سامي النصف

السلطة القضائية والكتل النيابية وقضايا أخرى

إصلاح مرفق القضاء لا يتم عبر دعاوى استقلاليته فقط خاصة إذا ما أتت ممن يملكون مكاتب محاماة من المرشحين والنواب لما في ذلك من شبهة تكسب وتعارض مصالح، استقلالية القضاء يجب ان تتم عبر مشروع متكامل يكون ضمنه تفعيل عمليات «التفتيش القضائي» ونشر نتائجه، كما يجب البدء في إنشاء دوائر «مختصة» للنظر في نزاعات وشكاوى العقار والشركات المساهمة والخاصة والصحافة والإعلام.. إلخ فقد تفشت مؤخرا احكام تضرب القطاع الخاص في الصميم كحال اغلاق الشركات والوكالات على معطى خطأ في اصلاح سيارة واحدة ضمن عشرات آلاف السيارات التي تدخل الكراجات كل شهر، ومثل ذلك الأحكام المغلظة على القطاعات الإعلامية، وفي جميع الحالات هناك نقص في المعلومات عن طبيعة عمل القطاع المعني.

****

إن مرفق القضاء حسب فهمنا المتواضع هو جزء لا يتجزأ من اعمال الدولة يدعم سياستها العامة ولا تقوم رسالته على النقض والتضاد مع كل عمل تقوم به السلطات الأخرى، فإذا ما ابعد على سبيل المثال زيد بسبب سوء عمله صدرت الأحكام بعودته رغما عن ارادة مسؤوليه فكيف يتم الاصلاح في الجهاز التنفيذي في ضوء مثل تلك الاحكام؟! وكيف للإعلام ان يؤدي دوره في متابعة وفضح الفاسدين وسيف احكام العقوبات المغلظة مصلت عليه؟! وكيف بعد ذلك لأي مستثمر اجنبي ان يعمل في الكويت تحقيقا لحلم المركز المالي البديل عن النفط وهو يعلم ان ما يجمعه في سنوات طوال يمكن ان يفقده في احكام تصدر ولا تراعي ظروف القطاع المعني لغياب التخصص؟ ثم من سيكون محاسبا امام مجلس الامة عن اعمال مرفق القضاء ومصاريفه اذا ما اعطي الاستقلالية التامة؟

****

في ألمانيا تروى قصة شهيرة حدثت في العهد النازي يقول صاحبها أتوا ليأخذوا جاري الأول فقلت يستاهل كونه يهوديا، ثم أتوا ليأخذوا جاري الثاني فقلت يستاهل كونه شيوعيا، بعد ذلك أتوا ليأخذوني فلم اجد من الجيران من ينصرني لأنهم اصبحوا في غياهب السجون، الاختلاف بين المرشحين امر مقبول بل ان الحدة في الطرح تكسب عادة الطرفين، ما ليس مقبولا على الاطلاق هو القفز على القوانين والتعدي على الآخرين واقتحام المباني والمنازل كترجمة لذلك الاختلاف فمن يرضى اليوم بما يحدث للآخر سيأتي يوم يحدث له ما حدث لهم من ارهاب وإرعاب، والديموقراطية في البدء والمنتهى هي تعزيز لسيادة القانون لا الرضا بشريعة الغاب.

****

العمل الفردي في البرلمان يحد من تأثير النائب على الأحداث او حتى مشاورته في القضايا الرئيسية التي تواجه الدولة، الآن وبعد ان زادت الكتل السابقة من اعداد نوابها، هل لنا ان نقترح تشكيل «كتلة الكويت» او «كتلة الدستور» من كل او بعض النواب التالية اسماؤهم: علي الراشد، حسين القلاف، نبيل الفضل، عدنان المطوع، محمد الجويهل، عبدالحميد دشتي، عبدالله الطريجي، صالح عاشور، مما يخلق منها كتلة غير طائفية من ثمانية نواب هي الاكبر في المجلس؟ مجرد اقتراح لخدمة العمل السياسي في الكويت، حيث ان التعامل مع الكتل اسهل من التعامل مع الافراد.

آخر محطة: خدمة للنزاهة وحداً من الفساد نرجو إضافة الى تشريعات الذمة المالية ان تعدل لوائح مجلس الامة لخلق «لجان قيم» ومنع الجمع بين العملين النيابي والتجاري وتحديد عدد سنوات او دورات لعضو مجلس الامة، فالماء ان سكن فسد.

احمد الصراف

إنسانية سائق كافر

في يوم لندني جميل، اصطحبت ابنائي الثلاثة، وجدهم الذي كان في زيارة لنا، لحديقة قريبة. أخذ الجد حفيدين وذهب ليتمشى، وبقيت مع الصغير الذي اختار اللعب على «الزحليقة»، فجأة فقد طفلي توازنه من علو ثلاثة أمتار تقريباً وسقط على الأرض الصلبة، وبقي في مكانه من دون حراك، حملته وركضت به كالمجنون الى الشارع أبحث عن مساعدة، ووقفت في وسط الشارع انظر باتجاهيه الخاليين، غير عارف ما علي القيام به، وبعد لحظات خلتها الدهر كله، ظهرت سيارة، وما ان أوقفها ما ارتسم على وجهي من هلع، حتى رميت بنفسي داخلها ورجوته ايصالي لأقرب مستشفى. وتساءلت بيني وبين نفسي: لماذا المستشفى وليس لمكان اكثر حزناً، فما كان متكوماً بين يدي كان بلا حراك ولا نفس، وفجأة صدرت منه أنة خفيفة وسال شيء من فمه فعاد لي الأمل، ولكن يا ترى هل سيبقى سليماً معافى؟ وهنا هاجمتني عشرات الأفكار السوداء وأخذت تتصارع في داخلي تحرقني وتبكيني، كيف سيعيش؟ هل سيصبح طبيعيا وقادرا على المشي والركض والتفكير، أم سيكون هناك عاجز آخر في البيت؟ هل سيعود للضحك معي واضحاكي بابتساماته الآسرة؟ هل سيعود ليطلب مني الهمبرغر والآيس كريم، وتحضير البيتزا له؟ وماذا سأقول لأمه التي تناديه بـ«حبيبي محمد»، وهي التي انجبته بالرغم منها وأصبح الأعز عندها؟ لا ادري متى سنصل الى ذلك المستشفى اللعين، فالوقت يمر ببطء مبك، ولكن ما إن وصلنا لردهة الحوادث حتى انطلقت الى الداخل أطلب المساعدة فتلقفته مني ممرضة وسألتني عن الحادث وجرت به لغرفة الطبيب، وطلبت مني الانتظار خارجا! جلست انتظر، والأفكار والهواجس السوداء تتناهشني، متخيلا أكثر التوقعات سوءا، ولم انتبه الا بعد فترة أن من كان يجلس بجانبي لم يكن سوى من تبرع بإيصالي الى المستشفى، فاعتذرت له عن شرودي وشكرته على مساعدته وطلبت منه أن يذهب لحال سبيله، فرفض، واصر على تجاذب الحديث معي، ربما ليبعدني عن الأفكار السوداء، وسألني عن اصلي وفصلي، ولا ادري كيف أجبته ففكري كان مشوشا. وبعد نصف ساعة، كانت بطول قرن وأكثر أخبروني أن محمد بخير، ولكنه بحاجة لصور أشعة للتأكد من سلامة جمجمته، هنا قدمت الشكر ثانية للرجل ورجوته أن يذهب لحال سبيله، لكنه اصر على البقاء، وقال إنني حتما لن أعرف كيف أعود إلى الحديقة، حيث تركت والدي وطفلي الآخرين! فسكت على مضض! بعد ساعة خرج ابني يمشي مربوط الرأس!
قبل أن نفترق، طلبت من الرجل اسمه وعنوانه لأشكره بطريقتي، فقد كان السبب في انقاذ حياة ولدي الصغير، فتمتم بكلمات غير مفهومة، وذهب لحال سبيله! مر شهران على ذلك الحادث، الذي لم تفارق ذكراه مخيلتي، وفي يوم دعينا لبيت سيدة تعرفت عليها زوجتي في مدرسة الأبناء، وهناك التقيت برجل حياني بحرارة وعندما شعر بأنني لا أعرفه قال إنه الذي أوصلني إلى المستشفى، فعانقته بقوة، واعتذرت منه، وقلت له إنني لا يمكن أن انسى معروفه، وعندما سألته عن علاقته بصديقة زوجتي، قال إنها أخته، وأنه قدم من «تل أبيب» لزيارتها!
يقولون إننا الأصلح والأفضل، وبقية الكون بعدنا، فقلت لهم، ربما، ولكننا متخلفون، والتخلف ليس فقرا ولا قلة انتاج، بل انعدام أخلاق وقلة آدمية!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

وتستمر الافتراءات

يبدو ان بعض العلمانيين الليبراليين لم يفق بعد من صدمة نتائج الانتخابات الاخيرة مع مرور اكثر من عشرة ايام عليها والاستعداد لتشكيل الحكومة، والحقيقة لا ألومهم، فالنتائج اظهرت ان ما كانوا ينعتون به المعارضة السياسية من صفات مشينة لم يؤثر في الناس.. وان تهويلهم لاقتحام مجلس الامة لم ينطل على العامة، وان اتهامهم لبعض التيارات السياسية بالارتباط بالخارج وسعيهم لقلب نظام الحكم لم يصدقه الناخب الكويتي، لذلك هم انكشفوا وانفضحوا على حقيقة افكارهم ونواياهم.
اليوم ما زال بعض هؤلاء يشطح في انتقاده لهذه النتائج ومخرجاتها، وآخرها ما ذكره حامي حمى حقوق الانسان عندما رفض مطالبة بعض النواب باحترام مشاعر اخواننا في سوريا ومشاركتهم آلامهم ليس بوقف احتفالات هلا فبراير بل بوقف بثها ع‍لى قناة التلفزيون مباشرة (!!) تعرفون لماذا؟ لانه يراعي مشاعر نظام بشار‍‍! مشكلتكم انكم تريدون الاعتراض على كل ما يتم طرحه من خصومكم السياسيين حتى لو كان انسانيا.. حقوقيا.. اخلاقيا.. المهم تشويهه بكل وسائلكم المتاحة! واقول لكم ان الانتخابات اثبتت ان الناس ملوا من تصنيفاتكم وتشبيهاتكم وافتراءاتكم، ولم يعودوا يصدقونكم، فاكتبوا شيئاً فيه مصلحة للوطن ودافع لتنميته ابرك لكم.
***
«تعديل المادة الثانية»
اعتقد ان اسلمة القوانين اسهل من تعديل المادة الثانية من الدستور، وتحقق الغاية المطلوبة. صحيح ان التعديل صمام امان للمستقبل، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
البعض اعترض على المطالبة بهذا التعديل.. واقول ان هؤلاء النواب عندما كانوا مرشحين وعدوا ناخبيهم بأن يكون التعديل هذا من اولوياتهم، وعلى هذا الاساس تم انتخابهم ــــ على الاقل اكثرهم. وهذه الحقيقة ــــ أن الناس يريدون الشريعة ــــ لا يريد البعض تصديقها، لانها تقض مضجعه وتزعج مزاجه وتعكره!
***
القوى السياسية رفضت المشاركة في الحكومة.. وليتها سكتت عند هذا الحد، بل وضعت فيتو على من تم ترشيحه للمشاركة من المستقلين! الله يعينك يا سمو الرئيس.. رضاء الناس غاية لا تدرك.