محمد الوشيحي

أعيدوا النحاس نحاساً

فجأة، لا نعرف من أين جاءت هذه الفجأة، انقلب كل شيء رأساً على عقب، فارتفع سعر النحاس وانخفض سعر الذهب، واختلت الموازين، وذهل التجار الحقيقيون، ووضعوا أيديهم على رؤوسهم، واحتجوا: “هذا نحاس، إنهم يغشونكم”، فنادى منادٍ من الغوغاء: “أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون”.
وجاء يوم تكفل فيه هذا بتوفير البنزين، وتكفل ذاك بإحضار الحطب، والثالث بتوريد أعواد الثقاب، والرابع حجب الريح بثوبه ووو، وجاؤوا به ليشعلها، فاشتعلت النار أمام بيوت في أطراف القرية، فتعالت صرخات المحترقين، وتعالت ضحكات الحارقين، قبل أن يحملوا النار إلى داخل “أحواش” البيوت.
كان العقل في إجازة لسنوات أربع عجاف، وكانت العيون رمداء، وكان القانون على فراشه يحتضر، وكان الشيطان على رأس عمله، وفي قمة نشاطه وحيويته، فارتفعت الحناجر: “القرية كاملة ستحترق”.
وفجأة أخرى، نعرف هذه المرة من أين جاءت، اشتعلت القرية كلها، فتعالى صراخ الجميع.
لن تنطفئ نار قريتكم ما لم تضعوا النحاس في مكانه والذهب في مكانه.
***
كنت على وشك استئذان القراء وإدارة التحرير للراحة قبل أربعة أشهر، لكن عقارب الساعة وعقارب أخرى حالت بيني وبين إجازتي، ثم دخلنا مرحلة الانتخابات، فقررت تأجيلها إلى أن تضع الانتخابات أوزارها.
واليوم، وبعد أن صمت الكلام في ظل هذه الحرائق المتبادلة، وبعد أن لملمت الانتخابات ثيابها، أشعر أن الإجازة تراودني عن نفسها.
على أن أكثر من يحتاج إلى إجازة هي الكويت، لكنها قبل الإجازة تحتاج إلى رعاية طبية من أطباء مهرة، يجيدون إجراء العمليات الصعبة لاقتلاع الأورام السرطانية التي انتشرت في جسدها حتى كادت تقتلها.
***
شكراً لكل من شاركنا في العزاء في وفاة خالي رحمه الله، ولا أراكم الله مكروهاً في عزيز، و”إنا لله وإنا إليه راجعون”.

سامي النصف

قبل أن تدلي بصوتك

لم يجف بعد حبر سلسلة مقالاتنا عن مخطط تدمير وحرق الكويت، البلد المعطاء الحاضن لنا جميعا، وحديثنا عن مشروع الربيع الكويتي المستتر والمستمر القائم على الفوضى والتجمهر والخروج غير المنضبط للشوارع والتعدي على رجال الأمن حتى حدث ما حدث، وقد لطف الله بالبلد فلم تمتد الحرائق التي اشتعلت في العديلية الى البيوت المجاورة فتزهق أرواح الأبرياء القاطنين فيها وتحترق الكويت بالتبعية ويتأذى الشباب الفاعلون المغرر بهم، بينما يجلس المخططون والمحرضون الكبار قابعين في بيوتهم فرحين بما يحدث ومنتظرين.. تصويت السذج لهم في انتخابات اليوم.

****

ولدعاة قيام الأحزاب والدائرة الواحدة والحكومة الشعبية، نشهد كل هذا الانفلات الأمني وعدم الانضباط الذي كاد يحرق البلد والعداء للرأي الآخر والحكومة الشعبية لم تقم بعد، فماذا سيحدث عندما تتسلم بعض قوى المعارضة القمعية مقاليد الدولة عبر الحكومة الشعبية والحزب الحاكم؟! الأكيد أن المعتقلات ستفتح أبوابها لمن لا يسير على هديهم وسنشهد للمرة الاولى في تاريخنا ظاهرة الكويتيين المهجرين في الخارج ممن سيبكون دما على وطن جميل أضاعوه.

****

الكويت كما قال الشيخ الحكيم فلاح بن جامع في لقاء قبل يومين على قناة «الوطن» هي سفينة إن غرقت غرق الجميع، وان نجت نجا الجميع، لذا فلا يعتقد أحد للحظة أن مخطط «البعض» التخريبي والتدميري الذي يمر عبر تحريض الشباب على التعدي والفوضى سينجو منه أحد، إن محاولة اقتحام تلفزيون «الوطن» و«سكوب»، والتعدي على منازل المرشحتين صفاء الهاشم ورولا دشتي هي بداية الطوفان الذي سيغرقنا جميعا، وكل تلك الاحداث يقف وراءها الذئب الرمادي الرابض على مسافة خطوات من حريق العديلية الذي بدلا من مواساة أهلها وأهالي المناطق المجاورة لها الذين أصابهم الرعب مما جرى لم يجد ما يقوله إلا التماس الأعذار للفاعلين، ومنا.. للناخبين!

****

وإذا كنا نرفض تماما أي إساءة لأهلنا وأحبتنا من أبناء القبائل الكرام منعا للفتنة، فإننا كذلك نرفض مشاريع الإساءة للأحبة من أبناء الشيعة عبر تصويرهم وكأنهم منضوون في محفل سري تأتيهم الأوامر من كهنته فيمتثلون لها على الفور، أبناء الشيعة حالهم حال أبناء السنة سيصوتون بشكل حر كل حسب رغبته ورؤيته، لذا توقفوا يا أصحاب مخططات التدمير والتخريب عن دعاواكم وأكاذيبكم فقد طفح الكيل وانكشف الملعوب وسنسعد إن شاء الله بنتائج هذا المساء التي ستدل على وعي وذكاء الناخبين الكويتيين، ويمكن لكم أن تخدعوا بعض الناس بعض الوقت، ولن تنجحوا في خداع كل الناس كل الوقت.

****

آخر محطة: احرص في هذا اليوم على حسن الاختيار واستخدم عقلك لا عاطفتك كي لا تحيل عرسنا الديموقراطي القائم الى مأتم قادم وذلك عبر:

٭ الحرص على الإدلاء بصوتك في هذا اليوم واختيار أربعة مرشحين بالكامل.

٭ إضافة مرشحة أو أكثر لقائمة اختيارك، فالنساء من النواب هن الأقل فسادا وتأزيما والأكثر كفاءة وعطاء.

٭ لا تصوت بناء على نتائج الاستفتاءات الكاذبة غير المحايدة، بل بما يرضي ربك ووطنك وضميرك.

٭ انتخب العقلاء الحكماء الأكفاء الأمناء فلم يدمر مثل هؤلاء وطنا قط.

٭ لا تصوت للفاسدين والمؤزمين والطائفيين والفئويين والعنصريين والمحرضين، فأصحاب الولاءات الضيقة أو الخارجية هم من يتسببون في حرق البلدان في العادة.

٭ انتخب من يدعم تعاون السلطات لا تنازعها والعمل تحت قبة البرلمان لا خارجه، فقد جربنا مسار الشر والفوضى حتى قارب البلد على الانهيار، لذا لنجرب المسار الآخر.

٭ ابتعد عما يريبك الى ما لا يريبك، واحجب صوتك عمن يعمل على تدمير وطنك والإساءة لك.

حسن العيسى

كي لا نقول زرع زرعتيه

حرق المخيم الانتخابي للمرشح محمد الجويهل عمل غير مسؤول بحد ذاته، والاحتكام إلى لغة العنف وتنحية حكم القانون وسلطة الدولة جانباً لا يعني سوى الإذعان لقانون الغاب وشريعة الثأر للذات ونفي الدولة كلياً. وبقدر ما نعد عمل إتلاف المخيم فعلاً غير مسؤول، لا يقل عنه وبالقدر ذاته تلك النغمة العنصرية الاستعلائية التي تبناها المرشح الجويهل، ومن يسير على نهجه في حملاتهم الانتخابية، وقبلها حين تبنوا عقيدة سياسية منغلقة متكبرة تتعالى على أبناء القبائل مثلما تعالت من قبل بروح طبقية متغطرسة على الغير متبنية عنصرية حمقاء تفرق بين الكويتي الأصيل وغير الأصيل، وبين الكويتي السني والكويتي الشيعي.
ومن داخل تلك التقسيمات تمت تنمية عقلية جاهلة تقوم على تقسيم أدنى، يقوم على تراتبية الأكثر عراقة والأكثر جاهاً.
لم ينزل ذلك التشرذم القبائلي والطائفي من السماء، بل كان متأصلاً في المجتمع الكويتي بداية، وبدلاً من قيام السلطة الحاكمة بتبني ثقافة ورؤية تحققان الوحدة الوطنية بإعمال مبدأ المساواة بين طوائف المجتمع في توفير الخدمات وفرص العمل في الوظائف العليا بالدولة، نجدها كرست سياسة التقسيم الاجتماعي ورعته على مدى عقود ممتدة، ولم يكن تقسيم الدوائر الخمس والعشرين القديم إلا صورة (ليست الوحيدة) لسياسة “فرق تسد”، وتنقلت السلطة في تحالفاتها بين فريق وآخر لخدمة مشروع الانفراد بالحكم بدلاً من مشروع وحدة أبناء الوطن.
لم يعد من المجدي الآن الثرثرة بإنشائيات الوحدة الوطنية، ومن الصعب ترقيع الشقوق الكبيرة في الثوب الكويتي بمواعظ خطابية ونصائح خاوية تتردد في الخطاب الرسمي للدولة ونجد صداها في خطابات كثير من المرشحين.
ليس المطلوب العمل على إصدار مزيد من التشريعات المجرّمة لما يعد تهديداً للوحدة الوطنية، فمثل تلك التشريعات التي يضج بها قانون الجزاء أضحت أداة في النهاية لقمع الفكر وحرية التعبير والبحث العلمي، بل المطلوب أن تتبنى السلطة ثقافة تقدمية تحررية تستبعد كل أنواع التمييز الديني والاجتماعي في الوطن، وليست تلك مهمة سهلة بعد أن ضربت الثقافات الأصولية جذورها في التربة الكويتية، ولكنها ليست مستحيلة، وعلى السلطة الحاكمة أن تقرأ جيداً مخرجات انتخابات اليوم، فليس من مصلحة الوطن الآن التشفي من واقع الحال بمثلنا الشعبي “زرع زرعتيه”.

احمد الصراف

رجاء لوزير الإعلام

احتلت الكويت المرتبة الأولى عربياً في تصنيف منظمة «مراسلون بلا حدود» لحرية الصحافة لعام 2011! فاذا كان هذا صحيحاً، فما هو اذاً حال حرية الصحافة في الدول العربية الأخرى؟! ألا يدعو ذلك للحزن والخجل؟ فان كانت الكويت بكل قيودها وتحفظاتها الأولى، فما هو اذاً وضع السعودية وعمان ومصر ولبنان وسوريا؟
الأمر الجميل، وربما الطبيعي جداً، ان تأتي دولة مثل فنلندا في المرتبة الأولى تليها بالتدريج النرويج واستونيا وهولندا والنمسا وايسلندا ولوكسمبورغ وسويسرا والرأس الأخضر وكندا!! ولو نظرنا لأحوال هذه الدول لوجدنا ان هناك علاقة ما بين تقدمها في مجال الحريات الصحفية وبين تحضرها وسعادة شعبها، وهذا ينطبق حتى على جمهورية «الرأس الأخضر»، التي تقع قبالة سواحل غرب أفريقيا، فتقدم هذه الدول وليبراليتها المتقدمة جعلاها بعيدة عن أي اضطرابات حقيقية، حتى الآن، منذ الحرب العالمية الثانية! مما يؤكد حيادية، وربما دقة تقرير «مراسلون» هو المستوى المتدني نسبياً الذي حصلت عليه الولايات المتحدة، التي نزلت للمرتبة 47، وفرنسا 44، وبريطانيا 28، وألمانيا 18، واسبانيا 39، ومعروف ان منظمة «مراسلون بلا حدود» التي تصدر تقريراً سنوياً حول حريات الصحافة تحرص على الدفاع عن حرية الإعلام في العالم، ومقرها باريس، ولديها مكاتب اقليمية في دول عدة ويعمل معها أكثر من 150 مراسلاً موزعين على القارات الخمس.
ما نتمناه من وزير الإعلام الجديد، والذي يبدو انه أفضل من غالبية من سبقوه بكثير، ليس العمل على احتفاظ الكويت بهذا الترتيب المتقدم و«الحضاري» في مجال حرية الصحافة، بل وتعزيز ذلك في السنة الحالية ما يليها، فحرية الرأي ضرورية للسلام الداخلي، ولصحة وعافية المجتمع، وعندما يتم القضاء على حرية الفكر أو الحجر عليه، فان ذلك يعني القضاء على الرأي العام، وبالتالي تصبح الدولة من غير دعامة، وهنا تكون بداية نشوء الجماعات والحركات السرية المناهضة للحكم ولأمن الدولة وسلامتها ورخائها!
الخيار لكم، معالي الوزير، في هذه المرحلة الدقيقة، وستثبت الأيام المقبلة مدى حرصك على الحريات، وأهمية مكانة الكويت لديك، ونتمنى ألا تخيب آمالنا فيك.

أحمد الصراف