علي محمود خاجه

هل تذكرون؟

شتموا القبائل، ولم يهب لهم القانون، وتفرج بعض المواطنين والنواب عليهم وهم يشتمون دون وجود قانون يطبق ليحميهم، فكان حلهم التكسير والتخريب، وحصل من شتمهم على مقعد في المجلس.
شتموا عقيدة الشيعة وإمامهم المعصوم، وطعنوا حتى في توحيدهم، ولم يهب لهم القانون، وتفرج بعض المواطنين، وكثير من النواب عليهم، فلجأ الشيعة إلى الشارع يهددون، واستعانوا بمن شتم القبائل للدفاع عنهم!!
وزاد متابعو الشاتم في “تويتر” بمقدار 40 ألف متابع خلال أيام، ولو كانت الانتخابات لم تنعقد بعد لكان الشاتم عضوا في مجلس الأمة مع بقية زملائه الشاتمين.
الأمر طبيعي والكره قائم ومستمر، والقانون كذلك غائب وأيضا مستمر، فإن شتمت الشيعة فدائرة واحدة من الدوائر الخمس ستشتمك، وقد تفوز بثلاث دوائر أخرى ودائرة ستتفرج عليك، أما إن شتمت القبيلة فستشتم في دائرتين، وقد تفوز في ثلاث دوائر أخرى.
تلك هي الحسبة، وهذا هو واقع الحال، ولم يعد يفيد أبدا أن نستذكر أسرار وأحمد وهشام ووفاء وقشيعان وفايق وفيصل، فهي مجرد أسماء ستمر دون أن يستطيع البعض أن يكملها أصلا، ووحدة الغزو لن تتكرر حتى إن تكرر الغزو لا سمح الله.
هذه هي الحال والحكمة المفترضة غائبة، فمعول هدم واحدة تكفي للإطاحة ببناء عمره يفوق الربع قرن، لقد تردت بنا الحال لدرجة وصلت إلى أنه حتى من كان يدافع عن الجميع، قبيلة أو مذهباً أو أي فئة أخرى، إن تم عزلهم عن المجتمع أو تخوينهم أو التشكيك في وطنيتهم، أقول حتى من كان يدافع عن كل هؤلاء دون حسابات انتخابية هو الوحيد الخاسر.
هل تذكرون صالح الملا الذي وقف مع القبائل كما مع المذهب ورفض التعرض لهم؟ رفضتموه، هل تذكرون أسيل العوضي التي نادت طوال حملتها بأنه لا بد للعقل أن يحكّم كي لا نعيش في غابة، لم تنتخبوها!! هل تذكرون محمد بوشهري؟ وهل تعرفون أحمد العبيد الذين كان من الممكن لهم أن يختاروا طريق الفرز الطائفي فيكسبوا المقاعد، ولكنهم رفضوا فخسروا الطائفتين؟
هل سمعتم بوسمي الوسمي الذي تمرد على أعراف القبيلة وطرح نفسه مرشحا للجميع لم تمنحوه فرصة تمثيلكم خير تمثيل؟ هل تعرفون محمد العبدالجادر الذي ردد دائما وسط القلوب “يا كويتنا”، الكويت مجردة من أي تقسيم آخر هو الآخر لم تساندوه؟ هل سمعتم بحسن جوهر الذي وقف مع الحق فاعتبرتموه مخرباً لعلاقتكم بالسلطة فأخرجتموه من المجلس؟
اخترتم من يدافع عنكم، ولو ألغى الآخر وشتمه وحرق مقره أو أهدر دمه، اخترتم من يصمت عن أذاكم إن لم تؤثر به خسارة أصواتكم، وتركتم من يدافع عنكم كلكم ككويتيين، فقط ككويتيين.
لا أحتاج أن أسرد أكثر فاختياراتكم تحرق وطني والحكومة لا يوجد في قاموسها ما يسمى بالقانون، لكن أود أن أخبركم بأمر أخير: قبل النهاية كل الأسماء التي ذكرتها، وأنتم تنكرتم لها مازالوا يدافعون عن كويتكم الواحدة دون النظرة إلى قبيلة أو عائلة أو طائفة.
خارج نطاق التغطية:
رغم ظلام اختياركم بل رغما عن ممثليكم كل عيد حب وأنتم بخير.

سامي النصف

محطات إسلامية وليبرالية ووطنية

    ما نلحظه هو أن الحركات الإسلامية بشكل عام هي الأكثر براغماتية و«ليبرالية» من كثير من الحركات السياسية الأخرى حيث يسود ضمن صفوفها الاستماع للرأي والرأي الآخر مما جعلها تفوز وتحصد كراسي الانتخابات الأخيرة، وفي المقابل هناك ليبرالية بالمسمى فقط دون ليبراليين حقيقيين ضمن التوجه الليبرالي الكويتي إن جازت التسمية بالطبع، حيث إن قيادات التيار لا تقبل ولا تستمع قط للرأي الآخر وهو ما أدى للنكسة الأخيرة في الانتخابات والتي نعتقد أنها ستكرر في أي انتخابات قادمة حيث مازال مسار الـرأي الواحـد قائما لم يتغير.

***

ومن غرائب التيار الوطني حقيقة أن نواب التكتلات الأخرى الإسلامية بشقيها السني والشيعي والتكتل الشعبي يتباينون عند التصويت على بعض القضايا دون أن يتسبب ذلك في فصلهم من تلك التكتلات حالهم حال نواب الولايات الزراعية في الكونغرس الأميركي ممن عرف عنهم التصويت بشكل مختلف عن أحزابهم عندما يكون الأمر متصلا بمصالح المزارعين دون أن يؤدي ذلك الأمر إلى الفصل من أحزابهم التي أوصلتهم لقبة البرلمان، في الكويت يصل النائب للمجلس بجهده الشخصي لا بسبب انتمائه لتكتل أو توجه معين لذا كان من الخطأ ابتعاد أو إبعاد الراشد والعنجري عن التكتل الوطني بسبب تصويتهما المختلف على هذه القضية أو تلك ونتمنى أن نرى سريعا تكتلا وطنيا موسعا يقبل بتعدد التوجهات ضمن صفوفه يشمل بعض أو كل الأسماء التالية: محمد الصقر، مرزوق الغانم، علي الراشد، عبدالرحمن العنجري، رياض العدساني، شايع الشايع، فيصل اليحيى، عدنان عبدالصمد، أحمد لاري، سعد الخنفور وبذا يصبح أكبر تكتل يجمع كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني ضمن صفوفه في المجلس.

***

ديموقراطيتنا هي أحسن من يقدم الهوامش والفروع على الأساسيات والأصول ومن ثم الانشغال بأمور لا تنشغل بها عادة الديموقراطيات العاقلة الأخرى كحال تغيير المادة الثانية من الدستور حيث ينص الدستور المصري منذ أيامه الأولى عام 1923 على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر (وليس مصدر كحال الكويت) الرئيسي للتشريع دون أن يغير ذلك من واقع الدولة المصرية العلماني الذي يسمح بالمايوهات والخمور…إلخ، الحال كذلك في المبالغة في أهمية كرسي رئاسة البرلمان الذي لا يحظى بما نراه عندنا من لغط ومعارك حوله (له مقالات لاحقة) حاله حال الاستجوابات التي تقدم في جميع البرلمانات الأخرى كل يوم دون أن تتحول كحال ديموقراطيتنا البائسة إلى ما هو أشبه بـ … فتح القسطنطينية.

احمد الصراف

تقرير «هيومن رايتس» الجنسي

أعتقد، كإنسان عادي، وربما عاقل، بأن ليس لدي ما اخجل منه من الناحية الجنسية، ولو كانت ميولي مخالفة لميول الغالبية لما ترددت في الاعتراف بذلك، فليس هناك سبب لدفعي للكذب بهدف إخفاء أمر فزيولوجي لا خيار لي فيه! أكتب ذلك لمنع السفهاء من الغمز من قناة ميولي الجنسية، فاهتمامي بمشاكل المثليين ومعاناتهم مع مختلف السلطات الدينية والطبية والأمنية نابع من إنسانيتي، علما بأنني حتى اللحظة لا أعرف أحدا من هؤلاء، ولا أعرف غير من هم على اتصال بي إلكترونيا، دون اسم أو وجه!
معاناة المثليين في الكويت أمر متوقع، فهم ينتمون إلى مجتمع متخلف من جهة، وكاذب ومنافق من جهة أخرى، وذلك بسبب تكوينه العقائدي الذي لا يسمح له بالتصدي لمثل هذه الظواهر، ولا التعامل معها بطريقة منطقية، وما ينطبق على الكويت ينطبق بالقدر نفسه تقريبا على غالبية المجتمعات العربية. فنحن على غير استعداد للاعتراف بمشاكلنا وقضايانا الجنسية، والتصدي لها بالمناسب من الحلول، بل نحاول دائما، كما فعلنا لقرون، طمسها وخنقها، بتجنب الحديث عنها، أو اطلاق تسميات مضحكة عليها.
تقرير «هيومن رايتس ووتش» الأخير عن معاناة المثليين، خصوصاً المتحولين جنسيا، في الكويت غير سار أو مشرّف أبدا، بل ومخز إنسانياً ويبين مدى الإجحاف والظلم الذي يتعرض له هؤلاء، والذي يصل لدرجة الابتزاز المادي والضرر النفسي والجسدي وحتى الاعتداء الجنسي، وخاصة من قبل بعض رجال الأمن بعد إلقاء القبض على هؤلاء، بسبب تشبههم بجنس غيرهم، ورفض الاعتراف بشهاداتهم الطبية، التي تشهد بتحولهم جراحياً لجنس آخر، او حتى ادراج تلك الشهادات الرسمية في ملفات قضاياهم، التي تثبت أن تحولهم جنسي!
إن هذا الوضع المخزي لا يمكن معالجته بغير التعامل معه بجرأة ووضوح، من خلال الاعتراف بوجود المشكلة ووضع الحلول العملية لها، فالحلول التي ينادي بها الغلاة والمتخلفون غير إنسانية وغير قابلة للتطبيق، ولا تصب إلا في نفي هؤلاء من الأرض، ولا أعرف ما يعنيه ذلك غير القضاء الجسدي عليهم! كما يحتاج قانون التشبه بالآخر الى إعادة نظر، فنصف شباب الكويت يمكن أن يودعوا في السجن إن طبقت مواد قانون «التشبه بالجنس الآخر» عليهم، فهناك من له شعر طويل، أو فتاة بشعر قصير، أو ملابس صارخة الألوان لشاب مقارنة بفتاة ترتدي بدلة، ولا أدري ما حكم الرجل الذي يرتدي حذاء بكعب عال، وما هو العلو المسموح به؟ وماذا لو غمر أحدهم وجهه بالكولونيا، فهل يعني ذلك أنه يتشبه بالجنس الآخر؟ الأجوبة على كل هذه الأسئلة بنعم، فقد وضع القانون أمر تقدير ذلك للشرطي!

أحمد الصراف