سامي النصف

10 خطوات وفساد الاستجوابات

أولى خطوات هدم الدستور تمت عندما خالفنا رغبة الآباء الحكماء المؤسسين ورفضنا تعديل لوائحه للحد من إساءة استخدام أداة الاستجواب التي اختزل ـ عند بعض النواب ـ الدستور بها وأصبحت وسيلة للتدمير لا التعمير ونشر الفساد لا محاربته.

ثاني خطوات الهدم قامت عندما رفضنا خلق أداة لمحاسبة ومعاقبة النواب الفاسدين وجعلنا النائب في منزلة من لا يحاسب قط عن عمله وأضفنا لـ «حصانته» مبدأ «عصمته»، وما بين الاثنين تفشى الفساد التشريعي وتم شراء الذمم وفسد الملح الذي ما وضعناه إلا لـ «محاربة الفساد»!

ثالث خطوات هدم الدستور عندما قبلنا الكوميديا السوداء المسماة «وراهم وراهم.. عليهم عليهم» اي ملاحقة المسؤول والإساءة إليه ومحاسبته على خطأ موظفيه وكأنه يقود وزارة من الملائكة.

رابع خطوات هدم الدستور عندما أعطيناه قدسية لم يقل بها آباؤه المؤسسون ورفضنا تنقيحه وتعديله إلى الأفضل خوفا من ان يتسبب ذلك التعديل في الحد من المغانم والمكاسب التي يحصدها رافضو التعديل.

خامس خطوات هدم الدستور ومعها اهم اسس هدم مبادئ العدالة الانسانية عندما ارتضينا مبدأ الحكم قبل المداولة اي الاستجواب قبل تعيين الوزير وقسمه وسحب الثقة قبل التعيين.

سادس خطوات هدم الدستور عندما جعلنا احكام وتفسيرات محكمته الدستورية صورية وغير ملزمة وما فائدة محكمة نأخذ او لا نأخذ بأحكامها وتفسيراتها؟!

سابع خطوات هدم الدستور عندما استخدمناه لتعطيل عمليات التنمية وإيصال غير الأكفاء عبر الواسطات، وقد سقطت دولة بحجم الاتحاد السوفييتي بسبب طلب أعدائها من عملائها أن يحرصوا على ابعاد الاكفاء والاذكياء فهل هذا هو السبب الحقيقي لاستقصاد الوزراء والمقتدرين بالاستجوابات والسكوت عمن عداهم؟!

ثامن خطوات هدم الدستور تقوم على استخدام الحريات التي وفرها لنشر الفوضى والفرقة والفتن بين الناس وضرب الوحدة الوطنية وتقليل هيبة الدولة والإساءة لرجال الأمن.

تاسع خطوات هدم الدستور جعله وسيلة لدغدغة المشاعر وإفراغ خزائن الدولة عبر المطالبات المالية غير المعقولة كي يسهل اعلان افلاسها مستقبلا، وما المثال اليوناني عنا ببعيد.

عاشر خطوات هدم الدستور التهجم على بيته وهتك حرمة منزله وهل يرضى احدنا ان يفعل في بيته ما فعل في بيت الدستور؟!

(مقال «10 خطوات لهدم الدستور» وقد نشر يوم الأحد 20/11/2011 ونعيد نشره لنسأل هل توقف الهدم؟).

****

أثبتت التجربة البرلمانية ان الاستجواب قد تحول في الاغلب والأعم الى اداة فساد وإفساد وانه يوجه عادة الى المسؤولين الأكفاء والأمناء بقصد إبعادهم ومنع الوطن من الاستفادة من قدراتهم، والسبب في تلك الظاهرة الفريدة ان المسؤول الكفؤ الأمين لا يمرر الطلبات والخدمات والتجاوزات والواسطات، لذا يحق في العادة استجوابه وبهدلته على امور لا ذنب له فيها، ويتساءل البعض عما يخيف المسؤول من الاستجواب مادام ليست لديه تجاوزات والحقيقة ان اهم الاسباب الطابع الكرنفالي للاستجواب الذي تتفرد به الديموقراطية الكويتية وتحويل الاستجوابات الى حفلات ردح وشتم وإساءة للمسؤول المستجوب الذي لديه عائلة وأبناء وأصدقاء في غياب لجان القيم التي يفترض ان تحاسب النائب المتعدي، إضافة الى القبول بمبدأ الحكم المسبق قبل سماع الرأي والرأي الآخر.

(من مقال «الاستجواب المطلق فساد مطلق» المنشور في يوم السبت 8/10/2011).

****

آخر محطة: رغم وفرة الشكاوى من أداء مجالس الأمة المتعاقبة وما ذكرناه وما يذكره غيرنا في هذا الخصوص، إلا أن الأمر يبقى دون تغيير او تعديل او تطوير، ويستمر هناك من «يبرر» دائما الممارسات الخاطئة بحجج مختلفة بدلا من القيام بـ «تصحيحها».

احمد الصراف

إركد يا أخ مبارك

يقول د. أحمد الخطيب، في مقال له نشر قبل أيام في القبس، ورد عليه الزميل مبارك الدويله، إن الإخوان المسلمين في الكويت منذ نشأتهم لم يهتموا بأي حراك إصلاحي ديموقراطي. فكان دورهم مغيباً في التحرك الشعبي الديموقراطي، لأن المطالبة بالإصلاح والمشاركة في اتخاذ القرار لا تعنيهم… وأن الانسجام كان واضحاً بين الحكم والإخوان، ويحكمه العداء المشترك للمشاركة الشعبية. ولذلك عندما قرر النظام التخلص من دستور 1962 بعد أن استقوت القوى الديموقراطية، لجأ إلى استنفار الإخوان للمشاركة في ضرب القوى الديموقراطية، وسلمهم وزارات التربية والأوقاف والإعلام وبيت التمويل، وهنا لم يقصد د. الخطيب بالضرورة تعيين وزراء بل كبار مسؤولي هذه الوزارات، والمتحكمين الحقيقيين في مقدراتها. كما أطلق العنان لهم لجمع الأموال بكل الوسائل المكشوفة والمستورة، ولا أعتقد أن هذه ينكرها الأخ مبارك، وهي القوة الضاربة التي اعتمدوا عليها في تحقيق كل انتصاراتهم. ويضيف د. الخطيب بأن الإخوان، لم يكتفوا بالوقوف مع النظام في تعطيل الدستور، بل وشاركوا في الحكم غير الدستوري، ورفضوا التعاون مع من طالبوا بعودة الحياة الدستورية، وهنا يتساءل عن السبب في حصول الطلاق مؤخراً، بل المواجهة، بين النظام وبين الإخوان، بعد الانتصار الكبير الذي حققوه والسلفيون في الانتخابات الأخيرة؟
صحيح أن تغيير خطابهم من ديني إلى إصلاحي قد أكسبهم بعض الشعبية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يفسر موقفهم المعارض للنظام، فالجميع يعلم أننا قد انتقلنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً من نظامنا الدستوري الديموقراطي إلى نظام لا وجود فيه لسلطة حقيقية لمؤسسات الدولة كلها، واقتربنا إلى التحالف التاريخي المعروف بين الأنظمة والمؤسسات الدينية لاحتكار كل شيء. ويتساءل أيضاً: هل هذا الخلاف بسبب القوة الواضحة لهذه الأحزاب الدينية التي أغراها الانتصار الانتخابي في محاولة الاستيلاء على كل الكعكة، أو معظمها؟
ويجيب بأنه لا يظن بأن هذه الأحزاب بمثل هذا الغباء. فهي تعلم أن النظام ليس بهذه الهشاشة التي يراها البعض، لأنها مصطنعة تخفي وراءها مخططاً لمن يعرفها، وذلك بهدف تحميل الدستور كل هذه المآسي التي كان النظام السبب الأساسي لها حتى تحين فرصة القضاء على النظام الدستوري بأكمله، والجواب الشافي لن نجده داخلياً فقط بل ضمن الصورة الكاملة للوضع الإقليمي والعربي الجديد وتأثرنا به.
فهناك زلزال يعصف بالمنطقة العربية وأسقط حتى الآن أعتى الأنظمة الدكتاتورية فيها، وأن سبب الإعصار، وهذا ما نختلف فيه مع دكتورنا، وما يجعلني وإياه نختلف عن تيار الإخوان، سببه الثأر للعزة والكرامة اللتين انتهكتا لعقود عدة، ورفض للوصاية والذل والاستعداد للتضحية لبناء مجتمع المساواة والحرية! فهذه المطالب، بالرغم من شرعيتها، بحاجة إلى مفكرين ومحركين وفلاسفة لها، وهذا ما افتقدته وتفتقده كل الانتفاضات العربية، فلا فكر يقف وراءها يغذيها ويحركها غير الرغبة في الإطاحة بالنظام السابق، لأن هذا الفكر مغيب أو بالأحرى غائب تماماً، وهذا سهّل للقوى المنظمة الأخرى وبالذات الدينية، الأشد دكتاتورية والأخطر، لتحل محلها وهي تغطي نفسها ودكتاتوريتها بعباءة الدين، ومن يجرؤ على اتهامهم وقتها بالفساد؟! وبالتالي، فإن الثأر للكرامة والعزة لا يأتي بغير بديل واضح هو الحرية والمساواة والعدل، وهذه تحتاج لقيادة تملك فلسفة واضحة، وهذه الثورات لا تمتلك لا قيادة ولا فلسفة، وليس أمامنا بالتالي غير الخضوع لأنظمة دينية صارمة في تعاملها، وواضحة في عدائها للآخر، ولا يمكن بالتالي أن نتوقع حرية ولا عدالة ولا مساواة في ظلها، أو بالأحرى في شمسها!

أحمد الصراف