مع الغياب التدريجي للأمن وانحسار الطمأنينة من النفوس واضمحلال البراءة تدريجيا واستمرار ضعف الأداء الحكومي وفقدان الرجاء في تحسّن الظروف الأمنية، مع كل ما أصبحنا نعانيه من مشاكل البطالة والعمالة السائبة والتردد المميت في حل قضايا ومشاكل «البدون»، أصبح لزاما على كل فرد اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه ومن يحب وما يمتلك من اعتداء الآخرين! وهذا لا يتضمن فقط اتخاذ مختلف الاحتياطات السلبية، بل والتقدم خطوة والتصرف بإيجابية من خلال تعلم أساليب حماية جديدة تساعد في العيش بأمان أكثر، علما بأن كل ما سنتخذه من إجراءات سيؤدي حتما إلى رفع تكاليف المعيشة، وهذا ما كان يجب أن يحدث، لولا أننا أصبحنا مجبرين على القيام بالوظيفة الأمنية عن الحكومة، بتكاليف عالية، بدلا من قيام الحكومة بها بطريقة أفضل وأقل كلفة بكثير، ولكن ما العمل والأمل مفقود في تحسن الأداء الحكومي! ومن هذه الأمور مثلا التأمين ضد سرقة المركبات، وهو خطر لم تعرفه الكويت طوال تاريخها بمثل هذا الزخم الحالي، او تركيب كاميرات مراقبة، داخل البيت وخارجه، وغير ذلك من إجراءات أمنية قد تدفع البعض للضحك مثل مشاركة سكان الحي أو الشارع في مراقبته وإبلاغ السلطات الأمنية بأي شك في شخص أو جهة! ولكننا قريبا سنضطر للجوء لكل أو بعض هذه الأساليب لحماية «فرجاننا» أو أحيائنا السكنية وممتلكاتنا وطبعا أنفسنا من التعرض للأذى! ويمكن أن يلعب مرتادو المساجد دورا في تشكيل لجان الحي والعمل على مشاركة ببقية السكان في الأمر، وبالتالي يكون للمسجد دور اجتماعي مهم، بعد أن كان دوره مقتصرا على أداء العبادات فقط!
وهناك طبعا طريقة تكليف شركات أمن بحراسة المنطقة أو البيت، ولو أننا لا نحبذ هذه الطريقة التي لها محاذيرها! فما أصبحنا نسمعه من تعدد الجرائم الجديدة وتنوعها، حتى خارج الكويت، جعل الكثيرين منا يعيشون في قلق حقيقي أنساهم سنوات البراءة والأمان التي عاشوها لعقود. والأخطر من ذلك أن العيون انفتحت علينا، داخليا وخارجيا، فأصبح المواطن والمقيم في دول المنطقة هدفا لعمليات النصب والاحتيال والسرقة، فقد تعرّضت سيدة لعملية لطش كل ما كان في حقيبة يدها من نقد ومجوهرات، والتي كانت تضعها بـ«أمان» في الخزانة العلوية للطائرة، ولم تنتبه للسرقة إلا عن طريق الصدفة! وبالتالي يتطلب الأمر الحرص على عدم وضع أشياء ثمينة في الحقائب التي توضع في تلك الخزائن، أو على الأقل التأكد من أنها موضوعة في حقائب يصعب فتحها، ومع ضرورة تفقدها بين الفترة والأخرى. ومن الخطأ الافتراض بأن جميع ركاب الطائرة من الملتزمين بالقانون ومن الأمناء، ولو كانوا من ركاب الدرجة الأولى أو «رجال الأعمال»، فقد أصبح الخطر في كل مكان، ولا مأمن لأحد. كما أن وضع الحقائب اليدوية الصغيرة تحت المقعد لا يعني أن يد اللص لن تصل إليها، خصوصا في الرحلات الطويلة والاستغراق في النوم! وهنا يحق لنا القول أن زمن البراءة والأمان قد ولّى!
أحمد الصراف