر في جامعة بيرزيت، في الضفة الغربية، إسرائيل ــ ان القتل من اجل الشرف موضوع معقد وعادة قديمة تضرب جذورها في تاريخ المجتمعات العربية الرعوية والرحل، وأن القتل لا يكون لأسباب جنسية بقدر تعلقه باستيلاء الغير على «أداة» صناعة الرجال، ورمز الخصوبة في المجتمع!

أحمد الصراف