تمنع أبسط أخلاقيات المهنة في الدول المتخلفة، وأنظمة وقوانين واضحة وصارمة في الدول المتقدمة وشبه المتقدمة، قيام مدقق حسابات معتمد من مزاولة أي مهنة تجارية باسمه صراحة أو باسم أي من أقربائه، وذلك لأسباب وجيهة وقانونية عدة، فتضارب المصالح بين عمل المدقق أو المحاسب وبين ما يقوم بتدقيقه من حسابات الغير أكثر من واضح، فليس من أخلاقيات مدقق حسابات أي شركة تجارية أو استثمارية، أو حتى استشارية، العمل لحسابه الخاص بأنشطة مماثلة، أو حتى بأي نشاط تجاري آخر، فهو سيستفيد حتما، وبشكل كبير، من اطلاعه، أو اطلاع موظفيه على أرقام وأسرار حسابات خصومه التجاريين أو من ينافسونه في النشاط التجاري نفسه، وهذا سيتيح له فرصة التغلب عليهم بسهولة إن من خلال عقود التوريد، أو المناقصات الحكومية، أو حتى عناوين وأسماء الشركات التي يتم الاستيراد منها! كما بإمكان مدقق الحسابات معرفة نقاط قوة أو ضعف من يدقق حساباتهم، وسيفيده ذلك حتما عندما يقوم بوضع أسعار ما يبيعه من منتجات أو ما يقدمه من خدمات للغير.
وبسبب قصور في القوانين المنظمة لمهنة تدقيق الحسابات، أو الأصح قصور في تطبيقها، فلا وزارة التجارة قادرة أو راغبة في منع هذا التسيب، ولا جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية، التي مضى على تأسيسها 40 عاما، راغبة في التحرك، ووضع حد لهذه المخالفة الخطيرة، ربما لتعلق مصالح البعض من كبارها بهذه المهزلة. وبالتالي ليس أمامنا غير المشرّع، ولكن جدول أولويات مجلس الأمة والحكومة متخم بما «لا لذ ولا طاب من الأمور»، وبالتالي سيمر وقت طويل قبل أن يكون هناك مجال لتغليظ عقوبة قيام مدقق الحسابات أو محاسبي الشركات بمزاولة أعمال تجارية لحسابهم الخاص، وعليه نعود ونطالب الغيورين على سمعتهم في الجهة المعنية أكثر بالأمر، وهي جمعية المحاسبين والمراجعين بالتدخل والقيام بشيء لمعالجة هذا الوضع، خاصة أن أسماء مدققي الحسابات ممن يزاولون أعمالا تجارية علنا معروفة لديهم، أو هكذا يُفترض، حتى أولئك الذين يتسترون خلف أسماء إخوة أو أبناء! علما بأن بعضهم لم يتردد يوما في وضع اسمه الصريح، على جميع قوائم البيع في محلاته التجارية المتعددة!
* * *
• ملاحظة: نقلا عن «الحياة»، ذكر «الباحث الشرعي» في جامعة الإمام، محمد البقمي في أطروحته بعنوان: «الاتجار بالبشر: صوره وأحكامه وتطبيقاته القضائية» أن استغلال النساء جسدياً يتم عبر مجالات متعددة، أبرزها استغلالهن في وسائل الإعلام عموماً وفي الدعاية والإعلان خصوصاً، وفي العمل مضيفة وموظفة استقبال وكاشيرة، قائلا إن ذلك كله محرّم شرعاً، وبالتالي هو يستنتج بأن من الأفضل بقاءها في البيت.
أحمد الصراف