سامي النصف

عجائب الكويت

لا أقول أعجب بل أصعق عندما ارى المستوى المتدني في طرح بعض الدكاترة الكويتيين، وسأعطي مثالين شاهدت لقاءيهما على الفضائيات ومواقع اليوتيوب، وتساءلت بحق ان كانا يعلمان بجهلهما فتلك مصيبة، وان كانا لا يعلمان ومن ثم تصدق آذانهما ما تقوله ألسنتهما فتلك كارثة ما بعدها كارثة، فماذا ابقى امثال هؤلاء للجهال والاميين؟!

*****

دكتور يرفع حاجبيه وينزلهما ليقنعنا بأن بلداننا الخليجية، ونحن جميعا كشعوب ضمنها، لا تملك السيادة على قرارها السيادي، مما يعد مشروعا تحريضيا وتأجيجيا وشتما مباشرا لنا جميعا، بينما يعلم حتى الطفل الصغير بكذب هذا الادعاء، بدلالة التباين الكبير في سياسات الدول الخليجية نحو دول مؤثرة في المنطقة مثل اسرائيل وايران وسورية والعراق، ولو كانت الولايات المتحدة تفرض سياستها كما ادعى لكانت سياسة دولنا واحدة كحال جمهوريات الموز في اميركا اللاتينية!

*****

وقد اثبتنا الكذب الشديد لمقولات ذلك الدكتور الذي يتبع مقولة المعلم الكبير غوبلز الالماني القائل: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ولا تنس ان تطعم اكاذيبك بأسماء وارقام ودراسات وهمية لا وجود لها لزوم التغرير بالسذج والتحريض والتخريب والتدمير، ومن ذلك ادعاءات اختفاء الدول الخليجية عام 2000 لصالح العراق والسعودية واليمن، والتي نسبت للباحث د.انتوني كودزمان الذي التقيته وكذّب تماما انه قال بذلك الامر فتمت اعادة الكذبة بشكل آخر حيث نسبت الى باحث وهمي نتحدى وجوده، اسمه «ارون كاتز» وقيل انه تنبأ باختفاء الدول الخليجية ـ مرة ثانية ـ عام 2025 لصالح عمان والسعودية والعراق، ومرة اخرى نتحدى القائل بأن يظهر مثل تلك الدراسة الكاذبة والوهمية خاصة انه ادعى قولها في عام 1992 ومعروف أنه لا يوجد باحث اميركي محترم يقدم نبوءات لأحداث ستقع بعد 33 عاما (1992 ـ 2025) اي بعد موته وموت اغلب المستمعين على طريقة اضحوكة الخليفة وجحا والحمار والتي تعهد فيها جحا بتعليم الحمار القراءة والكتابة وحصوله على شهادة الدكتوراه خلال عشرة اعوام وهو يعلم انها ستنتهي قطعا بموت احدهم، فما بالك بـ 33 عاما؟!

*****

وآخر الدعاوى الزائفة والمحرضة لذلك الدكتور ان امارة دبي تحولت الى مشروع استيطاني اوروبي واميركي، مستشهدا بما نراه من سائحين اوروبيين واميركيين وروس وغيرهم، ومعروف ان هؤلاء «السائحين» لا المستوطنين موجودون بشكل اكبر في اسبانيا وفرنسا واميركا وماليزيا والمغرب وشرم الشيخ ..الخ، دون ان يدعي احد انهم مشاريع استيطان واحتلال وقد استطرد «الدكتور» قائلا ضمن عاصفة الادعاءات المحرضة وغير الدقيقة ان سنغافورة قد اقتطعت قسرا من ماليزيا بواسطة بريطانيا، والحقيقة الجلية تظهر ان تانكو عبدالرحمن رئيس وزراء ماليزيا آنذاك قد «طرد» سنغافورة عام 1965 من الاتحاد الماليزي، وزاد الطين بلة اغلاق بريطانيا لقاعدتها العسكرية فيها، مما ادى الى بطالة فورية لـ 50 ألف سنغافوري، كما جاوز الدكتور الحقيقة عندما ادعى ان رئيس وزراء سنغافورة العبقري لي كوان قال ان بلده حصل على استقلاله بسبب غباء المسلمين، وكتاب مذكرات كوان «من العالم الثالث الى الاول» أمامي ولا يوجد به حتى تلميح لمثل ذلك القول الكاذب.

ويزيد الطين بلة قول الدكتور الكويتي للسذج من المستمعين ان لي كوان كان زميل دراسة له، وما لم يقله الدكتور ان لي كوان تخرج في الجامعة عام 1949 عندما كان عمر الدكتور الكويتي المعجزة 4 سنوات وانخرط في العمل السياسي ولم يعاود الدراسة قط كما أتى في سيرة حياته الموجودة في الكتب وعلى الإنترنت.

في الختام مستعد كنوع من التحدي ولإثبات من منا الصادق ومن منا غير ذلك، ان نستضاف على برنامج تلفزيوني ثم يتم الاتصال على الهواء بـ «أنتوني كودزمان» او «ارون كاتز» (ان وجد بالطبع) لنسألهما ان كانا تنبآ او قالا باختفاء الكويت ودولنا الخليجية عام 2000 او عام 2025، وليعتذر بعد ذلك الكاذب الى الصادق ويختفي من الحياة العامة والكتابة والاعلام للابد. ان الخوف الحقيقي لم يعد في المستقبل المنظور على الدول الخليجية والعربية الصغيرة كحال الكويت، الخوف كل الخوف هو على الدول الكبيرة التي نرى بالعين المجردة تفتتها وتشتتها.

آخر محطة:

(1) في ظل عمليات التأجيج والتحريض واشعال النيران وضرب الوحدة الوطنية التي تنفرد بها ديموقراطيتنا وتخلق لنا حالات ردود فعل يشتكي منها من خلقها، ظهر على احدى الفضائيات الكويتية قبل ايام، والنفوس مؤججة، «دكتور» كويتي آخر قائلا او صارخا بأن ابناء الدوائر الثلاث الاولى هم «السادة» ضمن النظام العنصري الذي نعيشه (!) وابناء الدائرتين الرابعة والخامسة هم: «العبيد» (الا انهم والله سادة واحرار رغم انف جهله)، وكل ذلك بسبب التباين البسيط في اعداد الناخبين الموجود اكثر منه بآلاف المرات في «جميع» الديموقراطيات الاخرى دون استثناء. ان يطالب احد بتعديل الدوائر أمر مقبول اما ان يحاول حرق الوطن وضرب الوحدة الوطنية والاساءة للآخرين فهو امر مرفوض.. مرفوض بالمطلق ويوجب الاعتذار إلى من تمت الاساءة لهم من ابناء الدوائر المعنية واتهامهم باكذوبة الاسياد والعبيد.

(2) الدوائر الثلاث التي اتهم الدكتور الجاهل ابناءها بالعنصرية هي التي تنجح كل ألوان الطيف الكويتي وتمنح مراكزها الاولى لنواب افاضل امثال جمعان الحربش وفيصل المسلم، ومعيب والله شتم اهل الكويت والتحريض عليهم دون ردود او محاسبة.

(3) لمعلومة الدكتور المحرض، في اعرق الديموقراطيات ونعني بريطانيا يفوز نائب في منطقة بثلاثة آلاف صوت ونائب آخر بثلاثمائة الف صوت، وفي اميركا تمثل منطقة او ولاية الاسكا (400 الف نسمة) بنائبين بمجلس الشيوخ، وكاليفورنيا (40 مليون نسمة) بنائبين، وهو امر مطابق لما يحدث في الاردن ولبنان وحتى مصر التي تظهر نتائج انتخاباتها الاخيرة التي قامت على التقسيم الجديد للدوائر فروقات في اعداد الناخبين تصل الى الملايين دون ان يدعي الاميركان والانجليز واللبنانيون والاردنيون والمصريون انهم منقسمون الى اسياد وعبيد!

حسن العيسى

صفقة فاوست في ياخور كبد

بيت الشعر في ياخور كبد لن يقدم تنمية ولن يقدم إصلاحاً حقيقياً في السياسة والاقتصاد والوحدة الوطنية، ياخور كبد سيفرض الدولة الدينية المستبدة عندما وضع السياسيون العمم الدينية على رؤوسهم، ونجحوا بامتياز في كسب قلب الشارع الكويتي الغارق بنهم الاستهلاك والسابح في ثقافة سطحية خاوية من أي معنى، بيت الشعر في كبد سينسف خمسين عاماً من العمل من أجل الدولة المدنية بمؤسساتها وقوانينها المختلفة رغم ما أصاب الأخيرة من ثقوب عميقة في مسائل الحريات الشخصية، والمساءلة السياسية تمت كلها بفضل تحالف الأمس بين أهل اللحى وأهل السلطة، واليوم نعود في الكويت حالها من حال دول الربيع السلفي العربية حين تهرب من الدكتاتوريات الحاكمة لتحشر في فخ الدولة الدينية التي يقودها كهنة القرن الواحد والعشرين، ليقع طلاب الحرية والثقافة الإنسانية بين مطرقة النظام وسندان الدولة الاستبدادية الدينية، وهي دولة تطيح بالنقاء الروحي للدين جانباً لتفرض رؤى الجماعات الدينية المنغلقة على ذاتها والرافضة للفكرين الحضاري والعلمي، ففشلت في استيعاب سنن التطور، وصعقت بصدمة الحداثة فارتدت على أعقابها تنشد الأمان في يقينيات الموروث التاريخي، فهي عجزت عن فهم الحاضر فانتكست للماضي وأعلنت الحرب على المستقبل. لم تكن هناك حاجة ليوافق التكتل الشعبي على صفقة الياخور بالبصم على تعديل المادة الثانية من الدستور مقابل ضمان صوت تحالف الياخور الإسلامي بالتصويت للنائب أحمد السعدون للرئاسة، فللأخير مكانته العالية سواء كان على كرسي الرئاسة أو على مقاعد النواب، وإذا كان هناك من يلتمس للتكتل الشعبي عذره بقبول الصفقة بسبب ضغط الشارع المحافظ في مناطقه الانتخابية إلا أن الطريقة المتعجلة في تمرير مثل صفقة البؤس هذه تذهب بكل عذر للتكتل الشعبي، فحزب الياخور يعقد صفقته مع الشعبي ويتغدى معه اليوم وبالغد سيتعشى به. كأن مأساة  فاوست في الأسطورة الألمانية تتشكل من جديد في السياسة الكويتية، إلا أن فاوست غوته في صفقته مع الشيطان كان يبحث عن العقل الرافض للمطلق المستبد فباع باقي عمره مقابل نعم ولذائذ وقتية عابرة، بينما صفقة الياخور ستسحق العقل وكل معاني العقلانية وحقوق الإنسان، وستؤجج الصراعات المذهبية، في الوقت الذي نكاد نختنق فيه من عفنها. كل هذا يتم باسم الدين، والدين منه بريء، ولن يكسب اليوم من مبايعات الكرب غير تجار العواطف الدينية والمرتزقة المستثمرين في تجارتهم حين يرتدون ثوب المحتسبة ويهرولون إلى النيابة العامة ضد أصحاب الفكر والقلم بشكاوى الحسبة شكلها يدافع عن العقيدة وباطنها يقيم أسس محاكم التفتيش المرعبة كما كانت في قرون أوروبا المظلمة، التي يعاد إنتاجها اليوم في شرقنا العربي. ويا خسارتنا في الشعبي بصفقات الجواخير.

احمد الصراف

التراجع إلى الخلف

«في يوم كان لمصر «صفيتها» التي غطت «سعدها»، ولكن من تكون «صفية» الكويت، بعد أن جعلتها قوى الظلام عارية بلا غطاء عقلي أو فكري؟».. نص مقتبس للزميل صالح الشايجي!
يمكن القول، على ضوء التركيبة الجديدة للمجلس التشريعي، ان ليس أمام الكويت غير التراجع تنمويا واقتصاديا وفي مجال حقوق الإنسان، وان قاومت الحكومة فسنبقى، في احسن الأحوال، في مكاننا، والجمود شقيق التخلف في عالم سريع ودائم التحرك، وبالتالي على برنامج التنمية والتخطيط المستقبلي الانتظار، فقد دخلت البلاد نفق الصرف النقدي على «رفاهية» المواطن وتوزيع الهبات وزيادة الرواتب. فجناحا المجلس، أو «غالبيتاه» لا تؤمنان لا بالدولة ولا بالمواطنة، فالأغلبية الأولى ستبقى ما بقي الماء والكلأ، فإن جف الضرع ونشف الزرع وتبخر الماء تبخرت معه! أما الغالبية الثانية فعقيدتها لا تقرّ أصلا بوجود وطن ولا بحدود سياسية بين الدول الإسلامية، بالمعنى الحضاري المعروف، وكما قال أحد مرشدي جماعة الإخوان في مصر انه يفضل رئيسا مسلما لمصر، ولو كان من ماليزيا، على قبطي، ولو كان مصريا! وهنا يرى البعض أن الحل هو في تعطيل الحياة البرلمانية ووقف العمل بالدستور، ومن ثم تفرغ الحكومة كليا لتنفيذ الحيوي من المشاريع ووضع البلاد على سكة التقدم ومن ثم العودة، بعد سنتين أو ثلاث، لانتخابات جديدة، في ظروف أكثر ملاءمة، بحيث تفرز صناديق الانتخاب نوعية أفضل من النواب! وهذا كلام لا خير فيه، فلو نظرنا للفترات التي عطلت فيها السلطة الحياة النيابية وخلا لها الجو لما وجدنا انها أنجزت شيئا خلالها، لا بل وكانت فترات تزايدت فيها السرقات بشكل كبير، ولم يمنعها شيء، لا حينها ولا الآن، من تنفيذ أي مشروع حيوي! وما شهدته البلاد، في نصف القرن الماضي، من فترات نهضة قصيرة كان الاستثناء وليس القاعدة، كما أن المناهج الدراسية المتخلفة، وهي أس البلاء، لم يقرها أي مجلس أمة، وكانت ولا تزال من صميم واجبات أي حكومة، كما أن تأخير تنفيذ جسر الصبية (جابر)، لأكثر من 15 عاما لم يكن بفعل نائب أو لجنة نيابية، بل بتقاعس وتردد حكومي واضحين. وعليه فإن الحل يكمن في إبقاء الوضع النيابي على ما هو عليه، والعمل بجدية على تنفيذ المشاريع الكبرى الحيوية، وإقرار عشرات مشاريع القوانين المعلقة منذ سنوات، وتطبيق القانون على الجميع والتمسك بالدستور. ولو حدث ذلك لما رأت المعارضة ما تلوم الحكومة عليه، وهذا إسكات لها ولنار فتنة مقبلة.

أحمد الصراف