يقول شوقي:
«وطني لو شغلت بالخلد عنه
لنازعتني إليه في الخلد نفسي»!
ولو حدث وانتقلت للكتابة في صحيفة اخرى، مقابل مبلغ كبير – وهذا ما سبق وأن عرضه صديق عزيز وكريم – لنازعتني نفسي للعودة والكتابة في القبس من دون مقابل، وبكل ما تعنيه الكتابة فيها من منغّصات، وما تضعه أحيانا من قيود، ورفض نشر مقال هنا وآخر هناك! مناسبة هذا الحديث هو مواقف القبس التي تجعلها مميزة عن غيرها، مع الاحترام للجميع! فقبولها نشر مقال «الطب والخلق المفقود» المتعلق بأخلاقيات المهنة وإصرار البعض على الترويج لأنفسهم، وكأنهم «بائعو خضار»، وليسوا رسل رحمة لمهنة حماها القانون وحمىالعاملين بها من الابتذال، والذي شارك في تعميمه أكثر من «طبيب وزير»! أولا بأن قبولها النشر دليل واضح على مواقف القبس الكبيرة، فلو طبق القانون لتصبح القبس على رأس المتضررين «إعلانيا»! ولو كان القانون غير سائب، في وطن «كويتي وافتخر» لما حدثت القصة التالية: ففي صباح يوم نشر مقال «كويتي وافتخر» وقفت مركبة أحد ابنائي امام بيت والدي، في منطقة سكنية مطروقة، لتوصيل غرض! وخلال دقيقة واحدة ترجل شخصان من مركبة، تبين لاحقا أنها مسروقة، وقاما بسرقة سيارة ابني، التي كانت من النوع الذي يدار بزر، ويسهل تشغيلها ان كان مفتاحها في جيب مالكها ولا يقف بعيدا عنها كثيرا! وقد صورت كاميرات مراقبة في الشارع تفاصيل حادث السرقة! المعاناة بدأت، في وطن «كويتي وافتخر»، عندما ذهب ابني الى المخفر للإبلاغ عن السرقة، حيث اضطر هناك الى انتظار «حضرة» المحقق ليأتي، وعندما حضر، انتظروه لفترة أطول ليفرغ، وعندما فرغ، «أخد يلت ويعجن في المشكلة» من دون اتخاذ اي إجراء حاسم، ومرت خمس ساعات قبل ان «يسمح» له بالمغادرة، وكأنه متهم، وليس مبلغا عن سرقة مركبة، يزيد ثمنها على 18 ألف دينار! علما أن الساعات الخمس تكفي لتفكيك كل قطع المركبة وبيعها، او الخروج بها من البلد، وهذا ليس بالأمر الصعب، كما نعرف، فقد تم تهريب عتاه المجرمين والسجناء من «حدودنا الآمنة»، بتعاون خير وجميل من أحبة، طالما خالفوا القانون، ولم يطل عقابُ أحدٍ منهم كثيرا!
إن المشكلة الأمنية في تفاقم، ولا يود أحد من كبار المسؤولين – كما يبدو – أن يقلق نفسه بها، ربما لأن الأمر يحتاج الى ثورة أمنية، قد يكون وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر جديرا بها، ولكن يقال إن هناك أطرافا لا يريدون له أن يعمل! وأخبرني صديق أثق به أن الحملات الأمنية التي اصبحت رائجة هذه الأيام، دليل على ما وصل اليه الوضع من تسيب وخراب، فوجود كل هذا العدد الهائل من العمالة العاطلة ضمن مساحات مسكونة لا تتعدى بضعة كيلو مترات، وفي بلد لا أنفاق ولا غابات ولا أحراش ولا جبال فيه، يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، وان هناك من «يتعمد» الإضرار بالأمن! وقال إن الآلاف الذين يتم القبض عليهم يطلق سراح غالبيتهم في اليوم التالي عندما يتقدم أي «كويتي ويفتخر»! ليكفلهم، ولا يتم ذلك من بعضهم – طبعا – من دون قبض المقسوم من العامل المسكين!
أحمد الصراف