كنا، ولا نزال، من «أشد» مؤيدي وصول أحزاب الإخوان المسلمين، التابعين للتنظيم السري العالمي، للحكم في الدول العربية التي لا يزال فيها من يعتقد أن في نواصي هؤلاء يكمن الخير! وسبب تأييدنا نابع من أنه يصعب إقناع اي متحمس من هؤلاء او جاهل بحقيقتهم بعدم صلاح أي فكر ديني أو مذهبي، في زمننا المعقد المتعدد الديانات والمذاهب، لحكم اي دولة، وتجربة إيران مع الحكم الديني خير مثال! وحيث اننا أمة لا تقرأ التاريخ، ولا تتعظ حتى، فكان لا بد من دفع ثمن غال وإتاحة الفرصة للإخوان للوصول للحكم ليعرف الناس خيرهم من شرهم، وتسليمهم الحكم هو الأسلوب الأمثل لإظهار خواء ما يتصفون به من فكر تآمري وفراغ مذهبي، وعدم قدرة على إدارة دولة، سواء بسبب منطلقاتهم «الدينية» الضيقة، أو لاضطرارهم لحصر السلطة بايديهم من دون اعتبار لغيرهم. وقد جاء زلزال اغتيال النقابي التونسي، صديق صدام القديم، شكري بلعيد، ليهز اركان حكم الإخوان في تونس، ويدفعهم لعزل رئيس الوزراء الإخواني والإتيان بآخر غيره، وقبول المرشد الغنوشي التخلي عن جميع الوزارات السيادية في الحكومة الجديدة لغير الإخوان! كما أن قبول تولي الإخوان حكم دولة بمثل حجم وتعقيد مصر لم يكن سهلا، حيث كان من الضروري قيام دولة ما بدفع ثمن التجربة لينكشف هؤلاء! ووضعهم هنا يشبه وضع ذلك الأب الذي كان ابنه المراهق، البسيط الذكاء، يلح عليه في السماح له بقيادة مركبته، وبأنه يعرف القيادة جيدا. وبالرغم من كل جهود والده لإقناعه بأنه لم يبلغ السن القانونية وسيصاب حتما بحادث وسيعرض السيارة للتلف، وسيسبب الخطر المميت لغيره إلا ان الابن كان مصرا على موقفه، وبالتالي لم يكن امام الأب من خيار، خوفا من قيامه بقيادة السيارة دون علمه، والتسبب في كارثة، من قبول طلب ابنه، مع يقينه بأن هذا سيتسبب حتما في وقوع حادث لهما، ولكن أي شيء أهون من فقد الابن كليا، فالتجربة كانت ضرورية ليعرف الابن، البسيط الذكاء، وابناء الحي المتحمسون لفكرته، بأنه غير كفؤ لقيادة مركبة لا في ذلك اليوم ولا في أي يوم آخر، بسبب قلة خبرته وقصوره العقلي!
وبالتالي لم يكن غريبا انهيار تحالف الإخوان مع الحزب الديني الآخر، حزب النور، ووقوع الطلاق السياسي بينهما، بعد أن كشف رئيس «النور» تراجع مرسي عن الاتفاق الذي تم بينهما، والذي نص على قيام الأخير بطرح مبادرتهم على جلسات الحوار الوطني، ولكن ذلك لم يتحقق لأن تعليمات وردت من مكتب إرشاد الإخوان منعت ذلك! ثم جاء أخيرا حكم محكمة القضاء الإداري، الذي أوقف تنفيذ قرار الرئيس المصري المتعلق بإجراء انتخابات مجلس النواب في 22 ابريل المقبل ليشكل ضربة أخرى للإخوان ودليلاً آخر على تخبطهم. فقد شكل هذا الحكم، وسلسلة التراجعات والانتكاسات الرئاسية الدليل رقم 100 بعد الألف على عدم قدرتهم على الإمساك بزمام الأمور. ولا نود هنا الشماتة بأولئك الذين سبق أن ضربوا الدفوف وزغردوا لوصول الإخوان للحكم، فيكفيهم ما أصيبوا به من «فشلة»، لا ندري كيف لم يتوقعوها!
أحمد الصراف